مراجعة فيلم Misery.. إلى أي درجة يمكن أن تحب شيئاً ما؟
لدى كل شخص منا شخصية مشهورة يحبها ويتابع أعمالها بكل اهتمام، وقد يصل الأمر مع البعض إلى مرحلة غير عقلانية تمامًا من الهوس الشديد. ماذا إذا قابلت هذه الشخصية في الحقيقة؟ ماذا ستقول؟ وكيف ستتصرف؟ بالتأكيد ستكون الإجابة بعيدة كل البعد عما فعلته آني مع كاتبها المفضل بول شيلدن في فيلم Misery.
- سنة الإنتاج: 1990.
- إخراج: روب راينر.
- سيناريو: ويليام جولدمان.
- بطولة: جيمس كان، كاثي بيتس، ريتشارد فارنسورث، فرانسيس ستيرنهيجن.
- تقييم الفيلم على موقع IMDB: 7.8.
- تقييم الفيلم على موقع Rotten Tomatoes: 90%.
- إنتاج: كاسل روك إنترتاينمنت، نيلسون، إنترتاينمنت.
- الميزانية: 20 مليون دولار.
اشتهر الكاتب بول شيلدن بسلسلة روايات رومانسية من بطولة شخصية تدعى “ميزري”، واعتاد بول على أن يكتب رواياته وينهيها في بيت معزول في مدينة صغيرة لا يسكنها الكثيرون. وفي آخر أعماله يقرر أن يأخذ خطوة خارج إطار تلك الروايات ويغير ما يكتبه. يتعرض بول إلى حادث مميت في طريق عودته إلى المدينة بعد انتهائه من الرواية ويُحبس وسط الثلوج منتظرًا مصيره.
ومن سوء حظه، تعثر عليه الممرضة آني ويليكس التي تنقذه من الموت وتجلبه إلى بيتها وتعتني به، ليستيقظ بول ويجد نفسه في فراش بقدمين مكسورتين وكتف مخلوع. تصرح له آني بإعجابها الشديد بكتاباته وبشخصية ميزري التي دائمًا ما تعكسها على شخصيتها الحقيقية، مما يجعل بول يقدم لها الرواية التي انتهى من كتابتها ولم تنشر بعد كاعتراف بالجميل وتقدير لإعجابها برواياته.
يظهر الجانب المريض من آني عندما تقرأ الرواية وتكتشف موت شخصية ميزري مما يجعلها تغضب بشدة وترفض ذلك، حيث تصمم على إجبار بول على تغيير تلك النهاية وجعلها تعيش. وفي سبيل ذلك تحتجزه في بيتها ولا تمانع في إيذائه أو تقييده في السرير حتى ينفذ رغبتها، وأمام ذلك الهوس غير الطبيعي يحاول بول أن يسايرها ويتحايل عليها من أجل أن يخلص نفسه وينجو بحياته.
الفيلم مبني على رواية بنفس الاسم صدرت قبله بثلاث سنوات، للكاتب الكبير ستيفن كينج الذي صرح بأنه يعتبره من ضمن أفضل عشر اقتباسات سينمائية لأعماله، بعد أن كان مترددًا أمام فكرة تحويلها لفيلم سينمائي. بالإضافة إلى كون آني ويليكس شخصيته المفضلة بين كل الشخصيات التي كتبها، كما انبهر ستيفن بأداء كاثي بيتس مما دفعه لكتابة شخصيتين جديدتين لها.
بل أُعجب العالم كله بأداء كاثي بيتس الرائع لتلك الشخصية المهووسة بشدة، حيث نجحت في عرضها بإتقان وبث مشاعر التوتر والخوف من خلال انفعالاتها وتعبيرات وجهها التي خدعتنا في البداية مثلما خدعت الكاتب بول شيلدن. مما جعلها تستحق جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة رئيسية، في أول مرة تذهب هذه الجائزة لدور في فيلم رعب، وليكون Misery هو الفيلم الوحيد الذي يفوز بجائزة أوسكار بين الأعمال المقتبسة من كتابات ستيفن كينج.
ومن الممكن أن نعتبر فيلم Misery من الأهم في مسيرة أبطاله، وأولهم كاثي بيتس الذي كان بالنسبة لها انطلاقتها السينمائية الحقيقية وأقوى ما قدمته، أو جيمس كان الذي انجذب لدوره بعد أن رفضه العديد من الممثلين الكبار مثل جاك نيكلسون وغيره، والمخرج روب راينر الذي كان مهتمًا جدًا بتنفيذه ورأى فيه تحديًا جديدًا.
يعتبر أيضًا أحد أفضل أفلام الرعب والإثارة على الإطلاق، بسبب قصته الغريبة وجوهّ القاتم الذي يشعرك بعدم الراحة، وحالة الترقب التي يضعك فيها منتظرًا مصير الكاتب المحبوس تحت رحمة أشد معجبيه، وكيف تلاعب ببطله بإعطائه الأمل في الحرية وفرصة الهروب ثم سلبها منها بكل قسوة وتحطيم كل آماله وازدياد سوء حالته.
حقق الفيلم نجاحًا على مستويات عدة، بداية من شباك التذاكر واحتلاله المركز الثاني في قائمة البوكس أوفيس وقت صدوره، أو محبي السينما وعلى الأخص أفلام الرعب الذين لا يزالون يتذكرون هذا الفيلم ويحبونه حتى يومنا هذا. أو الإجماع النقدي الذي أشاد بالفيلم، حيث وصفه نقاد موقع الطماطم الفاسدة بكونه مخيفًا وأحد أفضل الأفلام المقتبسة من روايات ستيفن كينج، بفضل الأداء الرائع من الثنائي جيمس كان وكاثي بيتس.
استطاع الفيلم احتلال هذه المكانة بدون أي عناصر تميز أفلام الرعب، مثل المؤثرات البصرية والصوتية الضخمة أو الوحوش والكائنات الغريبة أو الأشباح والأرواح الشريرة أو غيرهم. بكل بساطة تدور أحداث الفيلم في مكان واحد يُعطي الإحساس بالأمان على عكس ما يحدث داخله، حيث نجد أحد أبطالنا في سريره لا يستطيع الحركة يحاول الهروب من أيدي أحد أقوى الشخصيات الشريرة في تاريخ السينما.
وانعكس تأثر روب راينر بأسلوب هيتشكوك على الكثير من مشاهد الفيلم المليئة بالإثارة وصعوبة توقع ما ستفسر عنه الأحداث، وتركيزه على التفاصيل الصغيرة واستخدامها في تحريك القصة والأحداث. وساعده على ذلك التصوير الذي ركز على ملامح آني وهي تتغير بين الطيبة الشديدة وكونها مسالمة، وتحولها إلى الغضب والشر بشكل مخيف. بل توجد بعض التشابهات بينه وبين رائعته هيتشكوك “Psycho”، حيث يتشارك أشرار الفيلمين في اسمهم “بيتس” وعدم الاتزان النفسي، وبعض الأجواء المتقاربة مثل العاصفة واضطرار البطل للمكوث بذلك المكان المعزول.
وتظل شخصية آني ويليكس أوضح نموذج للشخصية المهووسة على شاشات السينما، ويرجع أغلب الفضل في ذلك لكاثي بيتس التي أشاد الجميع بلا استثناء بأدائها. وتعرض تلك الشخصية بعض المسائل المهمة ولكن بطريقة متطرفة بعض شيء من الصعب حدوثها على أرض الواقع، مثل إلى أين يمكن أن يصل بنا شغفنا نحو شيء ما أو حبنا لشخصية ما.
وإلى أي حد قد يكون تأثير المعجبين على الكتاب أو غيرهم من الشخصيات المشهورة، وكيف تؤثر تلك العلاقة على ما ينتجونه، حيث يمكننا أن نقول إنه يمثل كابوسًا غير بعيد لكل الكتاب. ويظل الفيلم حتى وقتنا هذا بعد مرور أكثر من عشرين سنة أحد أفضل الأفلام في فئة الرعب، بقصة ممتعة ومختلفة من ستيفن كينج، أضاف لها روب راينر لمسة الإثارة، وأداء غير عادي من كاثي بيتس.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.