أعمال سينمائية مقتبسة من روايات الكاتب الإنجليزي ’’تشارلز ديكينز‘‘ لا يجب عليك تفويتها

العديد من الأعمال السينمائية يتم اقتباسها من الروايات و المؤلفات الأدبية، بعضها تحقق نجاحًا مبهرًا من الناحية الفنية، والبعض الآخر تحقق نجاحًا إعلاميًا فقط، أمّا محتواها فيكون مخيبًا للآمال، فعند مشاهدتك لفيلم مقتبس من أحد الأعمال الأدبية ولم ينل استحسانك، فربما من الأفضل أن تقرأ روايته؛ لأنّ الرواية غالبًا ما تكون أفضل من الفيلم وأشمل.

في بعض الحالات النادرة يتفوق الفيلم على الرواية، مثل تفوق سلسلة سيد الخواتم من إخراج ’’بيتر جاكسون‘‘ على الرواية الأصلية التي من كتابة ’’جون ر.تولكين‘‘ برأيي الشخصي بعد قراءتي للأجزاء الثلاثة من الرواية الملحمية.

لم تخلُ السينما من الأعمال التي اقتبست من مؤلفات الكاتب الإنجليزي ’’تشارلز ديكنز‘‘  كبير كُتّاب الإنجليز، قام ’’ديكنز‘‘ بكتابة العديد من الروايات والقصص القصيرة التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة إلى يومنا هذا.

أعماله تحتوي على العديد من المعاني في طياتها والشخصيات الفريدة من نوعها، قام بتصوير حياة الطبقة الفقيرة من المجتمع بالإضافة إلى الرجال المسؤولين عن السجون، ودور الأيتام في بعض رواياته ربما سبب ذلك؛ لأنّه عاش طفولة قاسية ودخل السجن في شبابه، مما دفعه لخلق العديد من الشخصيات التي عاشت حياة مريرة في عموم أحداث رواياته مجسدًا فيها حياته الخاصة في سنه المبكرة.

روايات تشارلز ديكنز تحولت إلى العديد من الأعمال السينمائية الرائعة، والتي تم إعادة إنتاجها أكثر من مرة، وسوف نتعرف في هذا المقال على 4 من تلك الأعمال.

فيلم كلاسيكي بالأبيض والأسود وعلى الرغم من أنّه قديم جدًا، ألّا أنّني أجده أفضل فيلم استطاع تحويل الرواية الأصلية إلى الشاشة السينمائية.

يسرد الفيلم حياة ’’بيب‘‘ وهو فتى يتيم يعيش مع أخته القاسية ’’السيدة جو‘‘ التي تضربه بانتظام، ’’السيد جو‘‘ زوج أخته يعمل حدادًا وهو أفضل صديق لبيب، يبدأ الفيلم بلقاء بيب مع سجين هارب يطلب منه أن يجلب له بعض الطعام ومِبَرد للحديد بطريقة تهديدية لترهيبه.

يمر بطل القصة على مدار الفيلم بمراحل عديدة من التغييرات في شخصيته، بالإضافة لتأثره بالعديد من الناس متعددي المظاهر.

في طفولته كان بيب من الطبقة الفقيرة أو المنخفضة من المجتمع، حيث كان حلمه أن يمارس مهنة الحدادة ويتدرب على يد زوج أخته، ولكنه يلتقي بفتاة من الطبقة العليا تدعى ’’استيلا‘‘ ويقع في حبها، ولكنها لا تبادله الشعور وتشعر بالخجل بسبب مستواه الحياتي الذي يختلف كليًا عن مستواها.

يبدأ بيب بالتدرب على يد السيد جو لمهنة الحدادة، وفي نفس الوقت يحلم بأن يكون رجلًا نبيلًا. فجأةً يقوم أحد الأشخاص بالتبرع بمبلغ لهُ من أجل أن يسافر إلى لندن، ويصبح الرجل الذي يحلم أن يكون عليه بتحوله من الفتى المراهق للرجل النبيل.

تتميز أحداث الفيلم – كما هي الرواية – بنوع من الغموض والمفاجآت. لذلك، لن أزيد في شرح أحداث الفيلم لكي لا أفسد متعة المشاهدة للقارئ.

يمتاز الفيلم بالتناغم وبالحبكة المكثفة والمناظر الجميلة، والأهم من ذلك التمثيل المتقن لأبرز الشخصيات في القصة. ليس لسبب عشقي للكلاسيكيات شخصيًا، ولكن بكل تأكيد هذا الفيلم يستطيع منافسه كل الأعمال التي تم إعادة أنتاجها للرواية الأصلية، أو بالأحرى تفوق عليها جميعًا.

فاز الفيلم بجائزتي أوسكار كأفضل تصوير سينمائي وأفضل تصميم إنتاج بالأبيض والأسود، بالإضافة إلى ثلاثة ترشيحات أخرى كأفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو مقتبس.

طاقم التمثيل يضم الممثل الفائز بجائزة أوسكار ’’جون ميلز‘‘ بدور بيب، والممثلة المرشحة لجائزتي أوسكار ’’جين سيمونز‘‘ و ’’فاليري هوبسون‘‘، بالإضافة إلى الممثل ’’بيرنارد مايلز‘‘ و ’’فينلي كاري‘‘ و’’جورج هايز‘‘ ، الفيلم من إخراج ’’ديفيد لين‘‘ .

اقتبس هذا الفيلم من رواية طويلة تحمل نفس الاسم، من الأفلام التي استمتعت بها شخصيًا، ربما لأسلوب العرض السوداوي الذي صور الجانب التعيس لأوربا في القرن التاسع عشر، حيث يأخذك الفيلم في رحلة تجسد لك معاناة الطبقة الفقيرة والأيتام على وجه الخصوص.

لمن لا يعرف أوليفر، فهو طفل توفت والدته بعد أن قامت بولادته مباشرةً، حيث ظنوا أنّه طفل من علاقة غير شرعية بعد أن لاحظ الطبيب عدم ارتداء والدته خاتم زواج، تبعها وفاة والده بعد أشهر معدودة، وهو أسوأ الأمور التي من الممكن أن تحدث لطفل، أن يفقد حنان الأم الذي لا يعوض وحماية الأب.

نتيجةً لذلك يتم وضع أوليفر في دار للأيتام، ثم إرساله إلى إصلاحية حيث المسؤولين عديمي المشاعر، يتعرض لسوء المعاملة هو وجميع الأطفال الآخرين بالإضافة إلى سوء التغذية، يصبح نحيفًا وشاحب الوجه، وربما يعكس تشارلز ديكينز لنا صورته الخاصة عندما كان طفلًا بشخصية هذا الطفل المسكين.

بعدها يتمكن أوليفر من الهروب من الإصلاحية، حيث تبدأ رحلة جديدة من حياة النشل تحت إمرة ’’فاجن‘‘ الذي يستخدم الأطفال من أجل السرقة، وبالمقابل يقوم بإطعامهم وإيوائهم، وإلى هنا أتركك عزيزي القارئ لمشاهدة ومعرفة باقي القصة، وماذا سوف يحدث لبطل الفيلم الصغير.

إخراج الفيلم كان رائعًا، المونتاج والتصوير السينمائي المذهل، ناهيك عن التنوع الكبير للشخصيات، والتمثيل المتقن للنجم ’’بين كينغسلي‘‘ بدور فاجن، و ’’بارني كلارك‘‘ بدور أوليفر الذي يملك تلك النظرة البائسة التي تتناسب مع دور طفل يتيم عاش حياة مليئة بالقسوة بعيدًا عن حنان الأبوة، كل الممثلين كانوا ملائمين تمامًا لشخصياتهم، الفيلم من إخراج الفائز بجائزة أوسكار ’’رومان بولانسكي‘‘ الذي أخرج لنا التحفة الخالدة ’’The Pianist‘‘ .

اقتبس هذا العمل السينمائي من رواية تحمل نفس الاسم، تعد ’’قصة مدينتين‘‘ من أهم روايات تشارلز ديكينز والأكثر مبيعًا، والتي تم اعتمادها في المناهج الدراسية لبعض الدول.

أحداث الفيلم كما هو عنوانه تدور في مدينتين، باريس عاصمة فرنسا ولندن عاصمة بريطانيا. في عشية الثورة الفرنسية التي أدت لإسقاط الملكية المطلقة، والتي كان سببها عوامل سياسية مثل: الظلم والاستبداد – وتسليط الفيلم الضوء على التفاوت بين طبقات المجتمع ومعاناة الطبقة الفقيرة – .

أحدى الشخصيات الرئيسية ’’لوسي مانيت‘‘ تسافر إلى فرنسا من أجل أن تأخذ والدها للوطن بعد أن تم إطلاق سراحه من سجن الباستيل، حيث كانت تعتقد سابقًا بأنّه قد مات.

بعد العودة لبريطانيا تلتقي الفتاة ’’لوسي‘‘ بشاب أرستقراطي ثري يدعى ’’تشارلز دارني‘‘ الذي يقع في حبها، ولكنه يصبح ضحية تهمة خيانة المملكة المتحدة بعد أن قام عمه الماركيز ’’دو افريموند‘‘ بتلفيق تلك التهم إليه.

تشارلز دارني يكره الظلم الذي يصيب الطبقة الفقيرة في المجتمع، وأيضًا يشمئز من وجهة نظر عمه الذي يرى تلك الطبقة كمجموعة من الحيوانات، ولا يعيرهم أي احترام. ولهذا، السبب تخلى دارني عن اسم عائلته.

شخصية أخرى وهو المحامي ’’سيدني كارتون‘‘ الذي يتشابه مع دارني بأمرين، الأول هو تشابههما الملحوظ في الشكل، أمّا الأمر الثاني فهو وقوعهما في حب نفس الفتاة ’’لوسي مانيت‘‘.

طاقم التمثيل يضم الممثل ’’دونالد وودس‘‘ بدور دارني و ’’رونالد كولمان‘‘ بدور المحامي كارتون والممثلة ’’إليزابيث الان‘‘ بدور لوسي، بالإضافة إلى ’’إدنا ماي أوليفر‘‘ و ’’باسل راثبون‘‘، ومن إخراج ’’جاك كونواي‘‘. ترشح الفيلم لجائزتي أوسكار كأفضل فيلم وأفضل مونتاج.

هذا الفيلم هو مثال لكيفية تحويل رواية إلى عمل سينمائي بصورة متقنة، صور الفيلم الثورة الفرنسية عندما خيم الإرهاب على فرنسا، بطابع رومانسي بَهِيج لبعض الشخصيات، ومؤسف للبعض الآخر، يمتاز الفيلم بالحبكة المكثفة بالإضافة إلى التمثيل المصقول، فيلم ملحمي يستحق المشاهدة ولا يجب عليك تجاهله.

فيلم أنميشن درامي اقتبس من رواية تحمل نفس الاسم، تدور أحداث الفيلم في أعياد الميلاد وأجواء الشتاء الجميلة والمودة والإخاء بين الناس والأقارب، إلّا أنّه يصور الجانب المظلم من الأعياد، حيث الرجل العجوز المصرفي ’’إبنزر سكروج‘‘ صاحب القلب المُتحجر والبخيل والطماع، يتمتع بكل وسائل الراحة والدفء بينما الفقراء يعانون ’’وهو الجانب التعيس الذي لا يلاحظه أحد في أعياد الميلاد’’.

يرفض ’’سكروج‘‘ تلك الأمور التي تجلب الفرح والسرور للناس، يرفض زيارة ابن أخيه، ويرفض أيضًا إعطاء الرجل الذي يعمل لديه صاحب الراتب الضئيل جدًا يوم إجازة لقضاء الوقت مع عائلته، حيث يشعر بطل القصة بالاشمئزاز من أعياد الميلاد.

’’سكروج‘‘ وكما وصفه كاتب الرواية تشارلز ديكينز بأنّه رجل بارد لا مبالي ذو أنف طويل وعيون حمراء، معنى اسمه الأخير يعني ’’البخيل‘‘ وهو بكل تأكيد اسمٌ على مسمى.

بصورة مفاجِئة تقوم ثلاثة أشباح بزيارته، حيث يقومون بأخذه في رحلة يعرضون فيها عليه شريط حياته، ماضيه وحاضره ومستقبله.

الشبح الأول وهو شبح الماضي، يأخذ بطل قصتنا في رحلة إلى ماضيه مجسدًا له كيف استطاع أن يصبح على ما هو عليه في وقته الحاضر، أمّا الشبح الثاني فهو شبح الحاضر، يجسد له ما يدور حوله وما لم يستطيع رؤيته من سرور ابن أخيه مع عائلته في عشية عيد الميلاد على الرغم من فقره، وتعاسة عامله وصعوبة حياته وإعالة أسرته بسبب راتبه القليل الذي يتلقاه، أمّا الشبح الأخير فهو شبح المستقبل، يأخذه في رحلة لمستقبله الذي ينتظره في حال بقى على جشعه وبخله وكيف سوف تكون نهايته.

طاقم العمل ضم الممثل ’’جيم كاري‘‘ الذي جسد صوت ’’سكروج‘‘، بالإضافة إلى ’’غاري أولدمان‘‘ و ’’كولين فيرث‘‘ و ‘‘روبين رايت‘‘، ومن إخراج ’’روبرت زيميكس‘‘ .

ختامًا، هذا المقال يحتوي على عدد قليل جدًا من الأفلام التي حولت روايات الكاتب الإنجليزي تشارلز ديكينز إلى أعمال سينمائية، إلّا أنّني قمت بسرد أبرزها، في حال كان لديك أفلام أخرى اقتبست من مؤلفات ديكينز فشاركها معنا في التعليقات.