تريند 🔥

📱هواتف

مراجعة فيلم Joker: تحفة فنية تغير مفهوم “أفلام الكوميكس”

فيلم Joker
محمود حسين
محمود حسين

6 د

تم الإعلان عن الإعداد لفيلم Joker في 2017 ومنذ ذلك الحين وبفضل الشعبية الطاغية للشخصية تم إدراجه بقوائم الأفلام المُنتظرة، زادت درجة الترقب لعرض الفيلم بعد ما حققه من نجاحات في الفعاليات السينمائية الدولية التي شارك بها، الفيلم من بطولة خواكين فينيكس وروبرت دي نيرو وإخراج تود فيليبس الذي كتب السيناريو أيضاً بالاشتراك مع سكوت سيلفر.

كانت واضحاً من البداية أن فيلم Joker يختلف كلياً عن أفلام الكوميكس والأبطال الخارقين التي تزايدت معدلات إنتاجها بالسنوات الأخيرة، متمرداً على المقومات الفنية المعتادة بهذا النمط من الأفلام، وكان السؤال الأكثر إلحاحاً هل ذلك الاختلاف سيكون في صالحه أم سيجعل منه مسخاً مشتتاً ما بين تصنيفات فنية مُتباينة، بعد طرح الفيلم عالمياً حصلنا أخيراً على الإجابة.


قصة فيلم Joker

فيلم Joker

تدور أحداث فيلم Joker حول “آرثر فيلكس” المهرج البسيط الذي يطمح إلى أن يكون أحد أشهر مقدمى العروض الكوميدية والذي يعاني في الأصل من خلل عقلي ونفسي، يتعرض للعديد من مظاهر القهر والاضطهاد التي تؤدي لإخراج أسوأ ما به وتحوله إلى شخص آخر..


سيناريو فيلم Joker أحادي الخط متعدد المحاور

خواكين فينيكس بفيلم Joker

يتبع سيناريو فيلم Joker خطاً درامياً رئيسياً وحيداً من البداية للنهاية ويستعرض أحداثه كاملة من منظور ورؤية شخص واحد هو “آرثر فيلك”، لكنه أيضاً -بحرفية شديدة- استغل الشخصية في تسليط الضوء على واقع مدينة جوثام التي تعاني من مختلف الأمراض الاجتماعية، على عكس كافة الأعمال التي تصدت لتلك المدينة الخيالية الشهيرة -أبرزها أفلام Batman- لم يصورها مدينة مظلومة تحتاج لمُنقذ يهبط من سمائها بقدر ما صورها مدينة مُظلمة تستحق مُعاقباً يخرج من أرضها من صنيع مجتمعها المفكك الفاسد.

ادرك السيناريو من البداية أنه يستعرض قصة معروفة مسبقاً بالنسبة للمشاهد ولهذا لم يعتمد في جذب انتباهه على تتابع الأحداث بقدر اعتماده على الشخصية التي تفنن في رسم وإظهار تفاصيلها لجعلها أكثر إثارة للاهتمام وجعل من صراعها النفسي الداخلي محوراً أساسياً لبنائه، بينما كان تتابع الأحداث المحور الثاني أو الثانوي وهذا لا يعني -على الإطلاق- خلو الفيلم من المفاجآت والالتواءات التي برع السيناريو في توظيفها عند نقاط محددة لزيادة جرعة التشويق وإثارة تساؤلات لدى المشاهد تحفزه على الاستمرار بالمتابعة.

امتاز سيناريو فيلم Joker أيضاً بالإيقاع المتزن الذي لم يتسارع للدرجة التي تفقده المنطق وتخلق فجوات في بنائه ودون التباطؤ للدرجة التي توقعه في شرك الرتابة، استطاع بذلك جذب انتباه وتركيز المتلقي من المشهد الافتتاحي وحتى الخاتمة دون الإحساس بالملل بأي فصل من فصول الفيلم.


التجسيد السهل الممتنع

فيلم Joker

هناك شبه إجماع الآن على ترشح خواكين فينيكس لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل رئيسي هذا العام وذهب البعض لأبعد من ذلك وأكد على أحقيته بالفوز، بعيداً عن تلك التوقعات فإن خواكين فينيكس قدم أداءً مذهلاً لشخصية “آرثر فيلك الجوكر” جاء متقناً ومتزناً وبرغم غرابة الشخصية لم يكن في أدائه أدنى قدر من المغالاة أو المبالغة.

لعل الاختبار الأصعب الذي واجه خواكين فينيكس كان أن الشخصية تمر بتحولات عديدة وتغيرات جذرية خلال فترة زمنية قصيرة؛ إلا أنه تمكن من التنقل بين تلك المراحل بأسلوب السهل الممتنع وتم الأمر بهدوء تام، فقد شاهدنا على مدار مدة العرض شخصية الجوكر تنسلخ شيئاً فشيئاً من آرثر، فهي كامنة بداخله منذ المشهد الأول ولكنه يظهر جانباً منها بشكل تدريجي مع كل موقف يتعرض له وكل حقيقة يكتشفها.

برع خواكين فينيكس كذلك في عكس مشاعر شخصيته المتضاربة والمتخبطة سواء مشاعر القهر والحزن المختنق بها من البداية أو مشاعر الكراهية والنقم التي تتنامى بداخله تدريجياً هذا بالإضافة إلى مشاعر الأمل في بلوغ الحلم التي كانت تتملكه من آن لآخر، هذا كله من خلال شخص في الأصل يعاني من درجة من درجات الاضطراب العقلي، الأروع أن كان يتم الانتقال بين كل هذا بهدوء واتزان شديدين.

أقرأ أيضًا: طرح التريلر النهائي لفيلم “Joker” استعدادًا لعرضه في الرابع من أكتوبر المقبل


تصميم الإنتاج

فيلم Joker

عند تناول فيلم Joker لابد من التوقف أمام عناصر تصميم الإنتاج التي كانت من أبرز العناصر الفنية بالفيلم وأكثرها تأثيراً ولولاها لفقد قدراً كبيراً من روعته؛ حيث كانت مواقع التصوير -المُختارة بعناية- وعناصر الديكورات الداخلية والخارجية مُعبرة تماماً عن مكان وزمن الأحداث.

لم يقف دور تلك العناصر على نقلنا بالزمن عدة عقود للوراء فحسب؛ إنما ساهمت أيضاً في التعبير عن طبيعة الحياة داخل مدينة جوثام -مدينة الشيطان- الغارقة في الفوضى والغوغائية والتي تعاني من داء الطبقية المتفشي؛ حيث تضم فئة من فاحشي الثراء بينما يعاني معظم سكانها -ومنهم البطل الرئيسي- من الفقر المدقع.

كان تصميم الملابس أيضاً مميزاً بقدر كبير وخاصة أزياء شخصية “آرثر فليك الجوكر” في مراحله المختلفة، لعل أبرز ما يميزها أنها برغم غرابة تكوينها كانت واقعية تماماً ومتماشية مع العصر الذي تدور به الأحداث، حتى زي المهرج في بداية الفيلم بدا منطقياً تماماً ولكنه جاء فوضوياً وغلبت عليه الألوان الداكنة والباهتة المستمدة من أعماق مُرتديها.


الإخراج

فيلم Joker

ينحصر تاريخ المخرج تود فيليبس الفني قبل Joker في عدد من التجارب الكوميدية التي كان بعضها على قدر من التميز مثل فيلم The Hangover الذي برغم ما لاقاه من نجاح لم يلفت النظر إلى مخرجه بالقدر الكافي، مما يجعل فيلم Joker بكل تأكيد نقطة فاصلة في مسيرته.

تمكن تود فيليبس من تقديم فيلماً بالغ التميز يمكن تصنيفه بأريحية ضمن قائمة أفضل الأفلام ليس في 2019 فقط إنما بالسنوات الأخيرة بصفة عامة؛ إذ برع في الدمج بين أدواته الفنية المختلفة لتقديم صورة سينمائية غنية بالتفاصيل، جاءت معظم كادراته مبهرة ومعبرة من حيث التكوين مستغلاً في ذلك كل عنصر متاح أمامه من ألوان وإضاءة وظلال بجانب زوايا التصوير.

استطاع تود فيليبس إقناع الشركة المنتجة بتقديم فيلم بتصنيف (R) وقد برع في استغلال تلك الفرصة التي لم تتح لأي مخرج قدم شخصية “الجوكر” بالسابق، حيث ضَمّن فيلمه مشاهد إثارة شديدة العنف وبالغة القسوة تتماشى مع طبيعة الشخصية السيكوباتية ولكن في ذات الوقت يُحسب له عدم الإفراط في هذا النوع من المشاهد، فقد كانت محدودة جداً وتركزت في المناطق الفاصلة مما زاد تأثيرها النفسي على المشاهد وكذلك تأثيرها على الأحداث؛ إذ كان كل مشهد منها بمثابة إعلان عن تطور شخصية البطل وانتقاله للمرحلة التالية.

فيلم Joker

يتخطى فيلم Joker كونه فيلماً مميزاً إنما يمكن اعتباره تجربة سينمائية مستقلة ومتفردة؛ إذ نجح في التحرر من القالب المعتاد للأفلام المقتبسة من الكوميكس متخلصاً من عيوبها ومُستغنياً عن مميزاتها، فكان الرابط الوحيد بينه وبين القصص المصورة الشخصية الرئيسية التي تصدى لها من منظور خاص واستعرضها بشكل مختلف ومبهر ومتقن.

وضعنا فيلم Joker قبل عرضه أمام سؤال مُلح وبعد عرضه طرح سؤالاً آخر أكثر إلحاحاً، ما مدى تأثيره على صناعة أفلام الكوميكس بالمستقبل؟ وهل بمقدوره فتح الباب أمام المزيد من التجارب الجريئة الخارجة عن النمط المعتاد والتي منها مشاريع كانت قائمة بالفعل وتم إهمالها مثل مشروع فيلم Batman: Year One للمخرج دارين أرنوفسكي؟.. سوف ننتظر للحصول على إجابة ولكن في اعتقادي الشخصي ستكون الإجابة بـ”نعم” ولن ننتظرها طويلاً.

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.