فيلم One Flew Over The Cuckoo’s Nest: عن فلسفة السجن والعقاب في المجتمعات الحديثة
5 د
في هذا المقال نتكلم على فيلم من أيقونات السينما، أحد الأفلام الذي يُضرب بهم المثل في تحويل الأدب إلى أفلام ناجحة، وأيضًا من الأفلام التي تغير تفكير الشعوب. الفيلم تم ترشيحه لأكثر من عشرين جائزة وفاز بالكثير، أهمهم الأوسكار حيث ترشح لكل من أفضل فيلم/أفضل إخراج/أفضل ممثل/أفضل ممثلة/أفضل سيناريو، اليوم نتحدث عن فيلم One Flew Over the Cuckoo’s Nest.
فيلم One Flew Over the Cuckoo’s Nest يقوم بالإسقاط على سياسات وطريقة الحكم وغيرها من المواضيع بطريقة سلسة ممتعة، فهذا المقال نبذة صغيرة عن فيلم جميل مُحكم.
فيلم One Flew Over the Cuckoo’s Nest
- إخراج: Miloš Forman
- سيناريو: Lawrence Hauben
- سنة الإنتاج: 1975
- مدة الفيلم: 133 دقيقة
- بطولة: جاك نيكولسون، لويس فليتشر
كتبت الرواية المقتبس عنها الفيلم في عام 1959 ونشر في عام 1962 في خضم حركة الحقوق المدنية.
لقد قدم كين كيسي في روايته (أحدهم طار فوق عش الوقواق) تصور كامل وشامل لفلسفة السجن والعقاب وقدمها بشكل أدبي، ولكن فوكو نظرها وقدمها على شكل فلسفي مدعوم بشواهد تاريخية من سجلات مستشفيات النفسية وكذلك السجون عبر أوروبا.
تعد الرواية إسقاط واضحاً وصريحاً على العالمين (الداخلي والخارجي) واستخدام أحد العالمين في سبيل التعبير عن ذلك العالم، حيث أن المؤلف اختار مكان مستشفى الأمراض العقلية (العالم الداخلي) لوصف مأساة العالم الخارجي (مأساة المجتمع الأمريكي).
ينقد الراوي الرئيس والسلطات بسكب واضح، ويطلق عليها اسم “The Combine” في إشارة إلى الطريقة الآلية التي يتلاعبون بها ويعالجون الأفراد.
غالباً ما يتم تجسيد سلطة The Combine في شخصية الممرضة راتشيد التي تتحكم في سكان الجناح العقلي للرواية من خلال مزيج من المكافآت والعار الخفي.
على الرغم من أنها لا تلجأ عادةً إلى الانضباط القاسي التقليدي، إلا أن أفعالها تُصوَّر على أنها أكثر خبثاً من تصرفات مدير السجن التقليدي، هذا لأن دقة أفعالها تمنع سجناءها من فهم أنهم يخضعون للسيطرة على الإطلاق.
الفيلم يختلف عن الرواية
يكمن الاختلاف في اتخاذ بطل القصة، الرواية اتخذت من الزعيم برومدن بطلاً لها حيث أنه في الرواية يسرد هذا الزعيم مأساة الأشخاص حوله بلغته الشيزفرونية أو ما يسمى الحوار الداخلي له. الفيلم اتخذ من ماكمورفي بطلاً له وألقى الزعيم برومدن جانباً.
“أحدهم طار إلى اليسار
أحدهم طار الى اليمين
أحدهم طار فوق عش الوقواق”
الرواية ركزت بشكل واضح على الشخصيات صعبة الدراسة والتحليل بسهولة، أيضاً لم تهتم بشكل النهاية ولم تجعل المتلقي ينتظر النهاية بقدر ما يريد رداً على أسئلته.
مراجعة الفيلم
يبدأ الفيلم بكادر لمنظر طبيعي شاعري يجمع عناصر الطبيعة مغلفاً بالسكون والهدوء، تعانقه موسيقى هادئة ثم تأخذك الكاميرا إلى داخل هذا الشفى ملاحقاً إياها بذات الإيقاع؛ لترى بنفسك هؤلاء القوم القاطنون بالداخل استغراقهم في غرابة المظهر والتصرفات.
تباين غير عادي المنظر البديع بتكامل عناصر الطبيعة في كل أركانه، ثم هذا المبنى الشنيع بقاطنيه غرباء الأطوار ومدى محدودية المكان وإثارته للنفور مع نفس الموسيقى الجميلة.
ثم تجد رئيسة الممرضين، تفتح باب حديد بصرامة وتلقي التحية على العاملين، بعدها هذا الشاب المكبلة يداه بالأساور الحديدية، يُلازمه بعض الرجال إلى داخل المشفى، تجده هو الآخر -رغم الحصار الذي يحيطه والأغلال التي تُقيده- مُحملًا بالحياة، لكن على نهج آخر، فالمرح والبسمة والإقبال على ما هو جديد يستعمرونه؛ هو غير عابئ بطبيعة هذا الذي يُقبل عليه، وهو يعتقد أنه يبعد عن بشاعة السجن إلى هناك. كل شيء بداية من الديكور يعكس بؤس حياة المرضى، الصورة وحركات الكاميرا الهادئة، الموسيقى التصويرية، أداء الممثلين، خاصة أداء الممثلة التي قامت بدور ميس راتشيد حيث ظهر ثابتاً انفعالياً طوال الفيلم، وجه جامد بارد لا تؤثر فيه أي أحداث، وكأنها تحولت إلى آلة لتطبيق القواعد والحرص على تنفيذها.
كما برع بعض الممثلين الذي قاموا بدور المرضى في أداء أدوارهم الصعبة والممرضات والعمال أصحاب الوجوه الجامدة وكأنهم آلات.
بطل الأحداث هو مكمورفي (نيكولسن) الذي لا يمكن اعتباره مجنوناً، لكن أصلاً، هل يسأل المشاهد نفسه عشرون مرة إذا كان المرضى مجانين فعلاً أم أن الحياة جعلتهم كذلك؟ يتصرّف مكنورفي على نحو يجعله محتكاً بالأساليب المتّبعة لترويض تصرفاته العدائية حيال رئيسة الممرضين.
ويتعذب (ماكمفري) مرة أخرى، من قساوة وتسلط (ميس رايتشد) والذي شعر أنها أصبحت تتعمد إخضاعه، وعرف من أحد العمال أن خروجه من المستشفى ليس سهلاً مثل السجن، الذي تنتهي مدة إقامته فيه بانتهاء مدة عقوبته، وإنما الأمر بيد من يدير المستشفى، وعرف أنه ربما يظل طوال حياته في تلك المستشفى.
الخضوع هو مصير الجميع، سواء أفراد المجتمع أو الخارجين عليه والمتمردين، أما من يبحث عن الاختلاف أو يتمرد يقابل بعنف شديد يصل إلى حد تعجيزه.
الفيلم يتحدث بشكل واضح على فرض المؤسسات تابوهات اجتماعية وأخلاقيات يجب اتباعها وإلا تصبح مجنوناً وتروض. فيوجد الشاب الذي يخشى من أمه أكثر من الموت، الرجل الذي يحب زوجته حد الجنون -حرفياً- الزعيم الصامت الذي يتكلم وقت التمرد فقط وغيرهم، الجميع يخاف، يصبحون كالعبيد، يلبي ويتخاذل ويوافق، والبطل يحمل جرعة التمرد الحقيقية وحده، وظهر ذلك في المشهد الذي انفعل فيه حين عرف أنه يوجد من اختاروا أن يظلوا في ذلك المكان دوناً عن الحرية.
“متطوعون! أنتم متطوعون! أيها الحمقى المعاتيه! يا لكم من سخفاء! بالله عليك بيلي، أخبرني بأنك مُلزَم ها هنا.، هوّن الأمر عليْ يا فتى، ماذا بكم بحق الجحيم! أتقبعون هنا برغبتكم؟! أتتذمرون من الأوضاع وكيف هي متسلطة عليكم، أتحنقون من سيطرتها بأقل التفاهات ومعاونة زبانيتها على قمعكم، ثم تخبروني أنكم هنا بكامل حريتكم! ماذا تفعل هنا يا بيلي؟! من المفترض أن تكون بالخارج تمرح هنا وهناك، تصادق الفتيات وتطارحهن الغرام.
أتقبل بمصح عقلي بدلاً من تلك الحياة! ماذا بكم لعنكم الله! أتفضلون الغوص بهذا الجحيم عن مواجهة الحياة بالخارج! أتخشون المواجهة؟! لماذا؟ أتظنون بأنكم مجانين! كلا كلا.. كلا يا سادة، لا فرد من هؤلاء السائرين بالطرقات أقل منكم جنوناً.. بل أنتم أعقل وأكثر اتزاناً، بل جنونكم يا حفنة أوغاد في تفضيل هذا المستنقع عن الخارج الناضح بالحرية والحياة! لعنكم الله على ما تفعلون!”.
الفيلم يدور حول المؤسسات وترويضها للشعب، تمرد أحدهم وانهياره في آخر المطاف.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.