فيلم موَانا Moana … البحارة الصغيرة التي تعيد الأمور إلى نصابها
5 د
غالباً ماتكون أفلام الرسوم المتحركة متخمة بالخيال كوجود حيوانات راقصة، شخصيات أُسطورية تطير في الهواء، مغامرات بعيدة وأسفار لا تنتهي، بالنسبة لي الدافع الأساسي دائماً لمشاهدة أغلب أفلام الرسوم المتحركة هو إغراء ذلك السفر البعيد الذي يخطِف خيالي إليه.
بطلة فيلمنا الليلة تشاركنا هذا الإغراء والافتتان حول ذلك المجهول المختبئ خلف سلسلة الصخور بالقرب من إحدى الجزر “جزيرة Motunui” القابعة في خليج على المحيط الهادئ.
قد تشعر في اللحظات الأولى للفيلم أنه يعيد إلى أذهاننا قصه الأميرة الشجاعه “مريدا” في فيلم “Brave” خاصة وأنّ كلا الأميرتين يملكان ذات الشعر الطويل المتطاير، والرغبه الجامحة ذاتها التي تخالف رغبة الأب المحب الصارم، ولكن ما أن تلبث أحداث الفيلم تمضي حتى تبدأ أوجه الشبه بالتلاشي.
على غرار الشبه الذي قد تشعر به أيضاً مع الفيلم “The Little Mermaid” ولكن قصة فيلمنا تختلف كثيراً عن كل ماسبق وهذا ما ستكتشفه تباعاً.
قصة الفيلم
تحبُ بطلتنا الجميلة السمراء (ابنة زعيم القرية) “موانا Moana ” الأرض والبحر، الأرض المتمثلة بقريتها الدافئة والبحر ذلك المجهول الذي مازال يصارعُها شغف معرفته منذ أن كانت طفلة، إلاّ أنّ رغبة استكشافه تظل مدفونة في سبيل البقاء على الأرض التي تستحق كل حياتها وحياة كل الأسلاف والأخلاف.
فجأة يدق ناقوس الخطر استمرارية هذه الحياة، عندما تتلف محاصيل جوز الهند وتختفي الأسماك من المياة المحلية المجاورة، هنا فقط يصبح الأمر أمام بطلتنا اليانعه (ذات الستة عشر ربيعاً) حاجة ملحة أكثر من كونه فضولاً معرفياً لـ تشقُ عباب البحر في سبيل حفظ حياة كل أهالي الجزيرة، ولتعيد للطبيعة نبضها تصديقاً لرواية جدتها بأن خطر الظلام والفناء سيهبط على كل الجُزر، الواحدة تلو الأخرى إذا لم تتم عملية إيجاد نصف الإله “ماوي Maui” الذي تسبب بكل هذا الخراب، والتعاون معه لإعادة قلب الطبيعة المسروق إلى مكانة النابض.
شخصيات الفيلم
كفيلم مرشح لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم رسوم متحركة، من الطبيعي والمألوف أن يتميّز بشخصياته المختلفة والآسرة ابتداءً من بطلتنا “موانا” التي تقوم بأدائها الصوتي الممثلة الجديدة “Auli’i Cravalho”، والشخصية الفكاهية “ماوي” ذلك النرجسي المغرور، النصف إله والذي يملك خطاف سحري ضخم يستطيع بفضله أن يتحول إلى حيوان يحلق في السماء أو حيوان يبحر في أعماق المحيط أو ما شاء أن يكون كان، والذي يؤدي دوره الصوتي الممثل “Dwayne Johnson”.
بالرغم أنّ “ماوي” في الأساس بطل خارق لامتلاكه أدوات خارقة، إلاّ أنّه قُدّم في الفيلم كبطل ثانوي لإبراز شجاعة وشخصية بطلتنا الصغيرة بصورة مثالية، والتى استطاعت حتى أن تغير هذا البطل الخارق نفسه عند مقابلتها له.
الجدة (جدة موانا): التى تؤدي دورها الممثلة النيوزيلاندية “Rachel House” بشخصيتها المشبعة بسلام متناغم راقص مع الطبيعة والأمواج، وصوتُها الحكواتي الذي يترك أثراً واضحاً على بطلتنا “موانا”، فتدفعها دفعاً لتعرف من تكون وترشد خطواتها لتكتشف أنهم في الأصل قوم رحالة يجوبون المحياطات، ويحسنون قراءة العلامات والإشارات التى تظهر في السماء وعلى تيارات الماء.
شخصية الأب الزعيم: ذلك الرجل التقليدي الى حد ما، والتي تتمثل شخصيته بأغلب صفات الآباء والزعماء المعروفة سلفاً مثل: الحزم والإلزام بالقوانين الصارمة، وحماية ابنته وكل أفراد القرية طبعاً، والذي يؤدي دورة الصوتي الممثل Temuera” Morrison”
شخصية أم “موانا”: بحضورها الخفيف اللطيف، والتي قدمت أداءها الصوتي مغنية البوب الأمريكية ” Nicole Scherzinger”.
لايمكن أيضاً تجاهل 3 شخصيات فكاهيه مميزة في الفيلم، وهي الدجاجة العجيبة التى صاحبت موانا في رحلتها الخطيرة، والخنزير الصغير اللطيف، وبالطبع المحيط الذي اصطفى واختار “موانا” لتكون بطلة الجزيرة (المحيط الهادئ) بشجاعتها وإصرارها المنقطع النظير.
نهاية خارجة عن المألوف
بالطبع لستُ هنا بصدد أن أُفصّل شارحةً لحظات النهاية وأفسد عليك عزيزي القارئ جمال الفيلم، ولكن ما أود الإشارة إليه فقط هو أنّ الشر دائماً ليس شراً محضاً بطبيعة الحال، وهذا ما يظهر جلّياً في شخصية البطل المتحول “ماوي”، وفي الأجزاء الأخيرة من الفيلم حيث تظهر المفارقة الواضحة والمقارنة وجه لوجه بين شخصية الوحش البركاني “Te Kā”، وشخصية ” Te Fiti” وكيف تتبدل الامور بفضل شجاعة بطلتنا الصغيرة.
الإنتاج والإخراج
الفيلم من إنتاج استديوهات “Walt Disney Animation”، والذي يعتبر الفيلم ال 56 لسلسلة أفلام ديزني، ومن إخراج كلّاً من: المخرج “Ron Clements” والمخرج “John Musker” بالتعاون مع كلّاً من صانع الأفلام ” Don Hall” والمخرج “Chris Williams”.
موسيقى الفيلم
بما أنّ الفيلم مصنف كفيلم فانتازيا غنائي، فمن الطبيعي أن يحوي بين دفاته عدد لايستهان به من الأغاني المميزة، ولكن من المهم أيضاً أن نلفت انتباه القُرّاء إلى أنّ الموسيقي المعروف “Lin Manuel Miranda” الذي حقق نجاحاً ملفتاً في أفلام موسيقية أخرى مثل: فيلم “Hamilton”، وفيلم “In the Heights” قد عمل إلى جانب كل من “Opetaia Foa’I” و “Mark Mancina” لتقديم أغاني هذا الفيلم.
الأغاني التي كانت في الحقيقة خفيفة على الآذان عميقة في المعنى، متأثرة (معظمها وليس جميعها) بالطابع الموسيقي لجزر المحيط الهادئ بشدة، وهو المكان الذي تجري فيه أحداث الفيلم.
من أهم الأغاني الخاصة بالفيلم هي أغنية”How Far I’ll Go” المرشحة لجائزة أوسكار بقائمة أفضل أغنية أصلية، والتي تُغنى على لسان بطلة فيلمنا المتسائلة الحائرة.
لانستطيع أيضاً تجاهل الأغنية الحماسية “We Know the Way”.
على الجانب الآخر نلاحظ أغنيتين بمزيج من المرح والفكاهة، وهما أغنية “Shiny” وأغنية “You’re Welcome” على لسان بطلنا الأحمق المتغطرس “ماوي”، وهي الألطف من سابقتها من وجهة نظري.
وبالطبع بقية أغاني الفيلم الرائعة خاصة تلك اللتي يظهر فيها جميع أهالي القرية وهم يرقصون في تناغم ووئام.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.