الأفلام الغنائية  المصرية من التنوع للإختفاء… أهم الأفلام الغنائية منذ بدايتها

تعد الأفلام الغنائية واحدة من أكثر أنواع الأفلام التى تميزت بها السينما المصرية لسنوات متعاقبة، وخاصة فترة الخمسينات والستينات والتى تعتبر من أزهى عصور الأفلام الغنائية وذلك يرجع إلى التنوع الكبير فى أنواع الموسيقى المقدمة ووجود فنانين كبار أثروا الحياة الفنية وقتها بأروع الأغانى والألحان وكذلك الإستعراضات  والتى تعد “فرقة رضا” هى بطلها بلا منازع .

ولكن مع الوقت ودخول عصر (سينما المقاولات) فى فترة السبعينات، وتطور المحتوى السينمائى من جديد فى الثمانينات من حيث المضمون والإخراج، بدأ ينحصر ذلك النوع من الأفلام حتى عاد للظهور مرة أخرى على إستحياء فى فترات متباعدة فى التسعينات وبداية الألفية الجديدة، مع ظهور جيل جديد من المطربين والفنانين الإستعراضيين، إلا أن تلك الأفلام لم تكن على نفس مستوى ما تم تقديمه فى مرحلة سابقة للسينما المصرية الأمر الذى يطرح تساؤلات كثيرة حول سبب إنحداره واختفائه تقريباً رغم جذبه للجمهور وتفاعلهم معه، ومساهمته بشكل كبير فى التثقيف الموسيقي لمتابعيه وفى هذا المقال نستعرض أبرز الأفلام الغنائية المصرية والتى تم تقديمها منذ بداية ظهور ذلك اللون من الأفلام وحتى الآن.

عقب إنهيار المسرح الغنائى فى مصر وحدوث الأزمة الإقتصادية عام 1930، تم تقديم فيلم (أنشودة الفؤاد) فى الرابع عشر من إبريل عام 1932 وهو اول فيلم غنائى مصرى، وقام بالتمثيل فيه كلاً من “جورج ابيض”، “عبد الرحمن رشدى” ،” نادرة أمين”، و”زكريا احمد” وهوللمخرج الإيطالى السكندرى “ماريو فولبى” وسيناريو “إستيفان روستى” و”أدمون نحاس”، أما الحوار “خليل مطران”، وهذا الفيلم من إنتاج نحاس سيفنكس فيلم، وهو أيضاً يعد من أوائل الأفلام الناطقة، ويحكى قصة راقصة أجنبية يقع في حبها شخص ثرى ويقع شخص آخر في حبها يعمل عنده، ويقع خلاف بين هذا الشخص وزوجته، وتستعين بشقيقها الذي يطلق عليه النار وتموت زوجته بعد أن تنجب طفله وتستمر القصة، وفى الفيلم قدمت المطربة “نادرة” عدد من الاغانى مثل : أمسعدي، يا بحر النيل، يا غالى، وأنشودة الفؤاد.

مع نجاح أفلام “محمد عبد الوهاب” الغنائية فى بداية الأربعينات نجاحاً تجارياً ساحقاً، كان لهذا بالغ الأثر فى تشجيع المنتجين السينمائين على إنتاج أفلام غنائية لكبار المطربين والمطربات، ليظهر على الساحة نجوماً مميزين كان أبرزهم فريد الأطرش والذى قدم عدداً من الأفلام الغنائية منها :(إنتصار الشباب) مع شقيقته أسمهان، وكذلك أفلام (ما أقدرش)، (حبيب العمر)، (عفريته هانم)، (آخر كدبة)، (لحن الخلود)، وفيلم (أنت حبيبى) الذى قدمه مع شادية والذى يعد من أهم وأنجح الأفلام الغنائية التى تم تقديمها وضم ثنائياته مع شادية فى أغنية (يا سلام على حبي وحبك) وأغنية (زينة).

لم يمر وقت طويل حتى بدأت أجيال جديدة بالظهور خاصة فى الخمسينات والتى يعتبر نجمها الأول المطرب والملحن ” محمد فوزى” والذى كان يسبق جيله بكل المقاييس من حيث أنواع الموسيقى التى قدمها فى ذلك الوقت والتى تميزت بخفة ظلها وتنوعها وتجددها الدائم وقد قدم “فوزى” ما يقرب ال 36 فيلم كان أهمها: الزوجة السابعة، الأنسة ماما، بنات حواء، دايما معاك، وورد الغرام  والذى قدم فيه أشهرأغنياته (شحات الغرام) مع المطربة “ليلى مراد”، والتى بدورها تعد من أهم المطربات التى قدمت أفلام غنائية إستعراضية من إنتاج الفنان “أنور وجدى” والتى شملت الأغانى والرقص والفقرات الإستعراضية والفكاهية.

ساحرالأغنية الرومانسية فى عصره وفى أفلامه قدم العندليب العديد من الأغانى التى لا نزال نذكرها ونتغنى بها حتى الآن، حيث قدم (حليم) 16 فيلماً غنائياً نذكر منهم: ليالى الحب، الوسادة الخالية، يوم من عمرى، الخطايا.

بالإضافة إلى ثنائياته مع (شادية) فى أفلام : لحن الوفاء، دليلة، ومعبودة الجماهير.

الذى يعد من أهم وأنجح الأفلام الإستعراضية التى قُدمتها السينما المصرية، أنتج عام 1967 وأبطاله نجوم (فرقة رضا) للفنون الشعبية والذين قدموا أيضاً من قبله فيلم (أجازة نص السنة) عام 1962، ورغم مرور أكثر من 50 سنة على فيلم (غرام فى الكرنك) إلا أن السينما المصرية لم تنجح فى تقديم فيلم غنائى إستعراضى يضاهى ذلك الفيلم وتأثيره فيمن شاهده، والذى قدم وقتها أشهر الأغانى الإستعراضية ومنها: الأقصر بلدنا، حلاوة شمسنا، وحتشبسوت وغيرها التى قدمها المطرب “محمد العزبى” مع نجوم الفرقة .

واحدة من اشهر الثنائيات فى التمثيل والغناء أيضاً هو ما قدمه أستاذ الكوميديا ومهندسها ” فؤاد المهندس” والفنانة “شويكار” وذلك فى ستينات القرن الماضي، ومن أشهر تلك الأفلام الغنائية التى قدمها هذا الثنائى، فيلم (مطاردة غرامية) عام 1968 والذى قدما فيه إسكتش (قلبى يا غاوى خمس قارات) والذى يعد من أشهر الإسكتشات الغنائية، بالإضافة إلى أفلام : ( أنت اللى قتلت ببايا)، (أجازة غرام)، (ربع دستة أشرار).

يعد من أشهر الأفلام الغنائية الإستعراضية وتم إنتاجه عام 1976، وهو من بطولة عفاف راضى ومحمود ياسين وعبدالمنعم مدبولى وتوفيق الدقن وهو من تأليف “يوسف السباعى”، وإخراج “حسين كمال” وتم تقديم فيه عدد من الأغانى الإستعراضية من ألحان “بليغ حمدى” أبرزها : تبسم للنبى، يمكن على بالو حبيبى، وأغنية الصبر طيب التى أداها “عبدالمنعم مدبولى” بروعة شديدة .

فيلم (سمع هس) والذى قدمه الفنان الراحل “ممدوح عبدالعليم” والفنانة ” ليلى علوى ” عام 1991، وهو يحكى عن (حمص) و(حلاوة) الزوجان اللذان يعشقان الغناء ويقومان بتقديم أغانيهم فى الشوارع والموالد، يُعجب بلحنهم (صفصف) _الذى قام بدوره ” أحمد بدير”_ صاحب شركة تسجيل شرائط ويسجل لهما ألبوم غنائي، ولكن يُفاجآن بالمغنى (غندور) _والذى يؤديه ” حسن كامى”_ يسرق لحنهما ويستبدل الكلمات بكلمات أخرى ليحوله إلى أغنية وطنية وتنجح الأغنية نجاحاً كبيراً، إلا أن حمص وحلاوة يرفضان الإستسلام ويقرران مقاضاته بسبب سرقة اللحن ، والفيلم من تأليف ” ماهر عواد” وإخراج ” شريف عرفة” .

فيلم رشة جريئة تم إنتاجه عام 2001، من بطولة ” أشرف عبدالباقى” ،و “ياسمين عبدالعزيز” ومن إخراج ” سعيد حامد” ، ويحكى الفيلم قصة (سلماوى) و(ميما) الشابين الذين يحلمان بالإلتحاق بمعهد التمثيل ولكن تصدمهم إمتحانات القبول التعجيزية فيحاولان دخول عالم التمثيل من طريق آخر ولكن تفشل محاولاتهم التى تقودهم دائماً إلى قسم البوليس ورغم ذلك يواصلان إستكمال الطريق مهما كان الثمن، وخلال الفيلم قُدمت عدد من الأغانى مثل: عيل صغير، الهروب، وأغنية رشة جريئة التى حملت إسم الفيلم .

يعد فيلم خالى من الكوليسترول عودة جديدة لأفلام الميوزيكال والتى يقوم أبطال العمل بالغناء بها وقد ضم الفيلم العديد من الأغانى التى خدمت أحداث القصة بشكل كبير منها : لازم نبيع يا ابنى ، يطلع فنان زى أبوه ،وغيرها.

والفيلم كوميدى غنائى إنتاج عام 2005، وقام ببطولته ” أشرف عبدالباقى” و ” إلهام شاهين” و”حسن حسنى” ويحكى قصة (أيوب) الشاب العبقرى المبدع والذى قام بتربيته أمه المعاقة ذهنياً، تظهر عبقريته فيبدأ العمل فى شركة للإعلانات ويقوم مديره (يونس) بإستغلال ذكائه، ولكن يصطدم (أيوب) بالواقع الذى يملؤه الكذب لنرى تفاعل ذلك الفنان المبدع مع المجتمع من حوله بشكل فلسفى كوميدى.

تم إنتاجه فى 2006 ، وهو من بطولة “خالد أبو النجا” و”نبيلة عبيد” و”سوسن بدر” والمطرب “محمد منير” ، والفيلم غنائى إستعراضى يحكى قصة (ناهد) التى تؤديها ” نبيلة عبيد” التى يطلقها زوجها وتتفرغ لتربية أبناءها الثلاثة وبعد معاناة مع صعوبة الحياة توافق على تشجيع ومساعدة إبنتها الصغرى (دينا) لتدخل عالم الفن والغناء وبمساعدة المنتج (نادر) ولكن بعد أن نجحت (ناهد) في تحقيق حلمها وحلم الغناء تكتشف إن المنتج يستغل ابنتها وتستمر الأحداث إلى النهاية.

والفيلم لم ينجح وقابله الكثير من النقاد والجمهور بالهجوم عليه  ورجح البعض وقتها فشله بسبب الدعايا الخاصة به وتوزيعه التى لم تكن بشكل جيد .

لم يقتصر الأمر على هذا الكم من الأفلام إلا أنه كانت هناك بعض المحاولات من بعض المطربين نجوم الألفية مثل : عمرو دياب ، ومحمد فؤاد ، ومصطفى قمر ، الذين قدموا عدداً لا بأس به من الأفلام الغنائية ، إلا أنها تظل محاولات لعودة ذلك النوع من الأفلام الغنائية ولكن ليس بشكلها الإستعراضى الذى اعتدنا عليه فى السابق .

ورغم التطور الكبير فى عالم صناعة السينما والطرب، ورغم أهمية الأفلام الغنائية التى ساهمت بشكل كبير فى تطور الغناء المصرى بما يناسب اللغة السينمائية وأحتفظت لنا بصور كبار المطربين و المطربات فى مراحل حياتهم الفنية المختلفة، إلا أن ندرة ذلك اللون من الأفلام وإنقراضها أصبح مصيراً يواجهه ، ويرجع هذا لأسباب عديدة ربما البعض منها رغبة المنتجين فى صناعة أفلام تحقق عائد مادى كبير دون النظر إلى إحياء هذا النوع من الأفلام، أوعدم رغبتهم فى إنفاق العديد من الأموال على مثل تلك الأفلام المُكلفة.

نأمل أن يتغير هذا الأمر الواقع ونعود لنرى الأفلام الغنائية الإستعراضية المصرية المحببة إلينا جميعاً تأخذ مكانتها السابقة .