مراجعة فيلم 12 Years a Slave .. لو فقدت حريتك يومًا كيف ستثبت ملكيتها؟!

عبيد السيد الجديد وسولمون بينهم
ياسمين عبدالله
ياسمين عبدالله

7 د

الحرية هي أسمى ما نملكه من معاني الحياة، الهبة التي طالما سعى لها كل إنسان وستظل كذلك دائمًا.

تختلف درجات الحرية من آن لآخر ومن زمن لآخر؛ لكن بكل تأكيد أصعب هذه الدرجات هي فقدانها تمامًا؛ فتصبح عبدًا تُباع وتُشترى كسلعة، أو حيوان، أو حتى جماد، ليس له الحق في أن يملك المشاعر ولا الاحتياجات..

وعندما نفكر منطقيًّا في الأمر، نتساءل ما الذي يجعل من حق إنسان أن يسلب حرية إنسان آخر، كأنه هو الذي خلقه، وليس من نفس مصدر الخلق، ومن أين له بهذا الحق اللعين؟

أن تولد عبدًا إحساس صعب مليء بالغضب واليأس والكره؛ لكن الأصعب والأكثر قهرًا عندما تتحول بين ليلة وضحاها من إنسان حر يملك قراره وحياته لإنسان عبد، مسخر لخدمة إنسان آخر؛ فقط لأنه اشتراه بالمال!

هذا ما حدث مع بطل اليوم، وهي قصة حقيقة حدثت بالفعل على ظهر هذه البسيطة؛ فهناك في الفيلم المأساوي الأمريكي البريطاني (12 years a slave) أو 12 عامًا من العبودية، يمكنك أن ترى أقبح وجوه الاختطاف عندما تُختطف لتُباع كعبد يخدم إنسانًا آخر!

المقال يحتوي على حرق لأحداث الفيلم 


نبذة عن فيلم 12 Years a Slave

هو فيلم تاريخي درامي وسيرة ذاتية لشخص يُدعى سولومون نورثوب؛ الذي كتب رواية تحمل نفس الاسم في عام 1853م لتحكي تجربته مع العبودية لمدة 12 عامًا.

الفيلم بطولة كل من شيواتال إيجيوفور، ومايكل فاسبندر، ولوبيتا نيونقو، وبراد بيت، وإخراج ستيڤ ماكوين أما السيناريو فمن إبداع جون ريدلي.

سولمون عندما كان حرا فيلم 12 Years a Slave

سولومون مع زوجته وأبناءه عندما كان حرًا

قصة فيلم 12 Years a Slave

كان يعمل سولومون -الرجل الأمريكي الحر ذو البشرة السمراء ومن أصل أفريقي- كنجار وعازف على آلة الكمان؛ فيكتسب منهما قوت يومه ويعود لزوجته وأبنائه بما يكفيهما وقد يزيد أو يقل حسب الظروف..

وفي يوم من الأيام تنقلب الموازين؛ عندما يقابل سولومون رجلين مخادعين، يوهمانه بأنهما يعملان في سيرك ويرغبان في ضمه كعازف محترف بأجر مغري، فيوافق، ويثق بهما، ويبدأ في التعامل معهما بكل أريحية لكنهما غير ذلك؛ يضعان له منومًا في الشرب والأكل، وعندما يستيقظ يجد نفسه عبدًا، وعصر حريته قد ولَّى!

من ثم يُباع سولومون وتبدأ قصته مع عبوديته التي استمرت لـ 12 عامًا من الكفاح ومحاولات البحث عن مخرج للعودة به من الحياة؛ فحريته هي الحياة!

سولمون مع الشخصان فيلم 12 Years a Slave

الفيلم كئيب ويغرقك في الإحساس بالقهر

لكي أكون صريحة، الفيلم سينجح نجاحًا ساحقًا في أن يغرقك في بحر عميق من الحزن والأسى، وأظنك ستخرج منه ببعض الطاقة السلبية؛ إلا أنك ستعرف في النهاية الكثير من المعلومات عن معاناة الإنسان أسمر اللون في ذلك الوقت.

فعندما تشاهده ستشعر بمدى حقارة الإنسان وعنصريته تجاه المختلف عنه، وستشكر الله على مرور هذا الزمن سواء عليك أو على سكان أفريقيا الأصليين الذين طالما كانوا تحت راية العبودية والاستنزاف من أصحاب البشرة البيضاء..

آثار العبودية في كل فعل وكلمة..

وعندما نتأمل مشاهد الفيلم نرى آثار العبودية كأنها دماء مقتول على كل مشهد؛ فنرى:

العاهات والتشوهات في أجساد العبيد، هذا إلى جانب الأجزاء المقطوعة منها وآثار التعذيب عليها.. وهذا طبيعي بكل تأكيد في عصر ليس به حساب ولا عقاب…!

كما أنه لا يحق لك أن تعرف الكتابة والقراءة، ومن الغباء أن تُصرِّح بذلك حتى لا تُقتل.. فمن أنت حتى تتعلم…!

أيضًا نعرف من الفيلم أن هذه الفترة لا يصح فيها أن تتذكر من أنت، خصوصًا لو كنت حرًا يومًا ما مثلما حدث مع سولومون، ولكن احفظ سرك حتى لا يُقضى عليك..

سولومون معلق بحبل في شجرة والحياة تسير كأنه على ما يرام

كما يتضمن الفيلم عددًا كبيرًا من المواقف التي توثق معاناة العبيد وقتها؛ فمنها موقف تعرض سولومون للاضطهاد من قِبَلِ رجل أبيض يعمل معه في نفس المزرعة؛ بسبب ذكاء أفكاره وتفوقه عليه؛ فتدب بينهما الحرب ويقرر الرجل الأبيض أن يعدمه بمساعدة مجموعة من معاونيه؛ إلا أن مشرف المزرعة ينقذه من الإعدام..

سولمون مع صاحب المزرعة والعامل الأبيض الذي يغار منه فيلم

سولومون مع صاحب المزرعة والعامل الأبيض الذي يغار منه

لكن الغريب في الأمر أنه أنقذه بسبب ثمنه المديون به صاحب المزرعة وليس لسبب إنساني.. والأشد غرابة أنه لم يهن عليه أن يفك الحبل حول رقبته فظل ليوم كامل معلق على أطراف قدميه بدون راحة ولا طعام ولا شراب!!

يمر العبيد من حوله، ولا يكترثون له، وزوجة صاحب المزرعة تراه ولا يتحرك لها جفن.. حتى تشارف الشمس على الغروب؛ فيراه صاحب المزرعة عندما يعود من الخارج، فهو رجل رحيم أهداه آلة كمان يومًا.. كما أنه يهتم لأمره بشكل أو بآخر لكنه في نفس الوقت لن يقدر على حمايته؛ فيقرر أن يبيعه لرجل آخر..

12 years a slave

مشهد الشنق

السيد الجديد وباتسي المقهورة!

من اللحظة التي بيع فيها سولومون للسيد الجديد وتبدلت الحياة؛ فانقلبت رأسًا على عقب، فلو رأى مع صاحب المزرعة الأولى القهر مرة، سيراه مع السيد الجديد ملايين المرات..

عبيد السيد الجديد وسولمون بينهم فيلم 12 Years a Slave

عبيد السيد الجديد وسولومون بينهم

نجد السيد الجديد يميل لإحدى عبيده التي تُدعى باتسي.. يضربها، ويقهرها، ويغتصبها، ويفرض عليها الرقص وكل ما تفعل؛ وهو ما يُثير حفيظة زوجته ويجعلها تغار منها، فلا تضيع فرصة إلا لتنال منها وتعذبها هي الأخرى..

وفي أحد المرات، أثناء حفل موسيقي وبينما سولومون يعزف، والعبيد يرقصون رغمًا عنهم، وبناءً على رغبة السيد الجديد، يقوم هو بمغازلة باتسي حتى تفقد زوجته السيطرة على نفسها فتضربها بالزجاجة في وجها؛ لتسقط باتسي أرضًا، وتُزاح من الساحة، ويصرخ السيد الجديد في البقية بالرقص، فتستمر الحفل دون اكتراث لما حدث!

ومع تطور الأحداث، تتدهور الأمور أكثر وأكثر حتى تطلب باتسي من سولومون أن يُسدي لها معروف بأن يُنهي حياتها لترتاح مما هي فيه!

العبيد نذير شؤم على المزرعة

ومن جُملة القهر أن أرض السيد الجديد تتعرض لطاعون القطن؛ فيرمي اللوم على العبيد ويتهمهم بأنهم نذير شؤم وتعاسة للمزرعة؛ فيقوم بإرسالهم للعمل عند سيد آخر لوقت من الزمن حتى تزول الغمة ويبدأ موسم جديد، يفعل ذلك وقد نسي لهم كل المواسم السابقة والأيام التي كانوا يخرجوا فيها الكثير من المحصول وأمهرهم كانت باتسي الذليلة البائسة!

نقطة التحول

تمر الأيام والشهور والأعوام، وسولومون يحاول أن يبحث عن مخرج يُثبت به أنه حر وأن له أسرة في مكان ما لكن دون جدوى.. حتى تأتي نقطة التحول.. ويقابل سولومون السيد باس صاحب البشرة البيضاء الحر والذي يعمل معهم عند السيد الجديد بمقابل مادي..

ففي أحد المواقف عرف سولومون أن باس يدعم حرية أصحاب البشرة السمراء ويراهم سواسية مع البيض؛ فيطلب منه أن يراسل صديقه ليُرسل أرواق تثبت حريته فيأتي وينقذه..

ولم تكن هذه أولى محاولات سولومون للعودة لحريته، ففي محاولة سابقة طلب ذلك من أحد البيض ودفع الثمن مقدمًا لكنه أخلف معه وأبلغ عنه، ولحسن حظ سولومون أنه استطاع أن يخرج من هذا الموقف بذكاء!

السيد الجديد يهدد سولمون بعد محاولته للهرب فيلم 12 Years a Slave

السيد الجديد يهدد سولومون بعد محاولته للهرب

لكن الأمر مع باس مختلف.. فهو رجل يؤمن بالحرية بصدق.. وسيساعد سلومون رغم أنه يعرف عواقب الأمور.

أقرأ أيضًا: فيلم خط دم .. أول فيلم مصاصي دماء عربي لكن بلا هدف ولا مضمون!

باس وسولمون فيلم 12 Years a Slave

باس وسولومون

نهاية سعيدة حزينة

تنتهي قصة الفيلم نهاية لا تعرف موقفك منها هل هي حزينة أم سعيدة؟؟

حيث يعود سولمون لأهله فعلًا ولكن بعد مرور 12 عامًا؛ فقد أصبح أطفاله شبابًا، وتزوجت ابنته بل وأنجبت سولومون الصغير!!

فلا تعرف هل تفرح لعودته لأهله ورؤيتهم له من جديد ونيله الحرية مرة أخرى؟

أم تحزن لأن 12 عامًا من عمره قد ضاعوا في الخدمة والعبودية بعيدًا عن الاستمتاع برؤية أطفاله يكبرون ويتزوجون ويتعلمون ويخوضون التجارب التي طالما أحتاجوه فيها بدون شك؟!

نهاية فيلم 12 عام من العبودية فيلم 12 Years a Slave

نهاية فيلم 12 عام من العبودية

مآخذ على الفيلم

كما ذكرت مسبقًا الفيلم في غاية الحزن والكآبة فلن يناسب كل الأوقات للمشاهدة، لكنه سيكون الأمثل لمحبي التعرف على تلك الفترات ومشاهدة تفاصيلها بكل سهولة ووضوح..

كما أن الفيلم لا يناسب الأطفال فهو أيضًا يحتوي على مشاهد عرى قد لا تناسب الجميع لكنها وبكل آسف توضح ما كان عليه هذا الوقت من مفهوم الخصوصية للعبيد من أصحاب البشرة السمراء!!

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.