مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة .. دراما في شكل جديد
يوم الأربعاء الخامس عشر من يناير لهذا العام بدأ عرض أولى حلقات مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة عبر منصة شاهد المدفوعة، ويتم عرض المسلسل بنظام الحلقة الواحدة كل أسبوع.
المسلسل مأخوذ عن رواية تحمل نفس الإسم للكاتب إبراهيم عبد المجيد والتي تم نشرها قبل حوالي عشر سنوات تحديدًا في عام 2009. والمسلسل من بطولة “منة شلبي”، “آسر ياسين”، “سوسن بدر” ومن إخراج “محمد شاكر خضير” والمعالجة الدرامية وكتابة السيناريو والحوار والإشراف على الكتابة لـ “إياد إبراهيم”.
ويدور المسلسل حول “ليلى” التي تحمل معها ماضٍ مجهول وتضطر للذهاب والعيش مع “عماد” الذي يعاني من اضطراب عقلي داخل منزله، ونتابع لنرى ذلك الماضي يتكشف أمامنا ليصاحبه سلسلة من الأحداث والجرائم تحدث في أيام الجمعة.
بعد عامين كانوا الأنجح بالنسبة له، بعرض “جراند أوتيل” و”لا تطفئ الشمس”، وبعد انقطاع دام حوالي السنتين، يعود محمد شاكر خضير بـ “في كل أسبوع يوم جمعة” ليكون المسلسل السادس له في مسيرته.
رغم تواجد خضير كمخرج على الساحة الفنية منذ عام 2006 بمسلسله “فيش وتشبيه”، وعام 2010 بـ “عرض خاص” إلا أن البداية الحقيقية، والتي جعلت الجماهير تلتفت لأسلوبه وتبحث عن أسمه كانت مع مسلسل “طريقي” في عام 2015.
وخلال الثلاث أعوام من 2015 وحتى 2018 ومن خلال الثلاثة أعمال المذكورة سابقًا، استطاع خضير أن يضع بصمته على الدراما المصرية، ويرسم بأسلوبه الخاص ملامح العالم الدرامي الخاص به، ذلك الذي خلق الحماس عند متابعيه منذ لحظة الإعلان عن مسلسله الجديد.
الإخراج
بعد عرض حوالي حلقتين من المسلسل، بدأ الحديث عنه على منصات السوشال ميديا، بإشادة كبيرة للقصة التي يكتنفها الغموض والإثارة، ولكن الإشادة الأكبر كانت من نصيب الإخراج.
توغل خضير داخل العالم الخاص بالقصة، وخلق له شكلًا يختلف عن الشكل الموجود في رواية “إبراهيم عبد المجيد”. فالرواية تدور أحداثها داخل أحد مواقع الإنترنت، الذي تشترط صاحبته قبول أعضاء جدد في يوم الجمعة فقط من كل أسبوع، ويتوالى دخول الأعضاء فيحكي كل منهم حكايته.
أما في المسلسل نرى “ليلى” في عالمها الغامض مع “عماد” يتشاركان منزله الذي تسيطر عليه الكآبة. حالته رثة رغم ما به من أثاث قيّم وأجهزة حديثة، تشعر طوال الوقت أنك داخل تابوت، واسع ومرصع بجواهر كثيرة ونفيسة تحيط من كل جانب بجثة وتخنقها رغم ُمضي زمن طويل على موتها.
نرى الإضاءة في المسلسل خافتة دائمًا، الألوان قاتمة والأجواء ليلية أغلب الوقت، تبعث شعور بالإختناق، تمامًا كالذي يحيط بأبطال القصة.
في المشاهد النهارية، والتي لا نراها كثيرًا، يعتمد بشكل كبير على ضوء الشمس فقط، لا يوجد استخدام لأضواء كثيرة وهي المشاهد الوحيدة المضيئة في المسلسل.
ما أن ينتقل إلى المشاهد الليلية، حتى تختفي الأضواء تمامًا عدا مصادر ضعيفة جدا، كالضوء المنبعث من شاشة لابتوب، أو من أباجور صغيرة، كشافات سيارة، أو حتى أضواء الشارع البسيطة. وقد ساعدت تلك الإضاءة الخافتة والألوان الباهتة المُشاهِد في أن يتوحد بالكامل مع القصة وأبطالها.. فيعلم أن الأحداث على وشك الوصول إلى ذروتهاأو أن معضلة ما على وشك الحدوث، حيث تصبح الأقتم والأكثر ظُلمة.. وكل ذلك بالتأكيد يتم بمساعدة حركة الكاميرا والموسيقى التصويرية.
ينتقل المسلسل بين الماضي والحاضر والكوابيس التي تحلم بها ليلى، وهنا الانتقال يحدث بسلاسة شديدة. فالماضي والحاضر يمكن تميزهما بسهولة من خلال شكل ليلى المتغير والأشخاص المحيطين بها، سواء كان “نادر”/ “شريف سلامة” في الماضي، أو “عماد”/ “آسر ياسين” في الحاضر. أما الكوابيس، والتي ظهرت لنا مرتين خلال الست حلقات، فتكون إضاءتها قاتمة للغاية، حركة الكاميرا بها غير اعتيادية، مهتزة كأن الكاميرا ذاتها تهلوس، قريبة للغاية من الوجوه مع إضاءه شديدة مسلّطة عليها دون ما حولها يظهرها بشكل شيطاني.
وحركة الكاميرا يمكن تميزها بشدة، ليس خلال الكوابيس فقط، وإنما في لحظات القتل أيضًا، فنجدها مضطربة، يستخدم فيها “خضر” كاميرا محمولة على الكتف، تساعده على نقل الحركة المهتزة للشخصيتين الرئيسيتين أثناء عملية القتل، فنجدها تهتز مع حركتهم، حتى يأتي فعل القتل ف نشعر وكأننا من يحمل سلاح الجريمة ويقوم بإرداء الشخص قتيلًا، لا نشاهد الحدث من الخارج، نحن داخل الحدث، نحن من يقوم به.
أما بالنسبة للموسيقى التصويرية لـ “هشام نزيه” فتلعب دورًا هامًا داخل المسلسل. منذ تتر البداية والموسيقى تضعنا داخل عالم المسلسل، حيث الخطر والخوف والتوتر يحيطون بالأحداث من كل اتجاه. وخلال الحلقة، تأتي الموسيقى ليس كعنصر أضافي وإنما أساسي في اكتمال المشهد وإيصال المشاعر التي تُغلّف الحدث.
مراجعة مسلسل what if .. الغواية بداية السقوط
التمثيل
أما بالنسبة للتمثيل، فقد قدمت “منة شلبي” أداءً جيدًا جدًا حتى الآن، فهي تجسد شخصية تحمل عبء لماضٍ يلاحقها مهما حاولت التنصل منه، تحاول التمسك بـ “نور” ولكن “ليلى” تسحبها معها نحو الهاوية.. وذلك الصراع استطاعت أن تقدمه بأداء سلسل غير مفتعل على الإطلاق.
كما أننا نراها أغلب الوقت صامتة، تعبّر فقط من خلال عيناها.. وتلك المهمة ليست سهلة أبدًا لكنها استطاعت عليها.
وبالنسبة لـ “آسر ياسين” فهو يقدم شخصية تعاني من اضطراب عقلي يصاحبه تشنجات وحركات جسمانية لا إرادية. ونعلم من أداءه الجيد حقًا لشخصية صعبة كتلك أنه لابد وأنه قد درس هذا المرض، أو على الأقل جلس ليشاهد كيف يتحرك ويتكلم من هم مصابون به.
وهذا المسلسل يضع نقطة إضافية في مسيرة “آسر ياسين” الذي طالما استطاع تقديم شخصيات مختلفة بقدر كبير من الإجادة.
مسلسل “في كل أسبوع يوم جمعة” هو بلا شك شكل جديد ليس فقط للدراما، وإنما لأسلوب العرض، فأول عرض له يتم خلال منصة إلكترونية مدفوعة، ويتكون من عشر حلقات وهو الأمر الأول من نوعه حيث تعودنا دائمًا على الدراما ذات الثلاثين حلقة أو أكثر، بالإضافة إلى عرض حلقة واحدة فقط في الجمعة من كل أسبوع.
ومع ذلك تم استقباله بردود أفعال جيدة للغاية وسرعان ما كوّن له جمهوره الخاص الذي ينتظره كل أسبوع. ولا زال يتبقى شهر حتى انتهائه، وننتظر ما سيقدمه لنا محمد شاكر خضير.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.