أفلام كارتون أم أفلام أنمي؟ وماذا نقصد بتلك المصطلحات فعلًا؟

الإنسان منذ أن وجد نفسه على سطح هذه الأرض ولديه فضول دائم لمعرفة كل مجهول والتساؤل بشأن كل مُبهم وغير معلوم. وذلك الفضول هو الذي خلق الحضارة التي تُغذيها الفنون التي نراها كل يوم عن الآخر تزيد في القوّة والجمال. لكن مع تطور الفنون، زاد ميل البشر نحو التنازع على أصولها أكثر وأكثر. فدائمًا ما كان الحديث عن افلام كارتون والأنمي الياباني موضع جدل منذ سنين طويلة جدًا، ومازال حتى وقتنا الحالي وأنا أكتب لكم هذه الكلمات الآن. افلام كارتون أم أفلام أنمي؟ لطالما كان هذا هو السؤال.

لذلك في مقال اليوم سوف نتحدث عن ماهية أفلام الكارتون والأنمي وما الفرق بينهما، وسنذكر بالمنتصف بعض الأمثلة على الكارتون والأنمي من واقعنا الفعلي. لذلك سوف نفك الغموض واللبس الذي يُحيط بتلك المصطلحات، أو بمعنى أصح سوف نتحدث عن كلمة (كارتون) وكلمة (أنمي) بشيء من التفصيل. الآن دعونا لا نُكثر في الحديث وندخل في صلب الموضوع مباشرة!

أفلام كارتون أم أفلام أنمي؟ قبل أن نطرح هذا السؤال يجب علينا أولًا أن نُحدد الفئة الفنية التي ينتمي إليها هذان التصنيفان. أجل يا سادة، إنها فئة الأنيميشن – Animation. والأنميشن هو من أكثر الفنون المرئية بدائية وقِدمًا من حيث إعطاء الجمادات الحياة عبر تحريكها. فدائمًا في أفلام الرعب ما يجعلون المُشاهد مرتعدًا عبر تحريك الأشياء، أي جعل الحياة تدب فيها. الشيء المختلف هنا أن الأنميشن هو شيء يبعث على البهجة وجعل الإبداع واقعًا متجسدًا لا نقاش فيه.

ببساطة الأنميشن هو فن تحريك الرسومات الساكنة، وذلك عبر تكرار نفس الرسمة لكن بأبعاد وتفاصيل مُختلفة قليلًا في كل مرة. وكلما كان فارق التفاصيل قليلًا جدًا بين كل رسمة والأخرى، كلما كانت جودة التحريك أفضل بكل تأكيد. فإذا رسمت شخصًا يده بجانبه، ثم رسمت نفس الشخص ويده فوق رأسه ثم فررت الورقتين بسرعة ستجد أن الحركة غير متناسقة. لكن رسم حركات تدريجية لليد في رسومات مختلفة ومُرتّبة، سوف تنتج عنه حركة جيدة، وهذا هو الأنميشن.

لكن الأنميشن مُصطلح عام بالفعل، فأي رسومات نجدها تتحرك فهي تندرج أسفل فن الأنيميشن دون شك. لذلك الأنميشن ينقسم إلى نوعين رئيسيين، أجل ها نحن الآن بصدد الحديث عن أعمال الكارتون وأعمال الأنمي.

“الكارتون” هو الصورة البدائية للأنيميشن، وهو فن رسم الأشياء بشكل ثُنائي الأبعاد مع بعض الخواص المُحددة. فيتميز الكارتون بأسلوب الرسم البسيط والذي في الغالب لا يُراعى فيه ضبط نسب الجسد، حيث يمكن أن نجد أن الرأس أكبر من الجسد، أو العكس. يُستخدم الكارتون هذه الأيام عادةً من أجل إضحاك البشر وذلك عبر استخدام تلك الرسومات في خلق أحداث كوميدية بشدة تدفع المُشاهد للضحك. لكن من الناحية الأخرى قد نجد بعض أعمال الكارتون الواقعية وتُحاكي الواقع الأليم فعلًا كجزء من مسعاها الكوميدي الشامل، حيث تناقش الواقع بالـ”كوميديا السوداء”، وهنا يحضرني كارتون Rick & Morty بالطبع. لكن بشكل عام يُمكن أن نُطلق على انتاجات شركة ديزني ودريم ووركس وبيكسار وما إلى ذلك أنها افلام كارتون أيضًا، وهذا كي نفرّقها عن أفلام الأنمي اليابانية.

لكن الأنمي الياباني يختلف عن الكارتون، فهو يُعتبر المرحلة الأكثر تقدمًا من الأنميشن بشكلٍ عام. ففيه تكون الشخصيات مرسومة بأبعاد مُحددة ولا يُستلزَم فيه أن يكون العمل الفني مُخصصًا لإضحاك الجمهور كما هو الحال مع الكارتون. فقد نجد بعض أعمال الأنمي سوداوية وقاتمة بشدة حتى تجعلك تفكر فعليًّا في الانتحار. الأنمي الياباني يُحاكي الواقع بشكلٍ أو بآخر ويكون الرسم فيه دقيقًا في الأغلب ويعمد للواقعية، إلاّ في بعض الأحيان التي يكون فيها عمل الأنمي ذاته يحمل طابعًا سيرياليًّا فيتم تحطيم كل قواعد الرسم الدقيق والشروع في إنتاج عمل فني يوصل الرسالة ولا يهتم بالرسم. وهنا يحضرني بالتأكيد أنمي Devilman Crybaby.

عندما نأتي على ذكر مصطلح أفلام الكارتون فإنه يجب علينا بالتأكيد أن نأتي على ذكر “زوتوبيا”، فهو من أفلام الأنميشن التي حققت نجاحًا باهرًا في عام عرضه بـ2006. الفيلم من إنتاج شركة والت ديزني للأنميشن، وحقق إيرادات كبيرة بشباك التذاكر الأمريكي وحصل على تقييم 8/10 على موقع تقييم الأفلام العالمي، IMDB.

عالم الفيلم هو عالم مُماثل للواقع البشري الخاص بنا، لكن بالنسبة إلى الحيوانات هذه المرة. فمجتمع زوتوبيا هو مجتمع خاص بالحيوانات فقط. حيث الحيوانات تتحدث، تتفاعل، وتعمل مثل البشر بالضبط. لدى الحيوانات مخاوف وقضايا حياتية وخوف من المستقبل وكل شيء يحدث للبشر في حياتهم الروتينية اليومية. وتبدأ أحداث القصة مع الضابطة “الأرنبة” جودي هوبز، والتي تُحاول أن تكون جيدة في عملها كشرطية، لكن دائمًا ما يتم جعلها تقوم بالأعمال الروتينية والمُملة، دون أن تُترك لها الفرصة للقيام بأعمال التحقيق التي تُريد بشدة أن تقوم بها. لكن وبينما هي تقوم بمهامها المُعتادة، تكتشف أن هناك مؤامرات تُحاك بالخفاء وأن زوتوبيا مدينة بها الكثير من الأسرار التي يُمكن أن تؤدي إلى وفاة العديدين. لذلك تحاول الضابطة الصغيرة الوصول إلى الحقيقة، لتمر أثناء رحلتها بالكثير من الشخصيات الغريبة، والعديد من المغامرات العجيبة.

فيلم Zootopia .. مدينة حيوانات يرفع حُكّامها شعار أنا أو الفوضى!

بالطبع هذا الفيلم هو فيلم يتكرر عنوانه في أي مقال أو منشور على الفيس بوك يتحدث عن أفلام الأنمي ذائعة الصيت والتي دخلت قلوب المُشاهدين من مشاهده الأوليّة حتى. هذا الفيلم حقق نجاحًا منقطع النظير باليابان والعالم كله، وهذا لكونه فيلمًا يُخاطب القلب قبل العقل، ويدفعك للبكاء في الكثير من المقاطع به. ونهايته حقًا تُعتبر من النهايات التي تُنصف مرضى الاكتئاب حول العالم وتُريهم أن الأمل موجود بالفعل، لكن يبقى فقط أن نتشبث به حتى نكون أفضل ونخرج من معدة الوحش الأسود والقاتم: الاكتئاب.

تتحدث قصة الفيلم عن الفتاة الصغيرة الصمّاء “نيشيميا” التي تنتقل إلى مدرسة جديدة لتتعرف إلى زملائها عبر دفتر ملاحظات تدون عليه عباراتها، وهذا لأنها أيضًا لا تستطيع الحديث بشكلٍ لائق. لكن للأسف تُعاني من التنمر بالمدرسة الابتدائية وذلك من قبل الفتى “شويا”. تمر السنوات ويصير شويا شابًا مؤدبًا وقد تعلّم لغة الإشارة على وجه الخصوص كي يستطيع أن يُقابل نيشيما مُجددًا ويعتذر لها عن الإساءة التي كان يفرضها عليها عندما كانا صغيرين.

الآن يُقابل الفتى الفتاة من جديد، لكن توجد بعض العقبات التي تحول بينه وبينها. وبين هذا وذاك يحاول “شويا” شق طريقه مع “نيشيميا” بالتدريج حتى يجد أنه وقع في حبها مع الوقت. ومن الناحية الأخرى أشباح الماضي تعود من جديد لتُبرهن له كم أنه هشّ وضعيف. ببساطة فيلم يُحاكي الآلام النفسية المُصاحبة لمرحلة ما قبل الرشد وكيف لها أن تدفع الإنسان للانعزال عن المجتمع ونبذ نفسه والجميع بطريقة إجبارية ومؤلمة إلى أقصى حد.

في هذا الموضوع ناقشنا مفهوم الأنمي ومفهوم الكارتون بطريقة وبسيطة وما علاقتها بالأنميشن بشكلٍ عام، طارحين مثالًا على هذا، ومثالًا على ذاك. الآن فضلًا اخبرونا بأفلام الأنمي، أو أفلام الكارتون المُفضلة إليكم بالتعليقات!