بعيدًا عن الجريمة والمخدرات.. فيلم “Encanto” رسالة حب وأمل إلى كولومبيا وشعبها
5 د
في رحلة مليئة بالسحر والفانتازيا والموسيقى الخلابة تجسد الثقافة الكولومبية، يأخذنا فيلم ديزني الـ60 "Encanto" الذي صدر نوفمبر 2021، من إخراج وكتابة جاريد بوش (المعروف بمشاركته في العملين الرائعين "Moana" و "Zootopia") وبايرون هاورد (من أعماله السابقة الفيلم الساحر "Tangled" و "Zootopia")، إضافة إلى تشاريس كاسترو سميث التي شاركت بالكتابة والإخراج كأول مرة لها بالعمل في فيلم.
مع كوكبة من النجوم كـ "ستيفاني بياتريز"، "ماريا سيسيليا بوتيرو" ، "جون ليغويزامو"، "ماورو كاستيلو" وغيرهم الكثير، يعتبر "Encanto" من أكبر أفلام الأنيميشن التي عرضت منذ بداية جائحة COVID-19، حاصلًا على تقييم 7.3 بموقع IMDB و 91% على موقع Rotten Tomatoes.
بعيدًا عن تمثيل هوليوود المحدود لكولومبيا في أفلام أغلبها تغصّ بالعنف و المخدرات، أتت ديزني بـ "Encanto" كرسالة حب إلى كولومبيا وشعبها، وهي لم تتجاهل حقيقة ما مرّوا به، عندما رأينا مثلًا واحدة من الشخصيات الأساسية "آبويلا" في بداية الفيلم يتم ترحيلها هي وعائلتها كملايين من الكولومبيين، الذين عانوا من النزوح القسري واضطرارهم لترك بيوتهم على مدار التاريخ.
عائلة تمتلك قوة سحرية
يحكي فيلم "Encanto" عن عائلة "آل مادريغال" وامتلاكهم لقوة سحرية حصلت عليها "آبويلا" ربة العائلة والمسؤولة عنها لتنقذ حياتها وأطفالها الثلاث، أتت المعجزة تلك على هيئة بيت سحري (كاسيتا) وقوة سحرية توارثتها الأجيال من بعدها، فكل فرد من تلك العائلة له قوة مميزة ما عدا شخصيتنا الأساسية "ماريبيل" التي لم تحصل على أي قوى، وأدى ذلك إلى الكثير من التوتر بينها وبين جدتها "آبويلا" التي تقدس تلك المعجزة وتعمل وتحث كل عائلتها على الحفاظ عليها ومساعدة مجتمعهم الصغير بكل ما أمكنهم.
يركز الفيلم على أفراد العائلة جميعهم ونتابع بالذات رحلة "ماريبيل" في إنقاذ عائلتها عندما تلاحظ تهديدًا للسحر في المنزل وللقوى التي يمتكلها كل واحد منهم، وعندما تدرك أيضًا أنها هي الوحيدة القادرة على إعادة التوازن وتحقيق ذلك، ورغبة بجعل جدتها وعائلتها فخورين بها.
يناقش الفيلم أهمية العائلة والأثر الذي يسببه وضع توقعات كبيرة على كل من لهم أي نوع من الهبة، نرى ذلك في الفيلم بشكل واضح عندما عبّرت بعض الشخصيات عن شعورها بأنها مجردة من إنسانيتها بسبب هبتها، وبأنه من المفروض عليها أن تكون قوية وتتسم بالكمال في كل الأوقات. كما يناقش طبعًا أثر ذلك على أمثال "ميرابيل" التي لم تحظَ بأي قوة مميزة، وتشعر باختلاف عن عائلتها التي تحبها وتنتمي إليها.
صدمة "آل مادريغال"
أهم ما تمحور الفيلم حوله هو الصدمة التي تتعرض لها العائلة على مر أجيال متتالية، أو بالإنكليزية (generational trauma)، التي تراها الكثير من العائلات اللاتينية في ذاتها، وما يعتبر العدو الحقيقي في فيلم "Encanto"، مناقش بطريقة رائعة كفيلم موجه للأطفال بشكل عام.
فعندما تفقد الجدة زوجها وكل ما تملك، وينقذها ذلك السحر ويعطي عائلتها معجزة غيرت حياتهم بالكامل، تحاول "آبويلا" أن تحمي تلك المعجزة لتحافظ على عائلتها، متغاضية عن الطريقة التي تتعامل بها معهم وغير مدركة لنتيجة الضغوط التي تسببها لهم أو لإهمالها مشاعرهم ورغباتهم الحقيقية، إضافة إلى فرض ذلك أدوارًا محددة على أفراد عائلتها كـ "ايسابيلا" و "لويسا" أرهقتهم نفسيًا وأبعدتهم عن التعبير عن أنفسهم بحرية. وضعهم لعرض دائم ليحفظوا اسم عائلتهم وليجعلوا "آبويلا" فخورة بهم خلق الكثير من المشاعر السلبية التي تُناقش جميعها على مدار الفيلم.
نرى في الفيلم تمثيلًا رائعًا للشخصيات الأنثوية فيه، فمن شخصيتنا الأساسية "ميرابيل" التي تختلف تمامًا عن بطلات أفلامهم السابقة من حيث التصميم مثلًا، أو "لويسا" أخت "ميرابيل" القوية التي تملك عضلات كثيرة وبدا لاحقًا أنها تمتلك أكثر من بعد عندما عبرت عن القلق الزائد والضغط الذي تشعر به يوميًا بسبب اتكال الجميع عليها وعلى قوتها لمساعدتهم في كل شيء، وغيرهن الكثير.
لم يخل الفيلم من الأغاني المميزة التي أعطت كثيرًا من الحياة له ولشخصياته، 8 أغاني من كتابة "لين-مانويل ميراندا" الذي عمل سابقًا على أغاني فيلم "Moana" أضفت عنصرًا من المتعة وجعلت المشاهد يتقرب أكثر إلى الشخصيات ويتعرف إليهم من خلالهم.
رموز الحب والأمل في فيلم"Encanto"
التمثيل الثقافي في السينما مهم وضروري، وحظي استديو ديزني على كثير من الامتنان لاحتفاله بكولومبيا والتقرب إليها وإلى شعبها بقصة مليئة بالشغف والحب. نرى الاهتمام البالغ بالأجواء الكولومبية التي صورها الفيلم لنا، من التصميم والعمارة بالبلدة الصغيرة التي يعيش بها آل مادريغال إلى ثيابهم وأزيائهم، حبهم للقهوة والرقص والمعنى الكبير للعائلة في حضارتهم، إضافة إلى أجواء الاحتفال الكبيرة عند حصول أي فرد من العائلة على إنجاز مهما كان كبيرًا أو صغيرًا. نرى في الفيلم أيضًا فراشات صفراء كرمز يُرجع للكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز وروايته (مئة عام من العزلة)، والتي يمثل بها الحب والأمل اللامتناهيين في قصته.
إضافة إلى تصميم الشخصيات المماثل للتنوع الكبير الذي نراه في كولومبيا، مخالفًا بذلك الصورة النمطية التي التزمت بها الكثير من الأفلام سابقًا عن أميركا اللاتينية، بالتمثيل الزائد للاتيني الأبيض، أتت شخصيات الفيلم بوجوه وأجسام تلتقط روح كولومبيا بالكامل.
كما نلاحظ استخدام اللون الأخضر الزمردي بكثرة في الفيلم، وهو لون يعني الكثير للشعب الكولومبي كرمز للحب، العائلة والتضحية. نراه في لون نظارات "ماريبيل" مثلًا لإثبات أنها ترى عائلتها بحقيقتهم وعيوبهم وتحبهم كل الحب على الرغم من ذلك، إضافة إلى استخدامه مع واحد من شخصياتنا المهمة "برونو". استخدمت ديزني اللون الأخضر مع شخصيته لسببين، أولهما ما ذكرناه للتو عن حبه واهتمامه بعائلته، والآخر بسبب تصويره في البداية على أنه الشرير الأساسي في الفيلم، ومن المعروف أن ديزني تستخدم لون الغيرة (الأخضر) مع أغلب أشرارها في أفلامها المختلفة.
اقرأ أيضًا: قائمة أفضل أفلام ديزني لسنة 2021: ما الذي حدث لديزني هذا العام حتى تهدينا أفلامًا فائقة الجمال؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.