التفسير الكامل لأكثر الأفلام نرجسيةً عبر التاريخ Predestination
9 د
يبدأ الفيلم بِجُملة مثيرة للاهتمام “ماذا لو كان بإمكاني إحضار الرجل الذي قام بتدمير حياتك هنا أمامك؟ وإذا استطعت أن أضمن لكِ أنّكِ ستتمكنين من الهرب بفعلتك، فهل عندها سَتَقتُلينه؟”
فكرة الفيلم هي نفسها الفكرة المُكررة الخاصة بالعودة للزمن لتلافي وقوع الأحداث المؤلمة التي سبق وأن مررنا بها أو لتغييرها على أمل خلق حاضر ومستقبل أفضل، وهي الفكرة التي تُثبت فشلها في كل مرة نراها على الشاشة، فماذا عن فيلم يحمل اسم “القضاء والقدر”؟ سنجد أنّ الأمر هنا تعدّى فشل الفكرة بمراحل، لدرجة أنّ الدواء الشافي الذي سنعود بالزمن لِنُعطيه للمريض الموشك على الموت، سيصير هو الداء القاتل بذاته. حتمية الأقدار تلعب هنا دورًا مُهمًا في الأحداث.
في هذا المقال سنقوم بتفسير الفيلم مما يعني “حَرْقهُ” كليًّا بالطبع. لذا، لا أنصح بقراءته إن لم تكن ممن شاهدوه مرةً واحدة على الأقل. هنا ستجد كل التفاصيل الخاصة بالفيلم.
أفلام السفر عبر الزمن عادةً ما تكون مُعقدةً لتداخل الأزمنة والأحداث والشخصيات، ولكن فيلم Predestination زاد التعقيد تعقيدًا؛ لأنّه كسر أبسط القواعد المألوفة لأفلام السفر عبر الزمن، والتي منها ألّا تنظر لنفسك أو ألّا تلمس نفسك، بل وتمادى في الدخول لمناطق محظورة لم يصل إليها أحدٌ من قبل، مما جعله فيلمًا لن يستساغهُ الجميع أولًا وعسير على الفهم ثانيًا.
الجدول الزمني للأحداث
في الإنفوجراف التالي شرح لتتابع الأحداث وتطورها باختلاف الشخصيات الوارد ذكرها.
وفيما يلي ملخص سريع للأحداث بترتيب وقوعها، والذي أَعدَّهُ موقع astronomy trek وهو كما سنرى غير كافٍ لفهم قصة الفيلم، ولكن سنعتبره مقدمةً تمهيديةً للجنون الذي سيتبعه عند شرح المشاهد الأهم في الفيلم.
1970
نرى المُسافر عبر الزمن (جون) يحاول إيقاف إرهابي شهير في ذلك الوقت من تفجير قنبلة، ولكنه يُصاب بحروق خطيرة في وجهه، ثم يظهر شخص ما يُساعده على أن يصل إلى آلته الزمنية الصغيرة، مما أنقذ حياته وذلك بعد هروب الإرهابي.
1992
يُسافر (جون) لعام 1992 ليحصل على وجه جديد مُختلف تمامًا عن وجهه الأصلي الذي احترق بالكامل.
1970
يعود (جون) بالزمن مُجددًا لعام 1970 مؤديًا دور ساقيًا في حانة، وذلك في مهمته الأخيرة كعميل في مكتب عمليات السفر عبر الزمن، والتي كانت تتلخص في منع الإرهابي من تفجير القنبلة التي أودت بحياة الآلاف في مدينة (نيويورك) وقتها.
يُقابل (جون) رجلًا يَقُص عليه قصته العجيبة، وهي أنّه وُلد كفتاة لقيطة تُدعى (جين) والتي تُركت أمام ملجأ في عام 1945 حيث نشأت هناك. كبرت (جين) ومرّت بأحداث عدة ولكن أهمها كان عندما أحبت رُجلًا غامضًا وتواعدا لمدة شهرين تقريبًا ثم اختفى من حياتها فجأةً وبدون سبب. أثمرت علاقتهما عن فتاة أسمتها (جين) والتي تم اختطافها بواسطة رجل مجهول، وخضعت (جين) بعدها لعملية تحويل جنسي نتيجةً لخللٍ نادر وُلدت به لِتصبح رجلًا وأسمت نفسها (جون). عندها يعرض ساقي الحانة (جون) على (جون/جين) أنّه سَيُمكّنه من مقابلة الرجل الغامض الذي دمر حياته عندما كان امرأةً لينتقم منه كيفما يُريد.
1963
عاد ساقي الحانة و (جون) للزمن الذي تقابلان فيه كل من الرجل الغامض و (جين) الشابة، ولكن (جون) رأى نفسه/(جين) أولًا ووقع في غرامها، وأقام معها علاقة تسببت في حملها واضْطُر لِتركها بإيعاز من ساقي الحانة.
وفي نفس الوقت ذهب ساقي الحانة لعام 1970 ليواجه من جديد الإرهابي، ويشاهد نفسه في صراعه معه الذي أدى إلى احتراق وجهه سابقًا، ويقوم بمساعدة نفسه على الهرب، ثم يقوم بالذهاب لعام 1964 ليأخذ الطفلة (جين) من المستشفى حيث وُلدت، ليُسافر بها لعام 1945 تاركًا إياها أمام ملجأ لرعاية الأيتام واللُقطاء، ثم يعود أخيرًا لعام 1963 ليُقنع (جون) بالسفر معه لعام 1985 لينضم إلى وكالة السفر عبر الزمن.
1975
يتمكن ساقي الحانة من تعقب الإرهابي والذي – للمفاجأة – سيكون هو نفسه ولكن في المستقبل وعندها يقوم بقتله.
مَشَاهد عَبَثْيَّة ومُفَارقات عَجيبة
يتلخص سر الفيلم في جملة واحدة: الخمس شخصيات الرئيسية بالفيلم هم في الحقيقة شخصٌ واحد ولكن من أزمنة مختلفة، أمّا عن كيف حدث هذا؟ فسنشرح بالتفصيل من خلال عرض أهم المفارقات الغريبة التي كانت ضمن المشاهد، والتي يُمكن أن نُطلق عليها بأريحية تامة مشاهد عبثية، والتي بشرحها سيُحل اللغز ويُزال اللبس.
وإن كان هذا لا يمنع من صيحات الاستنكار التي قد يُطلقها البعض بين الحين والآخر، فنحن أمام قصة غاية في الغرابة بلا شك، فلا بأس من الاستنكار أو التهكم حتى، ولكن دعونا نفهم أولًا.
مشهد البداية
يَضمُ مشهد البداية الذي يبدو عاديًا للغاية ثلاثة أشخاص، أولّهم: الشخص الذي كان يُبطل عمل القنبلة وهو (جون) عميل وكالة غامضة للسفر عبر الزمن، ومهمّته في الوكالة هي منع الكوارث قبل حدوثها باستخدام صندوق آلة كمان يعمل كآلة زمن صغيرة.
ثانيهم الشخص الذي لم نرَ وجهه والذي ساعد (جون) على الهرب، والذي سنعرف فيما بعد أنّه هو ساقي الحانة الذي هو نفسه (جون) عميل وكالة السفر عبر الزمن، والذي استخدم آلة الزمن كي يعود بها من المستقبل للماضي كي يُمسك بِمفجّر القنابل لمرة أخرى قبل قيامه بتفجير القنبلة، ولكنه يُقابل نفسه بعد إصابته ويقوم بإنقاذ حياته.
وآخرهم الشخص الذي وضع القنبلة، وكان يحاول قتل (جون) وهو مُفجِّر قنابل متسلسل مشهور، وهو من سنعرف في آخر الفيلم أنّه هو أيضًا (جون) العميل وساقي الحانة، ولكن في عمر متقدم وسنوضح كيف لاحقًا.
إذن حقيقة المشهد العبثية تظهر لنا بوضوح الآن، وهي أنّ الثلاثة أشخاص هم في الحقيقة شخصٌ واحد، ولكن من ثلاثة أزمنة مُختلفة (جون) بوجهه القديم، (جون) بوجهه الجديد بعد العملية التجميلية لوجهه جرّاء إصابته، و (جون) بعدما تقدم به العُمر.
مشهد البار
(جون): “هل سمعت عمرك بمصطلح (المرأة الخَرِبْة)؟ حسنًا، لقد خَرِبْتُ كما يٌمكن لامرأة أن تفعل. نعم، أنا لم أعد امرأة الآن، ولكني “لم أعلم أيضًا كيف أصبح رجلًا.“
جمع مشهد البار بين ساقي الحانة الذي هو كما نعلم (جون)، ونسخته الأصغر (جون) عام 1970 بعد تحوله من (جين) إلى (جون). إذن مُجددًا يتلاقى نفس الشخص من زمانين مختلفين في نفس المكان، وأحدهما يقص قصته التي يظنها أغرب ما قد يسمعه المرء في حياته على الآخر، الذي هو بالفعل يعلمها تمام العلم؛ لأنّها قصة حياته هو أيضًا. يدور الحوار الشيق بينهما على خلفية أغنية “أنا جَدُّ نفسي” أو “I am my own grandpa”
مشهد اللقاء
(جون) لـ (جين): ” أنتِ لستِ كما تخيلتك، أنتِ جميلة. كان يجب على أحدهم أن يخبرك بذلك”.
مفارقة عبثية أخرى هي لقاء (جون) بـ (جين) الشابة ووقوعه في غرامها. كان طبيعيًا من (جين) أن تحبه؛ لأنّها وجدت فيه من يُشبهها ومن يفهمها بدون أن تحتاج للكلام حتى، وبالنسبة لـ (جون) عندما كان ينظر إليها، كان ينظر لـ “نفسه التي كانت”، نفسه التي تخلى عنها والداها والتي لم يُحبها أحد، نفسه التي هجرها الشخص الوحيد الذي أحبته وضاعت طفلتها التي كانت أجمل ما بحياتها. رآها جميلة ونقية ولا تستحق الألم الذي عاشته فأحبها، وتمادى في إحساسه إلى وصوله للقيام بعلاقة معها.
في ذلك الوقت (جون) لم يفهم أنّه كان هو نفسه الشخص الذي آذاها في الماضي، وتركها على مقعد خشبي جالسة بانتظاره، إلّا بعدما عاد له ساقي الحانة وحادثه بكلام قد يبدو مُبهمًا، عندها أدرك (جون) ما الذي يحدث هنا، وما الذي يجب عليه فعله.
كان من بين ما قاله ساقي الحانة لـ (جون): “هذه هي بداية حياتك الجديدة، حياة مُبهرة عندما تُدرك المستقبل الذي على وشك أن تخلقه، عندما تُدرك ما الهدف من هذه الحياة. أنت تعرف من هي، وتعرف من أنت، وربما يُمكنك الآن أن تفهم من أنا. هل أدركت أنّي أحبها أنا أيضًا؟”
الطفلة (جين)
جين: ” لم أفهم أبدًا لماذا تخلى عني والداي. ما الخطأ الذي اقترفته بحياتي؟”
من أغرب مشاهد الفيلم المشهد الذي نجد فيه ساقي الحانة يعود بالزمن ليضع (جين الطفلة) أمام الملجأ في نفس التوقيت الذي وُجدت فيه أمها أمام نفس الملجأ ذات يوم. لِندرك عندها أنّ (جين) هي نفسها (الطفلة جين) بمعنى أنّها نِتاج لنفسها في عملية تتكرر كالآتي: طفلة تكبر وتصبح أم لتلد نفسها لتكبر وتصبح أم وتلد نفسها وهكذا، كالثعبان الذي يأكل ذيله، ناهيك عن كون أبيها هو “نفسها” القادم من المستقبل بعد تحوله من امرأة الى رجل، وهو أيضًا من يقوم بعملية النقل هذه ليصنع بدايةً جديدةً لا تنتهي، وإنّما تتصل بنقطة البداية من جديد.
مثلما نرى في هذا الشكل التوضيحي غرابة طبيعة العلاقة بين الشخصيات الخمس، فلا توجد بداية أو نهاية وإنّما هي علاقة مُتصلة و متكاملة، ومُستمرة إلى ما لا نهاية أيضًا.
مُفجِّر القنابل الشهير
المُفجِّر: ” لو أطلقت النار عليّ، ستتحول إليّ. هل فهمت؟ هذا هو ما يحدث، لو أردت أن تكسر هذه الحلقة، لا تقتلني، فقط حاول أن تحبني مُجددًا”.
نصل للمشهد الأخير وهو مشهد لقاء مُفجر القنابل الشهير بمُطارِده عبر الزمن (جون) في هيئة ساقي الحانة. أراد (جون) أن يتقاعد من عمله في الوكالة، وترك لـ (جون)/(جين) تسجيل صوتي يُوجه له فيه بعض النصائح، ثم حاول أن يُوقف عمل آلة الزمن ولكن بدا أن أصابها عُطلٌ ما واستمرت في وضع التشغيل. في نفس الوقت يجد ملاحظات من (روبرتسون) رئيس وكالة السفر عبر الزمن قد تصله بالمُفجر الشهير، وذلك قبل حادث عام 1975 مباشرةً. فيقوم عندها (جون) بالعودة للزمن في هذا التوقيت ليجد أنّ الإرهابي الشهير ما هو إلّا نفسه في المُستقبل. نفسه التي جُنت من تكرار القفزات المفاجئة عبر الزمن ليتحول (جون) إلى الإرهابي الذي كان يُطارده. كان يُحاول إنقاذ الآلاف من الموت بينما كانت نفسهُ الأخرى من زمنٍ آخر هي من تقوم بقتلهم، وبعد حوار مُثير للاهتمام بينهما، يقوم ساقي الحانة بقتل الإرهابي.
أدعوك مُجددًا لمشاهدة الدقيقة الأخيرة في الفيلم، وهي تجمع كل الخيوط المُبعثرة التي خلقتها الأحداث الغريبة ليتداخلوا معًا ويُشكلوا نسيجًا واحدًا بشكل فريد من نوعه.
علامة الاستفهام الأخيرة
روبرتسون: “افهم (جون)، أنت أكثر من مجرد عميل، أنت هدية مُنحت للعالم من خلال مُفارقة قَدَريّة. أنت الوحيد الحُر، أنت الوحيد الغير مُقَيّد لا بتاريخ ولا بأسلاف”.
(روبرتسون) هو على الأرجح الشخص المسؤول عن مُعضلة (جين)، فكما نعلم أنّه يرأس وكالة السفر عبر الزمن، وهو من أراد أن يختبر إمكانية جعل شخص ما يخوض تجربةً زمنيةً مختلفةً بحيث يكون خارج الزمن لا داخله. أراد (روبرتسون) خلق مفارقةٍ ما تجعل حياة الشخص تدور في دوائر مُتصلة ببعضها ويخلق بعضها بعضًا كما حدث مع (جين) عن طريق السفر عبر الزمن. تمكن (روبرتسون) بالفعل من جعل الشخص يلد نفسه بل ويتسبب في حمله من الأساس. وتمكن من خلق هدفٍ له كي يعيش من أجله أو بالأحرى مشكلةٍ ما ليقوم بحلها، وهذه المشكلة هو أيضًا المُتسبب فيها بذاته. إذن يُمكننا القول أنّ (روبرتسون) هو من تلاعب بـ (جين) وكانت تُمثل له فأر تجارب يُجري أبحاثه الخاصة بالزمن عليها.
من الطريف الواجب ذكره، أنّ هناك من ظنّ أنّ (روبرتسون) نفسه هو أيضًا (جون)/(جين)/ساقي الحانة/ الطفلة (جين)، وقد تحول إلى هيئته هذه بشكلٍ ما لسببٍ ما. وأنا أرى أنّ هذه مبالغة ساخرة بالطبع، ولكني أتقبلها كاحتمالية موجودة؛ نظرًا لكل هذا الجنون الذي رأيناه يحدث في الفيلم.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
الفيلم يطرح نفس السؤال الذي طرحه جون لجين في الحانة وهو : من أتى أولاً البيضة أو الدجاجة.
لتجيب جين : الديك
لنطرح نحن سؤالاً أخر : من أين أتى الديك.
لتكون الإجابة هي أنه خلقه الواحد الذي لم يكن قبله شيء، “الله”.
هذا الفلم ليس له تفسير إلا تفسير واحد :
أبحث عن نفسك ،أحب نفسك ، أعلم أنك انت السبب الأول فى كل ما انت فيه الآن .
والله هذا الفيلم عبث بدماغي بشكل لا يصدق ..
رغم كل هذه التفسيرات و عدة مشاهدات للفيلم ، إلا أنني أكتشف كل مرة هفوة لم أتوقعها .
فيلم أتعبني صراحة
اخيرا فهمت هذا الفيلم اللعين
شكرا على تحليل لكن لم اقرأه هههه لاني اظن ان اجمل شيئ هو ان تشاهد فيلم لم تفهمه ولا تريد فهمه هذه هي المتعة هههه
بصراحة فيلم خرافي بدون فهمه طبعا