أفضل المخرجين الذين تركوا بصمة لا تُنسى في عالم السينما

منذ ظهور السينما في نهاية القرن التاسع عشر، مر على التاريخ عدد كبير جدًا من المخرجين الذين قدموا للعالم أفلامًا تراوحت قيمتها الفنية بين الشيء الجيد والممتاز، حاولوا من خلالها إيصال رؤيتهم للعالم من خلال أعمال فنية أصيلة، أو أعمال سينمائية تجارية تهدف إلى جذب أكبر عدد من المتفرجين لجمع أكبر قدر ممكن من المال، وفي وسط كل هؤلاء المخرجين، نجد أسماء لمعت دون غيرها، تمكنت من قلب موازين السينما بإدخال أبجديات جديدة إلى الفن السابع وتسببت في خلق موجات فنية لم يكن لها وجود من قبل، وآخرون استطاعوا التميز بتفردهم واختلافهم عن كل التيارات المتواجدة ليرسموا طريقا ولونًا خاصا بهم.

في هذا المقال، سنتعرف معًا على أفضل المخرجين الذين مروا في تاريخ السينما، والذين أبدعوا وقدموا للعالم أعمالًا بقيت وستبقى خالدة في الأذهان.

ولد المخرج البريطاني ألفريد جوزيف هيتشكوك في الثالث عشر من أغسطس من سنة 1899 بلندن داخل عائلة كاثوليكية صارمة، درس الجرافيك في سنة مبكرة وعمل في مجال الإشهار، وفي تلك الفترة بدأ اهتمامه بالسينما بالظهور، ومن حسن حظ ألفريد أنه لم يضطر للانتظار طويلًا واستطاع دخول المجال بالفعل عندما كان لا يزال في الواحدة والعشرين من عمره بعد أن ساعده أحد زملائه في العمل والذي كان يعمل كممثل مبتدأ، حيث اشتغل في شركة Paramount الشهيرة كمصمم لجرافيك الأفلام الصامتة والحوارات المكتوبة بين المشهد والآخر، ولم تمر سوى سنتين حتى كان هيتشكوك يعمل كمساعد للإخراج.

عرف هيتشكوك النجاح سريعًا في مجال السينما الصامتة ثم في بداية ظهور السينما الناطقة وأصبح معروفًا كأفضل مخرج في انجلترا، ليقرر في سنة 1939 وقبل بداية الحرب العالمية الثانية بقليل، أن يغادر بلاده ليتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي حصل على جنسيتها في سنة 1955، وتحديدًا إلى هوليوود ليستمر في تحقيق حلمه.

استمر ألفريد هيتشكوك في المجال لأكثر من ستين سنة، أخرج خلالها ثلاثة وخمسين فيلمًا طويلًا، من بينها أفلام يتم اعتبارها كواحدة من أهم الأعمال السينمائية على الإطلاق، وذلك لنجاحها الهائل الذي لقيته، أو للوقع الإيجابي الكبير الذي خلفته عند النقاد، أو للمسة هيتشكوك الفريدة التي أثرت بشكل كبير جدًا على السينما العصرية باعتباره “ملك الإثارة والتشويق” وأحد أهم مشكلي أبجديات هذا النوع من الأفلام باستعماله للقطات تحفز لدى المشاهد مشاعر الخوف، القلق، التوتر والتعاطف مع الشخصيات، بالإضافة إلى مجريات الأحداث الخادعة للمشاهد والنهايات غير المتوقعة لأفلامه.

نذكر من بين أهم أفلام هيتشكوك:

يعتبر أكيرا كوروساوا أشهر المخرجين اليابانيين وأكثرهم تأثيرا على الفن السابع على الإطلاق، أمضى 57 سنة في المجال، أخرج فيها أكثر من 30 فيلمًا.

ولد العبقري الياباني كوروساوا في الثالث والعشرين من مارس سنة 1910 بطوكيو التي فارق بها الحياة كذلك سنة 1998، وكهيتشكوك، وجد فرصة تعلم الإخراج عندما كان لا يزال في العشرينات من عمره، حيث عمل كذلك كمساعد مخرج.

أخرج أكيرا عمله الأول Judo Saga عندما كان في الثالثة والثلاثين من عمره وتحديدًا خلال الحرب العالمية الثانية سنة 1943، وبعد سنوات قليلة فقط كان كوراساوا قد ضمن لنفسه سمعة جيدة داخل الوسط الفني، والتي تم تتويجها بفيلمه Rashomon الذي يعتبر حاليًا أحد أفضل الأفلام على الإطلاق، وقد تم تتويجه حينها بجائزة الأسد الذهبي بمهرجان البندقية السينمائي سنة 1951، بالإضافة إلى فوزه بجائزة الأوسكار الشرفية في نفس السنة، وقد شكل هذا الفيلم نقلة نوعية للسينما اليابانية انتشرت على أثرها في أوروبا وأمريكا الشمالية، إضافة إلى ذلك، يعود له الفضل في شهرة مجموعة من الممثلين اليابانيين على المستوى العالمي، على رأسهم النجم توشيرو ميفوني الذي شارك في 16 فيلمًا من إخراج أكيرا كوروساوا.

من أهم أفلامه نذكر:

ولد مُبدع ثلاثية The Godfather أو “العراب” في السابع من أبريل سنة 1939 بميشيغن بالولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ مسيرته بإخراج وكتابة عدة أفلام ذات الإنتاج المحدود كان أولها فيلم Tonight for sure سنة 1962 ثم إلى كتابة سيناريوهات بعض أفلام الإنتاج الضخم والتي كان أبرزها الفيلم الفرنسي Paris Brûle-t-il سنة 1966، ولم تبدأ الإنطلاقة الإخراجية الفعلية إلا بعد فيلم The Godfather سنة 1972 الذي فاز بتسع جوائز عالمية أهمها جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو مقتبس بالإضافة إلى ترشحه لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج.

وقد حاز المخرج الأمريكي كوبولا خلال مسيرته على خمس جوائز أوسكار بالإضافة إلى فوزه مرتين بجائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي الدولي.

من أهم أفلام فرانسيس فورد كابولا نذكر:

أحد أفضل المخرجين على الإطلاق وأكثرهم تأثيرًا على صناعة السينما، عرف كيوبيرك بتنوعه الكبير جدًا في أفلامه حيث أخرج أفلامًا من كل الأنواع تقريبًا بداية من الرعب ووصولًا إلى الكوميديا السوداء، تعرف أفلامه بكونها مقتبسة في الغالب من روايات أو قصص قصيرة، بالإضافة إلى واقعيتها، واستعمال الموسيقى التصويرية بها كأداة رئيسية، حيث أن أفلام كيوبيرك عادة تحمل أجمل المقطوعات الموسيقية على الإطلاق، وقد ولد كيوبيرك في السادس والعشرين من يوليو سنة 1928 وبدأ حياته العملية كمصور فوتوغرافي لمجلة Look الأمريكية قبل أن ينتقل للإخراج في بداية الخمسينات.

أغلب أفلام كيوبيرك تم ترشيحها لجوائز الأوسكار أو الغولدن جلوب أو البافتا، وقد أخرج خلال مسيرته التي دامت أكثر من أربعين سنة ثلاثة عشر فيلمًا من ضمنها 7 في تصنيف موقع IMDB لأفضل 250 فيلمًا على الإطلاق، و4 أفلام ضمن تصنيف المعهد الأمريكي للسينما لأفضل مائة فيلم على الإطلاق وهي:

ولد مارتن ماركانطونيو لوسيانو سكورسيزي في السابع عشر من نوفبر سنة 1942 من أبوين إيطاليين، وترعرع في حي “ليتل إيطالي” بمنهاتن الذي تم ذكره في العديد من أفلامه التي تطرقت إلى الهوية الإيطالية – الأمريكية، وهو الموضوع الذي يطغى على معظم أفلامه التي تتميز شخصياتها بقوة الشخصية وبالمكانة الاجتماعية العالية وطريقة الحديث الحذقة والمميزة، بالإضافة إلى التطرق إلى مواضيع أخرى كمبادئ الكاثوليكية وما يصاحبها من التفريق بين الأفعال السيئة والجيدة، الشعور بالذنب، العقاب ،الرجولة، العنف ومواضيع عديدة أخرى تم التطرق إليها لأكثر من مرة في أفلامه، كما يعرف مارتن بتعاونه المتكرر مع الرائع روبيرت دي نيرو في مجموعة من الأفلام التي تعتبر من أروع الكلاسيكيات في هوليوود.

حاز سكورسيزي خلال مسيرته على جوائز عديدة من بينها جائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان بفرنسا وجائزة الأوسكار لأفضل مخرج عن فيلم The Departed والتي حاز عليها أخيرًا بعد 6 ترشيحات سابقة.

من أفضل أفلامه نذكر:

ننتقل من مخرج الأفلام الواقعية إلى ملك السريالية، حيث يعرف لينش بأفلامه البعيدة عن الواقع والتي تشبه الأحلام (أو بالأحرى الكوابيس) بشكل كبير، حيث يطغو عليها طابع العنف والسوداوية واللامنطقية وتعرف بكونها مزعجة جدا للجمهور وتحديا وقحًا له، ومع ذلك فإن أعماله تلقى إقبالًا كبيرًا لما تحمله من اختلاف ومتعة.

ترشح لينش 3 مرات لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج بالإضافة إلى فوزه بعدة جوائز بمهرجان كان الدولي السينمائي وفوزه بجائزة الدب الذهبي الشرفية بمهرجان البندقية السينمائي.

وقد ولد لينش في العشرين من يناير سنة 1946 ودخل المجال السينمائي في سن العشرين أي في سنة 1966 أخرج لنا بعدها عدة أفلام قصيرة بالإضافة إلى 10 أفلام طويلة لقيت نجاحًا كبيرًا.

أهم أعماله:

ولد ستيفن آلان سبيلبرغ في الثامن عشر من ديسمبر سنة 1946، ويعتبر أحد أهم المخرجين على الإطلاق فيما يسمى بجيل هوليوود الثاني الذي بدأ منذ السبعينات، أخرج عددًا من الأفلام التي استطاعت أن تحطم الأرقام القياسية التاريخية في شباك التذاكر، مع الحفاظ على المتعة والقيمة الفنية لهذه الأعمال السينمائية، وقد سمي بـ “ملك المتعة” لما تمتاز به أفلامه من مواضيع وقصص مسلية وجاذبة للجمهور.

وقد حاز خلال مسيرته على 3 جوائز أوسكار، بينما وصلت إيرادات أفلامه مجتمعة إلى أكثر من 4 مليارات دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وما يقارب 10 مليارات دولار في العالم كله، ليكون بذلك المخرج الأكثر تحقيقًا للنجاح المادي والإيرادات في التاريخ.

من بين أهم أفلامه نذكر:

إذا قلنا عن هيتشكوك أنه ملك التشويق ولينش ملك السريالية وسبيلبرغ ملك المتعة فإن وودي آلان سيستحق التربع على عرش الكوميديا الرومانسية بامتياز.

ولد آلان ستيورت كونيجزبرج في فاتح ديسمبر من سنة 1935 في نيويورك، ويعتبر أحد أشهر المخرجين الأمريكيين على الإطلاق وأكثرهم إنتاجًا، حيث ينتج وودي آلان أفلامه بمعدل فيلم كل سنة منذ السبعينات وهي الفترة التي عرف فيها قمة مجده وشعبيته، وتندرج أغلب أفلامه في خانة الأفلام الكوميدية التي يغلب عليها الطابع التحليلي النفسي، بالإضافة إلى تطرقها في أغلب الأحيان إلى الثقافة اليهودية والمجتمع اليهودي كجزء من القصة وضمن مجرى الأحداث.

حاز وودي آلان على جوائز عديدة جدًا منذ بداية مسيرته من بينها 4 جوائز أوسكار لأفضل ممثل، و3 جوائز أوسكار لأفضل سيناريو، علما أنه ترشح لهذه الجائزة الاخيرة 16 مرة!

من أفضل أفلامه:

أحد أفضل المخرجين في الخمس وعشرين سنة الأخيرة وأكثرهم إبداعًا وتفردًا، حيث يمثل تارانتينو المعنى الحقيقي لـ “فنان” بدل “صانع أفلام”، فكل فيلم من أفلامه هو لوحة فنية خاصة منفردة ومختلفة عن غيرها تحمل رؤية خاصة وإن تشابهت أفلامه في نقاط معينة كالحوار السريع والممتع، الموسيقى التصويرية الفريدة بالإضافة إلى كونها “دموية أكثر من اللازم”، وبالتالي فإن تارانتينو يمثل دون شك النموذج المثالي للمخرج المستقل الناجح.

ولد كوينتين جيروم تارانتينو في السابع والعشرين من مارس سنة 1963، وبدأ مسيرته الإخراجية سنة 1992 بفيلمه المستقل Reservoir Dogs الذي لقي نجاحا كبيرًا بدأت معه شهرة تارانتينو التي ازدادت وتطورت مع ظهور فيلمه الثاني Pulp Fiction سنة 1994 والذي فاز عنه بجائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا وجائزة الأوسكار لأحسن نص أصلي، وهي نفس الجائزة التي حاز عليها مرة ثانية سنة 2013 عن فيلمه Django unchained.

من أفضل أفلامه:

لم استطع إنهاء هذا المقال دون ذكر هذا العبقري وان كان حديثًا جدا بالنسبة لبقية الأسماء في هذه اللائحة، إلا إنه يستحق وبجدارة أن يتواجد بينهم لما قدم لعالم السينما من إبداعات خالصة منذ فيلمه الأول سنة 1998 Following الذي عرف به أول مرة، ثم رائعة Memento التي أكسبته شعبية كبيرة جدًا، مرورا بأفلامه الناجحة الواحد تلو الآخر والتي كان آخر ما شهدنا منها فيلم Interstellar.

استطاعت أفلام نولان التسعة مجتمعة حصد أكثر من 4 مليارات دولار، بالإضافة إلى حيازتها على 26 ترشيحا للأوسكار، حصلت منها على 7 جوائز.

من أفضل أفلامه: