🎞️ Netflix

مسلسل Doctor Who يتخطى الـ 60 عامًا.. لماذا فشلت النسخة الأنثوية من الدكتور👩‍🔬؟

Doctor who 60 years 2024 series arageek art أراجيك فن
ساندي ليلى
ساندي ليلى

17 د

عندما سُئل العالم الشهير ستيفن هوكينغ عن احتمالية وجود حياة خارج الأرض أجاب: "من المحتمل أن تكون الكائنات الفضائية أكثر تقدماً منا بكثير، إن تاريخ الأجناس المتقدمة التي التقت بأشخاص أكثر بدائية على هذا الكوكب ليس سعيداً جداً، وكانوا من نفس النوع أعتقد أن من الأفضل لنا أن نبقي رؤوسنا منخفضة". 

ماذا يوجد هناك خلف تلك السماء المرصعة بالنجوم؟ هل هناك كائنات عاقلة سوانا في هذا الكون الفسيح؟.. لا شك أن هذا السؤال تردد في ذهن أول بشري قرر أن يرفع رأسه وتأمل الفضاء فكرة ممتازة.

إنه الفضاء ذلك العالم الشاسع الغامض الممتد الذي يسبح فيه كوكبنا كثمرة برتقال منسية في قلب المحيط الأطلسي رغم كل التطور التقني والتكنولوجي الهائل الذي وصلت إليه البشرية.

إلا أن هذا السؤال ما زال عصياً عن الإجابة، لقد شغل الفضاء ألمع العقول البشرية وقضى أفضل علمائنا حياتهم محاولين كشف القليل من أسرار هذا العالم الغامض فكشفوا الثقوب السوداء والنسبية والمدارات وغيرها مضيفين الكثير على العلم الذي عرف باسم الفيزياء الفلكية والذي يعتبر أحد أهم العلوم وأكثرها غموضاً وصعوبة.

يركز هذا العلم على دراسة الفضاء وإيجاد أفضل الطرق لاختراق أسراره وكشف وجود أي حياة عاقلة فيه، في الواقع هناك بعض الهيئات العلمية الرصينة تحاول إيجاد طريقة لإبلاغ المخلوقات العاقلة الأخرى أننا هنا لو كانوا موجودين أصلاً!

لم يكتف الفضاء بشغل عقول العلماء فقط، إذ أنه اخترق بغموضه عالم الأدب، لينشأ نوع جديد غير المطروق من الأدب عرف باسم الخيال العلمي وهو الأدب المتخصص في مغامرات الفضاء.

هذا النوع من الأدب امتلك مجموعة من أفضل الروائيين الغربيين كجول فيرن والعرب كالراحل نبيل فاروق الذين أغنوه بمغامرات خيالية رائعة؛ لقد حاول هذا النوع من الأدب وضع نظريات ممتعة حول ماهية المخلوقات التي قد نلتقي بها يوماً ما فتفنن خيالهم في خلق عوالم أسطورية ساحرة غريبة تجذب القارئ بمغامرات حماسية مثيرة غارقة في الخيال ومن عالم الأدب إلى السينما استمرت ألغاز الفضاء في كونها منجم ذهب لا ينضب لصناع أفلام الخيال العلمي.

فخرجت لنا أفلام مسلية كسلسلة جورج لوكاس Star Wars الشهيرة التي جعلت مصطلحات مثل دارث فيدار القوة ولوك سكايووكر ألفاظاً دارجة على كل لسان أو Star Trek المنافس الأقوى لحرب النجوم والذي حقق نجاحات أسطورية خاصة بين فئة الشباب المغرمين بسبوك والكابتن كيرك ومغامراتهم التي لا يبدو أنها ستنتهي.

ولا يمكن الحديث عن الخيال العلمي دون ذكر الأسطورتين السينمائيتين Space Odyssey 2001 للأمريكي الأسطوري ستانلي كوبريك و Solaris للروسي الأعظم أندريه تاركوفسكي يبدو أن صراع الفضاء الأمريكي الروسي امتد إلى السينما أيضاً. 

لقد حاولت كل الأعمال سالفة الذكر تقديم إجابة شافية لأهم سؤال يطرح عند الكلام عن الفضاء الخارجي؛ كيف هو شكل قاطني الكواكب البعيدة؟ أهم مخلوقات صغيرة خضراء اللون بهوائي خارج من رؤوسها أم هم كائنات لطيفة وديعة كـ ET تحفة سبيلبيرغ الشهيرة أم أنهم مخلوقات خالدة لطيفة ترغب في إنقاذ الكون؟. 

لقد قدم كل مبدع تصوره الخاص به لشكل الكائنات القادمة من وراء النجوم بعضها كان أسخف من أن يذكر وبعضها بقي خالداً وأصبح رمزاً ثقافياً يعتز به وبالطبع لا يمكن الحديث عن الكائنات الفضائية والمغامرات الرائعة دون ذكر الفضائي الشهير المعروف بلقب "الدكتور" الذي تناوب على تجسيده عدد كبير من أفضل ممثلي بريطانيا والذي رحب منذ أيام قليلة بممثله الـ 15. 

ولأجل هذه المناسبة السعيدة سنأخذك في "أراجيك فن" برحلة ممتعة لنتعرف معاً على أكثر الكائنات الفضائية شهرة وشعبية؛ الشخصية التي لا تزال مستمرة بنجاح حقيقي منذ الستينيات وحتى الآن فلنستقل الـ "تارديس" معاً ولننطلق في مغامرة لا مثيل لها مع شخصية لا مثيل لها إنه Doctor Who!


مَن هو Doctor Who؟

فيديو يوتيوب

ينتمي Doctor Who إلى جنس فضائي يعرف باسم أسياد الزمن من كوكب يدعى غاليفري يتميز هذا الصنف من الفضائيين بالمعرفة الكلية للزمان والمكان وحدود الكون الواسع.

اختار الدكتور أن يهرب بعيداً عن منزله بواسطة مركبة فضائية مسروقة كما ظهر في إحدى الحلقات القديمة للعمل تتخذ المركبة شكل كابينة هاتف خاصة بطلب الشرطة البريطانية في الستينات بلون أزرق داكن، لا أعلم حقاً إن كانت كابينات الشرطة لا تزال موجودة في لندن الحالية لكن الشكل المميز للمركبة الفضائية الشهيرة ثابت كنواميس الكون.

ولا يمكن تغييره بأي حال تعرف هذه المركبة الفضائية الرائعة باسم Time And Relative Dimension In Space أو اختصاراً TARDIS الاسم الذي دخل قاموس أكسفورد الشهير ليصبح كلمة لها معنى كمثال آخر على الطبيعة التي تقلد الفنان كما يقول أوسكار وايلد.

إنها وسيلة التنقل الأكثر تقدماً في الكون رغم مظهرها الخارجي الممل إلا أن أعماقها تخفي كنوزاً من التكنولوجيا ذلك أن التارديس تتيح لراكبها التنقل عَبر الزمان والمكان في غمضة عين لكن أفضل ما فيها أنها أحياناً لا تعمل بشكل جيد إذ يمكن لها أن تنقل الدكتور إلى نيويورك بدلاً من لندن أو حتى إلى أقصى حدود الكون عن طريق الخطأ.

كانت هذه لمسة محببة تضفي المزيد من التشويق والإثارة على مغامرات الدكتور الذي لا يختار مغامراته بنفسه بالضرورة في الواقع شهرة التارديس توازي شهرة الدكتور نفسه؛ من ذا الذي يرفض مغامرة مجهولة المصير في مركبة فضائية تتنكر ككابينة شرطة بريئة! 

أمًا الدكتور نفسه فهو واحد من أكثر شخصيات التلفزيون غموضاً، وقد أثبت نفسه في عالم يزدحم بالمحققين مرعبي الذكاء والمحاربين شديدي الحماس لقطع الرؤوس، لا يمتلك الدكتور اسماً وقد قيل في إحدى الحلقات أن اسمه عصي عن نطق البشر وهذا الغموض لا يزال مستمراً منذ ستة عقود دون إجابة إنه الدكتور ولا اسم آخر له.

يجوب الدكتور الزمان والمكان والفضاء أيضاً لمحاربة المخلوقات الشريرة التي تبدو مرعبة بحق أحياناً ولطيفة بشكل مميت أحياناً أخرى لكنها جميعاً تنوي إيذاء الآخرين وتطمح لإفناء البشرية لهذا يحاول الدكتور دوماً إيقافها عند حدها وأحياناً أخرى يحارب الدكتور بني جنسه أنفسهم.

أسياد زمن لا يتمتعون برؤيته المتسامحة للكون كعدوه اللدود فائق الذكاء والشر المعروف باسم السيد The Master يبدو أن أسماء أسياد الزمن سر لا يمكن إفشاؤه تحت طائلة الموت، إنه بطل من نوع خاص قد لا يستطيع إطفاء النيران بأنفاسه لكنه قادر على حماية الكون بسعة الحيلة والذكاء. 

الدكتور شخصية محببة بشكل لا يصدق؛ إنه مزيج لطيف من عالم ومستكشف ومغامر وطفل أحمق ويمتلك حساً فكاهياً غريباً كما أنه شخص مسالم للغاية ويتألم حقاً عندما يضطر لإيذاء أي كائن، حتى لو كان هذا الكائن يمتلك ستة صفوف من الأنياب القاتلة الجاهزة لتمزيقه.

لا يمتلك الدكتور أي قوة خارقة على عكس الفضائي الآخر سوبرمان الذي يستطيع لي قضبان الحديد بسبابته ومع ذلك فالدكتور يشبه البشر بشكله الخارجي فقط؛ إذ أنه ككل جنس أسياد الزمن يمتلك قلبين لا قلباً واحداً كما أن درجة حرارته منخفضة قياساً بالبشر.

إضافة إلى ذكاء رهيب يستخدمه لهزيمة أعدائه الأمر الذي يجعله الفضائي الأكثر شعبية على الإطلاق لكن أهم قدرات الدكتور تلك القدرة التي تعرف باسم التجدد؛ فالدكتور كائن خالد بطريقة غريبة إذ أنه وعند اقترابه من الموت يستطيع أن يعيد نفسه للحياة لكن بوجه مختلف أصغر سناً في المعتاد وهذا التجدد منح المسلسل قابلية التغير والتطور فالدكتور لا يصبح عجوزاً ثقيل الحركة أبداً لأنه متجدد دوماً وجه جديد مغامرات جديدة وروح مختلفة عما سبق.

لا يمكن لأي مغامر أن يخوض مغامرة بلا رفيق يساعده في فهم البشر والدكتور يحتاج مَن يشرح له البشر ويساعده في مغامراته بكل تأكيد فهو وبشكل دائم يمتلك مرافقاً من البشر يساعده ويخوض معه مغامراته الجنونية يتغير كل فترة فالمرافقون لا يستطيعون التجدد والتقدم في العمر أمر محتوم لهم كالموت.

في الواقع كان التجدد وتغير المرافقين يعني أن المسلسل سيحصل على رونق جديد كل بضعة أعوام كطبقة طلاء لامعة بدلاً من ذلك المتقشر الأمر الذي يضمن استمرار الديناميكية والتغير المستمر خاصة أن كل مرافق يضفي وبمهارة إحساساً مختلفاً عن المرافق الآخر.

وتكمن أهميتهم الكبرى أن وجودهم يسمح لنا برؤية الدكتور عَبر مجموعة متنوعة من العيون والأسئلة التي تكشف القليل جداً من أسرار الدكتور الكثيرة؛ إذ إن تقديم الإجابات الصحيحة طبيعة متأصلة فيه لحسن حظنا، تربط علاقة صداقة وثيقة الدكتور بمرافقيه.

بل أن لكل دكتور مرافقاً خاصاً به يرتبط معه ارتباطاً قوياً يخلق مواقف رائعة فالدكتور يعامل مرافقيه البشريين معاملة رفاق رحلة ممتعين رغم أنه أشد ذكاءً بكثير منهم لا كتابعين أقل منه شأناً وهذا جزء آخر من جاذبيته الكبيرة.

يمتلك العمل شعبية كاسحة في بريطانيا ويعتبر رمزاً ثقافياً وطنياً للمملكة، أمًا الدكتور نفسه فشعبيته تكاد توازي شعبية عميل الاستخبارات المفضل لنا جميعاً جيمس بوند وقد انتقلت هذه الشعبية إلى خارج بريطانيا مع تجدد العرض وإضافة المزيد من القصص المثيرة للخيال.

لهذه الشعبية أسباب كثيرة أهمها شخصية الدكتور الفريدة من نوعها فهو بطل بلا بطولة لا يكترث إطلاقاً لإخفاء غرابة أطواره أو امتلاك شخصية سرية ما؛ إنه الدكتور دومًا وأبدًا لطيف مرح أخرق قليلاً يخوض مغامرات خرافية لا يمكن تخيلها وينجو منها جميعاً لا لأنه يطلق الليزر من عينيه بل لأنه ذكي شجاع يمتلك أصدقاء مخلصين جاهزين لمغامرات خطرة مميتة معه.

لقد استطاع الدكتور أن يصمد ستة عقود كاملة في وجه تغيرات لا تنتهي وتقلبات جماهيرية كادت أن تطيح به لكنه عاد مجدداً وبقوة ليبقى كما كان منذ ظهوره شخصية بريطانية صميمة خارجة من أعمق أعماق الخيال.


بطل بألف وجه 

ظهر مسلسل Doctor Who للوجود عام 1963 وقد استطاع منذ اللحظة الأولى لفت الانتباه بفضل قصته الممتعة وشخصية الدكتور الجذابة، كان الدكتور الأول هو الممثل ويليام هارتنيل الذي كان في الـ 55 من عمره لكنه لم يعد يستطيع أداء الشخصية بعد تفاقم مرضه.

اتجه ذهن صناع العمل لفكرة رائعة أسست لسلسلة أسطورية لاحقاً طالما أن الدكتور مخلوق فضائي؛ إذًا فلنمنحه قدرة التجدد كانت هذه الفكرة على بساطتها عبقرية إذ سمحت بتغيير الممثل بآخر أصغر سناً دون المخاطرة بإثارة استياء المشاهدين.

فكان باتريك تراوتون هو الدكتور الثاني وهكذا حتى تناوب 15 ممثلاً على أداء الشخصية نفسها وقد استطاع كل منهم أن يترك بصمته الفريدة من نوعها وأن يقدم ما يلائم شخصية الدكتور من وجهة نظره ورؤيته الخاصة له، ففي الحقيقة يختلف كل تجسد للدكتور عن الآخر لا على صعيد الشكل الخارجي فحسب بل على صعيد الشخصية أيضاً.

الأمر الذي أضاف ديناميكية بارعة للعمل ميزته عن أي عمل آخر ومنحته تفرداً خاصاً به تفرد سمح له بالعودة بعد طول غياب عام 2005 مع التجسد التاسع للدكتور عن طريق كريستوفر إكسيليسون الذي تلاه ديفيد تينانت الدكتور العاشر الذي يعتبره الكثيرون أفضل تجسيد ممكن للدكتور وأكثرهم قرباً لقلب المشاهد بملامحه البريئة ومرحه وغرابة أطواره.

استولى ديفيد على قلوب محبي مسلسل Doctor Who حتى أن مات سميث الذي تلاه في تجسيد دور الدكتور واجه صعوبة في نيل رضا المشاهدين المتعلقين بديفيد وشخصيته لكن مات قام بعمل رائع واستطاع المسلسل اختراق حدود بريطانيا ليصبح انتشاره عالمياً في عهده، لقد استطاع كل ممثل إضافة شيء من نفسه للشخصية بعضهم حقق نجاحات لافتة وبعضهم وقع ضحية لعدم تقبل الجمهور له أو ببساطة لسوء كتابة الحلقات. 

إن تناوب الممثلين على تأدية شخصية الدكتور شبيه بما يحدث لشخصية جيمس بوند الذي تناوب على تأدية دوره عدد ضخم من الممثلين لكن فيما يشترط على بوند الوسامة وطول القامة والعيون الزرقاء يمتلك الدكتور حرية مطلقة من الناحية الجسدية يمكنه أن يكون شاباً أو عجوزاً ويمكنه ألا يكون رجلاً في الأصل.

ومن البديهي أن الإعلان عن الدكتور القادم أمر شديد الإثارة وفخر قومي لأي ممثل بريطاني لكن أهم شرط هو أن الوجه لا يتكرر إلا في حال كان الممثل رائعاً بشكل لا يصدق أي كان ديفيد تينانت الأمر الذي يطرح تساؤلاً مهماً؛ ما الذي يجعل ديفيد تينانت أفضل دكتور على الإطلاق؟ 

بالنسبة لكثير من عشاق عالم Doctor Who يعتبر ديفيد تينانت أفضل من جسّد هذه الشخصية على الإطلاق إنه الدكتور الأكثر شعبية وروعة ولعل هذه الشعبية الأسطورية كانت الدافع الأساسي الذي جعل مدير العرض ديفيز يقرر إعادة ديفيد مرة أخرى ليكون التجسيد الـ 14 للدكتور في لفتة غير المسبوقة قطعاً فحسب قوانين التجدد يستحيل على الدكتور أن يمتلك نفس الوجه مرتين.

لكن تينانت الذي انتهى عهده كالدكتور عام 2010 لا يزال محبوباً بشدة كما أنه يمتلك شعبية كاسحة جعلت الجمهور يتغاضى عن أسباب عودته لقد عاد وكفى.

هناك أسباب كثيرة تجعل ديفيد تينانت أفضل دكتور على الإطلاق لكن أبرز الأسباب كان أداءه الجذاب غريب الأطوار الذي جعله محبباً على الفور بقامته النحيلة وملامح وجهه البريئة التي تشعرك أنه طفل ضل طريقه في مدينة الملاهي استطاع ديفيد تقديم ما لم يقدمه أي ممثل آخر؛ خلفية إنسانية درامية مؤلمة لشخصية الدكتور جعلتنا نشعر أنه حقيقي نوعاً ما وأنه أكثر من مجرد مغامر فضائي.

لقد كان تينانت مدركاً لأهمية وجود الدكتور كسمكة خارج الماء؛ فهو في نهاية الأمر كائن فضائي لكنه منحه بعداً إنسانياً محبباً جعله مليئاً بعيوب أضافت رونقاً خاصاً للشخصية إنه ليس بطلاً خارقاً في النهاية.

في الواقع كان الدكتور نسخة تينانت هو الأكثر ذكاءً بما لا يقاس؛ إذ أن ذكاءه تحول إلى جزء طبيعي من شخصيته وسلاحاً مهماً في معاركه بطريقة لم يفعلها أي دكتور آخر.

قد يبدو مغروراً بعض الشيء أحياناً لكن أداء تينانت يجعل غروره محبباً كأستاذ جامعة مخبول بعض الشيء كما أن هدوءه الشديد في وجه الخطر جعل الجمهور مغرماً به بشدة فعقله لا يهدأ ويتنقل باستمرار وشخصيته تعكس ذلك بالتأكيد، كما استطاع ديفيد منح الدكتور حساً فكاهياً رائعاً فهو يصر على إلقاء النكت حتى وهو على وشك قضاء نحبه.

فالحالة المزاجية الخفيفة مهمة بالتأكيد لكن حسه الفكاهي هذا يتعارض مع بعض العيوب الواضحة في شخصيته كرفضه التام لأي نقد من أي كان وعدم فهمه للتهكم أحياناً لكن هذه العيوب تمنحه بعداً إنسانياً محبباً.

لقد كانت هذه الأسباب أبرز ما جعل ديفيد تينانت دكتور رائعاً بما لا يقاس وجعل عودته بعد غياب 13 عاماً أفضل ما حدث بالنسبة لعشاق عالم المسلسل الذين استطاعوا رؤية الوجه الوسيم وتسريحة الشعر الغريبة لأفضل دكتور على الإطلاق.

في ثلاث حلقات مثيرة رائعة قدمت أفضل خاتمة ممكنة لنسخة تينانت الذي أثبت أن غيابه الطويل لم ينسه كيف يكون جذاباً مرحاً رائعاً بشكل لا يصدق، وجعلت الجمهور متسامحاً للغاية مع فكرة عودة نفس الممثل مجدداً لتجسيد الدكتور لقد منحت هذه الحلقات الخاصة الدكتور نسخة ديفيد تينانت نهاية رائعة وختاماً يليق بأفضل تجسيد لشخصية رائعة استثنائية.

لكن عودة تينانت لم تكن السابقة التاريخية الأولى؛ إذ أن هناك سابقة أخرى أثارت جدلاً حاداً بين رافض ومرحب بتغيير غير المطروق لشخصية خيالية شهيرة.


النسخة الأنثوية من Doctor Who

لحوالي ستة عقود نجح مسلسل Doctor Who في فرض نفسه كأطول سلسلة خيال علمي في التاريخ حتى أنه دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية تحت هذه الفئة وطوال أعوام طويلة تناوب عدد كبير من الممثلين الذكور على تجسيد هذه الشخصية واستطاع كل منهم ترك بصمة تميزه عن غيره.

لقد كانت فكرة التجدد عبقرية بلا شك فلولاها لما استطاع الجمهور تقبل التغير الدائم المستمر لوجه الدكتور وسمحت للمسلسل بالتجدد إلى مالا نهاية، إن الإعلان عن وجه الدكتور الجديد يحمل دومًا الكثير من الإثارة والترقب وقد يكون مفاجئاً أيضًا.

لكن عام 2018 حمل مفاجأة من نوع آخر؛ إذ تم الإعلان عن وجود جودي ويتاكر كأول امرأة تجسد دور الدكتور في سابقة تاريخية قوية أثارت موجة واسعة من الإثارة؛ إذ إن وجود جودي في دور الدكتور كان مبشراً بحقبة جديدة أكثر تحرراً بعد أعوام طويلة من التركيز النموذجي على الذكور البريطانيين البيض، لكن هذا الترقب الشديد تحول إلى خيبة أمل قاسية بعد عرض الموسم الذي جعل من أول تجسيد أنثوي للدكتور كابوساً مقيماً

كبداية تزامن عرض العمل مع تفشي جائحة كوفيد-19 لكن هذا لم يكن سبب الفشل بل هو أحد العوامل التي ترافقت مع كتابة سيئة للغاية وتسخيف غير المقبول للشخصية، كان وجود امرأة في دور الدكتور أمراً يعد بتقديم وجهة نظر مختلفة عن كل ما سبق.

فالدكتور يرى الأمور هذه المرة من وجهة نظر أنثوية يفترض بها أن تكون أكثر أمومية ورقة، لكن كان هناك انفصال غريب بين ويتاكر والدكتور وحاولت بشكل غريب أن تلغي أي جانب أنثوي من شخصية الدكتور ولم تتفاعل بحق مع الشخصية ككائن فضائي يبلغ عمره ألفية كاملة.

إذ بدت ضيفة شرف تقبع خلف قصص رفاقها ذوي الأعراق المختلفة رغم أن ويتاكر كانت جيدة إلى حد ما لكنها فشلت تماماً في ترك بصمتها الخاصة على الشخصية وبدت نسخة غريبة مبتذلة من الدكتور، خالية من العمق غير الإنسانية حتى بالنسبة لكائن فضائي عجوز.

لقد اجتمعت الكتابة الفظيعة مع أداء ويتاكر المتململ في جعل الموسم أقل عمقاً بكثير مما ينبغي عليه وجود أول دكتور أنثى حيث تم التعامل مع الفكرة بشكل سطحي مزعج بدلاً من التعمق في هذه السابقة التاريخية والسماح للمشاهد برؤية جانب مختلف لأول دكتور أنثى على الإطلاق.

لقد قوض مدير العرض كريس شيبنال أهمية تجسيد ويتاكر باعتبارها أول امرأة تجسد شخصية الدكتور بطريقة مزعجة ولم تساعد كتابته السيئة على إضفاء أي تميز على واحد من أكثر التغييرات جذرية منذ بداية المسلسل لكن الأسوء كان الصورة النمطية التي قدمها المسلسل لأهم وأقسى ما يعانيه المجتمع المعاصر.

العنصرية سواء كانت العنصرية ضد السود أو حتى ضد النساء إذ قدمت هذه الأفكار بطريقة سطحية خالية من المعنى من خلال مجموعة المغامرات المملة التي خاضتها الدكتور الجديدة مع رفاقها بطريقة جعلت حقيقة وجود امرأة بدور الدكتور أمراً محبطاً خالياً من أي تميز ممكن رغم وفرة الإمكانيات لتقديم قصص رائعة خلاقة.

كان تقديم النسخة الأنثوية من Doctor Who الأسوأ على الإطلاق، كان بالإمكان تقديمه بشكل أكثر عمقاً بكثير خاصة مع وجود ويتاكر التي كان بإمكانها منافسة 12 رجلاً سبقها في تجسيد الدور وترك بصمتها الخاصة التي كانت لتضمن لها الخلود كأول تجسيد أنثوي لشخصية رجولية.

لكن التعامل السطحي وطمس الجانب الأنثوي من الشخصية جعل وجود دكتور أنثى أسوأ كابوس يمكن لمعجبي السلسلة أو حتى النقاد تخيله. إن ويتاكر ممثلة رائعة بحق لكن حتى السير أنتوني هوبكنز شخصياً كان ليفشل لو قدم عملاً بكتابة فاشلة غير المتقنة.

من الصعب بحق الحكم على أداء ويتاكر أو حقبتها كالدكتور لكن تمنينا جداً لو ركز العمل على تصوير معاناة الدكتور كواحد من النساء وتحدي الذكوريين الذين يرون أن المرأة أقل شأناً حتى لو كانت مخلوقاً فضائياً يبلغ ألف عام من العمر لقد كان وجود ويتاكر بدور الدكتور فرصة ضائعة للغاية.

لكن الذنب الحقيقي يقع على عاتق كريس شيبنال الذي نجح بصفته مديراً للعرض في تقديم أكثر حقبة مخيبة للآمال ولم تترك أي ذكرى طيبة في نفوس الجمهور الذي شعر بقدر كبير من الراحة مع الإعلان عن رحيل شيبنال الذي أضاع فرصة ذهبية لن تتكرر كانت لتجعله أسطورة تلفزيونية.

لكن التعامل السطحي البارد مع حقيقة وجود أول امرأة بدور تاريخي كالدكتور حطم هذه الفرصة وجعلها أسوأ ما يمكن لأي مدير عرض تقديمه، أمًا ويتاكر فلا يمكن لومها حقاً فقد قدمت ما بوسعها لكن الكتابة السيئة وضعف تعمقها في شخصية الدكتور جعل وجودها خالياً من أي أثر وأقسى خيبة أمل في تاريخ العمل الممتد لـ 60 عاماً.

لكن يبدو أن عودة ديفيد تينانت كالدكتور الرابع عشر وراسل تي ديفيس كمدير للعرض كان تعويضاً مقبولاً عن خيبة الأمل القاسية التي خلفها شيبنال خاصة مع دخول ديزني بلس على خط الإنتاج الأمر الذي سيعني حلقات أفضل إنتاجباً وقد يحمينا من خيبة أمل أخرى يمكن أن يقدمها لنا الدكتور الـ 15 الذي مهد له ديفيد تينانت الطريق ببراعة والذي يبدو أنه سيتعلم الكثير من الإخفاق المؤلم لجودي ويتاكر بحيث يترك بصمة رائعة تميزه بحق.


 الدكتور الأكثر تحرراً على الإطلاق! 

كأول دكتور من أصول إفريقية استطاع شوتي ترك انطباع جيد بحق خاصة أنه خلف الدكتور الأكثر شعبية بما لا يقاس ديفيد تينانت، ينحدر شوتي من أصول راوندية إسكتلندية وقد اشتهر بدوره في مسلسل نتفليكس شديد الجدلية Sex Education لذا فقد كان هناك حالة قلق وترقب بين عشاق السلسلة حول قدرته على أداء الشخصية كما يجب.

لكن كل هذا القلق تبدد فوراً بعد عرض حلقة عيد ميلاد خاصة بالذكرى الستين حملت اسم The Giggle والتي قدمت المغامرة الأولى للدكتور الـ 15 حيث التقى فيها بمرافقته الجديدة روبي صنداي اليتيمة التي تعاني من سوء حظ خرافي وقد نجحت في تكوين رابطة كيميائية لطيفة مع الدكتور وحاربا معاً العفاريت التي تحب التهام الأطفال وتمتلك موهبة موسيقية مدهشة أيضاً. من الذي لم يعجب بأغنية العفاريت ذات الإيقاع الراقص؟ 

لقد نجح شوتي وبشكل فوري في فرض بصمته الخاصة على الشخصية معلناً أنه سيكون الدكتور الأكثر تحرراً بعد دزينة من البريطانيين ذوي المعاطف المتشابهة سواء بملابسه الأنيقة الملونة أو بابتسامته العريضة المعدية، لقد أثبت أنه سيكون دكتور رائعاً بحق منذ اللحظة الأولى وأنه مختلفاً عن كل من سبقه في تجسيد الدور وأنه سيحترم شخصية الدكتور تماماً فهو ذكي جداً لدرجة أنه فهم لغة الحبال في لحظة لكنه أيضاً شديد الأناقة ملابسه ملونة زاهية مرح ومغن بارع طبعاً. 

لقد استطاع شوتي سلب قلوب الجمهور الذي بدأ يفتقد تينانت مجدداً وجعلهم شديدي الحماس لرؤية مغامراته التي ولحسن الحظ ستكون تحت إشراف مدير عرض بارع هو المبدع راسل ديفيز مما يعني كتابة متقنة مغامرات رائعة واحتراماً مؤكداً لحقيقة أن شوتي غاتوا هو أول دكتور من أصول إفريقية وهذه حقيقة لا ينبغي أن تمر مرور الكرام.

إننا نأمل وبشدة أن يتمكن شوتي من ترك أثر حقيقي كواحد من أفضل الممثلين الذين جسدوا هذه الشخصية الرائعة التي لا تزال وبعد ستة عقود طويلة قادرة على الصمود في وجه عالم يتغير في كل دقيقة وعلى إثارة جدلية لا تنتهي حول من يجسدها، إن Doctor Who ليس مجرد مسلسل خيال علمي عادي إنه أسطورة تلفزيونية لن تنسى ولو جاء يوم توقف فيه عن الظهور على الشاشات فإن الفراغ الذي سيتركه سيكون قاسياً غريباً بما لا يقاس!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

“Doctor Who”، المسلسل البريطاني الأيقوني الذي أثرى عالم التلفزيون لأكثر من ستة عقود، قدم لجمهوره مغامرات خيالية غامرة عبر الزمان والمكان. ومع مرور الوقت، تناوب على تجسيد الدكتور العديد من الممثلين، كل منهم أضاف طابعًا فريدًا للشخصية. إلا أن القرار بتقديم النسخة الأنثوية من الدكتور، الذي تمثل في اختيار الممثلة جودي ويتاكر للدور في عام 2018، واجه استقبالًا متباينًا، مما أثار نقاشات حول تأثيره على مسار السلسلة.

لفهم السياق الذي أدى إلى تلك النتائج، من الضروري النظر إلى العوامل المتعددة التي أثرت على استقبال هذا التغيير. أولاً، “Doctor Who” ليس مجرد مسلسل تلفزيوني؛ إنه جزء لا يتجزأ من الثقافة البريطانية، ويحمل توقعات ثقيلة من جمهوره العالمي. لذا، كل تغيير كبير يُعرض للمجهر ويُناقش بشكل مكثف.

تقديم جودي ويتاكر كأول دكتورة أنثى كان بمثابة لحظة تاريخية في تاريخ المسلسل الطويل. كان هذا التحول يهدف إلى تجديد العرض وجذب جمهور جديد، مع الحفاظ على المعجبين الحاليين. ومع ذلك، كانت الكتابة وتطوير الشخصية خلال فترة ويتاكر موضع نقد. العديد من المشاهدين والنقاد أشاروا إلى أن السيناريوهات لم تستغل بشكل كامل الإمكانيات التي يمكن أن تقدمها شخصية الدكتورة، مما أدى إلى شعور بالإحباط لدى الجمهور.

التحديات التي واجهت النسخة الأنثوية من الدكتور لم تكن مرتبطة فقط بالتغيير في الجندر، بل تعقدت أكثر بسبب التوقعات العالية والمقارنات مع الدكاترة السابقين. بعض المعجبين شعروا بأن الشخصية فقدت بعض عمقها وتعقيدها، الذي كان يميز تجسيداتها السابقة. هذه الملاحظات تطرح أسئلة حول كيفية تطوير شخصيات في عوالم خيالية بطرق تحافظ على جوهر الشخصية مع التكيف مع التغييرات الثقافية والاجتماعية.

من المهم الإشارة إلى أن جودي ويتاكر قدمت أداءً متميزًا في دور الدكتورة، مظهرة مهارات تمثيلية رائعة وملتزمة بالشخصية التي تجسدها. القيود التي واجهتها كانت تتعلق أكثر بالسياق الأوسع للعرض، بما في ذلك الكتابة والتوجيه، وليس بأدائها كممثلة.

الدروس المستفادة من فترة جودي ويتاكر في “Doctor Who” تتجاوز النقاش حول نجاح أو فشل النسخة الأنثوية من الدكتور. إنها تسلط الضوء على التحديات الأوسع لتحديث السلاسل التلفزيونية الطويلة بطرق تحترم تراثها مع استكشاف آفاق جديدة. بالنظر إلى المستقبل، يظل “Doctor Who” رمزًا للإمكانيات اللامحدودة في الخيال العلمي، وهو دعوة مستمرة للمبدعين لاستكشاف العوالم الجديدة بشجاعة وابتكار.

المقال مترجم بشكل واضح من التركيبات اللغوية، و هو عبارة عن مقاطع متناثرة كما لو كانت كتبت اصلا بالذكاء الاصطناعي.