أفلام عربيّة مميّزة تحكي قصصاً من الواقع
9 د
مجموعة افلام عربية مقتبسة عن احداث حقيقية
قد ينظر البعض لدور السينما والتليفزيون بحياتنا على أنها وسيلة للمتعة والترفيه أو فتح أعيننا وأرواحنا على الخيال وما كنا نتمنى أن نعيشه فلم نستطع، إلا أن أحد أدوار الأعمال الفنية الهام هو مُحاكاة الواقع وتسليط الضوء على صناديق عالمنا السوداء لتعرية الوجه القبيح لما نحياه من أجل البحث عن حلول والتصدي لكل ما هو بغيض أو صعب.
أحد طُرق عَرض الواقع بالأعمال الفنَيّة تأتي من خلال تناول قصص حقيقية تجاهلها الرأي العام على الرغم من أهميتها أو أثارته بالفعل لعلّ القائمين على أنظمة الدولة أو أفراد المجتمع يُغيرون من أنفسهم لنحيا حياة أفضل.
دعونا اليوم نسرد أهم 10 افلام عربية مقتبسة عن احداث حقيقية اعتمدت على قصص حقيقية وقدمتها لنا على الشاشة كما هي أو بعد إضافة نَفحَة من خيال الكاتب إليها:
أريد حلًا – 1975
بطولة فاتن حمامة ورشدي أباظة وإخراج سعيد مرزوق. تدور أحداثه حول درية التي تُقرر بعد أكثر من 20 سنة زواج الانفصال عن زوجها الدبلوماسي السابق -بعد أن أصبح ابنها شابًا وسافر للخارج- من أجل حقّها بحياة سعيدة بعد أن عاشت كل حياتها تعيسة ومُهدرة الكرامة.
إلا أن زوجها يرفُض تطليقها لا حُبًا فيها ولكن لأنها هي من تريد الطلاق لا هو، ما يضطرها لرفع قضية طلاق تستمر بالمحاكم ما يزيد عن 4 سنوات قبل أن ترفض المحكمة الدعوى حيث لم يكن الضرر النفسيّ أمر يستحق انفصال المرأة!
كما عرض الفيلم أيضًا بعض قضايا النفقة بعد الطلاق وما تُعانيه النساء بين رجال يتهربن من الدفع وبين نفقات لا تكفي العيش الحاف.
جاءت فكرة الفيلم لفاتن حمامة نتيجة بقاءها مُعلّقة لمدة 20 عامًا في زيجتها من عمر الشريف الذي رفض تطليقها حُبًا فيها بينما هي ترفض اللحاق به لحلم العالمية وترك عالمها الخاص. انتهى الأمر بطلاقها فعليًا عام 1974 فحدثت الصحفية “حُسن شاه” وطلبت منها كتابة فيلم عن مشاكل النساء المٌعلقات وأزمات مابعد الطلاق خاصًة وأنها تعلم اهتمام “حسن شاه” بقانون الأحوال الشخصية.
أثار الفيلم جدلًا واسعًا كما تعرض للهجوم من الإخوان المسلمين، إلا أنه نجح جماهيريًا وعلى مستوى النقاد حتى أنه استمر بالسينما 16أسبوعًا، ولَمَّا كان الفيلم قد فَجَّر قضايا المرأة الشائكة وحقوقها الضائعة تدخلت السيدة “جيهان السادات” مُطالبًة بتعديل القوانين من أجل حصول المرأة على حقوقها، وهذا ما حدث فعلًا حتى أن القانون وقتها عُرف بـ (قانون جيهان) وإن كان قد تم إلغاءه بعد وفاة السادات، قبل أن يظهر الخُلع وتتعدل الكثير من القوانين.
النمر الأسود – 1984
بطولة أحمد زكي وأحمد مظهر وإخراج عاطف سالم، ويدور الفيلم حول رحلة كفاح محمد حسن حين يسافر ألمانيا لممارسة حرفته التي يعمل بها منذ الصغر ولكن تواجهه الكثير من العقبات نتيجة اضطهاد البعض له وكذلك عدم إجادته للغات سواء الألمانية أو الإنجليزية.
تشاء الظروف ليتعرّف البطل على أحد مدربي الملاكمة المصريين والذي يقوم بتدريبه لينجح ويصبح بطلًا للملاكمة، وبسبب أفكاره يستطيع النجاح أيضًا في الحياة العملية ويصبح رجل أعمال ذو شأن.
يقول بطل القصة الحقيقي (محمد عطيّة) أن القصة بدأت حين التقى المُخرج بالصدفة والذي تحمس لقصة حياته وأخبره أنها تصلح للتقديم بالسينما، وعلى الرغم من أن الفيلم يحتوى على بعض الحقائق في حين أن البعض الآخر من خيال الكاتب إلا أن هذا لم يُغضبه فيكفيه فخرًا أن رحلته كانت حافزًا لأهل الفَنّ لعرضها على الشاشة.
عفوًا أيها القانون – 1984
بطولة نجلاء فتحي ومحمود عبد العزيز وإلإخراج الأول لإيناس الدغيدي، ويحكي قصة هدى الأستاذة الجامعية وزوجها الدكتور علي العاجز جنسيًا نتيجة عُقدة تكونت لديه بالطفولة، يلجأ الزوج للعلاج النفسي وحين يستطيع التغلُب على عُقدته يخون زوجته مع امرأة أخرى بفراش الزوجية.
تضبطهم الزوجة بالفِعل المشهود فتُطلق عليهم الرصاص من هَول الصدمة ويتم القبض عليها، تتوالى الأحداث ويموت الزوج فتُحاول المُحامية لَفت نظر القضاء لضرورة تخفيف الحُكم مُراعاةً لحالة الزوجة النفسية وقت ارتكاب الجريمة مع عقد مُقارنة بأحد الأبطال الذي قتل زوجته وعشيقها حين فوجئ بخيانتها فكان القانون معه رحيمًا للغاية وحَكَم عليه بشهر مع إيقاف التنفيذ! لينتهي الفيلم بالحكم على الزوجة بـ 15 سنة سجن!!
عن هذا الفيلم تقول مخرجة العمل أنها عثرت على فكرته بالصدفة أثناء قراءتها لكتاب صغير لضابط شرطة اسمه (نبيل مكاوي) وقد أصرّت على تقديمها كأول أفلامها خاصًة حين علمت أنها قصة حقيقية، وكادت في مرحلة ما أن تتراجع عن تنفيذ فكرتها إلا أنها ما لبثت أن استعادت شجاعتها حين اكتشفت أن بعض أساتذة القانون وأهل الشريعة يعترضون على تلك التفرقة الموجودة بالقانون.
ويُعدّ الفيلم أحد أقوى الأعمال الفنية التي فضحت مدى ازدواجية القانون وتفريقه بين الذكر والأنثى على عكس الشريعة التي ساوت في العقاب بين الجنسين، ففي الوقت الذي يُعاقب فيه القانون الزوج إذا قتل زوجته المُتلبسة بالخيانة بالحبس لمدة لا تزيد عن 3 سنوات واعتبارها جُنحة، نجده يُعاقب الزوجة إذا ما ارتكبت نفس الجريمة بالسجن المؤبد أو المشدَّد لمدة لا تتجاوز 15سنة واعتبارها جناية! ومازالت تلك القوانين ساريًة حتى الآن.
الراقصة والسياسي – 1990
بطولة نبيلة عبيد وصلاح قابيل وقصة الكاتب إحسان عبد القدوس. تدور الأحداث حول الراقصة سونيا سليم التي تُشاهد أحد الوزراء بالتليفزيون وتُفاجأ بأنه الرجل الذي أقنعها قبل 10 سنوات بإحياء حفل خاص لأحد السياسيين العرب بمقابل ماديّ إلا أنه يختفي بعد تلك الليلة دون حتى أن يمنحها مُستحقاتها.
تتوالى الأحداث وتعلن الراقصة أنها ستنشر مُذكراتها مما يُصيب الوزير وبعض المسئولين بالهلع خوفًا من الفضيحة فيعرضون عليها المال مقابل التخلي عن فكرتها.
على الرغم من أن صنّاع الفيلم لم يُشيروا إلى أن القصة واقعية إلا أن بعض المصادر الخاصة كشفت أن حبيب العادلي وزير الداخلية المصريّ الأسبق هو البطل المقصود خاصًة وأنه كان يعمل بمكتب أمن الدولة بالجيزة ومسئولاً عن ملف النشاط العربي، كما كان يتمتع بعلاقات واسعة مع الكثير من الفنانين ومع غالبية الأمراء والملوك والسفراء العرب.
المرأة والساطور – 1997
بطولة نبيلة عبيد وأبو بكر عزت وإخراج سعيد مرزوق، تدور الأحداث حول سعاد قاسم الأرملة الشابة التي تعيش بالأسكندرية هي وابنتها المراهقة بعد أن توفى زوجها وترك لها ميراثًا ضخمًا، فتسقط في براثن محمود علوان الذي يدَّعي أنه مُدير مكتب رئيس الوزراء وتتزوجه.
بسبب لسانه المعسول وأكاذيبه تمنحه توكيل رسمي يُمكِّنه من الحصول على كل ممتلكاتها وحين تكتشف أنه أخذ منها كل شيء تواجهه لكنه يرفض أن يُعيد لها أموالها، لتعرف بعدها أنه ليس إلا نصّابًا خدع الكثيرين. تزداد الحياة صعوبة إلى أن يُحاول الزوج التحرش بابنتها فتُقرر التخلص منه لتقتله وتُقطعه بالساطور قبل أن تتخلص من أشلائه بأماكن مُتفرقة، غير أن الشُرطة تُضَيِّق عليها الخناق فتنهار وتعترف ويُحكم عليها بالسجن المؤبد 15 سنة.
كان هذا الفيلم بمثابة صدمة للجمهور وقتها قبل أن ينتشر القتل بدم بارد ويصبح الموت لا حُرمة له، وقد انقسم الجمهور عند عرض الفيلم بين مُتعاطف مع الزوجة ومُدين لها، إلا أن بعد سنوات عديدة خرجت ابنة القتيل لوسائل الإعلام قائلة أن تلك القصة مُلفقة وأن والدها لم يمكن كما صوّرت القاتلة على أنها الضحية وهو الجاني، لتظل الحقيقة مُعلقة لا يعلمها إلا أصحابها.
معالي الوزير – 2002
بطولة أحمد زكي وهشام عبد الحميد، تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف. يحكي الفيلم عن رأفت رستم الذي يتم اختياره ليصبح وزير بالخطأ نتيجة تشابه أسماء مع شخص آخر إلا أنه يستغل الصدفة وينجح في البقاء بالسلطة فترة طويلة. لكنه يبدأ في المعاناة من الكوابيس الصعبة التي تعكس لنا شخصيته الحقيقية ومدى الفساد الذي هو عليه وقُدرته على القيام بأي فعلٍ كان من أجل الحفاظ على منصبه.
أعلن الدكتور جابر عصفور -وزير الثقافة المصريّ السابق- أن دور أحمد زكي بالفيلم جاء تجسيدًا لواقعة حقيقية بطلها الدكتور هاني هلال -وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي السابق- حيث كان المُرشح فعليًا للوزارة شخصًا آخر إلا أن المسئولين أخطئوا وهاتفوا دكتور هاني هلال وأبلغوه بتوليه الوزارة قبل أن يكتشفوا الخطأ متأخرًا بعد وصول الخبر لوسائل الإعلام ما جعلهم لا يستطيعون تدارك الأمر.
الجزيرة – 2007
بطولة أحمد السقا ومحمود ياسين وهند صبري، وتأليف محمد دياب وإخراج شريف عرفة. يحكي عن علي الحفني وولده منصور تجار السلاح والمخدرات بأسيوط والذين يحكمون جزيرتهم بقوانينهم الخاصة، ويُبرز الفيلم التعاون بين الداخلية وهؤلاء التجار وكيفية قيامهم بعقد صفقات يحكمها تبادل المنفعة بغض النظر عن مجرى القانون أو الصالح العام.
أما بطل القصة الحقيقي فهو عزّت حنفي تاجر المخدرات والسلاح والذي استولى هو وآخرون على 280 فدّان في جزيرة النخيلة بمحافظة أسيوط ثم قاموا بزراعة أرضها بالبانجو وفرضوا سيطرتهم عليها إلى أن تم القبض عليه في 2004 وإعدامه في 2006.
السفاح – 2009
بطولة هاني سلامة وخالد الصاوي ونيكول سابا وإخراج سعد الهنداوي. يحكي الفيلم عن شاب من عائلة ثريّة إلا أنه ينشأ وحيدًا ما يجعله قاسيًا ويبدأ في ارتكاب الجرائم منذ الصغر. مع الوقت يزداد قوة وسطوة ويبدأ في الاشتراك باغتيالات سياسية وجرائم مُنظمة إل أن يُقابل امرأة ما فيُحبها ويُقرر بداية صفحة جديدة معها بعد تنفيذ عملية أخيرة.
أما القصة الحقيقية فبطلها أحمد حلمي المسيري وهو من أسرة غنية ومرموقة، وقد تحول لسفاح بالصدفة حين ارتكب جريمة قتل أثناء قيامه بالسرقة حتى لا ينكشف. وعُرِف بلقب سفاح المهندسين بسبب جريمة ارتكبها بالمهندسين حين اقتحم شقة أحد الأثرياء فقتل الخادمة وسرق الشقة إلا أن أصحاب المنزل عادوا فقتلهما هما وحارس العقار وأحد الجيران. وقد تم القبض عليه عام 1994 وأُعدم في 2009.
المصلحة – 2012
بطولة أحمد السقا وأحمد عز وإخراج ساندرا نشأت والتي عادت به للسينما بعد غياب، وتبدأ الحكاية حين يُقتل الظابط يحيى على يد أخي تاجر مخدرات، فيُطالب الظابط حمزة بنقله من الأمن المركزي لمكافحة المخدرات من أجل الأخذ بثأر أخيه وتتوالى الأحداث.
على الرغم من أن الفيلم يبدأ بجملة افتتاحية عن كونه مستوحى من أحداث حقيقية حدثت بعام 2010، إلا أن الفيلم لقى هجومًا كبيرًا من أهل سيناء والبدو الذين تم تصويرهم كتجار مخدرات وبلطجية، واتهموا صُناع الفيلم بالكذب والتلفيق حتى أنهم قاموا بتنظيم الكثير من الاحتجاجات ضد الفيلم، قائلين أن ما بالفيلم ليس صحيحًا وأنه مجرد وسيلة إعلامية لتحسين صورة الداخلية الطاهرة وإظهارها ذات ضمير وحس وطني عالي على حساب أهل سيناء الشرفاء.
عيون الحرامية – 2014
فيلم فلسطيني بطولة خالد أبو النجا، سعاد ماسي وآخرين، وتأليف وإخراج نجوى نجار. تدور أحداثه حول طارق الذي تم اعتقاله 10 سنوات بالسجون الإسرائيلية وحين يخرج من السجن يكتشف وفاة زوجته ورحيل ابنته فيبدأ في تَكَفّي أثرها للوصول إليها.
الفيلم مبني على قصة حقيقية بطلها رجل فلسطيني يُدعى ثائر حداد، قتل 11 جنديًا إسرائيليًا عام 2002 في ذروة الانتفاضة الفلسطينية عن طريق قيامه بعملية مقاومة مسلحة، وقد تم اعتقاله بعدها والحُكم عليه بالسجن.
**********************
انتهت القائمة حول افلام عربية مقتبسة عن احداث حقيقية بالفِعل إلا أننا لا يُمكننا أن نختم المقال قبل الإشارة لأفلام أخرى تندرج تجت بَند الأفلام المستوحاة من الحقيقة كالأفلام التي جسدت سير ذاتية بارزة استفزت صُناع السينما لتقديمها أو وجدوها تستحق مَنحها صك الخلود.
كما أقبل بعض صناّع السينما على تقديم سيرتهم الشخصية بأنفسهم مثلما فعل المخرج العالمي يوسف شاهين برُباعيته المعروفة والتي قدمها مُتقطعة على مدار تاريخه كاشفًا بها بعضًا من سيرته دون أن نعرف الخط الفاصل فيها بين الواقع والخيال.
بالطبع هناك أيضًا الأفلام التاريخية التي قُدمت لتُخَلِّد بعض قصص الجاسوسية والمُخابراتية الحقيقية لنفخر بتاريخنا وأبناء وطننا لعلنا لا ننسى أبدًا قيمة هذه الأرض.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.