الإيروتيكية في السينما العربية .. أفلام الإغراء بين بوابة الانفتاح وابتذال التسويق
6 د
ارتبطت السينما العربية في فترة من الفترات بجرأة الطرح والتمثيل، فتحت مسمى حرية الفن أو التحرر برزت على الساحة السينمائية موجة من أفلام الإيروتيك أو أفلام الإغراء والشهوة على المستوى العربي عامةً والمصري خاصةً، ففي المكتبة السينمائية قائمة تطول من أفلام قد لاتستطع كمشاهد حالياً مشاهدتها بالكامل بدون رقابة أو حتى الحصول على نسخة أصلية من الفيلم بسبب قيود اعتبارية واجتماعية سائدة، كما برزت على الساحة عدد من النجمات اللواتي تم تقديمهن للجمهور كنجمات إغراء من العيار الثقيل.
يقدمن لجمهور حديث العهد بهذا النوع من الأفلام الإيروتيكية محتوى يخرق كل قيد ويتجاوز كل خط أخمر، ذلك المحتوى الذي كان تجارياً تسويقياً تارةً وذو خلفية سياسية ممنهجة تارةً أخرى، ولنعلم أكثر عن هذه الأفلام لابد أن نتتبع تاريخها وأبرز نجومها.
[elementor-template id="359132"]
البدايات المترددة
بدأت مشاهد الإيروتيك بالظهور في السينما العربية على هيئة راقصات جميلات يتم توظيفهن في الفيلم كورقة رابحة تخدم شباك التذاكر وتساهم في نشر أوسع لبوستر الفيلم، فكانت البداية مع تحية كاريوكا، وسامية جمال، ونعيمة عاكف، لتتطور مساحة المرأة المغرية والفاتنة في الأربعينيات من القرن الفائت مع بروز ممثلات جميلات وأدوار عابرة افتتحن خطاً جديداً من الأفلام التي تكسر قواعد المجتمع الصارم.
هند رستم نجمة الإغراء الأهم في مصر
قيل عن هند رستم ذات مرة أنها حتى إن ظهرت في جلباب بلدي ستفتن من حولها بجمالها، فالأمر يتعدى مسألة الملابس لشخصية وذكاء الممثلة، قد يكون الدور الأهم في مسيرة نجمة الإيروتيك العربية كان فيلم شفيقة القبطية، الذي تم إنتاجه عام 1963، أخرجه حسن الإمام، وشاركها البطولة حين يوسف وزيزي البدراوي، تمحور الفيلم حول حياة الراقصة المصرية الشهيرة شفيقة القبطية ومراحل حياتها المثيرة للجدل، فكان الدور الذي كرّس صفة الإغراء على تمثيلها، مثلت بعدها فيلم الراهبة الذي طرح الحياة الجدلية لفتاة ملهى ليلي وتحولها لراهبة بإحدى الأديرة، تابعت هند رستم تقديم أفلام من هذا النوع ليلقبها النقاد بأيقونة الإغراء في السينما المصرية، منها فيلم باب الحديد الذي صنف ضمن أفضل 100 فيلم مصري.
الهزائم السياسية والعسكرية وعلاقتها بأفلام الإيروتيك العربية
لابد من الاعتراف أن هزائم عام 1967 كان لها الدور الأكبر في إعطاء الضوء الأخضر لهذا النوع من الأفلام، ففي محاولة من القيادة السياسية لإلهاء الشعب عن هزائم بلاده والإحباطات التي رافقتها، صدرت توجيهات تنطوي على السماح بمشاهد الإغراء والإيروتيك مهما بلغت جرأتها، حتى سمحت بمشاهد المخدرات وتعاطي الممنوعات دون حذف أي منها.
ليبدأ فصل كامل من الأفلام الإيروتيكية من أوسع أبوابها ويلمع نجم ممثلات عديدات ارتبطت أسماؤهن بتلك الأفلام منهن شمس البارودي وأكثر الأفلام جدلاً في مسيرتها وهو فيلم حمام الملاطيلي الذي صدر عام 1973، الذي شاركها بطولته محمد العربي ويوسف شعبان، أثار الفيلم موجة عارمة من الانتقادات بالإضافة لتعرضه لمقص الرقابة خارج مصر على الأقل، وقبله بسنوات أي عام 1969 كان فيلم أبي فوق الشجرة، الفيلم الشهير لعبد الحليم خافظ مع نادية لطفي، قدم حليم في الفيلم أجمل أغنياته، لكن تضمن أيضاً مشاهد جريئة مع نادية لطفي، وبالرغم من بعض الانتقادات لتلك المشاهد إلا أن الفيلم لاقى رواجاً واسعاً وعرض في كثير من دور السينما العربية مع التحفظ على بعض المشاهد.
وفيلم العاطفة والجسد الذي كان من بطولة محمود ياسين ونجلاء فتحي وسهير البابلي، وفيلم المراهقات من بطولة رشدي أباظة وماجدة، بالإضافة لفيلم بئر الحرمان الذي كان من بطولة سعاد حسني.
العهد الأكثر جرأة في خط الإيروتيك العربي
بدأت فترة السبعينات موجة من الأفلام التي تجاوزت كل قيد، فتتالت أفلام الإغراء التي اتسمت بالعري والشهوة، والتي تم تصوير أغلبها خارج مصر، فمن بيروت قام المخرج المثير للجدل سمير خوري بإطلاق فيلم سيدة الأقمار السوداء الذي كان من بطولة ناهد يسري، وبعد سنوات صوّر فيلم ذئاب لا تأكل اللحم، من بطولة ناهد شريف في الكويت، البلد الذي كان يشجع في تلك الحقبة على الانفتاح الفني والاجتماعي، فظهرت ناهد الشريف عارية تماماً في الفيلم، مما أدى لتصنيف الفيلم كفيلم إباحي من الدرجة الأولى. استمر خوري بإخراج أعمال إيروتيكية بحتة، وتتوجت نجمات تلك الأفلام كأيقونات الإغراء والشهوة .
خط مختلف ونجمات جدد في مجال الإغراء في السينما
تراجعت شعبية الأسماء السابقة بعد سنوات من العمل الفني، لتبدأ أخريات بالظهور، وتتغير مؤهلات ومفهوم الإيروتيكية في الفيلم، في مقدمتهن النجمة نادية الجندي، التي تربعت على عرش هذه الأفلام لسنوات، ومثلت أفلام كثيرة قدمت عبرها المرأة كمخلوق فاتن وجميل لكن ذكي وحاد الطباع أحياناً، فالمرأة في أفلامها تسلط جمال جسدها كما تريد ومتى تريد لتصل لهدفها.
من أبرز أفلامها فيلم بمبة كشر، وفيلم رغبة متوحشة مع محمود حميدة، بالإضافة لفيلم وكالة البلح مع محمود ياسين، ظهرت بعدها على الساحة النجمة نبيلة عبيد، قدمت عبيد عدداً من هذه الأفلام مثل فيلم أرجوك أعطني هذا الدواء، الذي كان من بطولة نبيلة عبيد ومحمود عبدالعزيز وماجدة الخطيب، وفيلم أيام في الحلال الذي ألفه إحسان عبد القدوس ولعب محمود ياسين البطولة إلى جانبها، يُذكر أن نبيلة عبيد صرحت ذات مرة أنها تؤيد تلك الأدوار السينمائية التي تبرز أنوثة المرأة ومفاتنها، كما تؤكد على أن الإيروتيكية أو الإغراء هو فن متكامل وهو جزء هام من العمل الناجح، وبذلك تكون نبيلة عبيد إحدى آخر النجمات اللواتي روجن للإيروتيكية في السينما.
سوريا ولبنان وأفلام بطابع مشابه
في سوريا لمع نجم الممثلة إغراء التي قدمت المشاهد الأكثر جدلاً وجرأة في تاريخ السينما السورية، مثل فيلم عروس من دمشق مع خالد تاجا، وفيلم الفهد مع أديب قدورة وإخراج نبيل المالح، وهما الفيلمان الأشهر في مسيرتها، خاصةً فيلم الفهد الذي كان الإنطلاقة الفعلية لموجة الإغراء والشهوة في الأفلام السورية، بالإضافة لفيلم راقصة على الجراح الذي شاركها بطولته اللبنانية ليز سركسيان، ومن الأفلام السورية أيضاً فيلم الفخ الذي أخرجه محمد الرواس، وبطولة كل من جيانا عيد وعبد الرحمن آل رشي ومحمود قابيل.
بدأت بعد ذلك مرحلة مختلفة تمثلت بالاستعانة بممثلات عربيات لأداء البطولة إلى جانب نجوم سوريين، كفيلم النصابين الخمسة، وليل الرجال، وشروال وميني جؤب.
أقرأ أيضًا: فيلم خط دم .. أول فيلم مصاصي دماء عربي لكن بلا هدف ولا مضمون!
نصل بعد ذلك لأفلام دريد لحام ونهاد قلعي، فكانت المشاهد الإيروتيكية أقرب للفكاهة ونوع من التسويق للفيلم، وطريقة لجذب المشاهدين لصالات العرض، حيث صرح كثير من النقاد بأن تلك المشاهد كانت غالباً في غير مكانها، أو دون داعٍ لوجودها، وهي أقرب للابتذال التجاري ، لتتغير الموازين، و تشتد قبضة الرقابة وتأخذ بالتضييق وتحديد معايير صارمة للموافقة على عرض كامل الفيلم، لتظهر على الساحة السينمائية في سوريا مايعرف بالأفلام الهادفة التي تدافع عن مبدأ أو توجه معين.
السينما النظيفة وفتات فن الإغراء
كما تغيرت المعايير في سوريا تغيرت في مصر أيضاً، ليتم رفع شعار السينما النظيفة أي أفلام خالية تماماً من أي مشهد مغرً أو قبلة أو حتى إيحاء، مع بعض الاستثناءات القليلة التي خرقت القاعدة، وقدمت مشاهد ذات محتوى جريء، مثل فيلم حين ميسرة والريس عمر حرب لغادة عبد الرازق وسمية الخشاب، وفيلم بدون رقابة وفيلم أحاسيس، دون أن ننسى فيلم دكان شحاتة بطولة نجمة الإغراء اللبنانية هيقاء وهبي.
وبذلك تطوي السينما المصرية صفحات طويلة من أفلام الإيروتيك والإغراء، وتطوي معها صفحات لنجمات استثنائية كنّ الأكثر جمالاً وجرأة، من فتنة هند رستم، لرقة سعاد حسني، إلى ناهد يسري وناهد الشريف وشمس البارودي، وجيل بأكمله عاش تجربة الانفتاح دون قيود أو رقابة، فكانت السينما على جرأتها أحد أكثر الفنون مشاهدة ورواج.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.