في ذكرى إصداره العشرين: فيلم مولان روج Moulin Rouge لماذا كل هذا النجاح؟

عادت  – نيكول كيدمان – في ذكرى ميلاد فيلم مولان روج Moulin Rouge بعد ٢٠ عامًا لتنشر صورًا لها أمس على صفحتها بإنستغرام من كواليسه مُعلقة على أنه من أفضل ذكرياتها وتذكر الجمهور بأحد أشهر جُمله.

مولان روج – Moulin Rouge – هو فيلم غنائي إستعراضي يعود لعام ٢٠٠١ وهو من كتابة وإخراج نفس الشخص باز لوكمان، وترشح الفيلم إلى العديد من الجوائر، ونال على سبيل المثال جائزتين أوسكار لأفضل تصميم أزياء، وأفضل تصميم إنتاج، وحاز على جائزة غولدن غلوب لأفضل موسيقى تصويرية.

تنشأ قصة الفيلم في بلد المُحبين باريس عام ١٩٠٠ ومن هنا تبدأ رحلة كريستان الشاعر الإنجليزي الذي أنتقل لتوه إلى باريس بغرض مواكبة الثورة البوهيمية باحثًا عن مكان لنفسه ولأشعاره – يلعب الدور إيوان مكريغور – ندخل عالمه من لحظة إنهياره فنراه يبكي في غرفته المظلمة يكتب أشعارًا وكأنه يناجي شخصًا ما، ثم ننتقل مباشرة إلى عالم مولان روج ذلك الملهى الليلى الذي يضم خلفه الكثير من الخبايا التي تتكشف تدريجيًا.

يسكن في الطابق العلوي لكريستيان تولوز لوترك صاحب ملهى مولان روج الذي يعمل بجانب طاقمه التمثيلي على تقديم مسرحية أساسها بوهيمي على حد وصف المجوعة فتضم سمات الحرية والجمال والحقيقة والحب. يوافق كريستان على الإنضمام إليهم بعدما أعجبوا بفنه واشعاره وسرعان ما يقع في غرام ساتين – نيكول كيدمان – الماسة التي لا تمس ودُرة الملهى ولكن تتعقد الأمور شيئًا فشيئًا فبدلا من أن تقابل ساتين الدوق – ذلك الرجل الذي يحلم بها ويتمنى إمتلاكها في مقابل أن يمول المسرحية وأن يجعلها ممثلة كبيرة – تقابل كريستان وتُغرم به هي الأخرى.

تلتهب ثورة مشاعر الحب بين كلا من كريستيان وساتين ولكن ثروة الدوق ونفوذه تقف حائلًا بينهما، فهو يحلم بإمتلاكها ووافق على مشروع المسرحية بدون إكتمال مشاهدها الأخيرة من أجلها، في المقابل تراوغه ساتين من حين لآخر وتأجل الكثير من المقابلات الشخصية من أجل الإبقاء على حبها مع كريستيان.

منذ البداية تلحظ الغيرة التي تآسر باقي راقصات الملهى والتي ستكون سببًا في الكثير من المشاكل، بينما الغيرة الأكبر تلك التي في قلب الدوق رغم كونه مراوغ ومخادع إلا أنه يبحث عن الحب، وتلك أحد تيمات فيلم مولان روج إبراز مبادئ الحب وإعلاء قدر الجمال والحقيقة في عالم ملئ بالماديات.

كلمة بوهيمي في فرنسا أنتشرت في القرن التاسع عشر وبعيدًا عن أصل الكلمة ونشأتها الجغرافية، إلا أن لها دلالة في الفن والأدب، فالفن البوهيمي أو الفنان البوهيمي يميل إلى كونه غير مرتبط بالتقاليد المعتادة – ربما نوصفه بكونه هوائي – وغير مرتب أو منظم وهذا ما نلحظه في غرفة كريستيان في البداية كما أن الكلمة ترتبط بباريس وهذه يفسر سفره إليها، وتصادمت رغبة الحب والرومانسية عنده بمادية وسلطة الدوق.

في أوقات كثيرة تشعر بأن وتيرة الأحداث غير تصاعدية لكنه يصدمك بحقيقة أو بملحمة متوقعة، فلا يخفى على المشاهد إصابة ساتين بالسُل ولكن يخفى على حبيبها وعليها هي الأخري ومع كل علامة للمرض تنتظر كيف سينتهي الأمر، كذلك أمر الدوق بقتل كريستيان حتى يحظى بساتين وحده، كل هذه الأمور ساعدت في إرتفاع النسق الدرامي وإن كان ليس من نقطة تميز الفيلم الحوار أو حتى القصة نفسها فهو من أنواع أفلام الحركة والغناء والرقص.

أقرأ أيضًا: هل تشعر بالضيق لاقتراب عيد ميلادك؟ 🍩🎂 تعرف على حالة اكتئاب عيد الميلاد

في نهاية الأمر نرى عقدة الفيلم بوضوح، ساتين عليها خداع كريستيان بأنها لا تحبه من أجل الحفاظ على حياته كما قال لها تولوز:

ويخبرها أننا كمخلوقات يصعب علينا الحب، فتُسلم بكلامه في لحظة معرفتها بمرضها العضال، وفي الناحية الأخرى يطلب الدوق تغيير نهاية المسرحية قبل عرضها بيوم حيث همست في أذنيه أحد الفتيات كيف يمكن لفتاة أن تقبل بعازف جيتار معدم ؟ وتترك المهراجا وهو يقدم لها حياة آمنة وهذا هو الحب تأكيدًا لمبدأ التسلط والتملك الذي يرى به جميع الأشياء بينما يرفض المعانى السامية التي يقدمها العرض المسرحي، ويتصاعد الأمر إلى تهديد بالقتل إذا ما وجد كريستيان نفسه في العرض.

يفشل رجل الدوق في قتل كريستيان بعد إقتحامه للمسرح وحضوره العرض كأحد أفراد المسرحية، حتى الدوق نفسه فشل في قتله بعدما دافع عنه تولوز، لتنتهي المسرحية وساتين بين يديه تحتضر، ولكن سيبقى حبهما للأبد هكذا أنهى حكايته بنفسه كاتبًا وقارئًا لها.

يغلب على الأغنيات طابع أوبرالي، وقدم الفيلم تنوعًا بين أنواع الموسيقى المقدمة فمنها الكلاسيك والبوب وتم توظيف جميع الأغنيات في مشاهدها بشكل سليم، ربما توقيت الغناء كان يقطع حوارًا ويحل محله ولكن جودة الأداء والكلمات تغني عن الحوار الذي لم يمكن نقطة الارتكاز الأصلية للفيلم.

ولا داعي لسرد جماليات الموسيقى التصويرية وتناسقها مع الحركات فجوائزها تتحدث عن نفسها، ومازلت موسيقى الفيلم الذي يمر على صناعته ٢٠ عامًا حاضرة في الأذهان وأشهر إستغلال لها حدث من قِبل راقصا الجليد Tessa Virtue and Scott Moir في دورة الألعاب الأولمبية لعام ٢٠١٨ حيث قدما أدائهما على الساوند تراك للفيلم وحازوا على المركز الأول.

ضف على ذلك مميزات التناسق في الألوان والأزياء مما ساعد في تكوين صورة بصرية مريحة للعين، كما أن الحركات الإستعراضية كرقصات ال  salsa أو tango – والتي هي جزء أساسي من نجاحات مولان روج – متناسقة هي الأخرى، وأحتاج ممثلوا العمل إلى ورش عمل كثيرة ولمدة زمنية طويلة هكذا قالت نيكول كيدمان وهي تسترجع قبل سنوات في مقابلة مع إيوان مكريغور ذكريات العمل، وأن هناك بعض المشاهد لم تكن مكتوبة وإنما وليدة اللحظة.

على نغمات هذه الأغنية تنتهي علاقة الحب التي لم يُكتب لها أن تبدأ، ولكنها قدمت ملمحة مسرحية وواقعية أمام أعيننا وأعين الدوق، انتصرت فيه مشاعر الحب ولو لدقائق في مشهد ختامي يعد من أقوى مشاهد الفيلم تمثيلًا وأكثرهم جمالًا رغم الأحزان التي تنبع منه، ولكن دائمًا ما يبقى الحب إلى الأبد مهما رحل المُحبون.

أقرأ أيضًا: بريطانيا: قصر باكنغهام يعلن وفاة الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث صباح اليوم الجمعة