الأوسكار 2024 تشعل منافسة Netflix أمام HBO.. أيهما الأكثر قوة في موسم الجوائز السينمائية؟
18 د
"لو لم يكن هناك سحر للسينما فلن يكون لديك سوى الصورة البسيطة للتلفزيون نحن نتحرك أكثر فأكثر نحو عالم خالِ من التجارب ذات المعنى نحن نتجه إلى السطح".. المخرج الهنغاري نيميس لازلو.
لا يزال كثير من أهل الفن السابع يرفضون بشكل متعنت وجود ما يعرف بأفلام المنصات الرقمية ويعتبرونها أقل قيمة من الأفلام الأخرى وأنها "ليست سينما"؛ فالسينما في نظرهم هي تلك التي تعرض على شاشة عملاقة في مسرح مكتظ.
أمًا تلك المعروضة على شاشة تلفزيون صغيرة فهي بحسب رأيهم أمر يقلل جداً من قيمة السينما كفن في الواقع، يرى كثيرون أن أفلام المنصات هي العدو الأكبر لمسارح السينما، حتى عندما قرر مهرجان البندقية السينمائي استضافتها تم مهاجمة هذا القرار بعنف غير المسبوق.
نرشح لك: مهرجان فينيسيا في دورته الـ 80.. السينما بين الإضراب والاحتفاء!
في فترة جائحة كوفيد 19 وفترة الحظر الصحي المرافق لها، ازدادت أهمية منصات البث الرقمي وتلقت السينما أقسى هزيمة في تاريخها لا أحد يرغب في دخول قاعة مزدحمة يمكن أن يخرج منها شبه ميت الجميع يريد السينما في ييته، فترة عصيبة بحق، لكن يبدو أن السينما بدأت تستعيد عافيتها هذا العام خاصة بعد حرب شباك التذاكر الأسطورية بين باربي وأوبنهايمر.
لا تتخصص منصات البث الرقمي بالأفلام فقط؛ إذ أن مصدر قوتها الحقيقي هو المسلسلات القصيرة التي تتنافس في إنتاجها والتسويق لها والتفاخر بعدد الجوائز التي تقتنصها، وبقدر ما كان هذا العام استثنائياً على السينما فإنه كان بالقدر نفسه على الشاشة الصغيرة؛ إذ شاهدنا مسلسلات أقل ما يقال عنها أنها تبشر بالكثير ونهايات أسطورية لأعمال تنافس الآن وبشراسة في أكثر جوائز التلفاز قوة الجولدن جلوب والإيمي.
إن منصات البث كثيرة تتزايد تزايداً واضحاً؛ فهي استثمار ذكي لمن يعرف شروط اللعبة، لكن لو أردنا التحدث عن منصات البث الرقمي الأشهر فسنجد أمامنا عملاقين هما HBO و Netflix اللذين قدما هذا العام أعمالاً رائعة بحق واللذان تصدرا بأعمالهما قوائم الترشيحات في أغلب الفئات، HBO لا تشبه Netflix إطلاقاً و Netflix تقدم أعمالاً أبعد ما يكون عن أعمال HBO لكن كلتا المنصتين تصدرتا قوائم الترشيحات في الجولدن جلوب والإيمي على حد سواء.
فما هي الفروقات بين أعمال المنصتين؟ ما الذي يجعلهما المنصتان الأقوى والأبرز؟ مَن هو الفائز الحقيقي بينهما؟.. في هذا المقال سنعقد بـ "أراجيك فن" مباراة فريدة من نوعها بين أكبر منصتي بث في العالم لنعرف من هي المنصة الأكثر نجاحاً وقوة بحق وفي البداية وكأي نزال محترم ينبغي علينا التعريف بالمتنافسين!
عملاق الدراما والإثارة HBO
يمتلك كل من أحب أعمال HBO المنصة الأسطورية انعكاساً شرطياً من نوع خاص فبمجرد أن يسمع صوت الوشوشة المميز سيدرك تلقائياً أنه أمام عمل أسطوري ممتع من العيار الثقيل.
تعد HBO واحدة من أشهر شركات الإنتاج والتوزيع خلف الأطلسي وتمتلك قائمة أعمال لا يمكن إلا وأن تكون سمعت بها حيث يتبع المسؤولون في HBO مبدأ النوعية لا الكمية لذا تصدر المنصة سنوياً عدداً محدوداً للغاية من الأعمال يكاد لا يتجاوز العشرة أحياناً لكن كل عمل منها يحقق النجاح المتوقع بل ويفوقه ويترك بصمة لا تمحى في الذاكرة.
إن قصص أعمال HBO مميزة غير المطروقة يستحيل أن تكون قد شاهدت شيئاً مماثلاً لها من قبل قصص ترضي أصحاب التطلعات العالية والذوق الرفيع بنهايات خيالية يستحيل التنبؤ بها أو نسيانها من مبدأ العبرة في الخواتيم إضافة إلى إصرار صناع العمل على وجود أفضل طاقم تمثيل ممكن لإضفاء المزيد من الدقة والاحترافية على عملهم الرائع.
في الواقع تمتلك HBO هوية بصرية فريدة من نوعها بأعمال تخترق العقل والروح وتذهل أشد النقاد قسوة بحبكات رائعة متنوعة غير المطروقة من قبل كمسلسل HBO الخالد (2002-2008) The Wire.
الذي تناول قصص الشرطة بطريقة يستحيل أن تكون شاهدتها من قبل؛ فالمسلسل لا يكترث بعرض رجال الشرطة المتحمسين للجري خلف المجرمين، إنما يقدم صورة دقيقة للعالم السفلي عالم المخدرات وتجارها والمدمنين وأطفال الشوارع بحبكة درامية مثيرة تختلف وتتنوع من موسم لآخر جعلته أسطورة تلفزيونية لا تمحى من الأذهان خاصة ذلك الأداء التمثيلي الساحر لدومينيك ويست الذي أذهلنا بعد أعوام بدور الملك تشارلز في The Crown.
ولو كنت قد أحببت عائلة كورليوني وأباها الروحي الدون فيتو، فإنك ستعشق توني سوبرانو عراب المافيا السمين الحانق دومًا وأبداً الذي أبدع جيمس غاندولفيني في تجسيده وعائلته المخبولة في المسلسل الأسطوري (1999-2007) The Sopranos.
الذي يقدم لمحة كوميدية محببة لعالم شرس قاس كعالم المافيا، ويعتبر الكثيرون أن The Sopranos هو أفضل عمل تناول عالم المافيا على الإطلاق رغم قسوة مشاهده، إن هذا المسلسل هو العمل الوحيد الذي سيجعلك تنفجر ضحكاً وأنت تشاهد عملية قتل وحشية ذلك بفضل براعة الكتابة وموهبة طاقم التمثيل الفذّة، لكن الكوميديا الحقيقية تتجسد في عمل أسطوري آخر هو ( Six Feet Under (2001-2005.
الذي جعل حول رهبة الموت إلى كوميديا سوداء فريدة من نوعها عَبر استعراض عائلة فيشر غريبة الأطوار المتخصصة في تحضير الجنازات وحياتهم اليومية المحاطة بالموت طوال الوقت.
إن تحويل الموت إلى نكتة تدل على أمرين؛ إما أن صناع العمل هم مجموعة من المجانين أو أنهم موهوبون رائعون بحق ومشاهدتك للعمل الأسطوري ستجعلك تميل إلى الرأي الثاني بلا شك، لا تقتصر أعمال HBO على الدراما الإنسانية الثقيلة بل تتفنن في الكوميديا أيضاً؛ إذ أن أشهر مسلسلات أميركا الكوميدية على الإطلاق كان من إنتاجها إنه مسلسل (Sex and The City (1998-2004.
هذا استعرض وعَبر مواسمه المغامرات الكوميدية الرومانسية لكاري برادشو الباحثة عن الحب في نيويورك المزدحمة القاسية ومغامراتها الممتعة الغريبة مع صديقاتها في الواقع، حتى لو لم تكن قد شاهدت المسلسل قبلاً فإن عدم سماعك لاسمه هو ضرب من المستحيل، ذلك أن شهرته امتدت ولا يزال عملاً محبوباً للغاية حتى يومنا هذا.
إن أكثر ما يميز أعمال HBO هو الدراما تلك الدراما الثقيلة القاسية الوحشية التي تعرض الحقيقة كما هي بلا مواربة ولا تجميل حتى عندما يتعلق الأمر بالمراهقين لا تقلل HBO إطلاقاً من قسوتها وهو ما نراه في ( -Euphoria (2019.
المسلسل المقبض الكئيب الذي يقدم صورة مذهلة بقدر ما هي مؤلمة لعالم إدمان المراهقين، صورة تجعل جلدك يقشعر خوفاً لكنها قدمت بطريقة مثيرة رائعة ترغمك على متابعة ما يحدث على الشاشة بشغف لا محدود لقد صنعت النشوة شهرة زندايا الحقيقية التي أثبتت نفسها كممثلة ذكية بارعة قادرة على تقديم أدوار ثقيلة مؤلمة ببراعة توازي براعتها بلعب دور إم جاي محبوبة الرجل العنكبوت.
في عالم المسلسلات القصيرة أبدعت HBO بحق في تقديم عمل أسطوري لا ينسى إنه مسلسل Chernobyl.
الذي يروي القصة الحقيقية المؤلمة عن انفجار مفاعل تشيرنوبل النووي والذي حاول الاتحاد السوفيتي آنذاك المستحيل لإخفاء حقيقة ما حدث الانفجار الذي أودى بحياة الكثيرين ذلك الحين.
وقد قدم العمل قصة محكمة رائعة مذهلة واستطاع في بضعة حلقات رواية القصة الأليمة القاسية بدقة رائعة وتقديم عمل لا ينسى أعاد للأذهان حكاية طواها النسيان بأسلوب أسطوري ومسلسل حقق نسب مشاهدات مذهلة للغاية ليتحول إلى واحد من أفضل المسلسلات القصيرة على الإطلاق.
أما في عالم الخيال فـ HBOتبدع بحق في دمج الخيال بكمية دراما مذهلة حتى لو كان خيالاً علمياً كما حدث في ( 2014-2017) The Leftovers.
المسلسل الأسطوري الذي ارتكزت حبكته على اختفاء 2% من البشرية قد يبدو لك أن اختفاء هذا العدد من البشر قليل جداً لكن تذكر أن تعداد سكان الأرض تجاوز الـ 7 مليارات وتخيل لو أن من اختفى كان أمك أو زوجتك أو طفلك.
لا يركز المسلسل الرائع على المختفين إطلاقاً ولا يطلق نظريات خيال علمي يرقص لها قلب جورج لوكاس طرباً، هذا عمل لـ HBO عملاق الدراما لذا فقد ركز المسلسل على الناجين أولئك الذين تعين عليهم النضال والصراع للنجاة في عالم لا يعرفون كيف اختفى أحباؤهم منه كان الباقون عملاً فلسفياً ثقيلاً بحق.
ورغم الانتقادات الكثيرة التي وجهت إلى نهايته المربكة إلا أنني وكمشاهد شغوف بحق بهذا العمل أرى أن هذه النهاية كانت الأفضل والأجمل فاختفاء هؤلاء شبيه بالموت ولا يوجد جواب لسؤال ماذا حدث لمن ماتوا هم رحلوا فقط وفي عالم المسلسل أولئك أيضاً رحلوا وينبغي على من أحبهم تقبل الخسارة والمضي قدماً في الحياة.
ولا يمكن بالطبع الحديث عن HBO وأعمالها الرائعة دون التطرق إلى أشهر أعمالها قاطبة ( 2011-2019) Game Of Thrones.
العمل الأسطوري الذي يستند إلى روايات الكاتب الرائع جورج مارتن ورغم النهاية المخيبة جداً للآمال إلا أن لعبة العروش كان وبحق عملاً أسطورياً استثنائياً يصعب أن يتكرر.
نجح في لفت أنظار العالم كله سواء بقصته الرائعة التي تمزج السحر والخيال بالحقيقة أو بتلك الحبكة المذهلة والشخصيات الرمادية التي تعاني بحق كي تتخذ موقفك منها وتلك التفاصيل الصغيرة الرائعة؛ لقد كان لعبة العروش تحفة حقيقية لن تتكرر واستطاع خلق حالة استثنائية في عالم الشاشة الصغيرة.
نرشح لك: قبل House of the Dragon 2.. هل نجحت دراما المغامرات والأكشن في خلافتها لمسلسل Game Of Thrones؟
بالرغم من قلة أعمال HBO قياساً بغيرها من المنصات إلا أن هذه الجولة السريعة في تاريخها الحافل أثبت نظرتنا لها إن HBO تركز على النوعية وتقدم أعمالاً قليلة بالفعل.
لكنها أعمال قوية تضمن نجاحها وخلودها بدلاً من تضييع وقتها في أعمال غير مضمونة النتائج رغم أن HBO تتبنى فلسفة العنف لأجل العنف إلا أن العمق الدرامي والإبداع الفني وتلك العبقرية السردية وطاقم التمثيل الرائع الذي يتواجد في كل أعمالها كانوا السبب الرئيسي الذي جعل أعمالها مميزة وعوض عن أي هفوة تصدر منها بل إنه يمنحها تفرداً وتميزاً يجعل منها وبلا أي شك عملاق الدراما الأشهر والأقوى.
Netflix الأشهر حول العالم
أمًا نتفليكس تعتبر المنصة الأشهر عالمياً؛ خاصة في الوطن العربي تمتلك نتفلكس قدرة كبيرة على الإنتاج الباذخ مما يجعلها التهديد الأكبر لشركات الإنتاج الأخرى إذ أنها وعلى عكس HBO تركز على الكمية أكثر من النوعية وتمتلك القدرة على إصدار عدد فلكي من الأعمال المتنوعة المتشابهة بشكل ما.
تصدر نتفليكس شهرياً مجموعة ضخمة للغاية من الأفلام والمسلسلات الموجهة إلى كافة الفئات العمرية فينجح القليل منها ويذهب الباقي طي النسيان مع خبر صغير يذكر أنه تم إلغاؤه، تمتلك نتفليكس أيضاً مكتبة ضخمة للغاية ولا تتخصص في نوع واحد فهي تنتج كل شيء ممكن لإرضاء أوسع شريحة ممكنة بقصص مكررة قليل منها مَن يتفرد بحق لذا لو شعرت أنك شاهدت هذه الحبكة من قبل اطمئن أنت لا تمر بحالة ديجا فو!
بل أنت رأيتها قبلاً لكن مع ممثلين آخرين فنتفليكس تتفنن في إصدار مجموعة كاملة من الأعمال المتشابهة لتضمن استمرار نجاح وشعبية القصة، لشعبية نتفليكس أسباب كثيرة أهمها رخص ثمن اشتراكها الشهري وتنوع عروضها وبالطبع وهذا الأهم حقيقة أنها تصدر المسلسل كاملاً؛ فلا تضطر للانتظار لأسابيع طويلة كي ينتهي العمل بل يمكنك مشاهدته كاملاً بجلسة واحدة تجربة ممتعة بحق تفردت بها نتفليكس عن غيرها من المنصات.
لكن مشكلة نتفليكس الأزلية هي التشتت؛ إذ أنها توزع تركيزها على 100 عمل ينجح منها 8 لا أكثر على عكس HBO التي تركز على خمسة أعمال تنجح كلها نجاحاً ساحقاً؛ لكن لا بد من إعطاء نتفليكس الفضل الحقيقي في إنقاذ أعمال رائعة من الإلغاء مثل مسلسل (2016-2021) Lucifer.
من بطولة الرائع توم إيليس والذي توقفت فوكس عن إنتاجه بعد نهاية أسطورية للموسم الثالث؛ تاركة المعجبين في حيرة حقيقية حتى قررت نتفليكس تبني العمل وأطلقت ثلاثة مواسم إضافية مقدمة نهاية حاسمة لكل من أغرم بالشيطان الوسيم، إضافة إلى الأعمال المنقذة تمتلك نتفليكس مجموعة مميزة من الأعمال الرائعة بحق والتي جعلت نتفليكس الأشهر والأكثر شعبية لعل أبرزها وأشهرها هو (2016-) Stranger Things.
الذي كاد الأخوان دوفر أن يفقدا الأمل بإيجاد شركة إنتاج تتبناه بسبب قصته التي يقوم ببطولتها مجموعة من الأطفال لكن نتفليكس قررت أن تخاطر وتحول المسلسل من مشروع مهدد بالفشل إلى واحد من أهم وأشهر أعمال الخيال العلمي بقاعدة معجبين عريضة تزداد عاماً بعد عام في انتظار الموسم الخامس والأخير من الملحمة الشهيرة.
يبدو أن الخيال هو لعبة نتفليكس المفضلة؛ إذ أنها وفي عام 2022 أعادت تقديم شخصية من أشهر شخصيات عالم الرعب إنها وينزداي آدمز الفتاة السوداوية المزاج الباردة القاسية المليئة بالظلامية والكآبة في مسلسل حمل اسمها (- Wednesday (2022.
كانت وينزداي نسخة نتفليكس شريرة قاسية لكن رائعة بشكل لا يصدق والفضل الأساسي في هذا يعود للموهوبة بشدة جينا أورتيغا التي أضفت الكثير لشخصية شهيرة محبوبة سبقتها ممثلات كثيرات في تجسيدها.
ومع ذلك نجحت جينا في جعل وينزداي الغريبة شخصية محبوبة بحق، وحقق المسلسل نجاحاً أسطورياً لدرجة أذهلت الشركة نفسها التي لم تتوقع هذه الشعبية الكاسحة لا نزال بالطبع في انتظار الموسم الثاني من العمل كي نعود معاً للاستمتاع بمغامرات وينزداي في نيفرمور المعادل الأمريكي لهوغوورتس الشهيرة، ولا يمكن الحديث عن الخيال دون التطرق إلى تحفة الخيال العلمي والتقني (2011-) Black Mirror.
الذي اشترت نتفليكس حقوق نشره بصفقة رابحة بلا شك ليبهرنا عاماً تلو عام بقصص متنوعة خلاقة مختلفة يجمع بينها خيط رفيع اسمه الرعب التقني ففي عوالم المرآة السوداء، لن تواجه مصاصي دماء وأرواحاً تشعر بالملل بل ستواجه عالماً أصبح أفراده عبيد التكنولوجيا عالماً يمكن للرفاهية التقنية أن تتحول إلى أشنع كوابيسك وعبر المواسم قدمت المرآة السوداء حلقات رائعة خطفت بها الأنظار، لقد ارتبط Black Mirror بنتفليكس ارتباطاً وثيقاً وتحول إلى رمز فني لمنصة البث الشهيرة أما مسلسل ( - You (2018.
فقد تناول رعباً من نوع آخر إنه رعب الترصد أولئك المخبولون، الذين يجدون أن مطاردة شخص ما ومعرفة أدق تفاصيل حياته هي غايتهم الحياتية الأسمى، لقد احتوى المسلسل عَبر مواسمه الكثير من الحبكات المذهلة والإثارة الحقيقية وحتى الكوميديا السوداء.
لكن الأداء الرائع لبين بادغلي كان له الدور الأبرز في نجاح هذا العمل واستمراره أكثر مما كان مقرراً له، لقد أبدع بادغلي وبشكل مريب في تجسيد دور القاتل المهووس الجذاب في نفس الوقت بالطبع لا تقتصر إنتاجات نتفليكس على أمريكا وأوروبا فقط بل تجاوزتها إلى العالم بأسره فقدمت التحفة الكورية الأسطورية (2021-) Squid Game.
الذي حطم الأرقام القياسية في عدد المشاهدات وأصبح درة من درر نتفليكس الشهيرة ومثالاً يضرب به للإشادة بالأعمال الكورية وبراعتها ويعتبره الكثيرون أفضل أعمال نتفليكس على الإطلاق بقصته الفريدة وحبكاته المذهلة.
وحتى العالم العربي كان له حصته مع نتفليكس في أعمال نجحت وببراعة في إثارة جدل وغضب مستعر بسبب بعده الكامل عن كل ما يخص الثقافة والتقاليد العربية لربما بإستثناء مسلسل "ما وراء الطبيعة" (2020).
الذي اقتبس عن سلسلة روايات الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق والذي كان خيبة أمل قاسية في قلب كل من انتظره بشغف لكن يحسب لنتفليكس أنها قدمت إنتاجاً رائعاً للعمل لكن طريقة تقديمه خذلت كل محبي العجوز رفعت اسماعيل.
كانت هذه نبذة سريعة لأعمال نتفليكس التي حققت نجاحات قوية وتركت أثراً لا يمحى في أذهان المشاهدين لكن لربما لو ركزت نتفليكس جهودها على هذه الأعمال بالذات لرأينا نجاحات أقوى وأكثر إذهالاً أو على الأقل كنا لنشاهد للموسم الثاني من لعبة الحبار بدلاً من تقديم مئات الأعمال الأخرى التي لا يذكرها أحد حتى أنك تشك أن أحداً سوى صناعها لم يشاهدها.
لكن هذا لا يعني بأي حال أن نتفليكس منصة فاشلة مثلاً بالطبع لا إنها منصة عظيمة شهيرة تتعامل بذكاء بالغ مع الصناعة فأفلامها وأعمالها الناجحة تحقق شهرة غير المسبوقة وصداعاً دومًا للمنافسين؛ إذ تتبع مبدأ تاجر الجملة الذي يغرق السوق بكل ما بجعبته من بضائع.
فنتفليكس تطلق كماً مرعباً من الأعمال بشكل دوري وتجد سعادة غامرة عندما ينجح ثلاثة أو أربعة منها، لكن ربما هذا هو ما يجعلها ناجحة للغاية أنها تقدم كل شيء وأي شيء، وتحاول كل ما بوسعها إرضاء كل الأذواق مهما بلغت غرابتها فقط في نتفليكس تجد كل ما ترغب فيه نفسك.
جولدن جلوب أسطوري Oppenheimer و Succession يكتسحان الحفل
حاز حفل هذا العام على اهتمام جماهيري غير المسبوق ولا عجب؛ فهذا العام كان مميزاً تلفزيونياً وسينمائياً بما لا يقاس لذا فقد كان هناك تكهنات واسعة المدى حول من سيفوز بالجائزة المرموقة. في عالم الشاشة الصغيرة تصدرت HBO الترشيحات بمجموع 17 ترشيحاً تلتها نتفليكس بمجموع 15 ترشيحاً.
لقد كان هذا العام عام مجد لمنصة HBO الشهيرة فرغم أنها أصدرت عدداً قليلاً جداً من الأعمال مقارنة بمنافستها الدائمة نتفليكس إلا أن جميع أعمالها حققت شعبية ونجاحات أسطورية كمسلسل The Last Of Us.
الذي أعاد الرائع بيدرو باسكال إلى دائرة الضوء مرة أخرى والذي اعتبر أفضل مسلسلاً مقتبسًا عن لعبة ڤيديو على الإطلاق حيث ترشح بيدرو لجائزة أفضل ممثل إضافة إلى ترشح بطلة العمل بيلا رامزي في فئة أفضل ممثلة وترشح المسلسل أيضاً في فئة أفضل مسلسل لكن للأسف خرج العمل صفر اليدين بعدما اكتسح عمل آخر لـ HBO الحفل إنه Succession.
التحفة الأسطورية الدرامية الذي اقتنص جائزة أفضل ممثل التي ذهبت للرائع كيريان كولكين الذي أذهلنا بأدائه الأسطوري في الموسم الأخير؛ إضافة إلى جائزة أفضل ممثل مساعد والتي ذهبت إلى ماثيو ماكفادين، كما أن الرائعة سارة سنوك اقتنصت جائزة أفضل ممثلة كما توقعنا سابقاً في "أراجيك فن" ذلك عن دورها الرائع الأسطوري وبالطبع فاز العمل بجائزة أفضل مسلسل درامي وهو ما كان متوقعاً بعد أفضل موسم ختامي شهدناه منذ أعوام.
لكن رغم سيطرة HBO على فئة الدراما إلا أن نتفليكس ربحت فقد سيطرت على فئة المسلسلات القصيرة حيث حاز مسلسلها القصير Beef.
على جائزة أفضل مسلسل قصير كما فازت بطلته آلي وانغ بجائزة أفضل ممثلة في مسلسل قصير أما شريكها في البطولة ستيفن يون فقد نجح في الفوز بجائزة أفضل ممثل في مسلسل قصير مما يعني أن Beef فاز في جميع الفئات التي ترشح لها وهو حدث فريد من نوعه أسعد قلب نتفليكس بلا شك لكن الجائزة الأكثر انتظاراً كانت أفضل ممثلة مساعدة والتي توقعنا سابقاً في "أراجيك فن" أنها ستكون من نصيب الرائعة إليزابيث ديبيكي.
وقد حصل هذا إذ نجحت إليزابيث ورغم صعوبة المنافسة من نيل الجائزة المرموقة كتقدير حقيقي لأدائها الرائع في The Crown بدور الأميرة الراحلة ديانا.
أما شبكة FX فقد سيطرت على فئة أفضل مسلسل موسيقي أو كوميدي بعملها الرائع The Bear.
الذي فاز بجائزة أفضل مسلسل كوميدي أو موسيقي متفوقاً على أعمال رائعة مثل Barry و Ted Lasso وبالطبع Only Murders in the Building.
نرشح لك: كيف تصنع “بودكاست مشاغب” على طريقة مسلسل Only Murders in the Building؟
إضافة إلى جائزة أفضل ممثل بدور رئيسي لبطله جيريمي آلين وايت الذي نافس عملاقين من عمالقة هوليوود هما مارتن شورت وستيف مارتن، أما جائزة أفضل ممثلة فكانت من نصيب الرائعة أيو إديبيري رغم وجود منافسة قوية مع المذهلة رايتشل بروسنان وسيلينا غوميز في الواقع كانت المنافسة في جميع الفئات قوية قاسية لكن النتائج كانت مستحقة بحق ودليلاً حقيقياً على تميز أعمال هذا العام الذي قدم أعمالاً رائعة بحق.
لكن المنافسة القوية لم تقتصر على التلفاز، إذ أن المنافسة السينمائية كانت في أوجها خاصة بين أوبنهايمر وباربي المواجهة التي أنعشت السينما بعد طول سبات كما لك أن تتوقع اكتسح Oppenheimer.
جولدن جلوب نجح في الفوز بخمس جوائز أولها جائزة أفضل فيلم درامي كما نال نجم الفيلم كيليان ميرفي جائزة أفضل ممثل في فيلم درامي عن دوره الرائع لشخصية روبرت أوبنهايمر مخترع القنبلة الذرية.
أمًا روبرت داوني جونيور فقد فاز بجائزة أفضل ممثل مساعد مستحقة بشدة بعدما أذهلنا بدور الجنرال ستراوس لكن النصر الأكبر كان فوز مخرج الفيلم كريستوفر نولان للمرة الأولى في مسيرته السينمائية المذهلة والذي تذكر بتأثر آخر مرة اعتلى فيها مسرح الجولدن جلوب ذلك ليتسلم جائزة أفضل ممثل نيابة عن الراحل هيث ليدجر فيما نجح الموسيقي السويدي لودفيغ غورانسون في اقتناص جائزة أفضل موسيقى تصويرية.
لقد حقق أوبنهايمر حالة سينمائية فريدة من نوعها لم تشهدها الساحة منذ أعوام طويلة لذا فقد كان اكتساحه لموسم الجوائز متوقعاً بعد النجاح الأسطوري الذي حققه.
ومن المتوقع أنه سيكمل طريق النجاح هذا نحو الأوسكار؛ إذ أنه من المعروف أن الجولدن جلوب هي الطريق الذهبي المفضي للأوسكار لكن هناك منافسة قوية تنتظر أوبنهايمر فمنافسه اللدود باربي استطاع نيل جائزة أفضل أغنية والتي كانت من نصيب أغنية ?What Was I Made For.
والتي أبدعت بيلي إيليش في أدائها كما أنه نال جائزة أفضل إنجاز في شباك التذاكر بعد تجاوز عائداته المليار دولار عالمياً.
ومن يدري قد تتمكن مارغو روبي وغريتا غيرويغ من التفوق على كيليان ميرفي وكريستوفر نولان في الأوسكار لكن المنافسة الأقوى ستكون مع فيلم Poor Things.
المذهل الذي سينافس بقوة في الأوسكار خاصة أنه من إخراج الرائع يورغوس لانثيموس كما أنه منح إيما ستون جائزة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو موسيقي والتي ستتنافس مع ليلي غلادستون التي دخلت التاريخ كأول ممثلة أميركية أصلية تفوز بالجولدن جلوب عن دورها الأسطوري في فيلم Killers Of The Flower Moon.
والتي نتوقع في "أراجيك فن" أن تكون هي الفائزة بالأوسكار بعدما شهدنا أداءها الجبار الأسطوري أما فيلم The Holdovers.
فقد جاء في نهاية العام ليقلب الموازين؛ حيث حقق نجاحاً خيالياً وإشادات نقدية واسعة كما نال بطله بول غياماتي جائزة أفضل ممثل في فيلم موسيقي أو كوميدي متغلباً على خواكين فينيكس وتيموثي شالاميه ونيكولاس كيج فيما اقتنصت دافين جوي راندولف جائزة أفضل ممثلة مساعدة متفوقة على منافسات قويات جداً مثل إيميلي بلانت وجوليان مور وجودي فوستر أما الفيلم الفرنسي Anatomy of a Fall.
فقد فاز بجائزة أفضل فيلم غير الناطق بالإنجليزية كما فاز بجائزة أفضل سيناريو ولا شك أن بطلته ساندرا هولر ستكون منافسة قوية في الأوسكار وقد تعيد إنجاز ماريون كوتيار كأول فرنسية تفوز بجائزة أفضل ممثلة أما تحفة هاياو ميازاكي الأخيرة The Boy and The Heron.
فقد نجح في الفوز بجائزة أفضل فيلم أنيميشن بعدما أذهل العالم كله بروعة قصته وتحريكه والإبداع الرائع فيه ومن المرجح أن يكمل طريقه للأوسكار ليكون ثاني أفلام ميازاكي يفوز بهذه الجائزة العريقة.
إن كلاماً مثل أن الأوسكار محسومة النتائج كلام غير الصحيح بالقطع فالمنافسة هذا العام ستكون قوية للغاية خاصة أن هذا العام يعج بالأعمال الرائعة التي ستتنافس جميعها لنيل أرقى جوائز السينما ولا يسعنا سوى الانتظار وتسلية أنفسنا بالتوقعات التي سنسعد بحق لو تحققت.
نرشح لك: جولدن جلوب 2024 🏆.. إليكم القائمة الكاملة للفائزين بجوائز الدورة الـ 81!
بالعودة إلى حرب المنصات فإننا لو ألقينا نظرة معمقة على عملاقي البث نتفليكس و HBO سنجد أن كلا واحد منهما تصدر في فئة معينة وحقق نجاحاً خيالياً هذا العام HBO بأعمالها القليلة الرائعة الغارقة في الدراما المؤلمة ونتفليكس العملاق الإنتاجي القادر على إصدار عدد فلكي من الأعمال المختلفة المتنوعة وإرضاء كل الأذواق.
لذا ينبغي القول إنه ورغم اختلاف طريقة عملهما إلا أن كلاً من المنصتين قدمتا الكثير للفائز الأكبر نحن المشاهدون الذين استمتعوا بأعمال قوية أسطورية ستخلد طويلاً في ذاكرة التلفاز، وهذا هو الفوز الحقيقي الذي ينبغي على كل منصة إنتاج أو بث السعي لأجله!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.