تريند 🔥

📱هواتف

مراجعة أنمي Hunter x Hunter… حين تعجز الواقعية عن وصف الواقع!!

أنمي Hunter x Hunter
مقالات الضيوف
مقالات الضيوف

6 د


مقال بواسطة/ منة الله محمد السيد

Hunter x Hunter هو مانغا يابانية من تأليف “يوشيهيرو توغاشي”، وتحولت لأنمي عام 1999، ثم أُعيد إنتاج الأنمي بجودة أفضل عام 2011… سأتناول فقط جوانب فلسفية من الأنمي، ولستُ بصدد كتابة مراجعة أكاديمية أو احترافية عنه… إنما فقط أسرد ما أحسسته أثناء متابعة هذا العمل الأُسطوري الفذ العبقري، الذي قلما يتكرر في تاريخ الفن الياباني والعالمي كله!!!!!

أبدع المانجاكا “توغاشي” في إحكام الحبكة والإسقاطات والسيناريو، ويبدو جليًا مدى ثقافة وسعة اطلاع توغاشي، وأيضًا رسم الشخصيات وسماتها وتطوّرها، وتصاعد وتيرة الأحداث إلى جانب إبداع الاستديو “mad house” في تصوير وتحريك المعارك والموسيقى التصورية يجعل منه كما يقول النقاد “masterpiece” بلا منازع.

أمَّا من جانب فلسفي تتصادم كلّ المفاهيم التقليدية التي ألفناها حد الضجر مع رؤية جديدة لها مثل: البنوة والأبوة والصراع القائم دائمًا وأبدًا بينهما، عن الصداقة والتضحية غير المقرونة بمعطيات المنطق المملة الثأر والعدالة واختبار المبادئ… الجَلد والمثابرة لتحقيق الغاية السلطة في يد السفهاء ومعضلة “البقاء للأفضل”… عن تناقض بني البشر بين غنى فاحش وفقر فاجع، وحرب تأتي على كلِّ شيء فتتركه خرابًا، هذا التناقض لن يشعر به بنو البشر بالتأكيد، فهم غارقون في الوحل الذي استحال رؤية الحقيقة، ولكن حين تعجز الواقعية عن وصف الواقع، فيتأتى لمسخ هجين أن يدرك هذا الواقع البشع، هذا المسخ يحمل خِصالًا بشريةً، وبيلوجيًا هو ليس كذلك!!!!

*تنويه هام*: الفقرات القادمة تحوي حرقًا لبعض الأحداث


بداية: غون يسير في الدرب الذي أختطّ له 

أنمي hunter x hunter

بداية الأنمي هو تلك الجزيرة الهادئة الحالمة، حيثُ يكبر غون بطل قصتنا وتكبر معه تطلعاته وتساؤلاته عن أبيه الغائب منذ زمن!!!… يذهب لاختبار الصيادين ليصير مثل والده الذي اتخذه قدوةً وهو لم يعش معه قط…. نجح في الاختبار وحصل على ما هو أفضل من الانتصار ألا وهي رفقة تهون عليه مشاق الدرب الذي فرضه على ذاته، وأقربهم إليه فتى عائلة “زولديك ” وخير قائد منتظر للعائلة ذائعة الصيت بالقتل المأجور… من هنا “توغاشي” يرسم بقلمه شخصية التناقض: الفتى “كيلوا زولديك” الذي أحببناه أكثر من بطل القصة ذاته… هنا مكمن العبقرية في رسم سمات الشخوص النفسية وصراعتها مع ذاتها ومع الخارج الذي يفرض نفسه…

نعود لغون الذي من تسارع الأحداث وتطوّرها يكتشف أنّه على الدرب التي مهدها له والده “جين فريكس”!!

"جين فريكس "

“جين” الذي لم يبذل جهدًا في تنشئة ابنه، وبرغم هذا عرف أنّه سيسلك هذه الدرب؟؟؟!!!! هل نحن أمام معضلة فنية في صياغة الحدث أم حدس خارق للطبيعة على غرار القوى الخارقة مثل “النين” وغيره؟؟!!!!

ثم نحن نتساءَل هل لكلٍّ منّا درب أُختط له فهو يسير على أثره؟؟؟ هذا الجدال الذي أُنهك بحثًا وتنظيرًا!! من له الحق في تمهيد دروب حياتنا؟؟؟ هل الوالدان لهما ذاك الحق في أن يجعلا الدرب مُعبّدةً بالورود ثم ندرك أن للواقع وجهًا آخر شديد القبح… “جين فيركس” عبّد الطريق ومهدها لغون، ولكنّه ترك الدرب موحلةً ومظلمةً ومليئةً بالعقبات والمعاناة… كيف عرف جين أنَّ ابنه لن يركن لحياة الدعة في الجزيرة النائية بل آثر درب المعاناة في سبيل إيجاد والده؟؟؟!!!!!… أعدّ جين العُدة جيدًا لكي يقوى ساعد غون في سبيل الوصول إليه أظن أنَّه لولا قسوة جين لما أصبح غون قادرًا على النجاة في عالم مثل العالم الذي نُسجت فيها خيوط قصتنا…


“تطوّر الشخصيات في HxH

لن يتسع المجال لسرد كآفة السمات المميزة لكلّ من ثنائية الشخوص الأحداث وبلوغ ذروة تصاعد وتيرة الحبكة، وتشعر بهذه الوتيرة المتصاعدة في توتر مشاعرك صعودًا وهبوطًا، وارتباطك بالأبطال حتى الأشرار منهم!!


1– كيلوا زودلديك

اسمحوا لي أن أصير متحاملةً قليلًا حين يتعلق الأمر بـ “كيلوا”… الفتى كيلوا ذا الـ “12” عامًا، والذي لاقى عناءً وكانت طفولته جحيمًا… وكان من ضمن تهيئته النفسية والجسدية ليصير قائد للزولديك: تعريضه لصعق كهرباء والنوم جالسًا، والكثير من التمارين الجسدية الشاقة، ولكنّ هذا ما صنع “كيلوا” شديد البأس والدهاء برغم صغر سنه… والقيود التي وُضعت على​ عاتقه بأن يكون نسخةً لجده وأبيه، وأن يتجاهل احتياجاته الطفولية بأن يحظى بصديق، وأن يحرص على الظهور في هيئة “قاتل” محترف لا يعرف شفقة أو يبدي عاطفةً، كلّ هذا أجج حقد إخوته له، فسوف يصير القائد المنتظر للزولديك… كما أنَّه يضيق ذرعًا بوصاية أخيه الأكبر “إيلومي” التي يفرضها عليه قسرًا!!!!

يخوض “كيلوا” انتخابات الصيادين، ويعمل دائبًا أن يخرق الدرب التي حددتها له عائلته، وهنا مكمن تناقض كيلوا وغون أحدهما يسير على الدرب التي اختطت له والآخر يخرقها… يلتقي برفيق دربه “غون” لتتشابك أقدارهما ويخوضا غمار المجهول غير آبهين بشيء، إلّا صداقتهما الأقوى من أيّ اعتبارات منطقية بلهاء؛ فقط لأنَّ كيلوا شعر أنَّه مع رفيقه ليس “آلة للقتل المأجور”، بل طفل عادي يسعى للتحرر من قيوده العائلية!!!!

غون وكيلوا سويًا في أرك “اختبار الصيادين”


2- ملك النمل “ميريوم ساما”

وهنا لنا وقفة استثنائية مع الأرك العظيم الرائع الذي بذل توغاشي فيه روحه فخرج على هذا الإبداع “نمل الكايميرا”، والذي يميز الأرك ظهور شخصيات جديدة تتشابك مع أقدار الأبطال الرئيسية مثل: أفضلهم “ملك النمل ميريوم”، الصياديون المحترفون “موارو ونوف ونآكل وشوت والعديد من نمل الكايميرا ذا الخصائص الإنسانية”…

الغلاف الرسمي لأرك “نمل الكايميرا”

وهنا حيثُ يطرح “توغاشي” بخبث ومكر معضلة البقاء!!!… البقاء لِمَن؟؟ هل للأقوى أم للأذكى أم للأكثر تأقلمًا مع الطبيعة؟!… معضلة الازدواجية البشرية / الحيوانية وازدواجية الخير والشر داخل النفس البشرية وفي المجتمعات، بحيث تستحيل ازدواجية الغنى والفقر والحرب والسلم إلى قبح شديد اعتدنا عليه فلم نعد نشمئز منه!!!…

وعلى غرار المسخ المشوه النصف إنسان: “فاوست”، الذي عبّر عنه جوته – الفيلسوف الألماني – في مسرحيته المشهورة، نرى “توغاشي” يبرع في وصف مسخ من نوع آخر هجين هو “مريريوم: ملك النمل”، وهو عبارةٌ عن امتزاج العديد من السلاسل الحيوانية ومنها الإنسان. ذلك، المسخ الذي يريد أن يتربع عن عرش الكائنات ويصير ملكهم… هذا المسخ في البداية وُلد بقناعة أنَّه الأقوى والبقاء لمن على شاكلته من القوة والبأس والدهاء وقهر الضعفاء!!!!… ثم تتغير قناعته مدفوعًا ببعض العاطفة الإنسانية التي دبت فيه فجأةً عند لقاء الضعف البشري متمثلًا في الفتاة الكفيفة “كوموغي”…

المذهل في الأمر كيف كان يسعى للمعرفة وجعلها السعي للمعرفة إدراك حقائق الأشياء هي شغله الشاغل حتى لو أتى على خططه الجحيمية في صنع جيش من المسوخ “المولدين” الأقوياء… يريد معرفة الكثير عن نفسه، وكيف يسير العالم خارجًا، ثم يتساءَل عن التطوّر البايولوجي والعقلي، ومن الأجدر بالبقاء؟!… ثم يهتدي لذاته بأن ترك العنانَ لخصاله البشرية المتمثلة بالعطف والاهتمام وإنصاف الضعفاء ونقد ازدواجية وقبح العالم بعد هزيمته الساحقة أمام الدهاء الإنساني وقهرهم!!

في النهاية نحن الآن نمر بطفرة حقيقة في مجال صناعة الأنمي الياباني، وننتظر دائمًا من استديو “Mad house” المزيد من الأعمال الاستثنائية!!!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.