خمسة كتب من عوالم مختلفة عليك ألا تفوت قراءتها خلال العطلة الصيفية

وأخيرًا انتهى العام الدراسي المُرهق بكل مواده ومحاضراته وامتحاناته والضغط العصبي الشديد الناتج عن كل هذا. الآن حان وقت العطلة الصيفية..فترة الراحة والانتعاش والاستمتاع وشحن الطاقة وتصفية الروح والذهن من أجل استقبال عام دراسي جديد، لا نعلم إذا ما سيكون مثل سابقه أم سيفاجئنا ويكون أفضل. الآن حان وقت العطلة الصيفية المحببة إلى الجميع!

العطلة الصيفية هي وقت نسعى إليه جميعًا من العام للعام، هذا شيء لا شك فيه. لكن للأسف نجد الوقت سرقنا ونتدارك أننا أصبحنا في العام الجديد دون حتى أن نعلم. وهذا لأننا قضينا العطلة الصيفية في اللعب والنوم والكسل وكل ما يتصل بالراحة المُطلقة بصلة، وهذا للأسف لا يجعلك تستفيد أي استفادة من العطلة الصيفية على الإطلاق.

لذلك اليوم في أراجيك تعليم نُقدم لكم خمسة كتب سوف تعمل على إعادة برمجة وبلورة تفكيركم بالكامل خلال العطلة الصيفية، بين أدب الرحلات والخيال العلمي والكتب العلمية الممتعة، لتخرجوا منها بأقصى استفادة ممكنة على الصعيد المعرفي والوجداني سويًّا.

لطالما كانت كتب أدب الرحلات مسعى الملايين حول العالم، حتى وإن كانت تلك الكتب مكتوبة في الماضي. فعندها سوف تتحول من مُحاكاة للواقع بنسبة 100%، إلى مغامرة في غياهب الماضي الذي لم يعد موجودًا الآن.

وكتاب 200 يوم حول العالم هو أفضل الكتب العربية في مجال أدب الرحلات حصرًا ودون تحيّز للكاتب. فأنيس منصور جاب الكثير والكثير من البلدان حول العالم بإجمالي فترة إقامة تصل إلى 200 يوم. وفي كل بلد لديه قصة، ولكل قصة عبرة.

يتميز أسلوب أنيس بالسلاسة المُطلقة والمزج بين العربية الفُصحى والعربية المصرية الدارجة، مما ينتج عنه أسلوب سرد مميز وفريد إلى أقصى حد. كما أنه دائمًا يعمد إلى مخاطبة القارئ بشكلٍ مباشر، مما يدفعه للاندماج معه أكثر فأكثر في الأحداث والتفاصيل التي يرويها. ببساطة وأنت تقرأ له، ستكاد تُجزم أنكما الآن تتناولان الشاي بإحدى المقاهي وتتسامران في كل شؤون الحياة وأمامكما الفجر يشرع في الظهور وأنتما تقهقهان من فرط نشوة الحديث.

بالتأكيد نحن جميعًا كطلبة نُعاني في الكثير من الأوقات من القلق المُزمن. وذلك يمكن أن يكون بسبب خوف من امتحان ما، نتيجة قرار خاطئ اتخذناه بشأن أمورنا الدراسية، أو حتى أثناء انتظار ظهور نتيجة الامتحانات الدراسية النهائية، والتي سيترتب عليها مستقبلنا في العام القادم. آخر نقطة على وجه الخصوص هي التي تُعكر صفو العطلة الصيفية تمامًا، وهنا يأتي دور هذا الكتاب.

كتاب دع القلق وابدأ الحياة لمؤلفه ديل كارنجي يبتعد تمامًا عن السيناريوهات المحفوظة والمُكررة والمملة لكتب التنمية البشرية المعهودة. فهو لا يُخاطبك ويدفعك للتفاؤل من أجل التفاؤل فحسب، بل يتناقش معك بشكل دقيق وعميق في كل مشاكلك حتى يصل بك إلى مرحلة الرضا عن كل شيء. وأنه مهما كان الذي فعلته خاطئًا، فهو انتهى، وكل ما عليك فعله الآن هو تقليل حجم الأضرار الناتجة عنه فحسب.

وأفضل عبارات الكتاب من وجهة نظري هي “عش اليوم في حدود اليوم، حتى يحين ميعاد النوم”. وأفضل المبادئ فيه هي مبدأ توقع الأسوأ. فعندما تتوقع أسوأ شيء وتوطن نفسك عليه، ستسعد إن أتى الأفضل، ولن تشعر بالحزن عندما يأتي الأسوأ، لأنك بالفعل كنت قد استعددت له.

بعيدًا عن الكتب المدرسية العلمية العقيمة، والنظريات العلمية المُحرفة هنا وهناك، يجب أن تكون لنا وقفة ضد كل هذا الهراء يا قوم! وذلك هو دور هذا الكتاب البسيط والرائع بعنوان البدايات، لمؤلفه نيل ديجراس تايسون.

نيل ديجراس تايسون هو تلميذ عالم الفلك والمؤلف ومُقدم البرامج العلمية الشهير “كارل ساجان”، والذي ألّف كتاب الكون – Cosmos. يخطو نيل نفس خُطى مُعلمه في إيصال العلم إلى الجميع دون تزييف، تحريف، أو تفرقة.

فكتاب البدايات يتناول بشكل بسيط وسهل وبعيد عن التعقيد تمامًا بداية نشوء وظهور الكون لأول مرة. وكيف لتلك الكرة الساخنة المضيئة أن تنفجر وتخلق كل ما نراه اليوم في الفضاء الفسيح والشاسع. ثم يتابع معنا الكتاب كيفية ظهور النجوم والأنظمة الشمسية (التي منها نظامنا الشمسي على وجه الخصوص)، ويتطرق بشكلٍ خاص إلى تكوين الأرض ونشوء الحياة عليها بعدما كانت مجرد كرة كبيرة من النيران المُلتهبة.

كتاب علمي يقف على الحد الفاصل بين الحقيقة العلمية الرصينة، والعلوم الزائفة الباطلة. فهو يوضح مفهوم العلم الحق دون تحريف أو تزييف، فقط ليُبرهن أن العلم هو مشكاة هذه الحضارة، وبدونه سوف نقع جميعًا في هوّة من الظلام القاتم.

حسنًا، مؤلف هذا الكتاب هو مصطفى صادق الرافعي، وهو ذلك الشخص المُلقّب بمعجزة الأدب العربي. وهذا الكتاب الذي يُدعى وحي القلم قد قال عنه سعد باشا زغلول “كيان كأنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم”. شيء مُميز أليس كذلك؟

مصطفى صادق الرافعي لطالما عُرِفَ بسعة الصدر أثناء الكتابة، وسعة الصدر تلك يمزجها بأسلوب سردي أدبي لا تشوبه شائبة. فأسلوبه بالرغم من رصانته الأدبية الشديدة، إلا أنك لا تلمح فيه أي تكلف أو طغيان للكلمة على المضمون. يمتاز الرافعي أيضًا بالعفوية والأريحية في طرح الأفكار وسرد العبارات خلف بعضها بعضاً حتى تكاد تشعر أن سطوره سلاسل من ذهب، وكلماته بعذوبة ماء النهر تغسل قلبك مع كل صفحة تُطالعها.

كتاب وحي القلم هو تجميع لأبرع وأقوى وأرصن أعمال الرافعي حصرًا. سواء في المجالات الأدبية، الإنسانية، المعرفية، الفقهية، وأي مجال آخر يُمكن لبشريّ ما أن يطرح فيه رأيًا. المميز في الكتاب أنه لم يؤلَف بغرض أن يكون كتابًا قائمًا بذاته، فبه العديد من المقالات والقُصيصات النثرية المتفرقة من كتب وصحف عديدة تنتمي للرافعي، مما يجعل وحي القلم مرجلًا يغلي بصحيح الأدب وسليم القول.

هذا الكتاب يا عزيزي الطالب لن يُنمي من فكرك ويطور شخصيتك فحسب، بل أيضًا سيُنقي روحك ويجعلك إنسانًا أفضل من جميع النواحي.

يجب أن نختم مقال اليوم بكتاب خفيف ومُسلٍّ ومُمتع، ولم أجد كتابًا أفضل من رواية الحديقة الجوارسية لمؤلفها مايكل كرايتون.

الرواية تنتمي إلى فئة الخيال العلمي، حيث تتمحور حول رجل أعمال بالغ الثراء يشتري جزيرة مهجورة ويبني عليها معملًا بيولوجيًّا بغرض استخراج الحمض النووي الخاص بديناصور من بعوضة مُحنطة في مادة شمعية منذ ملايين السنين.

وعلى إثره يشرع ذلك الرجل في استنساخ وخلق الديناصورات من جديد في وقتنا الحاضر. ويحاوطنا بسوج منيعة ومُكهربة، مُعتقدًا بذلك أنه سيقهر جبابرة الماضي. الرواية رائعة جدًا من الناحية الفلسفية وليست فقط متمحورة حول الحركة والخيال العلمي. فحقًا العبرة والفكرة النهائية من الرواية سوف تُغير بداخلك العديد من المعايير تجاه مفهوم الصواب والخطأ.

القراءة هي غذاء العقل والروح وكل الجوانب الإنسانية للبشر. وبكل تأكيد العطلة الصيفية أنسب وقت للقراءة بتمعن وهدوء. لذلك اليوم طرحنا عليكم بعض الكتب المتميزة والتي نرى أنها ستفيدكم بشدة خلال فترة عطلتكم الصيفية.