القصص المثيرة وراء بعض أشهر الأعمال واللوحات الفنيّة في العالم
6 د
بعض الأعمال الفنية كالأفلام والمسلسلات تكون بمثابة نافذة نرى من خلالها ما يدور في عقل المخرج. لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للأعمال الفنية الأخرى كاللوحات والمنحوتات، فقد نستطيع أن نقرأ من خلالها حالة الفنّان العاطفية، أو قد تكون تجسيداً لمشهد أو ذكرى ظلّت عالقة في ذهن الفنّان. كمثال على ذلك دعوني أقدّم لكم القصص المثيرة وراء بعض أشهر الأعمال الفنية في العالم.
Arnolfini Portrait
هي لوحة تم رسمها عام 1434 من قبل الفنان الهولندي جان فان ايخ، وعلى الرغم من الجدل الواسع الذي يدور حول هذا العمل إلا أنه يعتبر من أكثر الأعمال شهرة وأهمية عند المؤرّخين. المثير للجدل أن هذه اللوحة مرسومة بالألوان الزيتية، وهو ما كان نادراً جدّاً في أوروبا الغربية في القرن الخامس عشر.
الرسم بالألوان الزيتية سمح للفنان فان ايخ أن يكتشف موهبته عبر التفاصيل التي كانت ملاحظتها في الأعمال الأخرى أمراً صعباً. إذا أمعنت النظر في اللوحة سترى أن المرآة على الجدار الخلفي تعكس كامل الغرفة، بالإضافة لشخصين يقفان في بداية الغرفة. وقد عمد الفنان على تشويه سطح المرآة التي بدت محدّبة في اللوحة في تفصيل مدهش، بالإضافة إلى الدوائر اللامعة حول إطار المرآة والتي تبدو كأنها تجسّد آلام المسيح.
الأمر المثير للجدل في اللوحة ليست المرآة – على الرغم من تفاصيلها المدهشة – وإنما الزوجين المعاصرين الذين يقفان فقط في المنزل، وهو مشهد لم يكن من الشائع رسمه في تلك الفترة، وهذا ما دفع المؤرخين للاعتقاد بوجود معنى أعمق للّوحة. البعض يعتقد أن اللوحة عبارة عن توثيق عقد زواج، والاثنين في آخر الغرفة هم عبارة عن الشّهود. رفع الزوج لـ يده دليل على القسم، الكلب دليل على الوفاء وخلع الأحذية رمز للطهارة والقدسية. الفستان الذي ترتديه العروس كان موضة سائدة في تلك الفترة، أي أنها ليست حامل كما يعتقد الجميع. وإن عدم ظهور الكلب في المرآة ربما كانت رسالة خفية من الرسام إلى أن الانعكاس الحقيقي للزواج ليس به وفاء.
تم تحليل كل التفاصيل الدقيقة في اللوحة من طريقة تشابك يديّ الزوجين، إلى طريقة ارتداء الملابس وحتى طريقة وضع المرأة للوشاح على رأسها في محاولة للفهم العميق للوحة ومحاولة اكتشاف أسرار أكثر.
Manneken Pis
إذا ذهبت إلى بروكسل يوماً ما تأكد أن تلقي التحية على أحد أكثر المعالم شهرة في المدينة. هنالك العديد من الفرضيّات حول منشأ هذا التمثال الذي يبدو بشكل طفل يتبوّل. أحد تلك الفرضيات تقول أن هذا الطفل أنقذ بروكسل مرّة عندما كانت تحت الحصار، حيث كان يتبوّل على فتيل القنابل لإطفائها.
فرضية أخرى تقول أن هذا التمثال في الواقع هو لـ دوق لوفان غودفري الثالث عندما كان عمره سنتان. وفقاً للاسطورة فإن قوّاته قامت بربطه أعلى شجرة وبدأ هو بالتبوّل على العدو، الذين خسروا المعركة في النهاية.
التمثال اليوم هو من أكثر التماثيل شهرة في بروكسل، وإذا رأيته قد تراه بملابس خفيفة، فمنذ القرن 18 أصبح عرفاً تقليدياً أن يتم تلبيسه بملابس خفيفة.
Christina of Denmark
في عهد الملك هنري الثامن الذي كان ملكاً لإنجلترا في القرن السادس عشر، كان يبحث عن زوجة جديدة له، على الرّغم من عمره الخمسين وقتها وكان متزوّجاً من ثلاثة، إلا أنه كان يبحث لنفسه عن زوجة رابعة جميلة وصغيرة.
سمع الملك هنري من بعض المقرّبين له عن شابّة أرملة صغيرة وجميلة هي كريستينا ابنة ملك الدانمارك، والذي كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع عدد من أباطرة روما. في ذلك الوقت لم يكن من الممكن أن يرى الرجال النساء اللواتي يردن الارتباط بهنّ، لذلك قام الأمير بإرسال رسّام البلاط “هانس هولبين” في مهمّة إلى الدانمارك من أجل أن يرى الزوجة المستقبلية ويقوم برسمها، حتى يقوم الملك بتقييم جمالها.
وبالفعل ذهب هانس إلى الدانمارك ومكث هناك بضعة أسابيع، قام خلالها برسم الأميرة التي لم تتجاوز 18 عاماً حينها، وقت كانت الصورة التي رسمها بديعة وجميلة تبدو فيها الأميرة كأنها من عصر النهضة بملابس الحداد، وابتسامة تشبه الموناليزا إلى حدّ ما.
كانت الصورة واقعية لدرجة أن الملك هنري عندما رآها أعجب بها جداً – أقصد الأميرة – وطلبها فوراً، إلا أنها رفضت أن تأخذ رجل سمين ومريض.
بورتريه الأميرة كرستينا اليوم هو واحد من أشهر الصور الملكية في إنجلترا، وهو معروض في المعرض الوطني في لندن، وهو يعتبر كمثال على امتزاج اللغة البصرية بالدبلوماسية، والمكانة السياسية العالية التي كان يتمتع بها الرسامون في عهد النهضة.
Napoleon Crossing the Alps
قبل أن يصبح نابليون امبراطوراً على فرنسا، كان بحاجة إلى شرعية تاريخية تؤهله ليصبح حاكماً للفرنسيين، فطلب من الرسام جاك لوي دافيد أن يرسم له لوحة تصوّره وهو يقود جيشاً عبر جبال الألب في ربيع عام 1800 لمفاجئة جيش النمسا، وخاصة أنه ثالث جنرال في التاريخ يحقق هذا الإنجاز.
لم يكن نابليون مهتمّاً بإظهار شكله الحقيقي بقدر ما كان اهتمامه بالتركيز على إظهار الحصان بالمنظر المهيب الذي يعطي لصاحبه الجسور والشجاعة والهيبة، وبالفعل فإن كل من ينظر للّوحة سيعتريه شعور بشجاعة وهيبة هذا الفارس.
يذكر أن نابليون عندما عبر جبال الألب كان في الحقيقة يمتطي بغلاً وليس حصاناً، وذلك لأن البغال أكثر قدرة على التحمّل في الأجواء القاسية.
The Old Guitarist
الجميع يعلم بيكاسو، وهذه اللوحة التي رسمها في عام 1904 هي واحدة من بين عدّة لوحات رسمها في مرحلة من حياته تعرف بالمرحلة الزرقاء. سمّيت بهذا الاسم بسبب طغيان اللون الأزرق على رسوماته في تلك المرحلة، التي امتدّت بين (1901 – 1904).
عانى بيكاسو في تلك الفترة من الاكتئاب والحزن والقلق والفقر، وكان تحت تأثير الحنين إلى أهله الذي كان بعيداً عنهم. كانت لوحاته في تلك الفترة هي انعكاس لحالته المزرية وهذا ما دفعه لاستخدام اللون الأزرق الكئيب في رسوماته، وسبب اختياري لهذه الرسمة هي لأنها أكثر رسمة تمثّل الاكتئاب والوحدة، والحزن والانكسار الذي عانى منهم بيكاسو، وقد تمكّن من خلالها من التعبير ببراعة عن التدهور المعنوي والجسماني.
Lady Agnew of Lochnaw
التفاعل بين الفنّان والشخصية، وقدرة كل منهما على قراءة الآخر أدّى لهذه التحفة الفنية الرائعة. في أواخر عام 1892 بدأ الفنان جون سارجنت العمل على هذه اللوحة، بناءً على طلب صديقه تعبيراً منه عن حبّه لزوجته وتقديره لها. كانت ليدي أوغنيو تتمتّع بشخصية قوية وجمال مميّز، وقد عمد سارجنت على إظهار ذكائها إلى جانب جمالها عن طريق التركيز على تفاصيل وجهها ويديها وطريقة جلوسها. ولشدّة جمالها وشخصيتها فقد أسرت الليدي أوغنيو قلب الرسّام وألهمته على عزف الموسيقا، فصار يتنقّل ذهاباً وإياباً بين الفرشاة والبيانو، لتنتج في النهاية هذه التحفة الرائعة الذي أعجب بها الناس والنقاد وتم وصفها على أنها أجمل لوحة مرسومة لامرأة في تاريخ الفنّ.
The Last Day of Pompeii – Karl Briullov
تمثّل هذه اللوحة اللحظات الأخيرة لقرية بومبي الإيطالية الرومانية عام 79 في زمن نيرون. حيث ثار بركان بقوّة كبيرة وطمر المدينة تحت طبقة رماد سميكة، وظلّت كذلك حتى أعيد اكتشافها في القرن الثامن عشر، وتم العثور على سكّان المدينة بنفس أوضاعهم التي كانو عليها بلحظات قليلة قبل البركان، حيث حلّ الغبار البركاني مكان الخلايا الحية وجعل من أصحابها جثث متحجّرة ومخيفة.
الفنان بيرلوف زار المدينة في عام 1827 وتأثر كثيرا بما رأى وكيف أن الحياة توقّفت ببساطة وكأن الزمن قد توقّف، فأراد أن يجسّد تلك الواقعة بلوحة عمد قبل رسمها على دراسة تاريخ المدينة والوثائق التاريخية واستغرق ثلاثة سنوات بعدها في رسم هذه الملحمة.
لقد اعتمد بيرلوف في لوحته على شهادة وحيدة لطفل صغير والموثقة في خطابات تصف الكارثة لحظة بلحظة، يظهر الطفل في اللوحة وهو متشبّث بأمه، كما قام بيرلوف أيضاً برسم نفسه في الجزء الأيسر من اللوحة ويظهر وهو يحدّق في الصروح المنهارة، وإن هذا العمل الفني هو السبب في تسمية بيرلوف بـ “كارل العظيم” حيث اعتبر النقاد هذه الملحمة من أهم روائع الفن الروسي والتي ألهمت الأدباء كالشاعر الكبير الكسندر.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.