أفضل مسلسلات شبكة STARZ صاحبة ملحمة Spartacus

قدمنا من قبل تجميعًا لأفضل أعمال Showtime، كما جمعنا سلاسل HBO القصيرة التي على رأسها مسلسل “Chernobyl” البديع، والآن نتحدث عن شبكة أمريكية ثالثة مدفوعة الخدمات هي STARZ التي تنافس الشبكتين الكبيرتين المذكورتين بأعمال شديدة القوة تبلغ ذروة النجاح من حين إلى آخر. في الأعوام الأخيرة بالذات تطورت الشبكة ووسعت مدى إنتاجها ومشاركاتها في شتى التصنيفات التلفزيونية، وقد انعكس هذا على انتشارها وعدد مشتركيها بوضوح.

أهم أعمال STARZ مسلسل “Spartacus” بفرعيه؛ المسلسل الأصلي الذي امتد بين عامي 2010 و2013 والسلسلة القصيرة الصادرة سنة 2011، وإن كان أكثر المشاهدين يعدونهما مسلسلًا واحدًا. كلاهما مرتفع التقييم واقع على قائمة IMDB للمسلسلات الأعلى تقييمًا وكلاهما ملحمي إلى حد لا يمكن نسيانه، وقد ظلا متاحين على نتفليكس حتى سحبتهما ستارز بداية عامنا الجاري. إنما نذكرهما لأن الشبكات تقاس بإنجازاتها، وفي هذه الجرعة الاختبارية إيحاء بأن التوغل في إنتاجاتها يسفر عن مغانم كثيرة.

سأحاول أن يكون مجموع الترشيحات متراوحًا بين شتى التصنيفات متنوعًا بين القديم والجديد بل وبين دول الإنتاج، فإن شبكتنا قد عُرفت أحيانًا بالمسلسلات البريطانية التي أحمل لها مكانة خاصة. إذًا أكتفي بهذا القدر من التمهيد وأنتقل إلى القائمة التي آمل أن تجد فيها طيبًا كثيرًا كما وجدت أنا.

كيف تعرف المسلسل الاستثنائي؟ يمكنك الاستدلال بترشيحات الجوائز أو الشعبية أو تقييمات المواقع العالمية الجماهيرية والنقدية، ويمكنك -كما أنصح الآن- النظر إلى أقل مواسمه. فإن أدنى مواسم العمل الاستثنائي يفوق أقوى مواسم أعمال التسلية العادية، وهو ما ينطبق تمامًا على هذا المسلسل المذهل الذي قررت افتتاح القائمة به.

قراصنة وبحر وأجواء تاريخية سياسية ثورية، وبحث عن كنز ومؤامرات وصراعات وتحالفات وشخصيات امتزج في تكوينها الخير والشر، مع مسحة من “Game of Thrones” حتى إن من المشاهدين من ينصح كل مشتاق إلى المسلسل المنتهي حديثًا بمسلسلنا هذا. هو بلا شك على رأس نوعه الذي لا يحتوي -في التلفزيون بالذات- على منافسة قوية؛ أعني نوع مسلسلات السفن والقراصنة.

الموسم الأول هو أقل مواسمه، ولا يعني هذا ضعفه بل كونه لا يهيئ نفسك لما يتلوه من عظائم، خاصة مع استقلال المسلسل بذاته وخروجه من ظل الرواية التي كفلت له شعبيته الأولية. أما الثاني فمتماسك تغلقه حلقة ختامية ممتازة ويُسْلمك إلى موسمين إضافيين هما المغزى من كل لحظة بناء احتواها العمل. أما القصة فحكايةُ السنوات التي سبقت أحداث الرواية الشهيرة “جزيرة الكنز”، وأما التكريم فثلاث جوائز برايم تايم إيمي، وأما التقييمات ففي السماء.

عمل تاريخي آخر لكن بزاوية فنتازية رومانسية هذه المرة، تقييمه أعلى من الأول (8.4) ويحكي قصة ممرضة حربية إنجليزية متزوجة تجد نفسها قد انتقلت من عام 1945 إلى 1743 بشكل غامض، بادئة سلسلة أحداث عجيبة أولها كونها مهددة الحياة مجبرة على الزواج من محارب إسكتلندي شاب. إذا كانت الرومانسية التاريخية المظللة بالفنتازيا تجذبك فلا تفوت هذا العمل. ولتعلم أن منشئه هو “رونالد دي مور” منتج مسلسل “Electric Dreams” ومنتج وكاتب “For All Mankind” وغيره.

يبدو أن النقاد يحبون العمل لكن ليس إلى الدرجة الكافية، فمن بين ستة ترشيحات جولدن جلوب وأربعة ترشيحات إيمي لم يفز المسلسل الممتاز بشيء. لكن ذلك الحضور الجوائزي يعدك بأداءات رائعة خاصة من البارعة صاحبة الترشيحات الأربعة للجولدن جلوب “كاترينا بالف”، والتي رأيناها قبل أشهر في “Ford v Ferrari”. صدر من العمل خمسة مواسم مجموع حلقاتها 67 حلقة، وقد أعلنت الشبكة عن سادس نأمل أن يلحق بركب سنة 2020. نضيف أنه مقتبس عن سلسلة روايات (ثمانٍ حتى الآن) كتبتها “ديانا جابالدون” وبدأ نشرها سنة 1991.

لنقفز إلى عمل جديد مر على صدور موسمه الأول أسابيع قليلة فحسب، وقد طلبت الشبكة من صانعيه موسمًا ثانيًا بعدما لاقى الأول النجاح. هو مسلسل غموض بوليسي يرتكز على التحقيق في جريمة قتل، مسلطًا الكثير جدًّا من الضوء على مشكلة المخدرات وعلاقة الشرطة بالشعب والسلوكيات الإدمانية عمومًا ورحلة الإقلاع العسيرة، في جو شديد الكآبة والجاذبية والإمتاع.

كاتبة العمل هي “ريبيكا بيري كاتر” التي كتبت من قبل بضع حلقات لمسلسلَي “The Mentalist” و”Gotham”. اللغز جيد ونهايته مرضية، والبطولة لـ “مونيكا رايمند” التي يحتمل أن تكون رأيتها في “Chicago Fire” حيث قضت ثمانية أعوام، بجوار “رايلي فولكل” التي يعرفها محبو “The Originals” و”The Newsroom”، ثم “شين هاربر” من ست كوم “Good Luck Charlie”.

واضح طبعًا أن سنة 2014 كانت ثرية في تاريخ الشبكة إذ فيها بدأ كثير من أهم أعمالها. هذا المسلسل من بينها بلا شك، وهو خاضع لمقارنة أبدية مع مسلسل شوتايم الشهير “Ray Donovan”. الظريف أن عرضهما توقف في العام نفسه عام 2020، لكن الفارق أن لمسلسل “Power” عددًا من الخطط المستقبلية طويلة الأمد. فبعد المسلسل الثاني (أو الكتاب الثاني كما يقول العنوان) الذي بدأ بثه في سبتمبر 2020 تعتزم الشبكة عرض ثلاثة مسلسلات أخرى بالترتيب. يريك هذا مدى نجاح العمل وتعويل STARZ عليه.

مبتكرة العمل هي المرشحة للإيمي “كورتني كيمب” التي كتبت سابقًا حلقات لمسلسل “The Good Wife” الشهير، وهي بالطبع مبتكرة الأجزاء القادمة أيضًا. عم تدور قصته إذن؟ عن رجل ثري يملك ملهى ليليًّا ويعيش الحلم الأمريكي محاطًا بصديقه المقرب وعائلته الصغيرة الجميلة، مع استثناء واحد هو أنه تاجر مخدرات بالتوازي. تعرف بالطبع أن مواجهة حتمية ستقع بينه والشرطة، والأهم العلاقات الشخصية والتعقيدات الدرامية الواقعة على ضفتي هذا الوصف المختصر. صدر منه ستة مواسم مجموعها 63 حلقة.

أفلت هذا العمل من سنة 2014 المكدسة بالأعمال المميزة بفارق ضئيل، غير أنه لم يفلت من قائمة مسلسلات الشبكة ذوات التقييمات المرتفعة. 8.4 تقييم موحٍ وصادق ومعبر، بل إنه يضع هذا المسلسل في زاوية تخصه ضمن بقية ما في التصنيف المحبب. أي تصنيف؟ الرعب المضحك بالطبع. من الذي يكره مسلسلًا عن بطل غير مسؤول لا تناسبه البطولة تجعله الظروف الكارثية أمل الإنسانية الوحيد؟

ثلاثون حلقة مقسومة على ثلاثة مواسم من الفنتازيا والأكشن والرعب الذي تنكمش له البطون والوجوه. هو مكمل لفيلم الرعب المعوي “The Evil Dead” الصادر سنة 1981، والذي أتم ثلاثية ثم أعيد إنتاجه في 2013 فحقق قرابة المائة مليون دولار. من بطولة “بروس كامبل” الممثل نفسه الذي لعب دور البطولة في الفيلم، نراه هنا يحاول التصالح مع ماضيه والتعامل مع حاضره فيما ينتقل من مغامرة إلى أخرى. المسلسل ظريف إلى حد أني لا أشك في أنه سيعجبك، وهو أحد الأعمال التي غضب المشاهدون أشد الغضب لإلغائها باكرًا.

مسلسلات STARZ قوية بالفعل، قد تجادل في هذا لكنك لن تجادل في اختلافها عن جموع المسلسلات التي تُطبع منها عشرات النسخ السنوية المتشابهة التي تقتل خلايا المخ وتخفض مستوى الذائقة الفنية العام. المشكلة أنها رغم تفردها فإنها ترتكب أخطاء لا يغفرها المشاهد ولا ينساها، وكما وصفنا المسلسل الذي سبق هذا نصف “Counterpart” بالشيء نفسه: موسمان فقط عدد قليل جدًّا على مسلسل بهذه الجودة والفرادة.

هو من بطولة “جي كي سيمونز” البارع الذي ما يزال أداؤه العظيم في فيلم “Whiplash” (من بين قائمة طويلة من الأعمال المميزة) يثير في نفسي التوتر. ومن كتابة “جاست ماركس” كاتب فيلم “The Jungle Book” الذي ننتظر جزءه الثاني. لن أفصح عن قصته فإني أفضل أن تلتذ باستكشافها بنفسك، إنما أخبرك أنه سيشبع أولئك الخبراء بعوالم تشويق الخيال العلمي والأفكار الذكية المنفَّذة بمنتهى الإجادة. فاز المسلسل بجائزة إيمي وحيدة وصدر منه عشرون حلقة هي قوام موسميه الشائقين والغامضين.

اسم “مويرا والي بيكيت” ليس مألوفًا جدًّا، هو اسم الممثلة الكندية مؤلفة مسلسلنا هذا والفائزة بالإيمي ثلاث مرات، وهي ممن شاركوا في إنتاج تحفة “Breaking Bad”، كما كتبت عددًا من حلقاته أهمها الحلقة الخالدة “Ozymandias” الحاصلة على تقييم 10 على IMDb. إن لم يكن هذا كافيًا فهي أيضًا منشئة ومنتجة جرعة السعادة الصافية والمكثفة “Anne with an E”؛ المسلسل الذي تتوسل الجماهير الغفيرة الآن إلى نتفليكس أن تعيده.

ماذا عن المسلسل نفسه؟ تقييمه 8 وهو سلسلة قصيرة من ثماني حلقات تلقت ترشيحين لجائزة جولدن جلوب، وتحكي عن راقصة موهوبة مضطربة تذهب إلى نيويورك فتجد نفسها سريعًا منخرطة في عالم رقص الباليه الاحترافي الرهيب. مسلسل مؤثر ومحبوك لا يناسبه شيء عدا الاسترخاء ومشاهدة حلقاته الماتعة تتوالى حتى تنفد. ولا يخدعنك وصفه المتعلق براقصات الباليه فهو تشويقي نفسي عميق، عالي المستوى قاتم المزاج.

أقرأ أيضًا: أفضل مسلسلات كورية في عام 2020 حتى الآن، قائمة متجددة بأفضل الإصدارات