أفضل أفلام أودري هيبورن؛ فراشة هوليود الفاتنة

لا أعلم من أين ابدأ بالحديث عن اودري هيبورن هل بمسيرتها الفَنيّة التي بدأتها بالفوز بجائزة الأوسكار وأكملتها على هذا المنوال من نجاح لآخر؟ أم عن جمالها النادر الذي جعلها واحدة من أجمل نساء العصر بشهادة الكثير من الاستفتاءات، أم أناقتها البسيطة التي جعلتها أيقونة في عالم الأزياء.

هي كل ذلك وأكثر، فهي كذلك سفيرة نوايا حسنة، عارضة أزياء، تعلمت رقص الباليه وبرعت به، وتحتل المرتبة الثالثة بين أعظم ممثلات هوليود في تاريخ السينما الأمريكية.

وُلدت اودري كاثرين هيبورن في الرابع من مايو عام 1929 بمدينة بروكسل في بلجيكا، طفلة وحيدة لأب مصرفي ووالدة ارستقراطية صاحبة دماء زرقاء هي البارونة إيلا فان هيميسترا، وفي طفولتها افترق والدها عن الأسرة واختارت أودري الصغيرة العيش مع والدتها في هولندا.

انتقلت بعد ذلك إلى بريطانيا لتقيم في مدرسة داخليّة بسبب الحرب العالمية الثانية، قبل أن تعود لهولندا مرة أخرى لتبدأ تعلم الباليه.

فقدت العائلة ثروتها خلال الحرب واضطرت والدتها للعمل كطاهية ومديرة منزل وبدأت هيبورن مسيرتها الفنية عام 1948 بلعب دور مضيفة جويّة في فيلم Dutch in Seven Lessons ثم انتقلت إلى بريطانيا بعد حصولها على منحة لتعلم الباليه مع Ballet Rambert، وبدأت في إعالة نفسها بالعمل كعارضة أزياء.

ثم جاء دورها الثاني في فيلم Monte Carlo Baby عام 1951، وهناك قابلت الروائية كوليت التي قررت أن تقدم لها دور في مسرحية Gigi في برودواي، لتبدأ من هذه المسرحية تسلق سلم النجاح، حيث تلقت الكثير من النقد الجيد وفازت بجائزة  Theatre World Award، لكن الدور الذي مهد لها طريقها في هوليوود وحقق لها سمعة أسطورية كان في فيلم Roman Holiday الذي فازت عنه بجائزة الأوسكار.

فيلم رومانسي كوميدي من إنتاج عام 1953 أطلق أودري للشهرة، وقد كان مخرجه “ويليام وايلر” ينوي وضع اسمها بخط أصغر أسفل اسم بطله جريجوري بيك لكن الأخير نصحه بأن يضع اسمها بجواره بنفس الخط وإلا فإنه سيبدو أحمقاً عندما تظهر نجوميتها الكبيرة بعد عرضه وهذا حدث بالفعل.

والفيلم من تأليف دالتون ترامبو الذي كان في القائمة السوداء لكتاب هوليوود في تلك الفترة لذلك تم عرضه تحت اسم “جون ديتون” حتى تم الكشف عن الحقيقة لاحقاً.

تدور احداث الفيلم حول الأميرة الصغيرة “آنا” التي تعبت وملت من واجباتها ومسئوليتها التي لا تنتهي، وتقرر القيام بمغامرة صغيرة والهرب من الفندق اثناء رحلتها الرسميّة لروما، وتقودها الأحداث حتى تقابل صحفي أمريكي “جريجوري بيك” الذي يتعرف عليها ويأمل في الحصول على سبق صحفي، ليعيشا يوماً خيالياً متجولين في أنحاء روما.

تم تصوير الفيلم بالكامل في روما، وفاز بالعديد من جوائز الأوسكار، هي أفضل ممثلة في دور بطولة اودري هيبورن وأفضل نص وأفضل تصميم أزياء لفيلم بالأبيض والأسود، وترشح لجوائز أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثل في دور مساعد للممثل إيدي ألبرت، أفضل تصوير، وأفضل مونتاج، بالإضافة لفوزه بالعديد من جوائز البافتا والغولدن غلوب وغيرها.

وقد تم اقتباس قصته وتقديمها في فيلم مصري من بطولة عبد الحليم حافظ وزبيدة ثروت باسم يوم من عمري.

بعدها نجاحها الكبير في فيلم Roman Holiday قدمت مرة أخرى اودري هيبورن فيلم رومانسي كوميدي من إخراج بيلي وايلدر وهو مقتبس عن مسرحية بنفس الاسم للكاتب صامويل تايلور، وشاركت هيبورن أدوار البطولة الممثلين همفري بوغارت و ويليام هولدن.

تدور أحداث الفيلم الشهير حول الفتاة الشابة سابرينا التي تعيش مع والدها السائق في قصر عائلة “لاربي” وواقعة في حب الابن الأصغر للعائلة دايفيد، ولكن بعد يأسها من أن يبادلها حبها تترك القصر وتذهب لباريس حيث تتغير حياتها ويتحول مظهرها وترجع مرة أخرى امرأة بالغة الأناقة والأنوثة.

يبدأ دايفيد في التنبه لها، ويكاد يترك خطيبته من أجلها، لكن ولأسباب تتعلق بالاتفاقيات المادية مع والد خطيبة أخيه، يتدخل لاينس الأخ الأكبر ويبدأ في الاستحواذ على انتباه الشابة والتظاهر بحبها، لتقع في حيرة بين الأخين.

كان أداء اودري هيبورن يتميز كالمعتاد بخفة الظل والرشاقة خصيصاً في المشاهد التي جمعتها بويليام هولدن، ولكن ظهر بوضوح عدم التوافق بيها وبين همفري بوغارت الذي كان يشعر بالضيق من النجمة الصغيرة التي تأخذ وقتاً في حفظ جملها.

ومرة أخرى يفوز فيلم لهيبورن بجائزة أوسكار أفضل تصميم أزياء، وقد بدأت في الرسوخ في أذهان الكثيرين كأيقونة للموضة مع الفساتين والملابس الرائعة التي اختارتها بنفسها من Hubert de Givenchy وهي العلاقة التي دامت طويلاً بينهما حيث استعانت لاحقاً ببيت الأزياء هذا ومصممه في الكثير من أعمالها.

وترشح الفيلم لجوائز أوسكار أفضل مخرج، أفضل ممثلة في دور بطولة للممثلة اودري هيبورن ، أفضل ديكور بالأبيض والأسود، وأفضل تصوير بالأبيض والأسود، وتم اقتباس هذا الفيلم عدة مرات، أحدها في التسعينات من بطولة هاريسون فورد، بالإضافة لفيلم مصري باسم “غرام الأسياد”.

فيلم من إنتاج عام 1957 من بطولة اودري هيبورن وغاري كوبر وقد كان الاختيار الثاني لمخرجه بيلي وايلدر بعد الممثل كاري غرانت، وهذا الفيلم أيضاً هو فيلم رومانسي كوميدي وهذه المرة تدور أحداثه في باريس، وهو مقتبس عن رواية Ariane, jeune fille russe.

ومرة أخرى تقدم هيبورن دور الشابة الصغيرة التي تقع في حب رجل أكبر منها عمراً، حيث نتعرف على آريانا الفتاة التي تتعلم عزف الموسيقى وتعيش وحدها مع والدها المحقق الخاص الذي يبحث في قضايا الخيانة الزوجية والعلاقات العاطفية، وتبحث سراً في ملفاته لتجد فيها الإثارة التي تفتقدها بحياتها، ومن خلال هذه الملفات تتعرف على الثري الأمريكي ذو العلاقات المتعددة فرانك فلانجان.

وعندما تعرف أن واحد من زبائن والدها ينوي قتله بعد إقامته علاقة مع زوجته تذهب بنفسها لتمنع الجريمة، وتقابله لأول مرة، وتوهمه بانها امرأة ذات علاقات متشعبة مثله ولها عشاق كثر، ويتقابلان عند زيارته لباريس بعد الظهر بصورة يومية.

بالإضافة للأداء الرائع لكل من النجمين فقد كان بطل الفيلم الثالث هو الموسيقى، التي شاركت في العديد من المشاهد بصورة فعالة ولا يمكن أن ينسى المُشاهد معزوفات مثل موسيقى الغجر Underscore والأغاني الثلاثة التي كتبها بول وايتمان وعلى رأسها Fascination التي كان لها دور كبير في الأحداث.

أيضاً عام 1957 ومُشاهدي الفيلم لن ينسوا الصورة الأيقونية للممثلة اودري هيبورن وهي مرتدية السروال والبلوزة من اللون الأسود وترقص برشاقة شديدة في النادي الثقافي.

وهو فيلم رومانسي كوميدي غنائي من إخراج ستانلي دونين ومقبس عن مسرحية موسيقية تم تقديمها في برودواي عام 1927 وقام ببطولة كل من المسرحية والفيلم فريد آستير، وتدور أحداثه في عالم الموضة، حيث مجلة Quality الشهيرة ورئيسة تحريرها ماجي بريسكوت ومصورها ديك أفري اللذان تأخذهما الصدفة ورغبتهما في التصوير في مكان غريب إلى مكتبة صغيرة تعمل بها فتاة متواضعة هي جو ستوكتون.

يرى المصور في جو المظهر الذين يبحثون عنهم للعدد الجديد، ويغريها بالسفر لباريس والعمل مع المجلة مقابل التقائها مع الفيلسوف الفرنسي فلوستر، وهنالك تتغير حياة الجميع.

تم تقديم أربعة أغنيات فقط من أصل أغاني المسرحية، وشاركت هيبورن في الأغاني بصوتها، وكذلك استغلت مهارتها السابقة كراقصة في رقصات بارعة مع فريد آستير، وقد كان آستير يكبر هيبورن بثلاثين عام، وهو آخر أفلامه الموسيقية، والتقط المصور “ريتشارد آفيدون” الصورة الشهيرة لأودري التي تظهر بها ملامح وجهها فقط دون الإطار الخارجي بالأبيض والأسود.

صنعت اودري هيبورن من هذا الفيلم وشخصية “هولي غولايلتي” العديد من العلامات التي لا تنسى سواء في تاريخ السينما أو في تاريخ الأزياء والأناقة، وأكثر ما يتذكره المُشاهدون في الفيلم هو صورة أودري وهي مرتدية الفستان الأسود المصمم خصيصاً لها من بيت أزياء Givenchy ونظارتها الشمسية الداكنة وبيدها ماسك السيجارة الطويل، مع تسريحة الشعر العالية الشهيرة.

عرض الفيلم عام 1961 وشاركها البطولة جورج بيبارد وأخرجه بلاك إدواردز ومقتبس عن رواية قصيرة للكاتب الأمريكي ترومان كابوتي ولكن تم تغيير بعض التفاصيل من الرواية حتى يكون ملائماً للشاشة الكبيرة خصيصاً في شخصية هولي وماضيها.

تدور أحداث الفيلم حول هولي المرأة الشابة التي تعيش في نيويورك حياة بوهيمية أنيقة، تعتمد على طرق غريبة في كسب رزقها وعندما تشعر بالاكتئاب يكون علاجها الأمثل هو تناول الإفطار أمام متجر تيفاني للمجوهرات، وتتقاطع طرقها مع كاتب قصص يسكن أسفلها، يقع في حبها ولكن شخصيتها الغريبة تجبرها على الجري وراء الأحلام.

يعتبر هذا الدور من أصعب ما قدمت أودري هيبورن وقد ظهر به نضجها الفَنّي بعد تخليها عن دور الفتاة الصغيرة الجذابة، وترشحت عنه لجائزة الأوسكار، وكذلك فاز الفيلم بجوائز أفضل فيلم، وأفضل أغنية أصليّة، وترشح لجوائز أفضل نص أصلي، وأفضل ديكور.

قيل عن هذا الفيلم “أفضل فيلم لهيتشكوك لم يقم بإخراجه” إشارة إلى نوعية الفيلم التي تميل إلى الإثارة والمطاردات التي برع بها المخرج العبقري، وهو كذلك فيلم كوميدي رومانسي، وشارك اودري هيبورن البطولة كاري غرانت الذي كان يكبرها ب 25 عام، ما جعله يعترض على المشاهد العاطفية في الفيلم وأصر على إدخال بعض الجمل التي تظهر اعتراضه هذا في الحوار.

وتبدأ الأحداث بالمرأة المتزوجة “ريجي| في عطلة وتقرر خلالها الطلاق من زوجها تشارلي، وتقابل هناك صدفة الأمريكي بيتر جوشوا، وعندما تعود لباريس تجد شقتها خالية تماماً، وتعرف أن زوجها قُتل اثناء هربه إلى سويسرا ولم يبقى من ثروتهما سوى حقيبة صغيرة تحتوي على العديد من الهويات الخاصة به ما يدل على ماضيه الذي لا تعرف عنه شيئاً واغراض شخصية بسيطة.

وفي الجنازة الخاصة بزوجها لا يحضر سوى ثلاث أشخاص مريبي الشكل، تعرف بعد ذلك إنهما شركاء زوجها في جريمة سرقة حدثت خلال الحرب العالمية الثانية التي لم يقتسم بها زوجها الغنيمة مع شركائه، الذين يأتون من الماضي ليحصلوا على الثروة المفقودة، ويساعدها خلال هذه المغامرة العصيبة بيتر جوشوا التي تكتشف أيضاً الكثير من المعلومات الخفيّة عنه، وترشح الفيلم لجائزة أوسكار واحدة هي أفضل أغنية أصليّة.

فيلم رومانسي كوميدي عرض عام 1964 وقد صورته اودري هيبورن في الصيف، وبعده في الخريف بدأت في تصوير فيلم Charade، والاثنان تم تصويرهما في باريس وفي ذات الأماكن تقريباً، لكن تم عرض Charade قبل Paris When It Sizzles لأسباب إنتاجية.

وقد استغلت شركة Paramount الشروط في عقودها مع كل من اودري هيبورن وويليام هولدن للضغط عليهما للإشتراك في الفيلم، وكان الممثلين قد اجتمعا سابقاً في فيلم Sabrina وكانا على علاقة قوية انتهت بالانفصال، وعانى هولدن قبل تمثيل الفيلم من الإدمان على الكحول، الأمر الذي جعل فترة قبل التصوير عصيبة للغاية عليه.

تدور أحداث الفيلم في باريس، حيث يقيم الكاتب ريتشارد بينسون في فندق ليكتب قصة فيلمه القادم تحت ضغط المنتج، ولكن يعوزه الإلهام، ويضطر لتسليم النص بعد يومين، لذلك يستأجر كاتبة على الآلة الكاتبة هي غابرييل سيمبسون، ويبدآن في كتابة فيلم هزلي هما بطلاه، ويتشابك الواقع مع الخيال ليقعا في الحب في كلا الحالتين، الفيلم قد لا يكون أعظم أدوار هيبورن وهولدن، لكنه ممتع للغاية، ومبهج من الناحية البصرية.

المسرحية الشهيرة التي تم اقتباسها مرات كثيرة أشهرها هذا الفيلم الموسيقي من بطولة اودري هيبورن وريكس هاريسون وفاز بثمانية جوائز أوسكار هي أفضل فيلم وأفضل مخرج، وأفضل ممثل في دور بطولة، أفضل تصوير، وأفضل صوت وأفضل موسيقى، وأفضل ديكور وأفضل تصميم أزياء، وترشح لجوائز، أفضل نص مقتبس، أفضل تحرير، أفضل ممثل في دور مساعد “ستانلي هولواي” وأفضل ممثلة في دور مساعد “غلاديس كوبر”.

تدور الأحداث حول إليزا دولتيل بائعة الزهور الفقيرة التي تقابل البروفيسور هنري الذي يؤمن أن طريقة الكلام واللكنة هي التي تحدد مكانة الشخص الاجتماعية ويقرر أن يتخذ الفتاة محلاً لتجاربه ليقدمها بعد ذلك في المجتمع الراقي بحفلة السفارة.

شارك هيبورن بطولة فيلم How to Steal a Million بيتر أوتول، وتدور أحداثه في باريس على الرغم من أن الحوار بالكامل باللغة الإنجليزية واختارت أودري ملابسها Hيضاً من Givenchy .

تدور أحداث الفيلم حول الرسام تشارليز بونيت الذي يحترف إعادة رسم اللوحات الأصليّة وبيعها على أنها كذلك، وفي إحدى المرات يقرر إهداء المتحف تمثال غير أصلي نحته والده، وبعد ذلك يكتشف مع ابنته نيكول إنه سيتم إخضاعه للعديد من الفحوصات مما يهدد سره بالانكشاف فتقرر ابنته أن تسرقه بنفسها لتنقذ والدها من الفضيحة، ويدخل حياتها في تلك اللحظة سيمون ديرموت الذي تظنه سارق للتحف فتطلب منه المساعدة.

عام 1967 يعتبر عام النضوج في مسيرة اودري هيبورن حيث قدمت فيلمين مثلت فيهما أعظم أدوراها من وجهة نظري وهما Wait Until Dark و Two for the Roads ، وترشحت عن الفيلم الأول لجائزة الأوسكار وكادت أن تترشح عن الثاني كذلك.

وفيلم Wait Until Dark من بطولة الآن آركين وإخراج تيرينس يونج ويعتبر فيلم إثارة، وقدمت فيه اودري شخصية سوسي المرأة التي أصيبت بالعمى بعد حادث سيارة والتي على سبيل الصدفة يأخذ زوجها لعبة من سيدة في المطار تحتوي على مخدرات، ويرغب مجموعة من المجرمين في هذه المخدرات وتختفي اللعبة، ويستعينوا بنصابين في حبك مسرحية على سيدة المنزل العمياء ليجبروها على إعلامهم بمكان المخدرات، وعندما تنكشف الحقيقة تتحول المسرحية إلى رعب حقيقي.

أجادت أودري لعب دور العمياء ذات المهارات الفائقة، التي تستخدم حواسها وذكائها في إنقاذ نفسها من أيدي المجرمين، وأضافت للفيلم الكثير وجعلته من أهم 100 فيلم إثارة في تاريخ السينما.

وإلى هنا ينته حديثي عن الجميلة اودري هيبورن التي أحببت كل أدوراها بوجوهها المختلفة، سواء لعبت دور الفتاة الشابة الرقيقة التي تقع في الحب، أو المرأة المتهورة، أو المرأة العمياء التي تتورط مع تجار المخدرات، أو الشابة التي تنقذ والدها من الفضيحة أو الزوجة التي تعاني من حياة زوجيّة عصيبة، ففي كل أدوراها هذه كانت مبدعة، فنانة وفراشة فاتنة.