فيلم it’s a wonderful life .. مُعجزة عيد الميلاد الأبدية

ملاحظة: يحوي هذا المقال على تفاصيل أحداث فيلم it’s a wonderful life

عشية عيد الميلاد، كل العائلات على الموائد بانتظار الطعام، كل الأطفال فرحون بالهدايا التي سيجدونها في اليوم التالي عند الشجرة. جميع البشر سعداء، يضحكون بصوتٍ مدوٍ في كل مكان. ماعدا شخصٌ واحد، يقف على أحد الكباري وعلامات الحزن تعتلي وجهه، ينظر إلى المياه التي تجري أسفله ويتمنى ألا يكون موجودًا.

جورج بيلي (الذي يلعب دوره جيمس ستوارت) هو رجل من أسرة بسيطة يعيش في بلدة “بيدفورد فولز” أحد بلدان ولاية نيويورك، حياة بيلي تعتمد بالأساس على البشر، يصادق كل من حوله ويتعامل معهم على أنهم عائلته. يعمل بيلي مديرًا لشركة والده، وهي شركة القيود الوحيدة غير المملوكة لرجل الأعمال “مستر بوتر” الذي يريد شراء البلدة بأكملها كي يبني مكانها مجمع سكني جديد باسمه.

يحلم بيلي بالسفر، لكنه لا يستطيع ترك البلدة في يد رجل جشع طمّاع مثل بوتر. وقوف بيلي في وجه بوتر منعه من تحويل البلدة لمجمع سكني جديد، حتى جاءت ليلة عيد الميلاد وعلم بيلي أنه سيُسجن وأن شركته التي كانت آخر خط دفاع له وللبلدة ستنهار. عندها فكر بيلي في أنه لا يساوي شيء، وأن حياة زوجته وأولاده كانت ستكون أفضل كثيرًا وهو غير موجود.

يذهب بيلي بعد أن ارتطمت سيارته بأحد الأشجار، ليقف فوق الكوبري، وينظر إلى السماء بوجه حزين، يصلي ويدعو. بعد قليل يظهر بجانبه رجل قصير القامة، ليخبره بما سيغير حياته للأبد.

قبل أن أشاهد تحفة المخرج “فرانك كابرا” الخالدة، كنت أفكر قبل سنوات في أنني لو مِتُ فلن يحزن علي أحد. كنت أفكر في أن أذهب بعيدًا، ليظن كل من يعرفني أنني مت، كنت أتمنى لو أستطع أن أراهم، هل سيبكيهم الخبر أم لن يعبأوا به. أما عند مشاهدتي للفيلم كمشاهد في تلك اللحظة، لم إلا من أن اتعاطف مع بيلي، وتمنيت أن تُستجاب دعواته.

يقف الرجل القصير بجانب جورج بيلي ويخبره أنه الآن ليس له وجود، ثم يذهب معه ليريه قبره، فيسأله بيلي من انت؟ فيقول أنه الملاك الحارس لبيلي! ينزعج بيلي ويرى أن الرجل يهزء به، فيثبت له الملاك صحة كلامه ويريه شكل الحياة في ظل عدم وجوده. يرى جورج أن كل شيء تغير، البلدة أصبحت مملوكة لبوتر، ولم يعد أحد من أهل البلدة يعرفه، والمشكلة الأكبر أنه لم يعد هناك من يبتسم، سار العبوس عنونًا لهذه البلدة.

يعود بيلي إلى الكوبري، ويدعو أن يعود للحياة مجددًا.

المشهد الأخير هو واحد من أفضل المشاهد السينيمائية في التاريخ. استخدم فيه كابرا تقنية الزاوية الواسعة للتصوير كي يلتقط مشاعر جورج وإحساسه بكل شيء حوله، إحساسه بنفسه عندما علم أنه لا يزال حيًا، فرحته عندما علم أن الدم ينزف على أحد جوانب فمه، ركضه في كل أنحاء البلدة موزعًا تهنئة عيد الميلاد على جميع من يقابله حتى مستر بوتر شخصيًا.

عاد جورج ليجد رجالًا من البنك ينتظرونه في بيته ليقول لهم أنه سعيدٌ بذهابه للسجن، ينظر ليجد أولاده وبناته فيركض نحوهم يقبلهم ويحتضنهم يطمئن على أحوالهم وكأنه كان غائبًا لفترة طويلة. بعد قليل تدخل زوجته إلى البيت ومعها أهل البلدة الذي تبرعوا بأموالهم حتى لا يُسجن جورج بيلي.

تتحقق بعدها معجزة عيد الميلاد برجوع أخاه هنري الذي يمسك بالكأس ويرفعه عاليًا ليقول: “نخب أخي الكبير جورج، أغنى رجل في البلدة”. علم بيلي أن الغنى الحقيقي ليس في المال وإنما في حب الناس بالفعل، فمستر بوتر يمتلك الكثير من المال ولكن لا يوجد في البلدة من يحبه، وإذا وقع في مشكلةٍ مشابهة لن يسانده أحد. لن حب الناس في النهاية هو الأهم كما عبر عن هذا المعنى الشاعر الكبير فؤاد حداد: “مفيش حياة غير عند غيرك.. تعيش في خيره ويعيش في خيرك”.

رُشّح فيلم it’s a wonderful life المأخوذ عن قصة “فيليب فان دورن سترن” (أعظم هدية) لخمسة جوائز أوسكار، أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور رئيسي (جيمس ستيورت) وأفضل مخرج (فرانك كابرا) وأفضل صوت وأفضل مونتاج. للأسف لم يحصل الفيلم على أي جائزة في تلك السنة، لكنه حصل على حب الناس كما حدث مع جورج بيلي في الفيلم، فعلى الرغم من عدم نجاحه في شباك التذاكر، إلا أنه يعد الآن واحد من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما العالمية.