فيلم 30 مارس: فيلم سيئ على جميع الأصعدة
إن كنت تعاني من الحزن، أسئلة وجودية حول الحياة وسبب الوجود وماذا يجري مع البشرية، بل إن كنت تعاني مع أفكار انتحارية أو اضطراب الشخصية المازوخية وتهوى تعذيب ذاتك فإن فيلم 30 مارس هو الفيلم المناسب لك. لأنه ببساطة سيأخذك “في حتة تانية”، ألا وهي إدراكك أن كل مشاكلك ليست مشاكل فعلية، ولا أسئلتك كذلك. فهناك ما هو أهم وأصعب من ذلك، ستبدأ بعد المشاهدة في ترديد سؤال واحد “ما هذا بحق الجحيم!”.
من السيناريو ينطلق صناعة الأفلام، من المفترض!
الحقيقة أن قرار الكتابة عن فيلم 30 مارس من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي العملية، تخيل عزيزي القارئ أن تكتب مقالًا كاملًا طويلًا عبارة عن “سيئ جدًا”؟ ولكن في محاولة منا لتوضيح سبب هذا السوء سنقوم بتحليل عناصر الفيلم الأساسية التي من المفترض أن يتكون منها بالتطبيق على -مجازًا- فيلم 30 مارس.
السيناريو أو الورق هو الفيلم كاملًا بكل عناصره مكتوب، عملية إعداد السيناريو بكل مراحلها وعناصرها هي الخطوة الأولى من إنتاج أي فيلم. يبنى السيناريو في الأساس على قصة، يتراءى للكاتب أنها تصلح لأن تكون عملًا فنيًا سواء دراميًا أو كوميديًا وما إلى ذلك. فيلم 30 مارس من تأليف حميد المدني، يدور حول شاب يدعى علي يعاني من اضطرابات عقلية واضطرابات في النوم تجعله غير قادر على التمييز بين الواقع والأحلام، بالإضافة إلى صدمة نفسية منذ الصغر تجعله ينسى كل ما يحدث يوم 30 مارس. يجد علي نفسه متهمًا في قضية قتل الدكتور ناير دكتور علم الأوبئة المسؤول عن مشروع علمي يقوم بتخلق نوع من الفيروسات جديدة بالإضافة للمصل الخاص بها كنوع من أنواع الأسلحة. تمت عملية القتل في يوم 30 مارس لذلك لا يتذكر علي عنها شيء ويحاول إثبات براءته انطلاقًا من ربع بطاقة الدكتور التي وصلته بالبريد على المنزل. قصة تبدو جيدة أليس كذلك؟ هي بالفعل جيدة، لكن هناك عنصر آخر في السيناريو مهم يدعى “الحبكة” هل سمع عنها أستاذ حميد من قبل؟
الحبكة هي بناء الأحداث والترابط بينهم للوصل لقمة العقدة أو الصراع ليتم حلهما في النهاية، وتعد من أهم عناصر الكتابة لأن اختلالها يفسد العمل بأكمله. وعن فيلم 30 مارس، فـ الحبكة به من أسوأ ما يكون، قفزات في الأحداث غير مبررة، أشخاص في أماكن وتوقيتات غير مبررة ولا معروف كيف وصلوا إليها، تصرفات غير منطقية بالمرة من الأبطال تجعلك تتساءل دومًا “هل يفوتني شيء ما؟”. أما عن الجمل الحوارية، فهنالك كم كبير من الضحك المتحقق من جمل من المفترض أن تكون مؤثرة من شدة السطحية والسذاجة التي تتكون منها. تعالى معي عزيزي القارئ أحدثك عن عامل أخر يستدعي الضحك وهو “الشخصيات”.
بناء الشخصيات عامل مهم لأداء جيد من الممثلين
فيلم 30 مارس من بطولة أحمد الفيشاوي، دينا الشربيني، أسماء أبو اليزيد، صبري فواز، وخالد الصاوي بالإضافة إلى عدد كبير من النجوم كضيوف شرف أو أدوار صغيرة. يعتمد الأداء الجيد من الممثلين على ثلاثة عناصر أساسية اختلال أي منهم تصيبه بالضرر وهم: الموهبة عند الفنان نفسه، تمكن المخرج من استخدام واستخراج تلك الموهبة وأخيرًا البناء الجيد للشخصيات في الورق. وواضح بالتأكيد أن الثلاثة عناصر في الفيلم لم يتحققوا بأي شكل من الأشكال، فتجد في كل شخصية من الشخصيات الكثيرة للغاية -الموجودة بلا سبب- في الفيلم سقطة، هناك دائمًا شيء غير مفهوم سواء في الدوافع، طريقة التفكير، أسباب إتخاذ القرارات وما إلى ذلك. فتجد مثلًا دينا الشربيني/ فرح طوال الفيلم ملازمة لعلي تساعده وتضحي من أجله بلا سابق تمهيد أو حتى توضيح أثناء الرحلة، كذلك سبب تورط أسماء أبو اليزيد- د.هند في الأمر غير واضحة.
تترابط الخيوط الكثيرة للغاية -التي بلا هدف طبعًا- في النهاية ليكتشف علي أن عمر أخوه غير الشقيق استغل مرضه وإدمانه والهلاوس التي تصيبه بمعاونة الطبيبة النفسية عضو جماعة استغلال المرضى النفسيين أن يتحمل علي مسؤولية قتل الدكتور بما أنه لن يستطيع تذكر ما حدث، يساعدهم في هذه الخطة الشرير الجهنمية فرح بالاشتراك مع زوجة الدكتور. والدافع وراء ذلك هو رغبة علي في حرمان عمر من الميراث بما أن تحليل الحمض النووي اثبت أنهم غير أشقاء. بلا استثناء، أداء الجميع في الفيلم سيئ للغاية لدرجة مضحكة أحيانًا كثيرة.
المخرج هو أهم قطعة في بازل العمل
عزيزي الأستاذ أحمد خالد موسى، من ضمن أسئلة كتير أود طرحها عليه سأختار سؤالًا واحدًا فقط: في ماذا كنت تفكر حينما قررت تصوير مشهد به الأستاذة دينا الشربيني تقوم بخياطة جرح الأستاذ أحمد الفيشاوي كما لو كان قطعًا بسيطًا في جوارب قديمة؟ لمن لم يرى الفيلم حتى الآن -يالكم من محظوظين- بعد إصابة علي بجرح في مؤخرة رأسه قررت فرح، واحتذاء بأي جدة أصلية أن تخيط الجرح بكل سلاسة وبنفس الخطوات بالضبط. بالتأكيد بعد هذا المشهد سيكون الكلام عن حركة الكاميرا المضطربة، والكادرات المريبة، أوقات القطع وترتيب المشاهد والمونتاج، سخرية وإهدار للوقت والطاقة.
أما عن شريط الصوت الذي يتكون منه الحوار والمؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية، اعتمد الفيلم بإفراط على الأغاني، التي بالمناسبة يبنى عليها جزء من الحبكة الضعيفة، كما ساعد على ذلك كثرة المشاهد التي تتم في بار أو حفلة ليلية مع الكثير من العارضات العاريات بلا هدف. لسنا بالطبع ندعو للسينما النظيفة، ولكن نطلب فقد تفسيرًا منطقيًا لوجود كل هذا العري والمخدرات والدم والعنف والأسلحة! وبشكل عام باقي عناصر الفيلم من ديكورات وملابس ومكياج تقع في فئة العادي أو أقل.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.