فيلم Fifty Shades Darker … ووجهات النظر المتباينة حوله

مراجعة فيلم Fifty Shades Darker
علي غانم
علي غانم

6 د

على الرغم من أنّ فيلم Fifty Shades Darker والجزء السابق منه نالا العديد من الانتقادات، وكذلك الثلاثية المقتبسة منها الأفلام، إلاّ أنّني لا أجده يستحق كل ذلك الذم، ولكن أسباب تلك العاصفة من التهجم على الفيلم لسبب واضح؛ وهو عدم استيعاب أو تقبل الفكرة العامة له.

على أي حال، هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها انتقاد الأعمال ذات الطابع والمحتوى المشابه، حدث نفس الشيء تماماً قبل أكثر من قرنين مع الكاتب الفرنسي السادي ’’الماركيز دو ساد‘‘، بعد قيامه بكتابة أول محتوى أدبي يتكلم فيها عن البشر الساديين، وفلسفتهم التي عكس بها فلسفته الخاصة بطرق مختلفة على لسان الشخوص التي ابتكرها.

لست هنا لأخبرك بأنّ الفيلم كان رائعاً في جميع نواحيه، كل الأفلام تحتوي على العيوب والمحاسن بدرجات متفاوتة، إلاّ أنّني فقط لا اعتقد بأنّه يستحق تلك الموجة العارمة من الانتقادات، إذ كنتَ قد شاهدت الجزء الثاني من الفيلم أو لم تشاهده، ولكنك شاهدت جزئه الأول وتخالفني الرأي ففي النهاية الاختلاف في الآراء لا يفسد للود قضية، ولكن عليك أن تكمل المقال إلى نهايته فربما سوف تلاحظ بعض الأمور التي سوف تغير رأيك ولو قليلاً.


عن الفيلم

بوستر فيلم Fifty Shades Darker

بدأ عرض الجزء الثاني من السلسلة الدرامية الرومانسية في السابع من فبراير أي الشهر الماضي لأول مرة في مدينة هامبورغ- ألمانيا، وفي العاشر من فبراير في أمريكا، وذلك بميزانية تقدر بحوالي 55 مليون دولار، وكما هو متوقع حقق الفيلم أرباحاً كبيرة جداً بعد عرضه.

# تم اقتباس الفيلم من سلسلة ثلاثية من الروايات من تأليف الكاتبة البريطانية “E.L. James” … وتم تجسيد أول جزء من الرواية في الشاشة السينمائية عام 2015، وكما هو معروف فأنّ الفيلم تلقى مجموعة كبيرة من الانتقادات اللاذعة، ولكنه في نفس الوقت حقق أرباحاً كبيرة في شباك التذاكر تماماً كما فعلت الرواية، حيث تم بيع الآف من النسخ في جميع أنحاء العالم بمختلف اللغات.

# الأمر الذي يدعوني للاستغراب هو انتقاد الفيلم بجزئه الأول؛ بسبب المحتوى الجنسي المبالغ فيه، من دون التمعن جيداً بأنّ الفيلم هذا هو محتواه الذي بني على أساسه، وهو تصوير ذلك المرض الذي يدعى بالسادية، أي أنّ كثرة تلك المشاهد لا تشكل نقطة ضعف سلبية للفيلم، ولكني ربما أتفق مع بعض الانتقادات التي وجهت للجزء الأول، حيث أنّني شخصيا أعتقد بأن الفيلم فشل في طريقة تصوير وتجسيد الفكرة والرواية وإيصالها للمشاهد.


أحداث الفيلم وطاقم العمل

بوستر فيلم Fifty Shades Darker داكوتا جونسون وكيم باسنجر وجيمي دورنان

تبدأ أحداث الفيلم بمحاولة الشاب الغني ’’كريستيان غراي‘‘ استرجاع حبيبته ’’إنستازيا ستيل‘‘ بعد أن تركته بسبب أعماله الشاذة، تجد ’’أنا‘‘ عمل جديد في إحدى دور النشر تحت إمرة شاب يدعى ’’جاك هايد‘‘ الذي ينجذب لها.

ينجح كريستيان بإقناع حبيبته السابقة بالعودة له بعد أن قام بالاعتذار لها، ووعدها بتغيير بعض الشروط والعقوبات التي كان يفرضها عليها في العلاقة بينهما؛ بسبب صفة السادية التي يمتلكها.

تبدأ رحلة جديدة من العقبات التي تقف في وجه العشيقين بسبب بعض الفتيات اللّواتي وقعن في حب كريستيان في وقت مضى من جهة، وتدخل ’’جاك هايد‘‘ في علاقتهما من جهة أخرى.

يسلط الفيلم الضوء على قوة الحب التي تستطيع تغيير الكثير من الأمور، بالإضافة إلى ماضي كريستيان غراي الأليم، ونهاية الفيلم أيضاً تحتوي على بعض الغموض، أي أننا على موعد مع مفاجآت وأحداث جديدة في الجزء الثالث الذي من الممكن أن يعرض في العام المقبل.

عادت الممثلة ’’داكوتا جونسون‘‘، والممثل ’’جيمي دورنان‘‘ للقيام بالأدوار الرئيسية كأنستازيا ستيل وكريستيان غراي، بالإضافة إلى كل من ’’أيريك جونسون‘‘، و’’فيكتور راسوك‘‘، و’’بيلا هيثكوت‘‘، و’’إلويس مومفورد‘‘، والفيلم من إخراج ’’جيمس فولي‘‘، وسيناريو ’’نيل ليونارد‘‘ .


إيجابيات الفيلم وسلبياته

داكوتا جونسون وجيمي دورنان في فيلم Fifty Shades Darker

كما ذكرت فإنّ السلسلة تجسد السادية التي يمتلكها ’’كريستيان غراي‘‘، وبدوري سوف أقوم بشرح نقطة بسيطة حول الرجل السادي، وبالتحديد كيف ينظر إلى المرأة.

# المصاب بالسادية كل ما يهمه هو متعته الخاصة، التي تكمن في تعذيب الشخص المقابل من الناحية الجسدية أو النفسية وجعله يخضع خضوعاً تاماً له، ولا يهتم لكمية الأذى الجسدي الذي يسببه للشريك في العلاقة الجنسية بصورة خاصة أو كمية الدماء التي أراقها، بل على العكس تماماً هذا الأمر يسبب له أعلى درجات اللذة، أمّا نظرته للمرأة فلا يراها إلاّ مجرد أداة لإشباع رغباته الخاصة، ولا يمتلك أي تعاطف أو مشاعر تجاهها، بل يعتبر بأنّ المرأة خلقت لخدمة الرجل فقط.

# وهذا ما قام الجزء الأول من السلسلة بتصويره ولكن بصورة أقل بشاعة من الحقيقة، ربما لو قرأت رواية ’’جوستين‘‘ التي كتبها “دو ساد” لفهمت تماماً ماذا أعني بكلمة أقل بشاعة.

على أي حال، الجزء الثاني من السلسلة جاء بصورة مغايرة لما كنت أتوقع شخصياً، لم أتصور بأنّ هذا الجزء سوف يغير نظرتي الخاصة على السلسلة وعلى الجزء الأول، فبعد أن قمت بالانتهاء من مشاهدة أول أجزاء السلسلة قبل سنتين تقريباً، كانت نهايته غريبة بالنسبة لي وهذا ما جعلني أنتقده انتقاداً شديداً في بداية الأمر.

لكن الفيلم بجزئه الثاني جاء بصورة معالجة كلياً، حيث أنّني فهمت الصورة التي حاولت الرواية أو الفيلم إيصالها، وهي تجسيد القوى العظمى للحب وقدرته على تغيير الأمور التي من الصعب تغييرها، كالصفات المزمنة مثل: السادية، بكل تأكيد لا يوجد ما هو أقوى وأسمى من الحب، ذلك الحب الذي يغير الرجل المليونير السادي إلى رجل آخر لا يهمه سوى إرضاء حبيبته بعد أن كان جل اهتمامه إرضاء رغباته المريضة.

# على الرغم من أنّ الجزء الثاني جعلني أستوعب الفكرة الكاملة التي يريد إيصالها، إلاّ أنّني لم أغير رأيي بخصوص سوء تجسيد الرواية للفيلم في بعض الأمور، مثل: تتابع الأحداث، والإيجاز التام لها، حيث إنّ لقطات الفيلم جاءت بصورة سريعة ومختصرة، ولكنه ركز بصورة كبيرة على اللقطات الرومانسية الجميلة بين العاشقين، ولكن كان هناك الكثير من الاختصارات في الكثير من اللقطات التي أزعجتني شخصياً.

بخصوص التمثيل، كان ركيكاً في بعض اللقطات التي تحتاج إلى ردة فعل قوية، هذا الأمر كان على المخرج الانتباه له ومعالجته، وسوف تلاحظ هذه اللقطات التي أقصدها عند مشاهدة الفيلم، ولا أريد ذكرها في المقال لكي لا أفسد متعة المشاهدة عليك، ولكن بصورة عامة التمثيل كان جيداً، ولكنه لم يصل إلى مرحلة الإتقان والصقل التام.

# أمور أخرى نالت إعجابي شخصياً، الموسيقى الرائعة التي كانت في محلها، بالإضافة إلى المشاهد الرومانسية الجميلة وكمية المشاعر التي تنقلها، إذ كنت تتساءل، فإنّ الجزء الثاني لم يحتوي على كمية المشاهد الجنسية المريضة التي كان يحتويها الفيلم بجزئه الأول.

ختاماً، الجزء الثاني من السلسلة استطاع معالجة أمرين، الأمر الأول أنّ الرجل السادي لا يهتم للحب أو أمور أخرى بعيدة عن إشباع رغباته، ولكن هذا الفيلم جاء بصورة مغايرة تماماً حيث جسد أمكانية التخلص من السادية بواسطة الحب، أمّا الأمر الآخر فهو تغيير وجهة النظر والانطباع السيّئ الذي تركه لنا الجزء الأول من السلسلة.

لا أعلم لماذا أحاول جاهداً تغيير رأي المشاهدين تجاه هذا الفيلم، لكن على ما يبدو أشعر بالاستياء بسبب كمية الانتقادات التي وجهت للجزء الثاني من السلسلة، على الرغم من أنّ لكل شخص رأيه وذوقه الخاص، ولكن هذا لا ليس مبرراً لانتقاد  الفيلم دون مشاهدته بناءً على الجزء السابق فقط.

في حال شعرت بالاستياء بعد مشاهدتك للفيلم الأول فقط، فأنصحك بمشاهدة الجزء الثاني منها لتتضح لك الفكرة النبيلة التي أرادت الكاتبة الأصلية للرواية إيصالها، في النهاية لم أقرأ شخصياً أي جزء من الرواية الثلاثية، وهناك فيلماً ثالثاً للسلسلة من الممكن أن يصدمنا بأمور جديدة.

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.