فيلم Call Me By Your Name عمل حالم بنكهة الحب الأول
5 د
تقييم الفيلم:
الفن عامة وفن السينما على وجه الخصوص بما أنّه الفن الأكثر انتشارًا في الوقت الحالي له عدة رسائل، فالغرض ليس فقط المتعة – وهو غرض رائع في حد ذاته – ولكن أيضًا كسر تابوهات المجتمع، والحديث عن غير المحكي والمحظور، ووضع المشاهد في حالة مواجهة مع ما يتهرب منه الجميع، فنشاهد كل عام أفلام عن فظائع العنصرية سواءً في العصر الماضي أو الحاضر، وحديثًا أصبح التابو الشاغل للكثير من صُنّاع الأفلام كسر هالة الغموض والخوف في الحديث عن المثلية الجنسية.
فيلم Call Me By Your Name ليس فيلم عن المثلية بوجه خاص، بل هو فيلم عن الحب الأول، وفترة المراهقة الصعبة، ومحاولة التعرف على المشاعر والهوية للمرة الأولى، وتصادف أن يكون طرفا الحكاية شابين.
الفيلم هو آخر أفلام ثلاثية مخرجه الإيطالي Luca Guadagnino عن الحب، بعد I Am Love عام 2009 و A Bigger Splash، وقد قال عنه إنّه أكثر أفلامه هدوءً ورقةً، وهو مقتبس من رواية بذات الاسم تم نشرها عام 2007 لأندريه أكيمان.
Luca Guadagnino لم يكن هو المخرج الأصلي لهذا العمل الذي ظل لسنوات كمشروع، بل تم طرح اسمه في البداية كمخرج ثاني للفيلم مع جيمس أيفوري، قبل أن يكرس الأخير جل وقته للسيناريو ويعتذر عن الإخراج، وقد عكف على ذلك لمدة تسعة أشهر.
تدور الأحداث عام 1983 في مدينة صغيرة بشمال إيطاليا، حيث نتعرف على عائلة صغيرة متعددة الجنسيات، يتنقل أفرادها في الحديث بين الإنجليزية والفرنسية والإيطالية بسهولة بالغة، تتكون من أم وأب بروفيسور جامعي، والابن إيليو في السابعة عشر من عمره، وكل عام تستضيف الأسرة تلميذ للبروفيسور للإقامة، ومساعدته في عمله البحثي حول الآثار الرومانية، وهذا الصيف كان الدور على الأمريكي الشاب أوليفر.
هناك بعض الاختلافات بين الرواية الأصلية ونص الفيلم، أهمها تحويل أسلوب السرد من الراوي على لسان إيليو ليصبح فقط أحد أبطال الحكاية، ويأخذنا معه خطوة بخطوة في رحلته لاستكشاف هويته ومشاعره، وأيضًا تم التخلص من الحوار في العديد من المشاهد، لنجد أنّ الصمت بالفعل في تلك اللحظات أكثر تأثيرًا من أي حديث مبتذل، يجعل المشاعر تفقد جلالها، وتم استبداله بالأغاني والموسيقى والتمثيل الجيد للغاية.
لا يمكن تخيل أحداث فيلم Call Me By Your Name سوى في إيطاليا، فلو حاولنا وضع إيليو وأوليفر في الولايات المتحدة عام 1983 لتغير مسار القصة تمامًا، فأبطال الفيلم ليسوا الشخصيات وحدها، بل المنزل الأنيق الواسع بالبيانو الخاص به والكتب الملقاة في كل مكان مفتوحة على أحد الصفحات في انتظار صاحبها ليكمل قرأتها، الحديقة ذات الطاولة البسيطة التي تجلس عليها العائلة والضيوف في الصباح والمساء للاستمتاع بالوجبات الشهية، النهر القريب من المنزل حيث يستحم الشباب في الصباح، والنبع النظيف الذي دارت بجواره الكثير من الأحداث.
تم تصوير الفيلم في قرية بالقرب من “Crema” الإيطالية، التي احتفظت ببهائِها لقرون لتظهر بهذه الصورة الأيقونية خلال الأحداث، وتصبح كل لقطة في الفيلم كلوحة فنية يحتاج فريق تصميم الإنتاج والديكور أيام حتى تظهر بهذا الكمال، فحتى الأشجار كان كما لو أنّها تشارك في إضفاء هذا الطابع الصافي على الأحداث، وتهيئة المكان للقصة الرومانسية الدائرة.
فيلم Call Me By Your Name يفيض بالعاطفة والحب، ليس فقط في العلاقات الرومانسية التي يعيشها بطله إيليو، ولكن أيضًا في الطابع الأسري الإيطالي المميز، فهو قدم الأسرة الأوربية المثقفة كما يجب أن يكون، حيث من الطبيعي في الأمسيات أن تجتمع العائلة مع ضيف أو اثنين يستمعون لعزف الشاب على البيانو والجيتار، أو نجد أفراد الأسرة الثلاثة على أريكة واحدة يستمعون للأم تقرأ الشعر بالألمانية.
هذا المناخ كان ضروريًا حتى تنمو هذه العلاقة بين بطلي الفيلم إيليو وأوليفر، وساعد على أن تكون صراعات الشخصيات كائنه بينهم وبين أنفسهم، وليس بينهم وبين المجتمع، فلم نجد أطراف ضاغطة مؤثرة.
ليضعنا هذا في مقارنة واضحة بين الصراع الذي خاضه إيليو في فيلم Call Me By Your Name والذي مر به شيرون بطل فيلم Moonlight، فالأول كان صراعه بينه وبين نفسه وبحثه عن هويته الجنسية، وكيفية تعامله مع علاقة الحب الأول في حياته، خوفه الوحيد كان من الرفض، بينما عانى شيرون من مجتمعه منذ الطفولة، الذي حاكمه على اختياراته الجنسية ولم يتقبل هشاشته ورقته فاضطر للتخلي عن جزء هام من شخصيته حتى يحظى بالقبول في النهاية، وهو القبول الذي حصل عليه إيليو من عائلته المتماسكة طول الوقت.
من أهم نقاط قوة الفيلم بالإضافة للسيناريو والإخراج والتصوير، التمثيل الذي كان رائعًا بشكل يفوق الوصف، واستحق كل من البطلين تيموثي شالاميت في دور إيليو، وأرمي هامر في دور أوليفر الترشح للجولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي وأفضل ممثل مساعد في فيلم درامي، وأتوقع لهما كذلك الترشح للأوسكار، عبر تيموثي ببراعة عن مشاعر المراهق اتجاه الحب الأول، الخليط العجيب من الحيرة والشغف والخوف من الرفض، وكانت هناك مباراة تمثيلية سلسة بينه وبين هامر في دور أوليفر، الذي ربما من الظاهر يبدو كما لو أنّه لم يعش ذات الصراع النفسي الذي مر به إيليو، لكنه كان مثله مرتبكًا أمام مشاعره الجديدة، عاجزًا عن التعبير عنها، والأهم مكبلًا بالشعور بالمسؤولية وهو الشخص الأكبر سنًا في هذه العلاقة.
لا يمكن إغفال بالطبع الأداء الممتع لكل من أميرة كاسار ومايكل ستولبيرج كأم وأب أيليو اللّذين يتمتعان بفلسفة خاصة في تربية صغيرهما، جعلتني أراهما الأسرة المثالية التي يحلم بها أي مراهق، شريكان متحابان مثقفان، يتقبلان ابنهما كشخص متكامل دون أن يؤثر أي من اختياراته الشخصية على هذه المحبة، علماه كيف يتقبل الحزن عندما يأتي كما يستقبل المحبة عندما تغمره.
فيلم call me by your name واحد من أفضل أفلام 2017 بلا جدال، وأكثرها رقةً ورومانسية. لا تحاول أن تراه وتحكم عليه من منطق أخلاقي صارم، بل ضعه في مكانته كفيلم يستحق المشاهدة والتحليل وعمل فني راقي.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
هل تعتقد ان هو او اخته مهتمين بإنهم يعرفوا رأيك؟
عاشت ايديك, فلم جميل جداً من كل النواحي واتفق معك بكل حرف كتبته
هل يوجد في هذا الفيلم مشاهد جنسيه وعري ام كل المشاكل بسبب السيناريو والحوار فقط ام الاثنين معا وشكرا
موقع اراجيك جميل جدا جدا لكن الرجاء عدم تجميل شيئ نجس مثل الشذوذ ترفضه كل الديانات السماوية
سقطة كبيرة لأراجيك برأيي .
الفن والعمل الناجح هو الذي ينسجم مع الفطرة و قيمته تنخفض بانحطاط الإنسان وانتكاس فطرته وترتفع بسموّه وتعاليه ..
والحديث هنا عن الأسوياء من البشر ..
ثم تقول لك الفيلم ليس عن المثلية بوجه خاص!
هل هذا استغباء للقراء؟
هل تعتقد أن العالم مهتم بمعرفة مشاهدتك للفيلم مع أختك!
برافو
ان يترشح الافلام التي تتحدث عن المثلية الجنسيه وتفوز ايضا با الاوسكار انها لرسالة واضحة ان الاوسكار اصبح بلا اية قيمة
أشكرك على رأيك وسعيدة به للغاية 🙂
شاهدت الفيلم و مقالتك تلخص ما يدور في الفيلم
موضوع الفيلم جريء و مستفز لكن طريقة معالجته سينيمائي كانت جميلة و معبرة خاصة ان الفيلم مصور في جزيرة بإيطاليا على ما أظن و نحن نشاهد الفيلم بنعترف على الجزيرة و المنطقة و كاننا سياح و هو ما أعطى للفيلم قيمة جمالية
و الفيلم على عكس ما قرأت هو لا يدعو الى المثلية الجنسية. الفيلم يناقش تيمة الحب ، و الشخصية الرئيسيّة في بحث عن الحب.
الفيلم يفتقر الى صراع ظاهري و لكن يمكن نفهم الصراع النفسي الذي يعاني منه البطل في علاقته المستحيلة.
أشكرك على المقال و تحية سينمائية
بجد واحد من اجمل المراجعات الي قريتها عن الافلام، نفس الي دار في دماغي و انا بتفرج علي الفيلم بالظبط.
و شكراً جداً انك محكمتيش علي الفيلم زي ما ناس كتيرة هتعمل او عملت..
لا أفهم فلسفة المتخلفين الذين يناشدون بحذف المقالة و ينعتونها بالسفالة و الإنحطاط، عزيزي منغلق الأفق المتكوم على نفسه داخل كهف التعصب و العنصرية، نحن في القرن 21 حيث لا فرق بين الأشخاص و لم نعد نرحب بالكره أو التفرقة بين بسبب اختلاف الأعراق أو الميولات، عيب أن تظل مجتمعاتنا العربية دائما في الدرك الأسفل من الحضيض.
المثلية الجنسية موجودة في الطبيعة
و ليست بمرض نفسي أو خلل أو فاحشة تمس بالمنظومة الأخلاقية. إنه ميول طبيعي لا دخل للمرئ به، و العلم قد أثبت ذلك، و إن لم تكونوا على إطلاع بكل ما يخص ذلك، فلا داعي لتنشروا سذاجتكم بالأرجاء و الأجدر أن تحتفظوا بتعصبكم و جهلكم لأنفسكم.
السينما فن معبر و حساس، و دائما ما يمتلك هدفا ساميا لإيصاله، و أظن أن الفيلم قد توفق في ذلك.
أحب أن أشكر مجلتي المفضلة أراجيك التي دائما ما تبهرني و تعلمني الكثير، الفيلم مدهش بكل تفاصيله، شكرا جزيلا لكم و لا تهتموا بالتعليقات السلبية التي قد تصلكم من الفئة الكارهة.
أتمنى لكم الأفضل♡
فعلاً الفيلم جميل جداً .. شهدته لوحدي في المرة الأولى وشاركت مشاهدته مع أختي في المرة الثانية .. الممثلين كان ادائهم رائع.
عيب على مجلتنا الحبيبة أراجيك أن تنشر مثل هذه المقالات التي تروج للسفالة و الإنحطاط الأخلاقي…. نرجوا حذف هذه المقالة التي لا تفيد إلا الإنحلال الخلقي و شكرا لكم. : )
قمة الانحطاط والسفالة