مقتبس من رواية أمر هتلر بحرقها.. فيلم All Quiet on The Western Front يتألق على الشاشة
5 د
"كل الحروب هي حروب أهلية، لأن جميع البشر إخوة". فرانسوا فينلون.. ماذا يحدث عندما تكتشف صدق هذا القول في لحظة يتراشق فيها جيشك مع جيش آخر ولا مفر للعودة أو التراجع؟ يحكي فيلم "All Quiet on The Western Front" عن مجموعة من الأصدقاء المراهقين المتحمسين لتجنيدهم في بداية الحرب العالمية الأولى أو ما يعرف باسم "حرب الخنادق"، ويتتبع تجارب هؤلاء الشباب اليافعين بعيون "بول" الشاب الألماني المتحمس للمشاركة بالحرب حتى يصطدم بواقع الحرب المؤلم والعنيف.
تمتلك البشرية مخزونًا هائلًا من قصص الحروب مقابل كل روحٍ أُزهقت، وخلف كل رصاصة ضربت هناك قصة إنسان بكل تفاصيلها. تقدم نيتفلكس في هذا العمل وبعد مرور تسعين عامًا على الإصدار الأصلي نسخة جديدة باللغة الألمانية من فيلم الحرب الكلاسيكي "كل شيء هادئ على الجبهة الغربية". التي أُصدر عام 1930 ويستند إلى رواية المؤلف إريك ماريا ريمارك (التي قام هتلر فيما بعد بحظرها وإحراقها بسبب الرسالة القوية المناهضة للحرب)،
وحصل حينها على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وأفضل مخرج ويصنف على أنه واحد من أهم وأفضل أفلام الحرب على الإطلاق، كما تم اختياره عام 1991 من قبل مكتب التسجيل الوطني للأفلام في مكتبة الكونغرس في الولايات المتحدة على اعتباره إرثًا جماليًا وثقافيًا وتاريخيًا، فكيف كانت النسخة الحديثة منه؟
اقرأ أيضاً: جرعة عالية من الأدرينالين.. فيلم Barbarian والمفاجآت المرعبة في منزل “زاك كريجر”
قصة فيلم All Quiet on The Western Front
"إن الحرب العالمية الأولى أفقدت الحياة قداستها، ودلت على سفالة الأجهزة السياسية." في كتابه، يقول إريك ريمارك: "لن يكون هذا الكتاب اتهامًا ولا اعترافًا، وأقلها مغامرة، لأن الموت ليس مغامرة لمن يقفون معه وجهًا لوجه، سيحاول ببساطة أن يخبرنا عن جيل من الرجال، على الرغم من أنهم ربما نجوا من قذائفها، فقد دمرتهم الحرب"، بتلك الكلمات يرسل ريمارك رسالته المناهضة للحرب من خلال هذا الكتاب الذي كان نواة لصدور نسختين من أفضل وأجمل أفلام الحرب على الإطلاق.
يبدأ الفيلم مع بداية الحرب العالمية الأولى وأصوات القتل والموت في كل مكان، بعد كل غارة لا أحد يفكر بموتك أو حياتك لأنك وبالنسبة لهم لست إلا عددًا يضاف إلى سجلات الحرب، والأهم منك هو ملابسك العسكرية التي لن تنال حتى شرف الدفن بها، لأنهم سينتزعونها منك ويقومون بغسلها وإعادة خياطتها لتسليمها لضحية أخرى أو لنقل جنديٍ جديد. على الجانب الآخر نشاهد الشاب "باول" مع أصدقائه الثلاثة المتحمسين لخوض الحرب التي لا يعرفون عنها شيئًا سوى ما غرسه أستاذهم في نفوسهم، ألا وهي أن ما يفعلونه يعد رجولة وبطولة، وبكلمات مثل "شباب ألمانيا الحديدي" وبعض العبارات الرنانة يمكنك غسل أدمغة هؤلاء المراهقين بتصويرهم على أنهم "سوبر هيرز" يمكنهم تحقيق النصر دون الخوف من أي عواقب، وبذلك تكون قد صنعت جيشًا من الموتى والمنتحرين.
ينطلق الشباب اليافع الألماني بكل حماس ووطنية إلى ساحات الحرب لقتال الفرنسيين، ونرافق بطل الفيلم "باول" بعيونه المليئة بالحماس و الإعجاب بهؤلاء القادة العظماء، وعند الوصول إلى الجبهة الغربية في باريس تبدأ ملامح الخوف على وجوه الشباب، لأنهم الآن على خط النار ولا توجد كلمات حماسية أو خطابات رنانة، كل مايوجد هنا القذائف وأصوات الرصاص ورائحة الموت، يلتقي "باول" مع "كاتزينسكي" الجندي القديم ويعجب بحكمته وخبرته الكبيرة ويصبح فيما بعد صديقه، عند الدخول إلى الخنادق يبدأ الشباب الأربعة بإزالة المياه التي تغطي أرضية الخندق، ونشاهد "لودفيغ" وهو خائف ويعترف لرفاقه أن هذا ليس ما تخيله أبدًا، مع استمرار الحرب يخسر الأصدقاء بعضهم بعضًا وتصبح المعركة طاحنة ونشاهد فقدان الأمل والإنسانية بشكل تدريجي مع كل ساعة حرب.
نجح الفيلم في تصوير المعاناة والرعب وفظائع الحرب في تلك المرحلة، وأكثر ما يميز هذا الفيلم عن باقي أفلام الحرب هو التركيز على تصوير شقي الحرب، وهما الجندي الذي ينفذ الأوامر على الواقع وصناع القرار وكيف يتم إصدار الأوامر دون الاكتراث بالجنود، هذا التناقض الصارخ الذي يجعلنا نقف أمام فاجعة إنسانية كان سببها أطماعًا شخصية وسياسية لأفراد اختاروا قتل أكثر من ثلاثة ملايين جندي من أجل عدة أمتار من الأرض.
ما الذي يميز فيلم All Quiet on The Western Front عن باقي أفلام الحرب؟
اختار صناع العمل ممثلين ألمان لإعادة إحياء نسخة الكتاب بلغته الأم، وتم اختبار فيليكس كاميرر لتجسيد البطولة بشخصية "باول بومر"، وهذا ما وضعنا أمام قصة متكاملة من منظور الألمان فأغلب أفلام الحرب العالمية الأولى كانت تصور القصة من وجهة نظر دول قوات الحلفاء مثل بريطانيا لكن هذا الفيلم سلط الضوء على دولة مركزية كانت في الحرب، وينقل لنا تأثير الحرب على شخصيات أبطالنا، والخسائر الفادحة التي تسببها الحروب.
وكما ذكرنا سابقًا فإن الفيلم ركز على الطريقة الأنانية وغير الحكيمة لصناع القرار وإرسال الجنود غير المؤهلين أو المدربين نحو الموت المحتم، في حين ظهرت خلال الأحداث شخصية نائب المستشار الألماني "ماتياس إرزبيرجر" الذي يحاول عقد هدنة والتوسط في سلام الفرنسيين مع الألمان، على الرغم من أن هذا الجزء لم يكن موجودًا في النسخة الأصلية من الكتاب إلا أن خلق هذه الشخصية جاء للتركيز على وجود بعض الضباط الألمان الذين يتمتعون بالإنسانية والطيبة على عكس القائد الجزار الذي يصدر قرارات غير مدروسة وهو يجلس على كرسيه من الجلد باهظ الثمن، وبالتأكيد لا يمكن التغاضي عن الإخراج السينمائي الرائع الذي قام به المخرج "إدوارد بيرغر" على الرغم من مدة الفيلم التي تتجاوز الساعتين إلا أنها تأخذك في تجربة سينمائية مميزة مع موسيقى تصويرية مذهلة، لذلك أنصحك بمشاهدة الفيلم على شاشة كبيرة مع مخرجات صوت عالية حتى تستفيد من التجربة بأفضل شكل.
تأمل نيتفلكس وصناع السينما الألمانية أن يتمكن الفيلم من تكرار نجاح الفيلم الأصلي والحصول على جائزة خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2023.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.