مسلسل خلصانة بشياكة … يخرج من السباق الرمضاني بسبب كسل كُتّابه
6 د
مما لا شك فيه أنّ مسلسل خلصانة بشياكة هو أحد المسلسلات الكوميدية التي كان ينتظرها الكثيرون، فمن جهة يعود به أحمد مكي للدراما التلفزيونية من خلال شخصية جديدة بعد مسلسله “الكبير أوي”، والذي انتهى آخر أجزائه في عام 2015، كذلك يعود من خلاله هشام ماجد وشيكو في أول عمل درامي لهما بعد انفصالهما عن أحمد فهمي، علمًا بأنّ آخر عمل تلفزيوني قدمه الثلاثي كان في عام 2013 ومسلسل “الرجل العناب”، وأن يكون هناك تعاون بين مكي وهشام وشيكو لهو أمر مُثير للاهتمام والفضول.
ومن جهة أخرى فكرة المسلسل نفسها الفانتازية والتي تدور بالمستقبل، حيث الصراع الدائر بين الرجال والنساء هي فكرة جذابة كان من المتوقع أن يخرج منها الكثير من الكوميديا وهو ما كان مُبشرًا، كل ذلك ساهم في صُنع قاعدة جماهيرية مُسبقة للمسلسل.
مسلسل خلصانة بشياكة
مسلسل كوميدي مصري إنتاج 2017 يُعرض في رمضان الحالي، وهو من إخراج هشام فتحي، أمّا الكتابة فهذه هي واحدة من المرات القليلة التي لا يشترك فيها هشام وشيكو في كتابة أعمالهم إذ تم إسناد الكتابة لورشة ضمت محمد محمدي وأحمد محيي، أمّا بطولة العمل فجاءت من نصيب: أحمد مكي، هشام ماجد، شيكو، دينا الشربيني، إنعام سالوسة، بيومي فؤاد، انتصار، ملك قورة، وأوس أوس.
قصة العمل
كما ذكرنا بالسابق المسلسل فانتازي تدور أحداثه عام 2041 بعد الحرب العالمية الثالثة التخيلية التي دارت بين الرجال والنساء، ونتج عنها إبادة الكثيرين في حين لم يتبقَ من البشر سوى معسكرين أحدهما للنساء والآخر للرجال، ما يجعل الاثنين في حالة حرب مستمرة ومشتعلة معًا.
إلى أن يظهر “الحاج والحاجة” وهما آخر ثنائي على ظهر الكوكب يحبان بعضهما البعض، فيطلبان من الفريقين عمل هدنة فيما بينهما، على أن يقوم الحاج والحاجة –في هذه الأثناء- بقَص حكايات من الماضي عن الرجال والنساء ما قبل الحرب العالمية الثالثة، ومن ينجح في الالتزام بالهدنة حتى النهاية سيتم منحه مفتاح لأكبر مخزن سلاح.
فكرة المسلسل يُجهضها السيناريو والسرد الدرامي
فكرة المسلسل ذكية والتي وعلى قدر كليشيهيتها بَدَت ثرية دراميًا والأهم كوميديًا، وهو ما جعل من المتوقع أن يأتي العمل ممتعًا ومُضحكًا، ما عجز المسلسل عن تحقيقه –على أرض الواقع- بالقدر الكافي، إذ جاء عيب المسلسل الأكبر في السيناريو حيث السرد الدرامي غير المُرتَّب أو المفهوم، فلا من وتيرة واحدة يسير عليها العمل تجعلنا نُمسك بخيوط الحدوتة بقوة ووضوح.
فالحلقات تنقسم إلى جزأين الأول أحداثه تدور بالمستقبل حيث حاضر الأبطال الحاليين، والثاني عبارة عن اسكتشات تضم الحكايات المروية والتي تدور أحداثها بالماضي، وبالرغم من أنّ تلك الاسكتشات “متعوب عليها” وتحمل قدرًا جيدًا بالفعل من الحبكة والكوميديا إلّا أنّها كثيرًا ما كانت تبدو غير مفهومة، ولا نعرف المغزى من إقحامها وسط الحلقات إلّا متأخرًا.
كذلك أدت فكرة وجود اسكتش كل عدة حلقات إلى جعل الأمور أكثر إرباكًا؛ لعدم تشبع الجمهور بالشكل الكافي سواءً من الأحداث التي تدور بالمستقبل أو من الاسكتشات، وهو ما جعل المشاهد يُطالب بأن يرسى صُنّاع المسلسل على شيء واحد فإمّا أن تصبح تلك الاسكتشات بمثابة عادة شبه يوميه لنصبح أمام حلقات متصلة منفصلة واسكتش كل حلقة أو حلقتين (كما جاء بمسلسل “ريح المدام” مثلًا)، وهو ما كان سيثري العمل ويزيد من جرعته الكوميدية، وإمّا أن تظل الأحداث كلها تدور بالمستقبل ومن ثَم يتم الشغل أكثر على الشخصيات والتطور الدرامي للأحداث؛ لأنّ انتقال الأحداث بين الماضي والحاضر جعل تطور الأحداث بطيئًا للغاية ومُحبطًا.
زمن الحلقات القصير يؤثر على الكوميديا والبناء الدرامي للشخصيات
في البداية استبشر الجمهور خيرًا بشخصيات المسلسل، فكل بطل له شخصيته التي تختلف عن الباقين، في الوقت نفسه يُمكننا الإمساك بخيوط كل شخصية على حدى، فنعرف دواخلها ودوافعها، ولعل أكثر شخصيات تم الاشتغال عليا هم: شخصية (شاكير) التي يقوم بها شيكو، (نوح) التي يلعبها هشام ماجد، و(نيفيهان) التي تؤديها ملك قورة -إحدى مفاجآت العمل القوية-، خاصةً مع الخط الدرامي الكوميدي لكل منهم.
في حين جاءت الشخصية التي يلعبها (مكي) مرسومةً جيدًا لكنها غير ثرية وتدور كلها في نمط واحد كان كوميديًا في الحلقات الأولى لكنه مع الوقت فقد ما يُميزه وصار باهتًا ومتوقعًـا، وهو ما تكرر أيضًا مع الشخصية التي تلعبها دينا الشربيني.
وقد ساهمت فكرة قصر زمن حلقات المسلسل في عدم السماح للشخصيات بالتطور وفَرد المساحات لها بالشكل المرجو؛ ذلك لأنّ زمن الحلقات جاء قصيرًا بشكل ملحوظ حتى أن بعض الحلقات لا تتعدى ال 19 دقيقة، وهو ما جاء على حساب كل من الكوميديا والقصة التي كان من الممكن أن يتم إثراءها أكثر إذا ما كانت الحلقات أطول، ليصبح السؤال :
لماذا لجأ صُنّاع المسلسل للزمن القصير لفقر الخيال وقلة المادة الدرامية بالعمل أم لأسباب أخرى؟
الإخراج
إخراج المسلسل جاء جيدًا جدًا يجمع بين الذكاء والكوميديا خاصةً مع اهتمام المخرج بالتفاصيل، فمسلسل خلصانة بشياكة هو أحد المسلسلات الرمضانية القليلة التي اهتمت بعناصر مثل: (الديكور، الأزياء، الإكسسوار، المكياج وحتى الموسيقى التصويرية المناسبة لروح العمل) فجاءت جميعها على أفضل ما يكون، وهو ما يُمكن أن يصيبنا بالغضب بسبب توفر كل عوامل النجاح لتأتي تفصيلة السيناريو فتنزل بالعمل لسابع أرض.
من جديد أحمد فهمي VS شيكو وهشام ماجد
اعتدنا من قبل أن يكون هناك عمل كوميدي واحد أو اثنين بالموسم الرمضاني، إلّا أنّنا هذا العام أمام مجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية الكوميدية، فهناك مسلسل دنيا سمير غانم (في ال لا لا لاند)، مسلسل عادل إمام (عفاريت عدلي علام)، مسلسل ياسمين عبد العزيز (هربانة منها)، مسلسل بيومي فؤد (شاش ف قطن)، مسلسل أحمد فهمي (ريح المدام)، كل ذلك يأتي جنبًا إلى جنب مع مسلسل (خلصانة بشياكة).
وبالرغم من التنافس القوي والغزير إلّا أنّ الغالبية العظمي يضعون كل الأعمال في كفة، وخلصانة بشياكة وريح المدام في كفة أخرى، فيقارنون بينهما بسبب كَون أبطال العملين كانوا في الأساس جميعهم في فريق واحد ثم انفصلوا، ومثلما تنافسوا بالسينما في العيد بفيلمي (كلب بلدي) و (حملة فريزر) ها هم يتنافسون من جديد ولكن بالتلفزيون.
وفي حين جاءت فكرة (خلصانة بشياكة) هي الأفضل والأمتع، كذلك حظى العمل بالإخراج الأفضل في ظل باقي العناصر المثالية التي تحدثنا عنها مُسبقًا (باستثناء السيناريو)، لعب صُنّاع مسلسل (ريح المدام) في المضمون فمالوا أكثر للاستسهال، إلّا أنّ ما خدمهم كان الوتيرة الواحدة التي سار عليها العمل بجانب المساحة الزمنية الأطول، والتي سمحت للأبطال بفرد عضلاتهم الكوميدية بشكل أكبر.
على كل حال مسلسل (خلصانة بشياكة) قد لا يكون الأفضل كوميديًا، نعم هو عمل مُضحك ومُختلف، لكن ليس بالقَدر الذي كنا ننتظره منه، وهو ما يجعلنا نتساءل تُرى ما هي العناصر الأهم لإنجاح عمل ما؟ أو يُمكننا أن نطرح السؤال بشكل آخر: ما الذي يمكن أن يتغاضى عنه الجمهور وما الذي لا يرتضي عنه بديلًا؟
إجابة هذا السؤال من الأهم أن يعرفها صُنّاع الدراما والسينما رُبما حينها فقط سيعرفون كيف يصنعون التوليفة التي يُمكننا أن نقول عنها أنّها ورغم عيوبها “ماتخرش الميه”، بدلًا من أن نقول عنها أنّها ورغم كل ما توفر بها من عناصر للنجاح لكنها للأسف “الحلو اللي ماكملش”.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.