فيلم Doctor Sleep وكيف وقف على الحافة بين الجزء الأول والرواية 

عليـاء طلعـت
عليـاء طلعـت

4 د

عُرض في 2019 ثلاثة أفلام مقتبسة من روايات لستيفن كينج، هما الجزء الثاني من فيلم It وPet Sematary وDoctor Sleep، ولو وضعنا الأعمال الثلاثة في المقارنة من حيث الإيرادات لوجدنا أن أقلهم هو الأخير، على الرغم من كونه الأعلى تقييمًا على موقع Rotten Tomatoes على سبيل المثال، وفي تقييمي الشخصي وعلى الرغم من أني لست من كبار محبي أفلام الرعب أعتبره من أفضل الأفلام التي تصنف في هذه الفئة في السنوات الأخيرة.


فيلم Doctor Sleep المثير للجدل قبل انتاجه بثلاث عقود!

فيلم Doctor Sleep

قد يكون هذا العنوان مثيرًا للاستغراب بعض الشيء، خاصة وأن الرواية المقتبس عنها الفيلم لم تنشر سوى عام 2013، لتكون الجزء الثاني من إحدى أشهر روايات ستيفن كينج على الإطلاق “البريق”، ولكن هذه الصلة بالبريق هي السبب وراء الجدل.

في عام 1980 عُرض الفيلم المقتبس عن رواية البريق “The Shining”  من إخراج العبقري ستانلي كوبريك، والذي على الرغم من اعتباره اليوم واحدًا من أيقونات السينما بشكل عام والرعب بشكل خاص قوبل وقتها بالكثير من النقد السلبي، سواء من النقاد أو ستيفن كينج ذاته، الذي ظل لعقود بعد ذلك يعتبر الفيلم من أسوأ الاقتباسات عن أعماله.

وبعد قراءة الرواية ومشاهدة الفيلم للمرة الثانية يمكن أن أتفهم سبب سخط كينج على الفيلم ومخرجه، فبسهولة شديدة يمكنك أن تحصي عدد الأختلافات الكبيرة التي قام بها كوبريك في نص الكتاب الأصلي، التي غيرت في بناء الشخصيات ودوافعها، ودوافع الشر الذي يطارد أبطالها وكينونته وحتى النهاية بكل تفاصيلها.

ما يقودنا إلى الجدلية الشهيرة في الأقتباس السينمائي من الأعمال الأدبية، وهل على مخرج الفيلم أو المسلسل الالتزام بالنص الأدبي؟ هل هناك ما يسمى بالاقتباس الأمين؟ هل يجب أن يكون الاقتباس أمينًا بالأساس؟

ولكن على الرغم من معرفة كينج بإجابة هذا السؤال، ورضاه عن أفلام أخرى مقتبسة من أعماله لم تلتزم بتفاصيل رواياته إلا أن هذا الفيلم ظل كالشوكة في حلقه.

بوسترات جديدة لفيلم Doctor Sleep توضح علاقته بفيلم The Shining الشهير


على الحافة بين الجزء الأول والرواية 

فيلم Doctor Sleep

مخرج فيلم Doctor Sleep هو مايك فلانجان الذي تحمل سيرته الذاتية عدد قليل من الأعمال لكن يجمع بينها أن أغلبها يندرج تحت تصنيف الرعب، والأهم أنها أعمال جيدة بحق بشهادة الجمهور والنقاد، نحن هنا نتكلم عن أعمال مثل فيلم Gerald’s Game – المقتبس كذلك من رواية لستيفن كينج – ومسلسل مثل The Haunting of Hill House وغيرها.

كان على مخرج فيلم Doctor Sleep أن يقوم بتحدي صعب للغاية، وهو أن يقدم فيلمًا مقتبسًا من رواية مبنية أحداثها على رواية أخرى وفي ذات الوقت فيلمًا هو الجزء الثاني من فيلم أحداثه مختلفة بصورة شبه جذرية عن الرواية الأصلية، كان عليه صنع مزيجًا من ثلاثة أعمال مختلفة ويقدم في النهاية عملًا متماسكًا مقنعًا لكل من محبي الروايات ومحبي فيلم The Shining كذلك.

رواية طبيب النوم أو Doctor Sleep  مثل أغلب أعمال ستيفن كينج مليئة بالتفاصيل الدقيقة المضفرة بعناية مع الشخصيات والأحداث، ولذلك محاولة التخلص من هذه التفاصيل من أجل تبسيط العمل وجعله أكثر سهولة في الأقتباس السينمائي غالبًا ما يخل ببناء الشخصيات، فنجد أن دوافعها غير واضحة أو أفعالها غير منطقية بصور كافية، وبطل الرواية والفيلم هذه المرة هو داني تورنس الطفل ذو قدرة “البريق” الذي استهدفه فندق الأوفرلوك في الفيلم الأول، هذه المرة نقابله رجلًا ناضجًا يعاني من كرب ما بعد الصدمة التي حدثت في طفولته.

وقد عانت شخصية داني من التهميش في فيلم ستانلي كوبريك على حساب شخصية الأب جاك التي قدمها جاك نيكلسون، فكان على مايك فلانجان – وهو كاتب سيناريو الفيلم كذلك- ألا يقدم فقط الشخصية من الجزء الثاني، ولكن كذلك أن يصنع لهذه الشخصية جذورًا تجعل أفعالها منطقية.

ربما ما جعل هذا الفيلم جيدًا بحق هو الميزان الحساس لدى فلانجان في عملية تقليص الرواية التي قاربت من الـ 500 صفحة، فأزاح تفاصيل غير محورية لهذه الدرجة أو تلك، وفي ذات الوقت احتفظ بالتفاصيل الدقيقة لبداية الرواية التي أسست لشخصية داني تورنس الناضج، ولكن كذلك لم يلتزم بصورة دقيقة، بل على العكس أجرى تغييرات متعددة، خاصة في مصائر الشخصيات يمكن اعتبارها قاسية ولكنها منطقية تبعًا لأحداث الفيلم.

وخلال عمله على ذلك لم ينسى أبدًا فيلم ستانلي كوبريك، بل ظهر بوضوح إعجابه الشديد للفيلم، ليجعل المشاهد يتذكره المرة تلو الأخرى، بل جعل فيلمه يبدو كما لو إنه لم يفت أكثر من أشهر على تصويره بعد فيلم The Shining، وظهر ذلك في اختيار الممثلين الذين قاموا بدور داني ووالدته ويندي بعد حادثة الأوفرلوك مباشرة، أو المكياج، أو ظهور جاك تورانس بشكل مبهر للغاية، أو حتى الديكورات في مشاهد الأوفرلوك التي أخذت بالضبط من الفيلم الأصلي.

كل ذلك استدعى مجهودًا إضافيًا من فلانجان، الأمر الذي لم يكن مطالبًا حتى به، لأن تلك المشاهد كلها لم تكن موجودة في الرواية الأصلية، بل أن ذلك فعل حب من صانع أفلام شاب اتجاه صانع أفلام خارق للعادة، واحترام لمسيرة الأخير ولمحبة جمهوره لفيلم لم يٌنسى على الرغم من مرور ثلاثين عامًا على عرضه.

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.