فيلم A Hard Day والمصائب التي لا تأتي فرادى!
4 د
تقييم فيلم A Hard Day أحد أعمال السينما الكوريّة الجنوبيّة
عند الحديث عن مجال السينما العالميّة، تظهر دوماً كوريا الجنوبية بين الدول المتقدمة في مجال صناعة الأفلام، لا يعتمد الأمر على أساليبها والتقنيات المستخدمة بل الفَنّ الحقيقي الذي تظهره في أعمالها السينمائية المختلفة مما سمح لنا بمشاهدة الكثير من الأعمال الإبداعية المختلفة أحدثها هو فيلم A Hard Day لوحة سينمائية كورية جنوبية جديدة شقّت طريقها باستحقاق إلى الشهرة العالميّة.
لا يخلُ الفيلم أبداً من تلك النظرة الثاقبة العميقة إلى داخل النفس الإنسانية، وهو ما تتميّز غالباً به هذه الأفلام، حيث قدّم كعادة أعمال الكورية الجنوبية انعكاسات نفسيّة عديدة تمثلت في شخصياتها المختلفة بالرغم من مسار الفيلم الذي اتجه بشكل كبير بطريق الأكشن إلى جانب تشويق جيّد ساهم في تحسين صورة الفيلم.
يمكن اعتبار فيلم A Hard Day بناءً على قصته ومسير أحداثه كفيلم أكشن وحركة في الطراز الأوّل، لكن تركيزه الكبير على واقعية هذا الطرح ابعده قدر الإمكان عن المبالغات الخياليّة لتشعر أنه أقرب إلى فيلم جريمة درامي بمسير أحداث طبيعية لم تقدّم بطلاً أو شريراً خارقاً بل بشر بقدرات طبيعية وقعوا في بعض المشاكل.
بالطبع لا أشير إلى النقطة السابقة إنها سلبيّة أبداً، بل إيجابية جيّدة ستشعر انها انقذت فيلم من طريقة سرد سخيفة تستخف بعقل المُشاهد عبر المقطع تلو الآخر، لتزيد على ذلك القصة نسبة تشويق مميّزة ومثيرة للاهتمام أيضاً لم تعتمد أبداً على مبدأ المبالغة بل كان سردها سلساً قليل المفاجئة وأهم من ذلك قادر على جذب اهتمام المشاهد.
أفضل ما في هذا الفيلم هو الطريقة التي ظهرت عليها شخصياته المُتعددة، والتعابير النفسية الصريحة التي حصلت بالنظر لكل ما شاهدناه من أحداث، أضف على ذلك ردّة الفعل المناسبة والتصرفات السريعة العفويّة لشخصيات الفيلم، وعنصر المفاجأة الموجود الذي تم وضعه في الفيلم ابقى تنفيذ أحداثه تكتيكياً أكثر من تقنياً لمشاهد الفيلم دون الاستعانة بكميّة مؤثرات بصرية كبيرة.
عُرض الفيلم من عدسة إخراج مُرضي أشرف عليه سيونغ-هونغ كيم في ثاني أعماله الإخراجية، الذي جمع ببراعة شديدة أسلوب إخراجي قديم خاص بأفلام الأكشن إلى جانب العرض الحديث لأفلام التشويق والنتيجة كانت رحلة ممتعة خالصة تحترم عقل المشاهد وتجذبه منذ بداية سلسلة أحداثه المتسارعة.
قام أيضاً المخرج بكتابة الفيلم إلى جانب هاي-جون لي، ولا يمكنني تحديداً التعليق على النص الخاص بالفيلم بالنظر إلى أن لغته الأصلية هي الكورية الجنوبية، ولا أعلم إن كفته الترجمة الذي شاهدتها أو قدّمت له حقّه، لكن من نظرة شاملة لم يملك أي تحوّلات كبيرة أو محتوى عالي المستوى، لكنه كان في الوقت ذاته مناسباً للفيلم الذي لن يحتاج إلى نص أفضل من ذلك.
التزم الفيلم بعدم إضاعة الوقت في تحضيرات سخيفة سواء تلك المتعلقة بالخلفيّة القصصية أو الشخصيات الرئيسية، بل دخل مباشرةً في الأحداث وعرضها بسرعة جيّدة مسلطاً الضوء على تفاصيل مُهمة مع تجنبه لأخرى قد تتواجد في أفلام الأكشن المتكررة لكن فقط لزيادة المشاهد طولاً.
من ناحية أخرى، لم يملك الفيلم مقاطع الأكشن تلك التي يمكن وصفها بالمذهلة أو حتى العديدة، فقد كان العمل عليها بسيطاً متواضعاً بالتركيز دوماً على القدرة الحقيقية للإنسان الطبيعي، ستشعر أن الأكشن تم اختصاره على بعض المقاطع المصاغة والمعروضة بشكل جيّد، لكن لن تصل إلى مرحلة الأذهال.
امتلكت القصة أيضاً انعطافات كثيرة أغلبها كان بسبب الشخصية الرئيسية الضعيفة، وهذا تماماً ما يميّزه عن أفلام الأكشن الأخرى فتخيّلوا في الواقع كيف سيتعامل شخص عادي مع المواقف المختلفة، وهذا ما حاول أن ينقله الفيلم ونجح بذلك دون شك ليقدّم في رأيي لوحة ممتعة تستحق المشاهدة.
تدور أحداث قصة الفيلم حول المحقق جو جيون-سو (سون-كيون لي)، يخوض هذا الرجل أسوأ أيام حياته دون مبالغة، ابتداءً من طلب زوجته الانفصال عنه، ووفاة والدته .. ليبدأ الفيلم بقتله لشخص ما عن طريق الخطأ اثناء توجهه لمراسم جنازة والدته، تبدأ من تلك اللحظة حالات الضياع التي تعيشها شخصيتنا الرئيسية ولكن الأمور فقط ستتجه نحو الأسوأ.
أدّى طاقم الممثلين أداءً رائعاً لا غنى عنه، أبرزهم كان بطل الفيلم سون-كيون الذي لعب دوره بطريقة مقنعة قويّة، دقيقة أيضاً جداً استطاعت حتى من تقديم بعض الكوميديا على فترة ظهورها على الشاشة وذلك وسط مجموعة لا يُحسد عليها البطل أبداً من المشاكل التي يمكن وصفها بالشاملة من العاطفية، الشخصية وصولاً إلى تلك المهنيّة منها.
حظي فيلم A Hard Day أو “Take It to the End” إذا التزمنا بالترجمة الحرفيّة من العنوان الكوريّ، بعرض أوّلي في مهرجان كان السينمائي عام 2014، ومنذ ذلك الحين زاد معدّل عرضه العالمي ليصل في شهر أغسطس هذا إلى جميع أنحاء العالم مع تلقيه مجموعة جيّدة من النقد الإيجابي وتحقيقه لإيرادات لا بأس بها قدرها (24 مليون دولار) وبالنظر إلى طبيعة الفيلم بشكل عام فإن ميزانيته متواضعة لا أملك تفاصيل دقيقة حول تقديرها.
كان الفيلم رحلة ممتعة مزجت حالات نفسيّة متعددة بتشويق جيّد وأكشن ابتعد عن المبالغات الخياليّة التي اكتفينا بمشاهدتها في تقريباً جميع أفلام الأكشن المختلفة، واعتبره بالفعل فيلم فَنّي في المقال الأول امتزجت عناصره بامتياز مع إخراج وتصوير إبداعي ساهم في صنع فيلم كوري جنوبي ممتع دون شك.
ماذا عنكم أعزائي القراء، هل قمتم بمشاهدة هذا الفيلم؟ ما رأيكم به؟ شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم..
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.