فيلم خلاويص: لعبة لاتنتهى بين المواطن وفساد المسؤولين
في فبراير عام 2016 أصدرت محكمة غرب القاهرة العسكرية حكم المؤبد على طفل عمره أربع سنوات؛ بسبب خطأ في تسجيل الاسم، ومع أنّ الطفل لم يدخل السجن ظل الحكم غيابيًا بحقه حتى تم فك لغزه. هذا الخبر بنى عليه المؤلفان لؤي السيد وفيصل عبدالصمد قصة فيلم “خلاويص”.
يلعب الطفل علي حسن مع جده لعبة خلاويص الشهيرة، ولكن يأتى البوليس فعلًا للقبض على الطفل وتنفيذ حكم بالمؤبد، ولا يجد الأب سائق التاكسي (أحمد عيد) وسيلةً لمرافقة ابنه في محبسه سوى الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، وتتوالى المواقف الكوميدية داخل السجن وتتعقد الأمور أكثر خارجه، لينتهي الحال بالأب في مواجهة البحر، وهو لا يدري إن كان يحمل ابنه على كتفه أم يحمل كفنه.
حبكة الفيلم بسيطة من الكوميديا السوداء، محزنة ومحبوكة في قالب درامي به من الانفعال ما يخلق لدى المشاهد نوعًا من الإحباط وخيبة الأمل، وهو يشاهد أجهزة الشرطة وهي تخطِئ مرة تلو الأخرى حتى نصل إلى المشهد المؤثر للأب يهرول خلف عربية الترحيلات في محاولة لبث الطمأنينة في نفس طفل بريء وجد نفسه فجأةً وسط المجرمين، أحسن صُنّاع الفيلم صنعًا في عدم تحديد وظيفة المسؤول الفاسد، أو تحديد نوع الجريمة التي اعترف الأب بارتكابها وهو يقايض على حريته في مقابل وعد بتأمين مستقبل ابنه وتوفير حياة كريمة لعائلته، ولكن هل يفي مسؤول فاسد بوعده؟
مازال أحمد عيد يعاني من النمطية في الأداء، فطريقة التعبير وإلقاء الأفيهات المضحكة واحدة في كل أفلامه السابقة، ومنها الكثير نجحت على المستوى الجماهيري والنقدي، خصوصًا التي تعبر بصدق عن أحوال المواطن البسيط في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة، والتي لا تخلو من صبغة سياسية مثل: فيلم “رامى الاعتصامي”، و فيلم “حظ سعيد”، ويحاول عيد جذب شريحة أكبر من جمهور موسم نصف السنة السينمائي بمشاركة البطولة مع طفل في تكرار لتجربة فيلم “ياباني أصلي” الناجح، والذي تميز بسيناريو أكثر تماسكًا من فيلم اليوم، أجادت أيتن عامر في حدود دور المحامية المتعاطفة مع قضية الطفل دون أن يورطها السرد في علاقة عاطفية مع الأب، ودور المسؤول الفاسد أداه الفنان أحمد فؤاد سليم باقتدار، فحين لم يكن طارق عبد العزيز مقنعًا وهو يحاول تقليد مذيع التوك شو ذو الشارب الشهير.
المخرج خالد الحلفاوي هو من بيت فني، إذ أنّ والده الفنان الكبير نبيل الحلفاوي ووالدته الفنانة القديرة فردوس عبد الحميد، نجح في إدارة الممثلين وتكوين كادرات الفيلم، ومعه مدير التصوير علي عادل الذي يعي تمامًا الفرق بين الإضاءة الطبيعية والإضاءة الصناعية، فخرجت بعض مشاهد الفيلم وكأنّها لوحة فنية جميلة مثل: مشهد ساحل البحر الأحمر لحظة الغروب، بالإضافة إلى موسيقى محمد مدحت التي خلقت الأجواء المرجوة في لحظات الدراما.
فكرة بسيطة عن واقعة حقيقية، صنعت فيلم جيد في موسم أغلب أفلامه كوميدية سطحية، ومع تساؤل الطفل البريء لوالده إن كانت اللعبة قد انتهت، يترك لنا المخرج النهاية مفتوحةً لتستمر لعبة خلاويص بين المواطن، وفساد المسؤولين بلا نهاية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.