فيلم By the Sea .. يخيّب آمال الجماهير بعد فترة انتظار وترقّب طويلة!

أثبت فيلم By the Sea أن كل عوامل النجاح التي تتوفر لعمل فني ما قد تصبح سلاح ذو حدين ولا تتسبب سوى في فشله أو على الأقل اعتباره خيبة أمل لمشاهديه.

لقد أنتظر الجمهور هذا الفيلم طويلاً لعدة أسباب، منها إنه آخر أعمال النجمة آنجلينا جولي كممثلة، والعمل الأول الذي يجمعها وزوجها براد بيت منذ تزوجا، وإنه الفيلم الثاني لها ككاتبة بعد فيلمها السابق In the Land of Blood and Honey والرابع كمخرجة بعد عدة تجارب مختلفة منها فيلم وثائقي.

ارتفعت آمال المشاهدين بعد تريلر الفيلم المميز الذي لم يتفوه خلاله البطلان بكلمة، مع موسيقى تشي بدراما رومانسية مختلفة يعد بها الفيلم، فهل جاء الفيلم على مستوى هذه التوقعات السابقة؟ هذا ما سنتعرف عليه هنا.

يبدأ الفيلم بالزوجين رولاند وفينسيا اللذين يصلان للتو إلى قرية فرنسية نائية على شاطئ البحر، رولاند كاتب حظي بشهرة سابقة ولكن يفتقد الإلهام لذلك أنتقل مع زوجته لفرنسا لأجل غير مسمى، أو حتى ينهي روايته الجديدة التي لم يخط بها حرف بعد، بينما زوجته تبدو منذ البداية ضجرة، بمزاج سيء.

منذ الوهلة الأولى تبدو العلاقة بينهما على غير ما يرام، فيقضي رولاند أيامه في حانة القرية، بينما تتسكع فينسيا في حجرتها أو حول الفندق، لا يشعر أي منهما بالجمال من حوله، ولا بروعة المناظر، يبدوان كما لو تعطلت لديهم حاسة التذوق والشعور، كجثتين توقفتا عن الحياة، لا يظهر في عيونهما سوى اليأس والملل.

لكن بعد أيام يصل إلى الفندق زوجين آخرين، شابين في شهر العسل، مفعمان بالحب والمرح، أي كل ما يفتقد إليه رولاند وفينسيا، وتبدأ علاقة غريبة بين الأربعة، فالأكبر سناً يريان فيهما الماضي ببداياته الجميلة، لتبدأ الحياة تدب فيهما مختلطة بغيرة وحسد لا يمكن أن تخطئهما العين، فهل ستكون تلك العلاقة ذات نتائج جيدة أم مأسوية على الجميع؟

تدور أحداث الفيلم خلال فترة السبعينات، واختارت أنجلينا هذه الفترة لتركز على العلاقة بين الزوجين والقصة التي ترغب في إبرازها دون العديد من الملهيات من الزمن الحالي، أو ربما كان لديها دافع خفي لتقديم فيلم من عصر مضى تمنت التمثيل فيه لتختم به مسيرتها التمثيلية.

ولكن من المؤكد أن اختيارها هذا خدمها بعدة صور، فقد استطاعت ان تصنع من أزياء هذه الحقبة وأماكن التصوير والقصة ذات الوقع البطيء لوحة فنية مبهرة لأول وهلة.

قال مدير تصوير الفيلم Christian Berger إنه اعتمد الإضاءة الأكثر طبيعية في فيلم By the Sea وذلك باستخدام تقنية ‘Cine Reflect Lighting System’ التي طورها مسبقاً، وتهدف هذه الطريقة إلى التركيز على الممثلين في المشاهد والطبيعة الهادئة دون  تشتيت تركيز المتفرج بأي عوامل أخرى، وقد نجح أسلوبه هذا تماماً، ليكون كل مشهد لوحة يستمتع المتفرج بالتأمل في جمالها.

وتم تصوير الفيلم في جزيرة جوزو Gozo بمالطا، حيث الطبيعة الساحرة بحق، والتي كانت من أهم عوامل قوة الفيلم.

قدمت آنجلينا جولي ثلاثة أدوار خلال فيلم By the Sea كمخرجة ومؤلفة وممثلة، أفلحت في بعضها وفشلت في البعض الآخر فشلاً ذريعاً.

وقد كان أدائها كممثلة أقرب للجيد، وملائم تماماً للدور – المكتوب شخصياً لها – فتمكنت منه، وايضاً أدائها كمخرجة كان متوسطاً وليس سيئاً بصورة خاصة، وتركزت مشكلتها الحقيقة في محاولتها لتقليد الأفلام الفرنسية الواقعية، فلم تستطيع تقديم أحدها، ولم تقدم ايضاً تجربة متفردة خاصة بها، فكان الفيلم في منطقة وسط باهتة.

ولكن سقطتها المروعة – من وجهة نظري – كانت في دورها كمؤلفة، فأحداث الفيلم التي تعدت الساعتين يمكن اختصارها في نصف ساعة أو ساعة على الأكثر دون إحداث أي خلل بالقصة الرئيسية، ما جعل الفيلم ذو واقع بطيء بشدة، أقرب للملل في العديد من المشاهد، وأفتقد الحوار بين الزوجين ايضاً إلى القوة المطلوبة.

واعتمدت آنجلينا على التشويق فأخفت سبب الأزمة التي أدت إلى سوء العلاقة بين الزوجين حتى آخر المشهد، ولكن للأسف كان أسلوبها هذا فاشلاً لأن السبب كان واضحاً بعد ربع ساعة فقط من بداية الفيلم، فمشهد النهاية أخبر المشاهد سراً يعرفه من قبل بالفعل.

ربما كان أفضل ما فيلم By the Sea الأداء التمثيلي المتمكن لبراد بيت في دور الزوج رولاند، حيث استطاع التعويض عن الحوار الغائب في العديد من المشاهد بتعبيرات وجه ولغة الجسد ممتازين.

ليبقى لدينا في النهاية فيلم متوسط ذو قصة عادية تم تصويرها ببراعة في مكان ساحر مع موسيقى تصويرية مميزة، قد يكون تجربة جيدة لمحبي الأفلام ذات الوقع الهادئ البطيء.