فيلم Death Note … كيف شوهت Netflix قصة عظيمة في أقل من ساعتين؟!
5 د
تعد سلسلة مانجا Death Note لمؤلفها “تسوجومي أوبا” ورسامها “تاكيشي أوباتا”، من أوفر سلاسل القصص المصورة حظًا وشهرةً، والتي بدأت في ديسمبر عام 2003 وانتهت في مايو عام 2006، محققةً أفضل مبيعات في تاريخ مجلة “شونين جامب”، ليبدأ فصل جديد في حياة هذه السلسلة بتحويلها لمسلسل أنمي بدأ عرضه في أكتوبر عام 2006 لينتهي عرضه في يونيو 2007، ليصبح بعدها أسطورة في عالم الأنمي وبين محبيه، وتكاد لن تجد أحد من محبي الأنمي لم يحاول جذب صديق له أو قريب لعالم الأنمي، إلّا وكان Death Note على رأس قائمة الترشيحات، مما يزيد شهرة السلسلة ويتسع انتشارها.
استغلالًا لهذه الشهرة صدرت بعض ألعاب الفيديو، وللمزيد من الاستفادة بقصة استطاعت أن تجذب شريحة كبيرة من الجمهور، وأيضًا رغبة في الوصول لفئة أخرى غير جمهور الأنمي كان هناك أفلام واقعية Live-action، يابانية الصنع أنتج اثنين منهم في عام 2006، وآخر في 2008، وآخر الأفلام اليابانية المقتبسة عن هذه السلسلة كان في عام 2016، ولكن أكثر ما نال الاستحسان نوعًا ما كان المسلسل التلفزيوني الواقعي – ياباني الصنع – الذي أنتج عام 2015 وتناول القصة بمعالجة مختلفة عن المعتاد.
ثم جاءت آخر مفاجأت هذه السلسلة حين قامت Netflix الأمريكية بإنتاج فيلم مقتبس عن سلسلة Death Note بمعالجة أمريكية تمامًا، من إخراج “آدم وينجارد”، وبطولة “نات وولف” في دور “لايت”، و”مارجريت كوالي” في دور “ميا”، و”كيث ستانفيلد” في دور “إل”، و”ويليم دافو” في دور “ريوك”.
ليظهر الفيلم للعرض منذ أيام قليلة، تحديدًا في يوم 25 من أغسطس، محققًا موجة استياء شديدة بين جمهور ومحبي هذه السلسلة والأنمي … فهل استحق الفيلم كل هذا الاستياء؟ هذا ما ستعرضه السطور القادمة.
قصة فيلم Death Note
تبدأ الأحداث في “سياتل”، في إحدى المدارس الثانوية وأحد الطلاب “لايت تيرنر” يقوم ببيع حلول الواجبات المنزلية للطلاب، ثم تسقط عليه من السماء مذكرة سوداء، يلتقطها ليجد عنوانها “مذكرة الموت Death Note” وبداخلها مجموعة من القواعد والقوانين، ورغم عدم استيعابة لقوة هذه المذكرة أو ما تستطيع تحقيقه فضوله يدفعه ليحتفظ بها، بعدها يكتشف أمره من بيعه لإجابات الواجبات وتتم معاقبته على هذا بالاحتجاز في المدرسة، دون الاهتمام لحقيقة أنّ ما كشفه هو تعرضه للاعتداء الجسدي حينما حاول الدفاع عن زميل له يتعرض للضرب، لنرى جانب من سخط “لايت” على كيفية تطبيق العدالة.
وفي أثناء احتجازه يظهر له كائن مهيب يعرف نفسه بأنّه “إله الموت ريوك”، ويشرح له قوة المذكرة وطريقة عملها، حيث تستطيع قتل أي شخص طالما تعرف اسمه الحقيقي ووجهه، وأنّ “لايت” بعثوره على المذكرة وحملها أصبح حارسها ويستطيع استخدامها، ويبدأ “لايت” في استخدامها حقًا ولو على سبيل التيقن من حقيقة ما يحدث معه، ليكون أول اسم هو زميله المتنمر!
حين يتأكد لـ”لايت” قوة المذكرة وفاعليتها، يقرر أن يكون الاسم الثاني لقاتل والدته، الذي أُفرج عنه لنفوذ والده، ثم يقرر أن يشرك زميلته التي يكن لها مشاعر حب “ميا” في سر المذكرة ويبدآن معًا في استخدامها بدافع القضاء على المجرمين وتنفيذ عدالتهم الخاصة، ومع هوس الشعور بالقوة والسيطرة يرغبان في الإعلان عن قوة وراء القضاء على هؤلاء المجرمين بدفعهم لترك رسالة قبل مقتلهم عن أنّ من وراء كل هذا من يدعى “كيرا”، لينقسم المجتمع بين مؤيد لهذه العدالة المزعومة والسريعة، ومن يرى أنّ ما يفعله “كيرا” لا يقل إجرامًا عن من قتلهم وأنّه يستحق أن يلقى القبض عليه ويعاقب على جريمته، ليظهر المحقق الخاص”إل” ليحاول فك لغز هذا المدعو “كيرا”.
الشخصيات
مشوشة وضعيفة هذا هو الوصف الدقيق لأبطال الفيلم.
من المفترض أنّ “لايت” شخص عبقري استطاع صنع هوية مستعارة للاختفاء وراءها محققًا أغراضه من القضاء على المجرمين، وأراد صانعو الفيلم تقديم مراهق وقعت في يده قوة أكبر من أن يتحملها، فصنعوا شخصية مبهمة غير واضحة المعالم، بل في أكثر من موقف سمح أن يتم التحكم به تارة من “ريوك” و تارة من “ميا” فلم تعد تفهم كمشاهد، هل هو هذا الشخص العبقري؟ أم الضعيف الذي يسهل التحكم به والتلاعب بأفكاره؟
“ميا” لعلها هي و “ريوك” أكثر الشخصيات منطقية وتقبلًا لتصرفاتهم وردود أفعالهم، الفتاة تستمتع برؤية الدماء والقتل وترغب فيه بشكل يكاد يكون مرضي. لذا، خطواتها وآراءها تتفق مع شخصيتها تمامًا.
“إل”، حسنًا يبدو أنّه لا يوجد أي فهم لشخصيته على الإطلاق، كيف بحق الله تتحول شخصية اعتمادها الكلي على العقل والتحليل، لشخصية عنيفة تقوم بمطاردة “لايت” مستخدمًا السلاح أيضًا؟! كيف تقدم لي شخصية تمت برمجتها من الصغر لتستخدم عقلها في التحليل وحل أكثر الألغاز صعوبة، حينما ترغب في الانتقام أن تلجأ لاستخدام العنف؟
حبكة فيلم Death Note
جاءت حبكة الفيلم ضعيفة بشكل صادم، بالطبع أستطيع أن أتفهم أن تكون معالجة القصة بشكل مختلف عن العمل الأصلي، وأن يضيف صانعو الفيلم رؤيتهم الخاصة المستمدة من البيئة الجديدة التي سيطرح فيها، ولكن أن يختفي جوهر القصة وعمقها الفلسفي والنفسي، وتوضع مكانها مجموعة مشاهد من العنف والدموية المبالغ فيها، وتبادل القبلات بين البطلين، ليخرج فيلم سطحي يستهدف مداعبة غرائز المراهقين، مجردًا من أي فكرة أو عمق من أي نوع فهذا ما لا أتفهمه ولا أقبل به.
فالفكرة الرئيسية من وجود “مذكرة الموت”، وقوتها التي تمنح لمالكها القدرة على أن يكون القاضي والجلاد معًا، هو مناقشة تأثير هذه القوة على البشر، شعورهم بالقوة التي تصور لهم أنّهم آلهة متحكمين في مصائر الآخرين، يستطيعون خلق مجتمع فاضل وفق رؤيتهم الخاصة، وهذا ما لم يظهره الفيلم إلّا في حوار هامشي بين “لايت” و “ميا” وخلاف ذلك فلقد عرض لنا الفيلم الصراع الذي نشأ بينهما حول ملكية المذكرة بعد أن اختلفت وجهات نظرهم بين الاكتفاء بقتل المجرمين فقط، أو القتل لحماية هوية “كيرا” الحقيقية حتى لو بقتل الأبرياء.
فيلم Death Note لم يسيء ويشوه السلسلة الأصلية المقتبس عنها فقط، بل لم يستطيع أيضًا في المقابل أن يقدم لي حبكة تعوض هذا، كأن يقدم جوانب أخرى للفكرة أو الشخصيات، حتى محاولة اللعب على أنّ “لايت” مجرد مراهق لم يحسن التصرف، أو لم يستطيع أن يقاوم شهوة الانتقام والشعور بالتفوق ونظرات الانبهار في عيون حبيبته، كان باهتًا وسطحيًا، وبأداء تمثيلي مذبذب بين ضعيف وضعيف جدًا.
فيلم Death Note تجربة لم ترقَ حتى أن تكون مقبولة بأي حال من الأحوال، حتى مع محاولة عدم عقد أي مقارنة مع العمل الأصلي، فتظل تجربة لم تضف لي ولو القليل من المتعة والتسلية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.