فيلم Miss Peregrine’s Home for Peculiar Children… عودة لسحر تيم بورتون أم خيبة أمل جديدة لهذه السنة؟
7 د
منذ أن تم إصدار أول تريلر خاص بفيلم Miss peregrine’s home for peculiar children في شهر يونيو الماضي وأنا متحرقة شوقًا لمشاهدته، كيف لا وهو آخر أفلام المبدع تيم بورتون، المخرج الذي لا تعرف أعماله حدودًا للخيال والذي يمكن توقع رؤية ما لم نر من قبل أبدًا في أفلامه من أماكن عجيبة وشخصيات خيالية (وإن كانت قبيحة المنظر عادة) وأزياء غريبة وعوالم أخرى لا تخطر على البال ليكون بذلك صانع “بلاد العجائب” الأفضل بامتياز، إنه المخرج الذي سحرنا لسنين بأعمال سينمائية فريدة كانت في أغلبها من بطولة رفيق عمره جوني ديب وشريكته السابقة هيلينا بونهام كارتر.
وبعد أن شاهدت الفيلم بالفعل، إليكم هذا المقال الذي يمثل مراجعة له اعتمادًا على تقييمي الشخصي الذي قد يتفق معي البعض فيه كما قد يختلف معي فيه البعض الآخر، لكن قبل ذلك سنستعرض بطاقة تقنية للتعريف بالفيلم:
العنوان: Miss Peregrine’s Home For Peculiar Children
مبني على: رواية تحمل نفس الاسم، تم إصدارها سنة 2011 للكاتب رانسوم ريغس.
الصنف: فانتازيا مظلمة، مغامرات، رومانسية.
بطولة: إيفا جرين، سامويل ل. جاكسون، تيرينس ستامب، أسا باترفيلد.
إخراج: تيم بورتون.
إنتاج: Chernin Entertainment، TSG Entertainment Finance LLC، Ingenious Media، Tim Burton Productions، Scope Pictures، St. Petersburg، Clearwater Film، Commission.
بلدان الإنتاج: الولايات المتحدة الأمريكية، بلجيكا، بريطانيا.
مدة العرض: 127 دقيقة.
سنة الإنتاج: 2016.
التقييم على موقع IMDB: سبعة نقاط من أصل 10.
قصة الفيلم
في الحقيقة لم أقرأ الرواية التي تم اقتباس أحداث الفيلم منها ولذلك لا أستطيع الحكم على القصة مقارنة بالرواية أو تحديد الفروق بينهما، إلا أن الفيلم قدم قصة فريدة وممتعة، وإن أحسسنا في العديد من المشاهد بوجود أوجه شبه بينه وبين سلسلة أفلام هاري بوتر.
وتدور أحداث الفيلم حول “جيك”، وهو مراهق في السادسة من عمره، يعاني من مشاكل نفسية من ضمنها إحساسه الشديد بالوحدة بالإضافة إلى معاناته من كوابيس تطارده بسبب قصص مخيفة كان جده، الذي قتل بطريقة بشعة، يحكيها له قبل النوم عندما كان لا يزال طفلا، وتتمحور هذه القصص حول مغامرات الجد أثناء الحرب العالمية الثانية حين كان يقتل “وحوشًا قبيحة” ويقضي أغلب وقته في دولة “ويلز”، وتحديدًا في منزل كبير يضم مجموعة من الأطفال والمراهقين ومربيتهم “الآنسة بيريغرين”، والذين يتمتعون جميعهم بقوى خارقة لا يملكها غيرهم، فمنهم من يستطيع الطيران ومن يستطيع جعل الأرض تنبت بإشارة واحدة ومن لا يرى بالعين المجردة وقوى كثيرة أخرى.
وهي قصص توقف “جيك” عن تصديقها بالطبع عندما تجاوز مرحلة الطفولة، إلا أن رحيل جده الأليم تسبب في إعادة كل تلك القصص لتؤرق نومه وراحته وتغرقه في حالة من الاكتئاب أخذه والده على إثرها لطبيبة نفسية اقترحت أن الحل الأنسب لمشكلة “جيك” هو زيارته الفعلية للمكان الذي يحكي له جده عنه وذلك ليرتاح ويتأكد أن الأمر هو ضرب من الخيال لا غير.
إلا أن زيارته، وعلى غير المتوقع، أثبتث أن الجد كان صادقًا، بل وأنه كان يحكي لحفيده هذه القصص الغريبة ليحضره لهذا اليوم الذي سيكتشف فيه منزل الآنسة بيريغرين والأهم، أنه كان يحضره ليكتشف أنه نفسه يحظى بقوى خارقة من شأنها إنقاذ سكان المنزل من خطر كبير، وهكذا يبدأ المراهق في التعرف على قوى الأطفال الواحد تلو الآخر بالإضافة إلى الدخول في أحداث ومغامرات متشابكة لن أحرقها عليكم.
ولقد ذكرت الشبه بين الفيلم وأفلام هاري بوتر لتوفر عدة عناصر مشتركة بين الفيلمين كتعاسة البطل الشديدة ثم اكتشافه فجأة أنه ينتمي لعالم آخر يقدره على عكس العالم الذي يعيش فيه، وأنه يمتلك قوى فريدة لا يملكها غيره تتغير حياته بفضلها ليتحول إلى بطل منقذ بعد أن كان مهمشًا ومنبوذًا، بالإضافة إلى نقط مشتركة أخرى كالشخصية الهادئة والطيبة للبطلين وغيرها، لكن في العموم فقد قدم الفيلم قصة ممتعة ومثيرة للاهتمام رغم بعض الملاحظات التي سأتطرق لها في الفقرات اللاحقة وبعض المشاهد “المزعجة” بالنسبة لي على الأقل، لكن هل كان أداء الشخصيات بنفس المتعة والإثارة؟
أما بالنسبة للشخصيات فسنبدأ بواحدة من أهم الشخصيات في الفيلم والتي يحمل العنوان اسم منزلها، نتحدث هنا عن شخصية “الآنسة بيريغرين” التي جسدتها “إيفا جرين” بإتقان ومثالية، حيث قدمت لنا شخصية تجمع بين الجمال والقوة عن طريق أسلوب حديثها الهادئ واللبق الذي تصاحبه ابتسامة قوية تخفي صرامة كبيرة، وقد كنا نتمنى مشاهدة الشخصية لأطول فترة ممكنة لما قدمته من متعة خالصة إلا أننا للأسف لم نشاهدها سوى لفترة محدودة لم تتعدى ثُلث مدة العرض الكاملة لمتطلبات سير القصة وتسلسل أحداثها.
أما بالنسبة ل”جيك” الذي يعتبر الشخصية الأهم في الفيلم بأكمله والذي جسده “أسا باترفيلد” فلم يكن بنفس المستوى الذي كانت عليه الشخصية السابقة، فعلى الرغم من ملامح المراهق البريئة وأسلوب حديثه الرقيق وسوء الظروف التي مر بها في حياته والتي تجعلنا نتعاطف معه ونحبه في بداية الفيلم، إلا أن الشخصية نفسها مملة وتزداد تسببًا في الملل أكثر فأكثر كلما اقترب الفيلم من نهايته، ف”البطل” هنا لا يفعل أي شيء تقريبا سوى طرح الأسئلة والاستغراب، وهو أمر مفهوم في بداية الفيلم بالطبع، لكن الأمر غير المقبول هو استمراره على نفس الوتيرة طيلة مدة الفيلم التي تتجاوز الساعتين!
زد على ذلك أن “جيك” يملك ما يمكن اعتباره أهم قوة ضمن جميع القوى المتواجدة في الفيلم، وذلك لأن البطل يتمتع بميزة (لن أذكرها تفاديا لحرق الأحداث) بإمكانها إنقاذ الأطفال ومربيتهم من خطر يتربص بهم، ولذا فقد كان الأمر المتوقع هو تدرب المراهق شيئًا فشيئًا على استغلال قوته ثم استعمالها لاحقًا عند قرب نهاية الفيلم، إلا أن بطلنا قضى معظم الوقت في الفيلم متذمرًا من عدم قدرته على التصرف رغم امتلاكه للقوة المذكورة، قبل أن يستخدمها بالفعل في مشهد في غاية السخافة لا يرقى حتى لنيل إعجاب أطفال اعتادوا على أن تقدم لهم مسلسلات الرسوم المتحركة أحداثا أكثر “ذكاء” وإبداعًا.
ويمكن قول المثل على الشخصية التي قام الرائع سامويل إل. جاكسون بأدائها، والذي لا يمكن التشكيك في موهبته بأي شكل من الأشكال، إلا أن الشخصية التي تم إسنادها إليه مختلفة تمامًا عن تلك التي أظهرها لنا التريلر وعما كنا ننتظره، فالأفلام عادة تكون قوية وممتعة بقدر قوة “الشخصية الشريرة” التي تقدمها، إلا أن الشخصية الشريرة هنا ضعيفة جدًا وتافهة بعد أن تم إظهارها في أول مشهد لها في الفيلم على أنها ماكرة ومخيفة، وهو الأمر الذي جعلني أتحمس في انتظار ما سأشاهد من تعقيد للقصة واتخاذها لمنحنى غير متوقع، إلا أن توقعي كان خاطئًا مرة أخرى.
أما بالنسبة للأطفال الخارقين فيمكننا القول أنه باستثناء قوة الهواء التي تم استخدامها كعامل رئيسي في سير الأحداث والتي تكمن أهميتها أيضًا في كونها تنتمي لحبيبة البطل، لم يتم استغلال القوى الأخرى بشكل جيد إطلاقًا، فعلى سبيل المثال نجد قوى مهمة جدًا كقوة النار أو ميزة الطفلة التي تملك فمًا مفترسًا خلف رأسها أو قوة حمل الأوزان الهائلة إلى جانب قوى أخرى تم تقديمها في بداية الفيلم كعناصر مهمة للقصة، وهو الأمر الذي جعلنا نتوقع أن أحداث الفيلم ستأخذ منحنى يجعلنا نشاهد استعمالات تلك القوى، وهو الأمر الذي كان سيقدم متعة رائعة للجمهور!
لكن ما حدث هو أن الفيلم ارتكز بشكل أساسي على قوة الهواء ليتم إهمال بقية القوى بشكل مزعج والاكتفاء بإعطاء معظمها مساحات سخيفة جدًا داخل القصة بشكل ظالم لم يسمح لنا بالتعرف بشكل واضح عما يمكن لصاحب تلك القوة أن يفعله، خصوصا أن الفيلم نفسه يتمحور على كون الأطفال الخارقين ومربيتهم في حاجة إلى العيش بعيدًا عن بقية البشر لما يمكن لقواهم أن تحدث من متاعب لهم أو للأشخاص العاديين، فأين هي هذه المتاعب؟؟
الأمر نفسه ينطبق على الشخصيات نفسها، فبعض الشخصيات كانت لطيفة وممتعة جدًا (كشخصية الطفل غير المرئي على سبيل المثال) إلا أنها لم تحظ سوى بحيز زمني “حقير” داخل الفيلم، بينما استولت شخصيات أخرى تندرج في خانة الرتابة والملل على نصيب الأسد من عدد المشاهد في الفيلم.
على الرغم من أنني سأمتنع عن ذكر نهاية الفيلم، إلا أن ما يمكنني قوله بخصوصها هو شعوري عند مشاهدتها بأن كاتب السيناريو لم يجد الوقت الكافي لكتابة نهاية “مقبولة” حتى، فالأمر كان أشبه بتسارع غير طبيعي للأحداث للوصول إلى ذلك “المشهد” الأخير في الفيلم.
لكن من ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن الفيلم قد قدم تجربة بصرية في غاية الروعة إلى جانب موسيقى تصويرية ممتعة وحماسية من إبداع “ماثيو مارجيسون” و”مايكل هايام”، لذلك فيمكننا القول أن الفيلم قد قدم عناصر ممتعة ومميزة ومشاهدة ممتعة في العموم إذا كنا نريد أن نقضي بعض الوقت في الاستمتاع بمشاهدة فيلم “لطيف” لوحدنا أو بصحبة العائلة أو الأصحاب، لكن إذا كنا بصدد البحث عن فيلم يبهرنا بعد الانتهاء منه، أو عمل سينمائي فريد يجعلنا نخرج من أزمة أفلام هذه السنة، فإن وقوع الاختيار هذا الفيلم يعتبر خطأ لن يسبب لصاحبه سوى الإحباط وخيبة الأمل، أي تمامًا كما كان شعوري عند مغادرتي لقاعة السينما…
تريلر الفيلم
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.