بيدرو باسكال وشخصية Oberyn Martell: ثنائية التميز التي لا تُنسى في مسلسل Game of Thrones!

لم يكن الممثل بيدرو باسكال يعلم أنّ شخصية Oberyn Martell التي أدّاها في مسلسل Game of Thrones العمل الأعظم والأشهر في تاريخ الدراما التلفزيونية ستحقق هذا النجاح اللافت، على الرغم من أنّه قدّم أدوارًا مميزة في أعمالٍ مهمةٍ مثل The Mandalorian و The Last Of Us إلّا أنّ حضوره بشخصية "Martell" يظل الأكثر رسوخًا في أذهان المشاهدين.

وعلى الرغم من أنّ شخصية Oberyn Martell ليست أول أدواره التي يؤديها، إلّا أنّها الأهم في تاريخه حتى الآن، وعلى الرغم أيضًا من أنّ شخصية Oberyn Martell ليست الشخصية المحورية في Game of Thrones إلّا أنّها من أفضل الشخصيات أداءً في هذا العمل إن لم تكن أفضلها، إذًا يمكن القول إنّ بيدرو باسكال حقق مع شخصية Oberyn Martell ثنائية التميز كأحسن شخصية لصاحبها مع الأفضل في المسلسل.

إنّه الأمير الثاني لمملكة دورن أحد مكونات الممالك السبع التي يحكمها آلـ باراثيون نظريًا ويسيطر عليها آل لانستر عمليًا.

تظهر شخصية Oberyn Martell في الموسم الرابع من Game of Thrones، حيث يأتي Oberyn Martell إلى العاصمة King's landing نيابةً عن أخيه حاكم درون، لحضور حفل زفاف الملك جوفري.

تبدأ شخصية Oberyn Martell برسم ملامحها لجمهور Game of Thrones منذ أن تطأ قدماه وزوجته أرض العاصمة، وذلك من خلال اللقاء بينه وبين تيريون الذي أوكلت إليه مهمة استقبال أمير دورن، إلّا أنّ الأمير الجامح يطيح بجهود تيريون.

وبدلًا من الانصياع لتقاليد المناسبات الاجتماعية ذات البعد السياسي، يذهب وزوجته إلى أحد بيوت الدعارة في العاصمة، واضعًا بذلك المشاهد في حيرة أمام تلك الشخصية التي تَعِد بمفاجآت ستُغني العمل في موسمه الرابع.
إلى أن تكشف الشخصية عن أبعادها، فالأمير الدورني القادم من بلاد يبرع أبناؤها بالقتال والجنس، يفضّل أنّ يجرب كيف تبلغ اللذة منتهاها في خبايا العاصمة، قبل أنّ يجرب كيف تبلغ السياسة دسائسها في قصور حكامها.

ففي دورن المدينة الجنوبية الدافئة، يعيش أبناؤها الجنس كنشاط طبيعي، بشكل مختلف عن تقاليد العاصمة والشمال، ففيها لا حدود ولا قيود للنشاط الجنسي والذي ينظر إليه كنشاط طبيعي وكنوع من الحريات الشخصية وليس نوعًا من العيب أو الشذوذ.

فالأمير Oberyn Martell الذي يحب شريكته Ellaria ويخلص لها كثيرًا، يميل بنفس الوقت لإقامة علاقات جنسية مع غيرها من النساء، ويميل أيضًا لمعاشرة الرجال، إضافة إلى معاشرات جماعية هو وشريكته مع رجال ونساء، كل ذلك دون أن يكون هناك خيانة للطرف الآخر، بالعكس تمامًا، فالولاء في علاقتهما لاشك فيه، كل هذا التعقيد يمكن النظر إليه ببساطة من خلال فهم مبدأ الحرية الشخصية والمتعة لديهم.

بمراجعة خاطفة لفانتازيا Game of Thrones نتذكر سريعًا أنّه وبعد موت الملك روبرت ملك الممالك السبع، يرثه ولده الكبير جوڤري، الذي هو بالحقيقة ليس ولده بل هو ابن سيرسي وشقيقها جيمي لاينستر، ليكون بذلك تايون لانستر والد سيرسي هو الحاكم الفعلي للمملكة.

تتطور الأحداث فيموت جوڤري مسمومًا بيوم زفافه، لتوجه والدته سيرسي أصابع اتهامها إلى أخيها القزم تيريون التي تكنّ له كراهية كبيرة، الأمر الذي يطيب لوالده تايون باعتباره يشعر تجاه ولده القزم بالعار، ويرى بما حصل فرصة للتخلص منه فيقدمه للمحاكمة.

ومن جهة أخرى تصل إلى حاكم دورن الذي تفصل عائلته عن عائلة لانيستر عداوةٌ قديمة، دعوةٌ لحضور حفل زفاف الملك جوڤري. وحاكم دورن الأخ الأكبر لأوبرن مارتيل اتخذ من المسالمة والمهادنة والسياسة، نهجًا بحكمه في سبيل الإبقاء على مدينته سالمةً آمنةً، حتى إنّه اتخذ من ابنة سيرسي لاينستر خطيبة لولده، ضمن سياق الزيجات السياسية التي تؤدي عادةً إلى تطبيع العلاقات وتسيير المصالح المشتركة. وباعتبار أنّ حاكم دورن مصاب بمرض يمنعه من السفر، فإنّ الشقيق الأصغر له أوبيرن مارتيل سيكون المكلّف بتلبية دعوة حضور زفاف الملك جوڤري.

يرأس أوبرن مارتيل وفد دورن لحضور الزفاف الملكي، وفي رأسه فكرة واحدة؛ الانتقام. تتيح فرصة الذهاب إلى العاصمة بالنسبة لأوبرن مارتيل، إمكانية تحقيق أمنية لطالما عشعشت في رأسه، الانتقام لأخته وأولادها من القاتل والمغتصب The Mountain.

الجبل أو The Mountain المقاتل الضخم الجثة، صاحب القوة المفرطة الذي يخشاه الرجال، السفاح الذي لا يعرف الرحمة، المقرب من آلـ لاينستر. هذا الرجل في يوم من الأيام اغتصب شقيقة أوبرن مارتيل وقتلها مع أطفالها بطريقة وحشية، وذلك بعد قتل الملك المجنون آخر ملوك آل تارغاريان، والقضاء على عائلة تارغاريان، وفي ذلك الوقت كانت شقيقة أوبرن متزوجة من أحد أمراء آلـ تارغاريان ولها منه أولاد، حيث قتلها الجبل وقتلهم بأمر من تايون لاينستر.

هنا بدأت تكتمل الصورة إذًا، فقدوم أوبرن إلى حفل الزفاف، هو بحث عن انتقام أكثر منه تلبية لدعوة اجتماعية سياسية.
وبالعودة إلى قصة اتهام القزم تيريون من قبل شقيقته بمقتل ولدها الملك، وتقديمه للمحاكمة من قبل والده، تكتمل الصورة أكثر حول دواعي ظهور شخصية أوبرن مارتيل في الموسم الرابع.

تجري محاكمة تيريون بطريقة مجحفة، وبمباركة من والده تايون، وتكون النتيجة كما أرادتها شقيقته سيرسي، إدانته بقتل الملك، هنا يطلب تيريون أن يُنفَّذ الحكم عن طريق المبارزة، في محاولة الغريق التعلق بقشة للنجاة، فتقبل سيرسي.

وبوصفها المدّعية على المحكوم، تختار لهذه المبارزة الجبل ليكون أحد طرفي المبارزة، لتبدد بذلك مخطط شقيقها تيريون باستئجار مقاتل ليخوض المبارزة بدلًا منه، فلن يجرؤ أي مقاتل على خوض نزال محسوم مع الجبل مقابل أي مبلغ من المال، فالنتيجة معروفة؛ الموت لمن يقف أمام هذا المقاتل السفاح.

هنا وفي هذه اللحظة الدرامية، يأتي المسوغ الدرامي لوجود شخصية أوبرن مارتيل في الموسم الرابع، وهو إنقاذ شخصية محورية في العمل وهي شخصية تيريون، وهنا يجب الإضاءة ولو بعجالة على هذه الشخصية الفريدة.

شخصية تيريون التي أداها بطريقة لافتة ومبدعة Peter Dinklage هي شخصية محورية في صراع العروش على مدى مواسمه كاملة، فهو البذرة الطيبة ضمن عائلة لاينستر الشريرة، والشخصية التي عوضت نقص القوة الجسمانية، نتيجة البنية القزمية الخلقية، بالذكاء والحكمة والميل نحو العدل، وهو الشخصية التي ستكون فيما بعد المعاون الأول لدينيرس تارغاريان.

وفيما يلي ذلك وبعد مقتل دينيرس سيكون تيريون المعاون الأول للملك الجديد، العتيد لنظام حكم مختلف ينشد العدل والسلام بعد تدمير العرش الحديدي. كل تلك الصفات المهمة لشخصية تيريون، جعلت من المهم البحث عن طريقة درامية لمحاولة إنقاذه، فكانت شخصية أوبرن مارتيل.

تتيح الأقدار لأوبرن فرصة مواجهة مغتصب شقيقته وقاتلها مع أطفالها، فيقرر بلحظة درامية داخل زنزانة تيريون أن يكون بطله، بعد أن كاد يسلّم تيريون بحتمية موته، إلّا أنّ اللحظات التراجيدية لها وقعها دومًا لدى المشاهدين، فقد أثلجت تلك اللحظة الدرامية صدور محبي تيريون من المشاهدين.

وبالطبع خلال تلك الأحداث كان لابد من التطرق لأمور السياسة، فقد عرض تايوين على أوبرين أن يكون ضمن المجلس المصغر للمملكة، في محاولة منه لكسب خصم شرس، إلّا أنّ قرار أوبرين منازلة الجبل يقلب الأحداث رأسًا على عقب، فبالنسبة لتايوين فوز الجبل، وهو أمر محسوم بالنسبة له، يريحه من أوبرين ومن القزم دفعة واحدة.

تبدأ المبارزة، ويبدي أوبرن أداءً قويًا يصدم الجميع، فهو مدرَّب تدريبًا عاليًا، إضافةً إلى دافعه القوي بالانتقام الذي يزيد من صلابته، وهنا تحدث المفاجأة حيث يتمكن أوبرين من الجبل ويرديه أرضاًًا بعد الكثير من الطعنات القاتلة، وأصبح يفصله عن قتله طعنة الموت الأخيرة، التي يؤجلها أوبرين قليلًا طالبًا منه الاعتراف بجريمته تجاه شقيقته قبل قتله، وهنا تحدث المفاجأة الثانية، حيث يستغل الجبل تراخي أوبرين بالإجهاز عليه، ويباغته ويثبته أرضًا ويقتله بطريقة وحشية بهرس عينيه وهو يردد على مسامع أوبرين الاعتراف الذي أراد.

شجاعة أوبرين وصلابته وقوته وحقه بالانتقام من قاتل، كان ينقصه الحذر والحكمة والقليل من التواضع. وبهذه الطريقة الدرامية تنتهي دورة حياة الشخصية التي حاولت إنقاذ شخصية تيريون المحورية ولكنها فشلت بذلك، ليبحث الكاتب عن طريقة أخرى لإنقاذها.

أخيرًا، دعنا نقول إن شخصية أوبرين تعد إحدى أجمل شخصيات صراع العروش على الإطلاق، جمعت بين عمقها كشخصية درامية وبين الأداء الكبير للممثل بيدرو باسكال!