تريند 🔥

📱هواتف

فيلم Get Out … فيلم ذكي يعالج ظاهرة العنصرية بشكل لم تشاهده من قبل

مراجعة فيلم Get Out
هدى اشنايبي
هدى اشنايبي

6 د

منذ إصداره، خلف فيلم Get Out نجاحًا ماديًا باهرًا وضجة كبيرة وآراءً إيجابية عند كل من النقاد والجمهور، وصلت إلى حد حيازته على تقييم 100 في المائة على موقع الطماطم الفاسدة خلال الأيام الأولى لإصداره، وهو تقييم نادر لم يتمكن سوى عدد قليل جدًا من الأفلام من الحصول عليه، فهل يستحق فعلًا هذه الضجة وكل هذا المدح؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.


قصة الفيلم وطاقمه التمثيلي

ابطال فيلم Get Out

تدور أحداث الفيلم الذي أخرجه الممثل الكوميدي “جوردان بيل” وقام بأداء بطولته كل من “دانييل كالويا”، “أليسون ويليامز”، و”ليل ريل هوري”، حول مصور أسود البشرة يدعى كريس وحبيبته روز التي تتمتع ببشرة بيضاء، حيث يعيش الاثنان علاقة ناجحة يتم تتويجها بأخذ قرار بلقاء والدي روز، وهو الأمر الذي يثير عدم ارتياح كريس لكون روز لم تخبرهما مسبقًا أنّه ذو بشرة سمراء، وبوصولهما إلى المنزل المقصود، يمر كل شيء على ما يرام، قبل أن تبدأ أشياء غريبة بالحدوث لتقلب أحداث الفيلم رأسًا على عقب.

يمكننا تقسيم أحداث الفيلم إلى قسمين: القسم الأول يندرج ضمن تصنيف الدراما والكوميديا، ويركز بالأساس على آثار العنصرية على نفسية الأشخاص أصحاب البشرة الداكنة، والتي تضع كريس في حالة نفسية مزعجة تجعله قلقًا ومتوترًا جدًا فقط من جراء خوفه من رد فعل والدي روز عند رؤيته أول مرة، على الرغم من أنّه لا يملك أي ذنب ولا يد في اختيار لون بشرته.

في الوقت الذي كان هذا القلق في حالة أي شخص آخر، سيكون مرتبطًا بأشياء أكثر منطقية، كخوفه من أسئلة الأب مثلًا أو مدى اقتناع الوالدين به كشريك لابنتهما، وهو الأمر الذي يتطور ليصل إلى الجزء الثاني من الفيلم الذي يتميز بطابع الغموض والتشويق، وذلك عندما تبدأ بعض الأمور المزعجة بالحدوث، والتي تضعنا، ككريس الذي نشاهد معظم أحداث الفيلم من وجهة نظره، في موضع شك فيما كان ما نراه شيئًا يستحق الاهتمام، أم أنّ الأمر لا يتعدى مجرد وساوس وتوترًا زائدًا عن حده، وهو الإحساس الذي يكرسه كون التصرفات الغريبة للأشخاص المحيطين بكريس غير مبالغ فيها لدرجة تثير الانتباه، مما يجعل قلقه موضع استخفاف من طرف الآخرين.

وهكذا، تستمر الأحداث في التطور شيئًا فشيئًا لتصبح أكثر سوداوية، وإنذارًا على اقتراب خطر مجهول، إلى أن نصل إلى الحدث الذي يحول الفيلم إلى رعب حقيقي.

أمّا بالنسبة لطاقم التمثيل فإنّه يتكون من ممثلين تم اختيارهم بعناية كبيرة، حيث تظهر الاحترافية بشكل واضح على أداء هؤلاء الممثلين المغمورين في أغلبهم، وهو الأمر الذي يتوضح أكثر عند علمنا أنّ دانييل كالويا الذي قام بأداء دور “كريس”، هو في الأصل ممثل إنجليزي، لكنه تمكن من إتقان اللكنة الأمريكية التي يتحدث بها الأشخاص السود بشكل مثالي لن يجعلك تشك للحظة واحدة أنّه إنجليزي.

أمّا الأمر الأكثر طرافة وإثارة للإعجاب، فيتمثل في أنّه حتى بالنسبة للشخصيات التي تم أداؤها بشكل مبالغ فيه ومبتذل للغاية، فإنّنا نكتشف في نهاية الفيلم السبب الذي جعلهم يتصرفون بالشكل الذي يتصرفون به، وهو الاكتشاف الذي يجعلنا نعيد النظر في أغلب أحداث الفيلم ومشاهده التي تأخذ زاوية مختلفة تمامًا إذا أعدنا مشاهدته مرة أخرى.


فيلم غير تقليدي

دانييل كالويا بطل فيلم Get Out

إذا كنت بسماعك جملة “فيلم رعب”، تتوقع مشاهدة وحوش وأشباح ومخلوقات تقفز من السقف، وإذا كنت لا تستمتع ولا ترضى إلاّ بهذا النوع من الرعب فإنّني أخبرك من الآن أنّك ستضيع وقتك في مشاهدة هذا الفيلم لأنّه لن ينال إعجابك في الغالب، فعلى غرار فيلم The Babadook وThe Witch وغيرها من أفلام الرعب الحديثة، الغير التقليدية، يتمركز الرعب في فيلم Get Out في فكرة معينة، وليس في مخلوق أو خطر مادي ما.

أتحدث عنا عن فكرة “العنصرية” التي ذكرناها سابقًا، والتي ينبني عليها هذا الفيلم بشكل أساسي، حيث يسلط هذا الأخير الضوء على الألم والتأثير النفسي العميق الذي تخلفه العنصرية في نفوس ضحاياها، وإذا كنت تظن أنّنا نقصد معاملة السود بشكل سيّئ أو نعتهم بأوصاف مهينة فأنت مخطئ، فالفيلم ينأى تمامًا عن هذا الموضوع الذي تم التطرق إليه لمرات لا تعد ولا تحصى حتى أصبح موضوعًا مبتذلًا، وأقرب إلى استغلال معاناة هذه الفئة لكسب المال منه إلى معالجة هذه المشكلة، بل إنّ ما يعالجه فيلم Get Out هو ظاهرة “العنصرية العصرية أو الحديثة”.

لن تسمع كلمة “زنجي” ولا غيرها من العبارات المشابهة طوال مدة الفيلم، وذلك لأنّه، كما أخبرت روز حبيبها كريس، يتمتع كل الأشخاص في بلدة والديها بعقلية متفتحة جدًا وحب للأشخاص السود الذين يعيشون معهم بانسجام، لكن ما نشاهده يجعلنا نعيد النظر في هذا الوصف، فعلى الرغم من أنّ لا أحد يعامل “كريس” بدونية واحتقار، إلاّ أنّ نظرات الجميع إليه تجعلنا نحس أنّهم لا ينظرون إلى إنسان بالقدر الذي تجعلنا نشعر أنّهم يتأملون “مخلوقًا مثيرًا للاهتمام”، فأغلب أصدقاء العائلة “الغير عنصريين”، يقومون أثناء محادثهم معه بإلقاء بعض التعليقات الغريبة التي لن تسيء سوى لكريس والأشخاص الحاملين لنفس لون بشرته، أمّا البقية فلن يعتبروا انزعاجه سوى “حساسية زائدة عن اللازم”.


هل أنا عنصري ؟

صورة فيلم Get Out

يدفعنا الفيلم إلى التفكير في كون أغلب الأشخاص عنصريين بشكل أو بآخر حتى وإن كانوا يظنون العكس، حيث نجد أن كل ما يطلبه ويتمناه أمثال “كريس” هو أن يتم معاملتهم بشكل متساوِ مع الجميع والنظر إليهم بشكل طبيعي دون أن يتم التفريق بينهم وبين باقي الأشخاص، بسبب لون بشرتهم عن طريق الإشارة إليهم ب”أصحاب البشرة الداكنة” أو “السود” كما ذكرنا في هذا المقال مرات عديدة لأسباب تتعلق بتحليل الفيلم.

لكن ما يحدث هو أنّ الكثيرين يفتخرون بأنفسهم فقط لأّنهم غير عنصريين، وكأنّ هذا ليس هو الأمر الطبيعي أصلًا، فنجد أنّ أحدهم يشعر بنوع من الرضى عند رؤية شخص أسود دون أن يفكر في إهانته أو النظر إليه بطريقة مسيئة، أو عند الإشارة إليهم بصفات “جيدة” ك: “أصحاب البشرة الداكنة ماهرون في كرة السلة”، أو “السود يتمتعون بقوام جسدي أفضل وأقوى من الآخرين”، وغيرها من العبارات التي نظن أنّها تخرجنا من دائرة العنصرية بينما إنّها لا تؤكد سوى أننا غير قادرين على معاملة هؤلاء الأشخاص على أنّهم أناس عاديون لا فرق بينهم وبين أي لون مهما كان.

بالإضافة إلى ما سبق، نجد أنّ حبكة الفيلم الذكية غير متوقعة بالمرة، فلا الأحداث الأولية للفيلم ولا تطورها سيمكنك من تخمين ما سيؤول إليه كل شيء في الجزء الأخير من الفيلم، وهو الجزء الذي تم التعامل معه وكتابته بشكل متقن ساهم في تعزيز القيمة الفنية للعمل وعدم إسقاطه في خانة الابتذال.

لكل هذه الأسباب، أجد شخصيًا أنّه يمكننا اعتبار هذا الفيلم من بين أفضل أفلام الرعب الحديثة وأذكاها وأكثرها احترامًا لعقلية المشاهدين، حتى وإن كان التقييم الذي حاز عليه على موقع الطماطم الفاسدة مبالغًا فيه بعض الشيء، لكنني أعتبره تقييمًا شرفيًا وتشجيعيًا لهذا العمل الذكي والأصلي، أكثر منه تقييمًا يعكس حقيقة آراء النقاد فيما يتعلق بجميع عناصر الفيلم بداية من النص مرورًا بالإنتاج والإخراج والتمثيل، وبالتأكيد فإنّني أجد أنّه عمل يستحق كل النجاح الذي لقيه وأنصحك بمشاهدته وعدم تفويته مؤكدة مرة أخرى من أنّه ليس فيلم رعب تقليدي، أمّا إذا كنت قد شاهدته بالفعل فما رأيك به؟ شاركنا في التعليقات.

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

توقعت حصوله على الاوسكار ، لكن للاسف لم يحدث
فيلم فوق الممتاز

اجمل لقطة كانت لقطة النهاية حيث يوجه كريس سؤالا لصديقه عن الكيفية التي وجده بها.كريس كان منوما مغناطيسيا كان غارقا كما قالت عنه الطبيبة النفسية دور الصديق هنا يمثل القلب الذي كان رافظا الدخول في هذه التجربة.

فيلم من اروع ما شاهدت خلال عام ٢٠١٧! فيلم يعطي فلسفة ما يختبئ وراء عقل الرجل الابيض ونظرته للملونين وان العقل الجمعي ما زال يدور حول العنصرية ولكن بنظرتها المعاصرة. ولتقديم هذه النظرة فقد بُلورت بفكرة التنويم المغناطيسي والتي تعبث بعقول الاخرين كما أوضح الفيلم وكأن الكاتب يريد أن يقول رغم ما حققه الرجل الاسود من امتيازات بما فيها وصول اوباما لسدة الرئاسة الا انه ما زال يعاني من عنصرية خفية تتعلق بالعبارات والنظرات فضلا عن السلوك التمييزي غير المباشر الذي لا يمكن أن يكتشفه القانون! أما عن تيما الرعب فربما أخذ شكلا تجاريا للترويج للفيلم ومع ذلك لم يكن مملا بل مفاجئا للمشاهد.. أعتقد أن هذا الفيلم سيحوز اوسكار كافضل ممثل وأفضل مخرج وربما أفضل فيلم! شكرا للكاتبة فهو فيلم غير تقليدي فعلا!