فيلم عمّار.. محاولة متواضعة تلحق بمثيلاتها في أفلام الرعب المصرية
5 د
داخل قاعات السينما تتعلق العيون والعقول بما يدور أمامك على الشاشة، خاصة إذا كان الفيلم مصنوعاً بحرفية ويحمل بين طيات مشاهده العديد من التفاصيل السينمائية التي تجعلك لا تحيد نظرك عن تفاصيله.
وهو ما لم يحدث في الفيلم المصري “عمّار” الذي عرض ضمن فعاليات الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي كعرض أول من خلال عروض “حفلات منتصف الليل”، وهو من إخراج محمود كامل وتأليف أحمد وهيثم الدهان.
فيلم عمار رعب غير مرعب
تسعون دقيقة مدة أحداث الفيلم – المصنف “مجازا” كفيلم رعب – لم نجد ما يشد انتباهنا، بدءا من القصة المعتادة التي قدمت كثيرا وتدور حول أسرة عائدة من إحدى الدول العربية تشتري منزلا جديدا تسكنه الأشباح، مرورا باختيار فتاة في أوائل الثلاثينيات من عمرها لتلعب دور ابنة بطلي الفيلم شريف سلامة وإيمان العاصي لتقدم دور فتاة في المرحلة الثانوية، وتم استعاضة هذا الفارق العمري بتصفيف الشعر على شكل ضفائر!
انتهاء بعدم منطقية الأحداث التي لم تبرر لماذا لم يتراجع شقيق البطلة عن شراء هذا المنزل لشقيقته وزوجها وهو المنوط بتجهيزه قبل عودتهم من الخارج رغم كل ما يتردد من أقاويل حول الأشباح التي تسكن المنزل مثلما قالت الخادمة للزوجة فيما بعد، كما أنها لم تفسر للمشاهد كيف يبيت البطل ليلته في المرسم الخاص بيه في فناء المنزل بعد أن شاهد الشبح ليلا في نفس الليلة التي أصيبت ابنته الصغرى بإغماء أفاقت وهي ترتجف من الخوف؟ وعند الصباح حينما بحثت زوجته عنه لإيقاظه حتى لا يفوته مقابلة العمل المحددة له ويرفض ويقرر عدم الذهاب، فتتصل بأخيها لتطلب منه المجيء لغرابة تصرفات زوجها، والمشهد التالي يجتمعون جميعهم على المائدة لتناول الغذاء مع أخيها وزوجته التي تخبرها بعد الانتهاء من تناول الطعام أن زوجها منذ أسبوع مضى يتصرف بغرابة وعصبية ويعامل أطفالهم بقسوة رغم أنه لم يمر على تغير الأب سوى ساعات الليل!
وتستمر الأحداث بين رؤية أفراد الأسرة للشبح كل على حدة وخاصة الطفلة الصغيرة التي كانت تناديه باسمه، وبين تدهور حالة الأب الذي ظل يمكث معظم وقته وحيدا يرسم أو نائما أو هائما على وجهه تظهر الهالات السوداء بوضوح تحت عينيه ويمسك بزجاجة من الماء يتناولها طيلة الوقت لسبب لم نعلمه، هل هذه ردود فعل الخوف أم أعراض للثمالة والإدمان!
تصل الأحداث لذروتها عندما تحاول الأم استدراج الخادمة لمعرفة سبب رفضها في المبيت بمنزلهما فتجيبها بعد تردد أن هذا المنزل مسكونا، وعلى الجانب الأخر نرى الشبح يسكن الأب فتتغير نظراته من الذبول إلى القسوة ويحاول قتل الخادم غرقا في حمام السباحة وبعد إنقاذه يغادر مع زوجته الخادمة هربا من هذا المنزل.
فتسرع الأم إلى البحث على شبكة الإنترنت للتأكد من رواية الخادمة عن فريق التصوير الذي قُتل بأكمله في المنزل حينما قرروا تصوير بعض المشاهد داخله وينفجر الحاسوب وهي تشاهد المقطع المصور، وإذا صدقت رواية الخادمة وقُتل الفريق عندما قرروا الدخول للمنزل وازعاج ساكنيه، فمن قام بالتصوير أثناء قتل هؤلاء!
تستنجد الزوجة بزوجها بعد ما شاهدته على الإنترنت لتخبره بالحقيقة التي اكتشفتها فتجد لوحة رسمها زوجها بها سيدة وثلاث أطفال مقتولين، فتهرع إلى أطفالها وتجد الأب يحمل سكينا ويتجه إليهم، وبعد عدة مشاهد من مطاردة الأب لزوجته وأطفاله يتمكن من الإمساك بطفلته الصغيرة ممسكا بالسكين حول رقبتها ووسط صراخ الأطفال واستعطاف زوجته نشاهد فلاش باك يدور في عقل البطل لمشاهد سابقة للأب مع ابنته وهو يحتضنها ويحضر لها الهدايا، وفجأة يهدأ الجميع ونرى ما يشبه الدخان في إشارة إلى أن الشبح غادر الأب، فيفلت ابنته ويقع على الأرض ونشاهد شبح الطفل بصورة أوضح مما ظهر بها منذ بداية الفيلم ويسير ممسكا بيد الطفلة فتنادي أمها واخوتها وتدعوهم للخروج خلفا للشبح عمار وتعود الزوجة تسند زوجها رافضة تركه وحيدا ويغادرا المنزل مع أطفالهم في سيارة أخيها الذي اتصلت تستنجد به أثناء مطاردة زوجها لهم، ويغادر الأب والأم والأطفال الثلاث بعد النجاة وينهي الفيلم أحداثه بلقطة للمنزل ترتكز على النافذة يظهر فيها الطفل الشبح ثم تظهر الطفلة الصغيرة في الكادر لتقف بجواره رغم مغادرتها مع أسرتها.
أقرأ أيضًا: بعد قرن من اندلاعها.. أبرز الأفلام التي صورت ويلات الحرب العالمية الأولى
فيلم عمار حبكة غير منطقية
تنتهي الأحداث بدون أن تجيب على التساؤلات المنطقية للفيلم عن ماهية هذا الطفل عمار ومن قتله وكيف قُتل وما سر تلك الطلاسم التي اكتشفتها الأم على جدران الغرفة المظلمة بالمنزل. تساؤلات كثيرة لم نجد إجابة لها ولم يقدم لنا الفيلم مبررها الدرامي، لماذا وقع اختيار الشبح عمار على الأب تحديدا ليسكن إليه ويسيطر على تصرفاته، هل عمار قُتل من أبيه؟ وهل مشاهده الكثيرة نائما تحت سطح الماء يرجع لموته غرقا في حمام السباحة؟ انتهى الفيلم دون أن نعلم!
حتى عند وصول الصراع لذروته لم يجيب صناع العمل عن هذه الأسئلة التي طرحوها في عقل المشاهد منذ بداية الأحداث إنما زاد الصراع بزيادة الصراخ من أفراد الأسرة، وانتهى بدون مبرر ولا أحد يعرف لماذا قرر عمار مغادرة الأب والتراجع عن القتل، هل السبب الثواني المعدودة التي فتحت الأم القرآن وقرأت بعض آياته بصوت غير مسموع من فرط خوفها قبل 10 دقائق من مشهد محاولة قتلهم من الأب! أم أن المؤلف اعتمد أن الجمهور سيقرأ المعوذتين لحرق الشبح ساكن المنزل مثلما فعلت يسرا في فيلم الإنس والجن أو فيلم التعويذة ليحترق العفريت بعد تلاوتها للآيات القرآنية!
ساعة ونصف الساعة لم نر مشاهد مرعبة، فقط شبح طفل يتجول في الغرف، نراه يسبح نائما تحت مياه حمام السباحة، وصراخ الأبطال، وموسيقى مصاحبة للأحداث تخبرنا بعض الشيء أن ثمة رعبا يدور هنا!
مازلنا حتى الآن نسخر من فيلم خط الدم الذي عرض مؤخرا على إحدى المنصات الرقمية بطولة ظافر عابدين ومن قبله فيلم 122 وغيره من المحاولات المتواضعة لصناعة أفلام رعب ولا أعلم متى تتوقف هذه المحاولات البائسة لصناعة فيلم رعب تنتهي بنا لفيلم كارتوني.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.