فيلم Dalida عن امرأة حاصرها الموت فأحرق روحها قبل جسدها
3 د
قبل هذا الفيلم لم أعرف عن داليدا أو يولاندا كريستينا جيجليوتي سوى أغانيها العربية وأشهرها أحسن ناس، وشعرها الأشقر الغزير ورشاقتها التي كانت مثار حديث حتى بعد انتحارها. لذلك، كنتُ مستمتعةً تمامًا بتجربة مشاهدة الفيلم، والتعرف على السيرة الذاتية لهذه المرأة الجميلة المعذبة لأول مرة.
فيلم Dalida فيلم فرنسي من إنتاج عام 2017 إخراج وتأليف ليزا أزويلوس، وبطولة العارضة الإيطالية سفيفا ألفيتي في أول أدورها السينمائية، وريكاردو سكاماركاو في دور أخيها أولارندو، وسواءً تحب داليدا أم لا. أنصحك بمشاهدة سيرتها الذاتية هذه، وتتمتع بفيلم مرهف وأغاني رائعة وتمثيل ذو مستوى رفيع للغاية.
قصة فيلم Dalida
تبدأ الأحداث في مطار أورلي عام 1967، حيث تترك داليدا أخاها وابنة عمها في المطار بحجة أنّها ذاهبة في زيارة لعائلة حبيبها السابق لويجي تينكو، ونتعرف من خلال الفلاش باك على علاقة الحب المحمومة التي جمعتها بلويجي قبل انتحاره بسبب فشله في مسابقة غنائية اشترك فيها معها، وبدلًا من زيارة عائلة لويجي تتوجه داليدا إلى الغرفة التي طالما جمعتها به لتحاول الانتحار للمرة الأولى في حياتها.
خلال تعافيها من محاولة الانتحار يتعرف طبيبها النفسي على ماضيها، وذلك عبر محادثات مع اثنين من أحبائها السابقين، الذين شكلوا جزءًا كبيرًا من ماضيها، الأول لوسيان موريس الذي اكتشفها في منتصف الخمسينات وثقل موهبتها وقدمها في أغنيتها الأولى “بامبينو” التي حطمت الأرقام القياسية، ليقعا في الحب ويتزوجا ثم يفترقا بالطلاق، وحبيبها الثاني الرسام الإيرلندي التي تركت زوجها من أجله، وعاشت معه الحياة البوهيمية كما يجب أن تكون، وكذلك نعود إلى طفولتها من خلال قصص أخيها المقرب أولارندو.
مأساة لويجي لم تكن الأولى في حياة داليدا، فبمقدار النجاح الذي حصلت عليه في حياتها العملية والنجومية التي وصلت إليها بلمح البصر وحافظت عليها لأكثر من 25 عام، فقد عاشت مأساة شخصية وعاطفية طوال حياتها، حاصرها الموت بكل أشكاله، بدأ بغياب الأب الإيطالي الذي تم إلقاء القبض عليه في مصر خلال الحرب العالمية الثانية ليعود شخص متبدل تمامًا ويتوفى بعدها بالجلطة، ثم علاقتها المتخبطة بزوجها لوسيان، ما بين الحب والكراهية، وعلاقاتها العاطفية المأسوية وانتحار اثنين من عشاقها.
الأغاني
لو لم تستمع من قبل لأغاني داليدا، وترغب في التعرف عليها فهذا الفيلم هو الدليل الأفضل لك، فقد تميز بتضفير رائع للأغاني مع الأحداث، فيمكنك بسهولة تتبع قصة حياة تلك المرأة المرهقة بالمشاعر من خلال أغانيها، فكل أغنية عبرت عن مرحلة ما من عمرها، وهي وسيلة ممتعة برأي أرادت من خلاها المؤلفة والمخرجة تعريف المشاهد على التاريخ الفني لداليدا بصورة غير فجة بالتوازي مع قصتها.
التمثيل
لو لم أقرأ بنفسي أنّ هذه هي التجربة التمثيلية الأولى للعارضة سفيفا ألفيتي لما صدقت ذلك أبدًا، فقد أجادت تقديم دورها ببراعة وتمتعت بكاريزما مشابهة لتلك الخاصة بداليدا، واستطاعت التعبير بعينيها ولغة جسدها عن كل ما لم يفصح عنه السيناريو، ولم يستطع أي من الممثلين الآخرين التغلب على هذه الموهبة العارمة.
السيناريو والإخراج
عاب الكثيرون على السيناريو كونه ركز على الحياة العاطفية والمسيرة الفنية لداليدا فقط دون الاهتمام بحياتها العائلية، والتي كانت غنيةً بالأحداث أيضًا حيث كان شغفها بإسعاد جماهيرها مشابه لذلك الخاص برضا عائلها وسعادتهم، لكن أعتقد أنّ ذلك غير منصف، فمن حق الكاتبة والمخرجة التركيز على وجهة النظر التي تراها الأكثر تأثيرًا في حياة بطلتها، وقد جاء السيناريو جيدًا بصورة عامة، وعوض النقص فيه بالأغاني التي كانت خير تعبير عن الحالات النفسية المختلفة لداليدا.
بينما على جانب الإخراج فقد أحسنت أزويلوس ليس فقط اختيار الممثلين لكن توجيهم والتحكم بهم، واستطاعت ترويض موهبة بطلتها وتحويلها إلى نسخة سينمائية من داليدا.
في النهاية الفيلم قدم داليدا كما يجب أن تكون، موهبة خارقة احترقت من فرط الحب، وهشاشة تغلفها قوة صوتها، ونجاح باهر هزمته حياة عاطفية مأساوية، امرأة حاولت إسعاد الجميع، ولم تجد سوى التعاسة التي دفعتها لاختيار النهاية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.