فيلم Colossal يضعك في حيرة هل هو كوميدي أم رومانسي أم فانتازي أم القليل من كل شيء؟
4 د
تقييم الفيلم
فيلم Colossal إنتاج 2016 هو أحدث أعمال آن هاثاوي والذي ربما لم يسمع عنه الكثيرون، حيث لم يحقق ضجةً كبيرةً، أو يحصد الإيرادات العالية، أو يفوز بالجوائز العالمية، ولكن في ذلك ظلم فادح. ليس للفيلم فقط، ولكن لمحبي الأفلام والسينما كذلك.
يأخذنا الفيلم في رحلة لما يقارب الساعتين في حبكة غريبة، مليئة بالالتواءات والمفاجآت، حتى الحيرة يصعب عليك الشعور بها خلال المشاهدة، فأنت لا تستطيع تصفية ذهنك للتفكير فيما يحدث أمامك خوفًا من أي تغير بالأحداث قد يفوتك.
الفيلم لا يمكن حصره في تصنيف معين، فلا هو كوميدي تمامًا قد يقترب كثيرًا من الكوميديا السوداء ولكن ليس بالقدر الكافي، ولا رومانسي على الرغم من العلاقات المثيرة التي تدخل فيها البطلة وتغير في الأحداث فعليًا، ولا هو فيلم فانتازي بالكامل الخيال فيه هو سر اللعبة، وعلى الرغم من ذلك لم يصب بانفصام الشخصية، وشعرنا أنّه فيلم مشوش بأفكار غير مكتملة.
وفيلم Colossal من إخراج وتأليف الإسباني ناتشو فيجالوندو الذي ترشح من قبل لجائزة الأوسكار عن فيلمه 7:35 De la mañana في فئة أفضل فيلم قصير عام 2003، وقد كانت نيته في البداية تصوير هذا الفيلم بأقل التكاليف وبحبكة مختلفة، قبل أن يطورها مع آن هاثاوي التي تبنت المشروع منذ قرأته، وقررت أنّه الخطوة المثلى في مسيرتها الفنية بالوقت الحالي.
تبدأ الأحداث بغلوريا “آن هاثوي” التي تعود لمنزلها في الصباح، لتجد صديقها الإنجليزي “دان ستيفنز” يتناول إفطاره متسائلًا عن مكان وجودها طوال الليل فقط بنظراته الحانقة، وتبدأ في الاعتذار بصورة غير مقنعة، لنعرف مع الحديث أنّها عاطلة عن العمل شبه مدمنة على الكحول، تقضي لياليها في الشراب، ونهارها بالنوم، ما يجعله يصل إلى الحد الأقصى من الغضب والإحباط ويقررالانفصال عنها بصورة عنيفة، فقد جمع ثيابها في حقيبة وطلب منها المغادرة، لتعود إلى منزل عائلتها القديم في بلدة نائية تركتها منذ سنوات لتعيش وتعمل في نيويورك ككاتبة بموقع إلكتروني، وهناك تلتقي بصديق طفولتها أوسكار وتبدأ في السهر معه وأصدقائه كل ليلة، قبل أن تتحطم حياتها الجديدة بظهور وحش مرعب في مدينة سيول الكورية، وتكتشف أنّ هناك صلة غريبة تجمعها بهذا الوحش.
نص الفيلم قد يبدو مليئًا بالثغرات لكنها فجوات مقصودة يتم ملئها خلال الأحداث، بتفاصيل صغيرة، يبدو الأمر كالتعامل مع بيت مصنوع من قطع الدومينو يسهل للغاية أن يسقط بتحريك قطعة بصورة خاطئة، ولكن حتى النهاية استطاع فيجالوندو الحفاظ عليه متماسكًا ببراعة مثيرة للإعجاب.
والالتواءت في الحبكة امتدت كذلك إلى الشخصيات، خاصةً شخصية أوسكار، فهو في البداية يظهر شاب ريفي لطيف للغاية، يغمر صديقة الطفولة بعطفه ومساندته، ربما أكثر من اللازم، ولكن مع الوقت نكتشف أنّ له أبعاد أخرى. ليس شريرًا بوجه خاص، ولكنه ليس بالصورة التي يظهرعليها في البداية، شخصية يصعب وضعها في خانة واضحة، واستطاع الممثل جيسون سوديكس تقديم هذه التفاصيل المعقدة بسلاسة عجيبة، أبهرتني خاصةً أنّي لم أتعود عليه سوى في الأدوار الكوميدية الخفيفة، ولكنه أظهر موهبةً مختلفةً في هذا الدور بالتأكيد.
بالطبع كانت هاثاوي روح العمل، بأداء قوي متماسك لشخصية هشة للغاية، تبدأ من الصفر في منزل قديم متهالك، بلا أهل أو عمل أو صديق، تلجأ لأول شخص يعطيها القليل من الود والأمان، ولكنها تمتلك الذكاء الذي يجعلها تربط الأمور والعلامات ببعضها البعض، وتكتشف أشياء تجعل عالمها بالكامل يتغير.
دان ستيفنز كان أداؤه جيدًا في حدود دوره الصغير، ربما لم تستطيع هوليود حتى اليوم استغلال ستيفنز بصورة جيدة على الرغم من إمكانياته الكبيرة التي ظهرت من قبل في المسلسل البريطاني Downton Abbey، وربما دوره الأهم حتى الآن في السينما الأمريكية بفيلم الجميلة والوحش مع أيما واتسون العام الماضي.
يحمل الفيلم بجوار المتعة والتشويق كذلك بعض الرمزية القوية، فنكتشف مع الأحداث أنّ ما يقيد غلوريا هو الهينمة الذكورية عليها من كل من أوسكار وتيم، فالأخير قام بوضعها في قالب الحبيبة الناجحة وعندما لم تستطع بإيفاء هذا القالب قام بلفظها، بينما الأول حمل لها مزيج من الإعجاب والغيرة والكراهية، فيسبغ عليها حنانه، لكن بمقابل هو التملك والاستحواذ، وكانت علاقتها بالوحش هي الوسيلة التي استطاعت من خلالها التحرر من هذه الهيمنة واكتشاف نفسها مرة أخرى.
وعلى الرغم من ضعف ميزانية العمل فإنّه ظهر بصورة ممتازة، وكان استخدام المؤثرات البصرية جيدًا، وحتى عيوبه كانت متقبلةً لأنّها خدمت الفكرة العامة للفيلم، وأخرجته من الجانب الفانتازي إلى الناحية الدرامية منه.
في النهاية فيلم colossal عمل يستحق المشاهدة بعناية، ولن يخذلك فهو سيقدم لك المتعة والإثارة والتشويق، وبالتأكيد سيتركك مع بضعة أفكار بعدما ينتهي تشغلك لساعات.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.