لماذا أنميشن Avatar: The Last Airbender هو أفضل مسلسل رسوم متحركة في التاريخ؟
5 د
في البداية لا يمكننا الحديث عن أنمي Avatar: The Last Airbender وكأنّه عملٌ عادي، فهو ليس مجرد عمل ترفيهي فحسب، بل أكبر من ذلك بكثير … إنّه سلسلة تمس شغاف قلبك وتلمس فيه أوتاره الحساسة، قدمت دراما فانتازية عظيمة ليس لها مثيل وحبكة عميقة مكتملة الأركان.
ببساطة إنّه شيء لم نرَ له أي مثيل من قبل، يجعلنا نتذكره ونقارنه مع أعمال ملكت نفس الخصائص النادرة التي وفرت لها قاعدة جماهيرية لا نهائية، أعمال مثل: Lord Of The Rings و Harry Potter، والسبب الوحيد الذي حرم Avatar من قاعدة جماهيرية مماثلة هو أنّه كرتون لم يفز بفريق جدير قادر على تحويله إلى ملحمة سينمائية … ودعونا نوضح في ثنايا هذا التقرير لماذا هذه المقدمة الحماسية؟!
مسلسل Avatar: The Last Airbender قدم لنا أكثر مما ستعتقده في أول وهلة، وأكثر مما بكثير مما ستلتفت إليه أثناء مشاهدتك الأولى له … عالم مستلهم من الثقافات الآسيوية الغنية بالأساطير المذهلة، وفيه أبطال مذهلين بكل المقاييس، بالإضافة لأكشن مذهل حابس للأنفاس، آركات تستمر فقط لتصبح أفضل فأفضل، وأيضًا … أنيمشن من أفضل ما تم تقديمه في وقته وحتى بعد وقته، وإذا تأملت في الجزء الثاني منه (Legend of Korra )، رغم عدم حبي له، فستجد بعض حلقاته قدمت جودة رفيعة تجعله صالحًا للعرض في أعرق صالات السينما، وإذا نظرنا في عمق القصة، نجدها صُممت لتتحدث إلى الأطفال، ولكن مهلًا … فهي لا تتحدث إليهم من أعلى، فمبدعي القصة عاملوا الجميع باحترام كامل سواءً الأبطال أو المشاهد، وأيًا كان عمرك 10، 15، 30 أو حتى 50 عامًا فستشاهد وتبقى ساكنًا على حافة مقعدك مصغيًا بكل انتباه.
أفاتار هو سلسلة تتمحور حول عدد من الأبطال الصغار للغاية يقاتلون في حرب بدت وكأنّ لا نهاية لها، عازمون على وضع حد لهذا الصراع مرة واحدة وإلى الأبد، وأصغر عضو فيهم هو أفاتار آنج ” Aang ” ذو الاثني عشر ربيعًا الذي يُعد السلاح النهائي ضد قادة أمة النار المعتدين في هذه الحرب الشرسة.
وأصدقائه المخلصين هم كاتارا ” Katara ” وساكا ” Sokka ” من أمة الماء وتوف ” Toph ” من أمة الأرض، ومع أصدقاء آخرين ارتحلوا جميعًا في أنحاء العالم ليساعدوا آنج حتى يتقن جميع المهارات والقدرات الضرورية ليضع حدًا لهذه الحرب، ورغم محدودية الوقت المتاح لهم فإنّهم عزموا على تحقيق المستحيل.
لكن السلسلة أكبر بكثير من سعي أفاتار آنج لتكديس القوى الضرورية لحربه العادلة، فعلى مدار الرحلة يقوم أصدقاؤنا بتحرير القرى وردع الانتهاكات والوقوف في وجه الفساد … المعارك التي خاضوها لا تصدق! والحروب الداخلية التي خاضوها ضد أنفسهم كانت أعظم بكثير.
تدور قصة “Avatar: The Last Airbender” في عالم تعيش فيه أربع أمم هي (أمة النار وأمة الهواء وأمة المياه وأمة الأرض) كل أمة منهم قادرة على تسخير عنصر من عناصر الطبيعة، ويولد الأفاتار ليوازن بين هذه الأمم عبر قدرته على تسخير الأربعة عناصر، ويتنقل الأفاتار منذ فجر التاريخ بين هذه الأمم، كلما مات أفاتار من أمة يولد الأفاتار الجديد في الأمة التي تليها.
عبر ثلاثة مواسم (أو ثلاثة كتب) أصدقاؤنا كان عليهم أن يتأقلموا مع فقدان الأهل والأصدقاء … أن يتأقلموا مع جرائِم نكراء تُرتكب في حقهم ضاربة عرض الحائط بطفواتهم البريئة، باحثين عن لمحة أمل تُنتزع من بين أنياب الهزيمة، يخسرون المعركة تلو الأخرى، يعانون عواقب التهور، يعلمونك الرغبة في التضحية طمعًا في النصر، معظم الشخصيات خارقين كبشر ورغم ذلك ظلوا معرضين للأذية، يمكن أن ينزفوا … يمكن أن يموتوا!
لغة الأنمي تم ترقيقها وكانت بلا خدش للحياء لتناسب أقل شريحة عمرية ممكنة، لكن صُنّاع أفاتار لم يمكنهم التنازل أكثر من ذلك، فواقع بعض الشخصيات كان مفجعًا ومأساويًا، وحتى الأشرار كان لهم عمق كاف وحافز مريع أدى بهم لما صاروا عليه، فكانوا أكثر خطورة، لكن الأمر بالطبع لم يقتصر على الموت والكآبة والخطوب المدلهمة، فأفاتار وازن ذلك بالقلوب الطيبة والصداقات المبهجة وبعض المغامرات الساذجة لتلطيف الأجواء رغم واقع الحرب والدمار!!
ومن بين أسباب فشل الفيلم الحي الكريه السخيف المقتبس من الكارتون؛ أنّه من بين جميع شخصياته لم يكن هناك واحد مرح، أمّا في الكارتون فعلى الرغم من الكآبة التي تبعثها الحرب، وبالرغم من طغيان قادة أمة النار، ومكر قادة أمة الأرض، وتشرد أمة الماء وانقراض أمة الهواء الموشك، فقد كان جميع الأطفال مرحين بقدر كافٍ وتركوا لأنفسهم العنان لينهاروا من شدة الضحك، وخصوصًا في بداية العرض، فقد سمحوا لأنفسهم بخوض رحلات ساذجة لا تتفق وهدفهم النهائي، وهذا كان جيدًا … جيدًا بحق، فهم كانوا أطفالًا في النهاية.
أستطيع الجزم بأنّ أفاتار حاز على أفضل حلقات filler من بين جميع سلاسل الرسوم المتحركة، لا يوجد حلقة واحدة تم إهدارها، وحتى مع كوننا بعدنا عن الحبكة الأساسية فقد عرفنا المزيد عن شخصياتنا واقتربنا منهم أكثر، وعلمنا أكثر عن ذلك العالم الغريب، عالم الأربع أمم … أمة النار وأمة الهواء وأمة المياه وأمة الأرض، وعلمنا الكثير عن تاريخه الثري الذي يمتد لآلاف السنين، وفي الأخير فحلقات الفيلم هذه ساعدت المسلسل كثيرًا في تطوير حس منطقي لخطه الزمني، وعن طريقها فهمنا كم هو عريق ذلك العالم الذي تدور فيه الأحداث.
ولا يزال هناك الكثير … بدون حرق لأحداث، فهذا المسلسل كان يعج بالمآسي والخداع والغش والتحالفات الغير موثوقة، والانقلابات والدعايا الإعلامية الكاذبة والتربح من وراء الحروب واستغلال الكوارث والقهر والاستعباد، وإرغام الشعوب على الصمت، هناك الكثير من العمق ما يكاد يكون لا نهائيًا هذه السلسلة، ولا أريد قول المزيد حتى لا أخوض في الأحداث رغمًا عني.
أفاتار فعل أيضًا ما لا تفعله معظم العروض، أو بالأحرى لا تستطيع أن تفعله، فقد بدأ بآرك تمهيدي ممتاز وانتهى بآرك في الصميم، لا شيء أقل، لا شيء أكثر، لا حشو، لا شيء مفقود، لا شيء في مكان غير مكانه المناسب، وانتهى نهاية تعادل كل نهاية مذهلة وعظيمة شاهدتها من قبل، ويعوضك بل يجعلك تنسى كل نهاية خائبة ومحبطة تعثرت بها في طريق الأنمي والكارتون … بل والمسلسلات والأفلام، ثم انتهى بأربع حلقات أسطورية بكل المقاييس … أربع حلقات كافية لتوزن بواحد من أعظم الأفلام في التاريخ فترجح كفتها.
أخيرًا فهذه المراجعة خرجت عن الخطة المرسومة لها بغير إرادة مني، وانتهت نهاية لم أكن أتوقعها عند بدايتها، لذلك فربما نكتب تقريرًا آخر يهتم أكثر بالتفاصيل الفنية الملموسة فيما بعد … شكرًا على صبرك إن كنت وصلت ها هنا.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.