دائمًا ما نتحمل الكثير من أجل الأشخاص الذين نحبهم ونعشقهم، سواء كانوا من الأهل أو الأصدقاء، نضحي بالكثير من أجلهم، ومن أجل أن نراهم سعيدين، نتمنى أن يقدروا تلك التضحيات، أن ينظروا لنا نظرة احترام، أن نعلم بأنهم ممتنين لنا، لسنا نقدم ونريد أن نأخذ، بل نريد فقط أن نعلم بأننا في حياتهم، بأننا موجودون معهم، ولو حدث نفس الشيء لكانوا هم من يقدمون لنا يد العون أم لا، نضطر أن نكبت كل تلك المخاوف والأسئلة حتي تنفجر كالرصاص واحدة تلو الأخرى وحتمًا تذهب العلاقة في تلك الحالة إلي الهلاك، قدمنا لكم في تلك القائمة بعض الأفلام التي ناقشت كل تلك التعقيدات عن العلاقات بطريقة أو بأخرى.
قرأت الكثير من الآراء السلبية، لكن بالنسبة لي الفيلم قدم كل ما يستطيع تقديمه، لولا بعض التقلبات في السيناريو لقلنا إنه فعلها بأفضل طريقة ممكنة، إخراج رائع ومميز أظهر لنا لمحة مما يستطيع “سام ليفنسون” فعله، وأتمنى أن يحاول تقديم شيء جديد في فيلمه القادم، حالما تعرف بوجود شخص من أجلك، وتعرف أنه يحبك، لن تفكر فيه مجددًا، وعندما توشك على خسارته، حينها ستوليه اهتمامك.
كنت أظن أن هذا الفيلم سيكون عبارة عن علاقة من طرف واحد، شخصًا لا يكن الكثير من الحب للآخر لكنه يحبه، ولكن كان عكس رؤيتي له، جون واشنطن قدم واحدًا من أفضل الأداءات التي رأيتها ليست في تلك السنة فقط بل في حياتي، أداؤه ليس مبالغة على الإطلاق، نظراته وكل ما يفعله كان حيًا، زندايا يكفي أن نصفها “بالملاك” فلا أعرف ماذا يمكنني أن أقول غير أنني أنتظر ترشيحهما في الأوسكار، هذا ليس فيلمًا يحتاج إلى إيصال رسالة، بل هو فيلم مليء بالمشاعر والواقعية.
الفيلم ليس عن الزواج فقط، بل يفضل أن تكون على دراية بذلك قبل مشاهدته، أو على الأقل هذا ما شعرت به، كذلك شعرت أنه ينُقاش الحياة المهنية كذلك، هوليوود والسعي للشهرة وإثبات الذات، معنى الحياة، لكن التأثير غالبًا على حياتهم الزوجية وعن صراعاتهم من هذا الجانب الذي بشكل أو بآخر متصل بالحياة المهنية، لكن إن كنت ستبكي سيكون على جدال العلاقة الزوجية وليس موضوع المهنة تحديدًا.
كتابة السيناريو مميزة لدرجة أنك ستواجه صعوبة باختيار جانب تكون معه وتراه الأصح أو معه الحق، يتم إظهار العادات السيئة والجميلة بهم بشكل مؤثر ورائع، وهم كذلك أشخاص مبدعين، الفيلم ليس عن انفصال لأشخاص عاديين بحياة روتينية مملة، لهم دور بالمجال المسرحي والسينمائي والمخرج نجح بإظهار إبداعتيهم في تركيزه على وظائفهم أو هوايتهم، هناك أفلام كثيرة عن الانفصال لكن هذا الفيلم يأخذ اتجاهًا غير اعتيادي من جانب ويركز على عدة أشياء بنفس الوقت، ونرى الفيلم من منظور البطلة “نيكول” او البطل “تشارلي” فقط، وسترى كيفية تعامل الآخرين مع مرحلة انفصالهم، وهناك من لا يهتم أساسًا بحبهم لبعضهم مثل “محاميي القضية” ويهتموا فقط بتأدية عملهم.
بعض الناس يبنون الأسوار لإبعاد الناس، والبعض الآخر يبني الأسوار لإبقاء الناس في الداخل، الحد الفاصل بين الشيئين هو عبارة عن منظورين فأيما تريد أن ترى؟ من الخارج أم من الداخل؟ ولكل منهما وجهة نظر مختلفة عن الأخرى، فيلم عبارة عن دراما قوية حول النجاة في هذه الحياة الصعبة، حول الأسرة والأحلام، بدراما ثقيلة وحوارات مدتها أكثر من ساعتين، حوارات عن الماضي، حوارات عن عزة النفس والكرامة، حوارات في تربية الأبناء، حوارات مصيرية ستغير الكثير من الأشياء، حوارات ستصنع حياتك وفيلم محوره الأساسي هو الحديث.
العلاقة بين “دينزل وفيولا” مليئة بالحب، يتحدثون ويمرحون مع بعض، يتحدثون عن كل شيء أعطته لهم الحياة كهدية ومكافأة عن كفاحهم بعد الحوارات الجميلة التي تجعلك تذوب معها، نلتقي بالممثلين الرئيسيين الآخرين في الفيلم، نكتشف تدريجيًا علاقتهم مع “دينزل”، نلتقي بابنه الموسيقي والآخر مراهق مجنون البيسبول، ونلتقي بشقيقه المعاق ذهنيًا، الذي فقد قدراته العقلية أثناء الحرب.
يستخدم دينزل مصطلحات “كرة البيسبول” لوصف فلسفة حياته وأحلامه، هناك مشهد في ذلك الفيلم يعتبره الكثير واحدًا من أفضل المشاهد الدرامية في التاريخ وأستطيع أن أتخيل نظراتك من الآن وأنت تشاهده، يعتبر نقطة تحول لجميع العلاقات في هذا الفيلم، الذي يجيب عن سؤالنا، هل الأسوار هي للحفاظ على الناس في الخارج، أم هي للحفاظ عليهم في الداخل؟ لن تحصل على الجواب إلا في نهاية الفيلم، عندها فقط ستفهم مغزى السؤال من دون شك، فكر قليلًا بكمية الحوارات التي قدمها دينزل، أغلق عينيك وفكر، أنت أمام فيلم سينمو بداخلك.
أتمنى أن تستمتع بتلك الأفلام، وتستعين بها في مواقف مشابهة حتمًا ستحدث لك بشكل أو بآخر، أن تتعلم المفيد منها وأن تتعلم أن تحب نفسك أولًا، بكل تأكيد ستحدِث تلك الأفلام فارقًا ملحوظًا في حياتك.