فيلم Blade Runner 2049 … عمل خاطف للأنفاس أم فيلم ممل إلى أقصى الحدود؟
5 د
لعل أكثر الأشخاص تحمسًا لمشاهدة فيلم Blade Runner 2049 هم أولئك الذين شاهدوا فيلم Blade Runner، ويعرفون جيدًا قيمة هذا العمل الفنية ووزنه في عالم السينما بشكل عام، وعالم أفلام الخيال العلمي بشكل خاص، ولهذا فإنّنا نلاحظ تجاهلًا ملحوظًا للفيلم الجديد بين أفراد الجيل الحالي، وهو أمر قد انعكس بشكل واضح على إيرادات الفيلم التي لم تتجاوز لحد الساعة نصف ميزانية الفيلم.
حسنًا، مهمتنا هنا هي إخبار هذه الفئة تحديدًا عن ما إذا كان الفيلم يستحق المشاهدة أم لا؟ ولهذا فإنّنا سنخاطب بالأساس أولئك الذين لم يشاهدوا Blade Runner، وإذا افترضنا ألّا أحد من قُرّاء هذا المقال قد شاهده، فهل هذا يعني أنّه بإمكانهم مشاهدة وفهم الفيلم الأخير أم لا؟ هذا ما سنتعرف عليه هنا.
بطاقة تعريفية بفيلم Blade Runner 2049
بطولة: رايان غوسلينغ، هاريسون فورد، وآنا دو أرماس
إخراج: دوني فيلنوف
تصوير: روغر ديكنز
ميزانية الإنتاج: 150 مليون دولار
مقتبس عن: رواية ?Do Androids Dream of Electric Sheep للكاتب فيليب كي ديك.
قصة الفيلم: تدور أحداث الفيلم بعد 30 سنة من أحداث فيلم Blade Runner الذي أخرجه ريدلي سكوت سنة 1982، وتحديدًا في لوس أنجلس سنة 2049 بعد أن اختفت آخر شجرة من المكان، وأصبح العالم كتلة من الأزبال والدخان والأوساخ المنتشرة في كل جانب، إلّا أنّ العالم كما هو متوقع قد تطور بشكل كبير بالمقارنة مع سنة 2019 التي تدور فيها أحداث الفيلم السابق، وظهرت تقنيات وتطورات جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي … وهذه المرة يتم إرسال “كي” (رايان غوسلينغ) لأداء مهمة خاصة من طرف رئيسته يجب عليه خلالها إيجاد وقتل طفل من المتوقع أن يسبب حربًا بين البشر و “الريبليكنتز”، إلّا أنّه سرعان ما يكتشف سرًا يتعلق بحياته ليجد نفسه محاطًا بسؤال واحد: هل أنا بشري أم لا؟
في العموم لا يحتوي الفيلم على قصة معقدة أو متشابكة يمكن أن تلفت انتباهك طيلة المشاهدة، ولهذا فإنّني أفضل عدم ذكر عدد من أحداث الفيلم (القليلة) حتى لا أفسد عليكم الاستمتاع بالمفاجآت الصغيرة التي يخبئها هذا العمل الفني، وفي حالة قررت مشاهدة العمل، فإنني أدعوك للتحلي بالصبر؛ لأنّ لا شيء تقريبًا يحدث خلال الجزء الأول من الفيلم، وبالتالي فإنّك ستحس بضجر وملل شديدين، أمّا النصف الثاني فيتمتع بتسارع – نسبي – للأحداث التي تحمل بعض المفاجآت الجميلة.
في حالة مشاهدتك للفيلم السابق فإنّك ستلاحظ بعض التشابه في أحداث العملين، أمّا إذا لم تكن قد شاهدته فإنّك ستلاحظ تشابهًا في أحداث أفلام أخرى: أهمها Ghost In The Shell و فيلم Her الذي تم تكرار أحد مشاهده الشهيرة في هذا الفيلم.
التصوير
يعتبر التصوير في هذا الفيلم أهم عناصره على الإطلاق، لدرجة ستحس معه أنّ الفيلم قد تم صنعه بالأساس من أجل منحنا تجربة بصرية مختلفة وفريدة (وسمعية أيضًا)، أكثر منه فيلمًا من المفترض أن يقدم قصة محددة تترسخ في الأذهان.
من أجل التوضيح أكثر … يمكنني مقارنة هذا الفيلم بفيلم كيوبيرك 2001 : a space odyssey الخاطف للأنفاس بتقنياته وتصويره السابق لأوانه بكثير، والذي يعد فيلمًا لم يصنع إلّا لتشاهده وتسترخي وتستمتع … وتبتسم ( أو تغير الفيلم في حالة لم يكن هذا النوع يستهويك )، ولهذا فإنّ Blade Runner 2049 في الغالب سيتحول بعد سنوات إلى فيلم كلاسيكي يقوم الكل بمدحه وتمجيده، حتى وإن كان غير قادر حاليًا على استقطاب العديد من المشاهدين أو نيل إعجابهم.
ومرة أخرى يتشابه التصوير في هذا الفيلم بشكل كبير جدًا مع فيلم Ghost In The Shell، إلّا أنّه يتشابه بشكل أساسي مع فيلم Blade Runner الذي قام المخرج باحترام عالمه بشكل ملحوظ جدًا، فنجد أنّنا لا زلنا في نفس العالم وأمام نفس البنايات تقريبًا، الفرق الوحيد هو أنّ 30 سنة كانت كافية لتغيير الكثير من المعالم وإدخال الكثير من التحسينات على المدينة، والأهم ظهور تقنيات جديدة لم تكن موجودة قبل ثلاثة عقود.
الخلاصة هي أنّك في حالة حبك واهتمامك بتقنيات التصوير أو بالأفلام التي تم تصويرها بطريقة غير اعتيادية أبدًا، فإنّك ستعشق هذا الفيلم بالتأكيد، لكن المؤكد أكثر هو أنّ لدينا مرشح جديد للأوسكار عن فئة أفضل تصوير … وفي حالة لم يترشح – حتى لا نقول يفوز – فإنّنا سنتأكد أنّ الأكاديمية قد فقدت مصداقيتها تمامًا.
طاقم التمثيل
في حالة كنت تظن أنّك ستشاهد فيلمًا “من بطولة رايان غوسلينغ وهاريسون فورد” فدعني أخبرك أنّك مخطىء، صحيح أنّ جميع البوسترات والفيديوهات الترويجية تخبرك بذلك، وصحيح أنّك ستجد اسم هاريسون فورد على رأس طاقم التمثيل في كل مكان، وصحيح أنّ لدوره في الفيلم أهمية ملحوظة، إلّا أنّك في الحقيقة لن تشاهد أول مشهد له إلّا بعد نهاية النصف الأول من الفيلم، وبالتالي فإنّك في الواقع ستشاهد فيلمًا من بطولة رايان غوسلينغ فقط. هذا الأخير الذي ظهر تقريبًا في جميع مشاهد الفيلم دون استثناء، ما عدا بعض المشاهد القليلة التي يمكن عدها على رؤوس الأصابع.
وبالحديث عن غوسلينغ، فإنّه يصعب إيجاد أي عمل لم يقدم فيه هذا الممثل أداءً خاطفًا للأنفاس، وبالتأكيد فإنّ هذا العمل لم يشكل استثناءً للقاعدة، فقد أثبت لنا هذا النجم مرة أخرى أنّه أكثر من مجرد وجه وسيم وعضلات مفتولة، أي الصفتان الوحيدتان اللّتان تخطران على بال أغلب الأشخاص بمجرد سماع اسمه.
بعيدًا عن هذين البطلين أريد أن أشير كذلك لأداء روبين ورايت وآنا دو أرماس التي تشكل إحدى المفاجآت الجميلة للفيلم، وفي حالة مشاهدتكم للفيلم الأول فإنّ هناك مفاجأة كبيرة في انتظاركم فيما يخص إحدى الممثلات، وهو أمر أفضل أن لا أذكره حتى لا أفسد عليكم متعة الدهشة.
بالنسبة لجارد ليتو فإنّ دوره في الفيلم لم يتعدَ عدة مشاهد قليلة، وفي رأيي الشخصي فإنّه لم يقدم أداءً مبهرًا أو مختلفًا عن أدواره السابقة، حيث أدى مرة أخرى دور الشرير البارد الأعصاب.
هل يجب مشاهدة فيلم Blade Runner 2049؟
في الحقيقة، هناك ثلاثة أجوبة لهذا السؤال:
- إذا كنتم قد شاهدتم الفيلم الأول: إذا أعجبك الفيلم الأول فإنّ هذا العمل سينال إعجابك بشكل أكبر، وإذا لم يكن قد نال اهتمامك أي شكل فلا داعي لإضاعتك وقتك أو مالك في مشاهدته؛ لأنهما عملان متشابهان بشكل كبير جدًا.
- في حالة عدم مشاهدتك الفيلم الأول، إلّا أنّك مهتم بأفلام الخيال العلمي الغير تقليدية، أو في حالة اهتمامك بفن التصوير وبالتجارب السينمائية الغير المعتادة، فإنّك سوف تستمتع بالفيلم بشكل كبير جدًا.
- في حالة توقعك لعمل “ممتع” ذي قصة مثيرة وأحداث سريعة، فإنّني أنصحك بعدم مشاهدة الفيلم؛ لأنّه سيسبب لك الملل الشديد.
هل شاهدتم فيلم Blade Runner 2049؟ ما رأيكم به؟ شاركونا في التعليقات.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.