فيلم Old: سيناريو ضعيف وجرعة هائلة من التشويق والإثارة بلا هدف

بوستر فيلم Old
شيماء العيسوي
شيماء العيسوي

5 د

“لا، لا نستطيع الذهاب فقد نسيت دميتي بالمنزل”

جملة شهيرة من أفلام الرعب الكلاسيكية في الأغلب يبنى عليها الحبكة والمواقف المرعبة كلها، وليست تلك هي الجملة الوحيدة المكررة، يوجد كذلك البيت المسكون بالأرواح الشريرة زهيد الثمن، وقرار أحد الأبطال المفاجأة بالذهاب وحيدا في منطقة نائية مما يتسبب في الأغلب في قتله. وهكذا تتشابه أفلام الرعب كثيراً في التصرفات الحمقاء التي توقع الأبطال في العديد من المشاكل، وصل الأمر حد التنميط المبالغ به ليصبح الأمر “كلاشية”. كذلك في أفلام الإثارة والتشويق والخيال العلمي هناك بعض المُنمطات الشهيرة الكلاشية، تخيل عزيزي القارئ أن فيلم old قد جمعها كلها في عمل واحد؟!


فيلم old: فكرة جيدة، سيناريو ضعيف

تحذير: يحتوي المقال على حرق للأحداث

فيلم old من إخراج م. نايت شيامالان كما يعود إليه كتابة السيناريو بناء على رواية بعنوان ساندكاسيل- Sandcastle. الفيلم من بطولة جايل غارسيا برنال، فيكي كريبس، روفوس سيويل وآبي لي حصل على تقييم 5.9/10 على موقع IMDb. يدور الفيلم حول منتجع سياحي فاخر يقدم للنزلاء المميزين رحلة خاصة لمحمية طبيعية قريبة من الفندق عبارة عن شاطئ مطل على كهف من الصخور يعتبر من الأماكن ذات الطاقة الروحية العالية. يصل للشاطئ ثلاثة أسر؛ أسرة غاي، أسرة تشارلز واسرة جارين، بالإضافة إلى مغني راب شهير يكون موجود بالفعل على الشاطئ. مع تطور الأحداث تكتشف المجموعة أن تقدمهم في السن يزداد بسرعة رهيبة في هذا المكان مما يؤدي عاجلًا او آجلًا إلى موت المجموعة كلها بسبب التقدم في العمر أولًا وثانيًا أنهم في الأساس يعانون من أمراض مزمنة خطيرة، هو نفس السبب الذي تم اختيارهم من قبل الإدارة على أساسه من البداية.

فيديو يوتيوب

يكتشف الطفلين ماكدوس وترينت، الذي بنهاية اليوم يتحولوا لشخصان في منتصف العمر تقريبًا، أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المكان هو السباحة للشعب المرجانية التي تبطل عمل قوى الطبيعة المحيطة بالمكان. بناء عليه ينجحوا في الذهاب للمنتجع مرة أخرى ويخبروا الشرطة ليمنعوا الإدارة من إرسال دفعة جديدة من الأسر للمحمية. وفي النهاية يتضح أن السبب في إرسال تلك المجموعات هو التجارب العلمية التي تجريها شركة أدوية مرتبطة بالمنتجع على الأشخاص الموجودين في المحمية كونهم يعيشوا عمر كامل في يوم واحد.

يعتمد الفيلم حقًا على فكرة قوية وجديدة نوعًا ما، ولكن التنفيذ الفعلي للسيناريو ضعيف للغاية. بداية من الشخصيات السطحية المنمطة بشكل كبير، فالمريض النفسي مهلوس غير مسؤول عن أفعاله، المرأة المهووسة بالجمال سطحية للغاية لا تكترث إلا بشكلها كما أنها غبية للغاية، وكأنه لا يمكن أن تكون المرأة ذكية وجميلة في آن واحد، حتى شخصية الطبيبة النفسية لم تخلُ من التنميط لتظهر مثل العازفين على سفينة تايتنك تترك المشكلة الأساسية وتطلب من الجميع أن يشارك أسراره ويفصح على آراءه! مرورًا بالنقاط المهمة التي لم يوضحها الفيلم ولكنها في نفس الوقت مؤثرة في الحبكة بشكل كبير مثل سبب أو توقيت وجود مغني الراب سيدان على الشاطئ. وصولًا لحل العقدة من خلال رسالة مشفره من ابن أخت مدير الفندق للطفل ترينت الذي يخبره بالصدفة البحتة من ضمن كل المعلومات التي يعرفها عن نفسه وأسرته والعالم والكوكب أن خاله يكره الشعب المرجانية مما يمكن ترينت من حل اللغز! هذا كله بالإضافة إلى جمل كلاشية كثيرة في البداية عن الزمن وأهميته بلا هدف تقريبًا أو حتى تصرفات من الشخصيات غير مبررة تمام وليست في السياق.


فيلم يتحوي على تشويق وإثارة بلا هدف

التاريخ السينمائي للمخرج نايت شيامالان يعد طويل نوعًا حيث يمتد لثمانية عشر فيلم هو المخرج الأساسي له، من أشهرهم للجمهور ثلاثية unbreakable و spilt وأخيرًا glass. وباختلاف جودة كل منهم لا يمكن إنكار أنهم أفلام جيدة، وبالأخص split الذي لاقى نجاحًا كبيرًا وحصل على تقييم 7.3/10 على موقع IMDb، ويرجع ذلك في البداية لـ الأداء المبهر للبطل جيمس ماكافوي في شخصية المصاب بالفصام الانشقاقي الذي يجعله صاحب العديد من الشخصيات الخيالية، ومن بعدها للمخرج ولمساته في العمل الفني. ولكن يختلف الأمر كلية في فيلم أولد، أما عن أداء الممثلين فكان ركيكًا مبالغًا فيه بشكل كبير، فنجد جمل حوارية تقال بتأثر شديد وكأنه موقف درامي في مسلسل ميكسيكي من الثمانينات في حين أن الموقف الفعلي لا يستدعي كل هذا! وكأن “أفيه” أخبرهم أنه مجرد تمثيل ليس عليهم أن يكونوا بكل هذة الجدية تحول حقيقة في هذا الفيلم.

المخرج م. نايت شيامالان

أما عن المخرج فله النصيب الأكبر من المبالغة الحقيقة، في الثلث الأول من الفيلم اعتمد المخرج بشكل كبير على الإثارة والتشويق قبل الوصول للعقدة، أو منبت الحبكة الذي يدور حوله الفيلم وهو فكرة التقدم السريع في العمر، وهذا في قوانين كتابة السيناريو مقبول ويعتبر من أحد التكتيكات الكلاسيكية. ولتقديم هذه الإثارة اعتمد المخرج على لقطات كثيرة من نوعية فوق الكتف- over shoulder التي تؤخذ من خلف كتف الممثل، فيظهر بالصورة كتفه وطرف رأسه من الخلف مع ظهور وجه الشخص الذي يقابله مما يجعل المتلقي في حالة تساؤل مستمرة عن حالة البطل المخفية. بعد اكتشاف العقدة، وفهم اللغز ما سبب اللقطات الخلفية/ فوق الكتف التي أصر المخرج على استخدمها بلا هدف تقريبًا إلا إضافة إثارة بلا معنى لا تحترم عقل المتفرج.

مشهد من فيلم old

إن كان يتكون فيلم Old من شيء آخر غير لقطة فوق الكتف فستكون هي الحركة البانورامية للكاميرا التي تعتمد على الدوران 180 درجة من مركز ما الهدف منه هو إظهار كافة ردود أفعال الشخصيات على حدث ما، في حين أن هذا الحدث بالفعل لا يحتاج إلى كل هذا التشويق، والمبرر الوحيد لاستخدام هذا الكم من الدوران هو استخدامه كرمزية للتعبير عن المثل الشعبي المصري “الزمن دوار”. أخيرًا، و إمعانًا في إضافة التشويق والإثارة بلا هدف على الفيلم يقرر المخرج في الثلث الأخير من الفيلم إضافة العديد من المشاهد التي تنتمي لنوع افلام الرعب الدموي لنجد مشهد موت الطبيب تشارلز وزوجته المليء بالعظام المتكسرة والطفح الجلدي المثيرين للاشمئزاز بلا أي حاجة درامية أو منطقية لهم.

من المفهوم أن فيلم Old هو تجربة المخرج نايت شيامالان الأولى بعد انقطاع ثلاثة سنوات عن السينما بعد فيلمه الأخير في 2019 جلاس- glass، اعتمد الفيلم الأخير على جرعة كبيرة من الإثارة والتشويق بالإضافة إلى التغير غير المتوقع في نهاية الأحداث- plot twist  ولكن هذا لا يعني بالتأكيد أن تكون تجاربه الجديدة تعتمد على نفس العناصر فقط أملًا في تحقيق نفس النجاح.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.