🎞️ Netflix

فيلم Raees… عمل سينمائي ذكي تغيب فيه الحدود بين “الطيب” و “الشرير”

مراجعة فيلم Raees
هدى اشنايبي
هدى اشنايبي

5 د

بعد أن تم تأجيل عرضه مرات عديدة لتفادي منافسة أفلام قوية أخرى في شباك التذاكر، تمكنا أخيراً من مشاهدة فيلم”Raees” الذي يشكل آخر أفلام شاروخان” الذي لطالما أتحفنا بأفلام بالغة المتعة بالنسبة لعشاق بوليوود، وقد قام كل من “نواز الدين صديقي”، و الممثلة الباكيستانية “ماهيرا خان” بمشاركته البطولة، بينما قام “راهول دولاكيا” بإخراج الفيلم الذي أثار ضجة كبيرة وتم منع عرضه في باكستان.

في مقالنا هذا، لن نقوم بشتم الفيلم ولا تعظيمه، بل سنحاول أن نبتعد عن هذه الضجة وأن نقوم بتقييم هذا العمل السينمائي من حيث القصة والأداء، لكي نخبرك ما إذا كان يستحق أموالك ووقتك أم لا.


قصة الفيلم

شاه روح خان في فيلم Raees

تدور قصة الفيلم الذي يندرج ضمن تصنيف الجريمة والإثارة والأكشن في الثمانينات حول “رئيس” (شاروخان)، رجل عصابات يتورط منذ صغره في تهريب المشروبات الكحولية ضمن ولاية “غوجارات” التي تمنع تصنيع واستهلاك وبيع الكحول، مستعيناً بذلك برشوة رجال الشرطة الذين يغدق عليهم أموالاً وهدايا وخدمات ومشروبات كحولية أيضاً، تجعلهم يغضّون البصر عنه تماماً بل ويسهلون له عمله كذلك، وهو الأمر الذي لا يمكنه من إحكام قبضته على أقسام الشرطة في الولاية فقط، بل حتى ربط علاقات قوية بأعلى الشخصيات مرتبة في “غوجارات” وأكثرهم نفوذاً، ويستمر الحال على ما هو عليه إلى أن يظهر شرطي بسيط يدعى “ماجمودار”(نواز الدين صديقي) انتقل حديثاً لأحد أقسام الشرطة بالمنطقة يملؤه الحماس والإصرار على تنفيذ القانون وضحد الفساد، وهو الأمر الذي يجعل منه شوكة في حلق “رئيس” الذي يتحداه بكل الطرق الممكنة.

يمكنني أن أقول أنّ الفيلم جاد وممتع جداً وبعيد عن الابتذال فيما عدا مشاهد الأكشن المبالغ فيها بشكل رهيب كمعظم أفلام بوليوود، إلاّ أنّ ما قد يكون مزعجاً للبعض هو الموضوع الذي يدور حوله الفيلم؛ وهو تجارة الخمور نظراً لأنّ “رئيس” مسلم الديانة لكنه يدافع بشدة عن عمله لعدة أسباب نذكر من بينها فلسفته القائمة على أن أية تجارة هي مشروعة مادامت لا تسبب أي ضرر للآخرين، بالإضافة إلى كون هذه المشروبات تشكل الدخل الأساسي لأهالي القرية الفقيرة التي يقطن بها، وبالتالي فإنّ إيقاف بيعها سيشكل قطع أرزاق للقرية ويتسبب في تجويعها.

يعتمد الفيلم على حبكة متقنة وأحداث متسارعة تجعل المتفرج متحمساً طوال مدة الفيلم، إلاّ أنّ قصته تسبب نوعاً من الإرباك المفتعل الذي يجعلك تحتار فيما كان يجب التماس العذر لما يفعله “رئيس” وعصابته أم اعتبارهم مجرمين لا أكثر لأنّهم كذلك فعلاً في الفيلم، بالإضافة إلى الموضوع الحساس الذي ذكرناه سابقاً والذي يجعل من التعاطف مع الفيلم أو رسالته صعباً على الكثيرين.


شخصيات الفيلم

أبطال فيلم Raees

تعد الشخصية الرئيسية للفيلم مربكةً جداً ومثيرة للحيرة، فنحن طوال الفيلم لا نستطيع التمييز بين كون “رئيس” شخصية طيبة أو شريرة، فهو محب وعطوف على زوجته، لكنه ينهرها من وقت لآخر وينقلب عليها عند غضبه حتى وإن لم تكن السبب في ذلك، وهو مساعد لأبناء منطقته وحريص على راحتهم وتأمين العيش الكريم لهم وإنقاذهم من الفقر، حتى وإن كان ذلك على حساب مصلحته الخاصة، لكنه أيضاً مستعد لقتل أي شخص يقف في طريقه أو يشكل تهديداً له أو لمصالحه، حتى وإن كان هذا الشخص من أقرب المقربين إليه، لذا، فإنّ الحكم على طيبة أو شر الشخصية يعود لكل متفرج على حدة، حتى وإن كان الفيلم يدفعنا بشكل أو بآخر إلى التعاطف مع الشخصية، والخوف عليها من شخصية أخرى من المفترض أنها تقوم بعملها لا أكثر.

نتحدث هنا عن شخصية الشرطي “ماجمودار” الذي وجد نفسه داخل نظام فاسد بكل تفاصيله، لكنه قرر أن ينأى بنفسه عن كل الممارسات الغير الشريفة بأن يرفض كل الرشاوى المقدمة إليه، وأن يقوم بعمله كما ينبغي، وهو الأمر الذي جرَّ عليه ويلات كثيرة كادت تتسبب في فقدانه لوظيفته، لكنه أصر على المقاومة وعدم الاستسلام لوحش الفساد الذي افترس النظام السياسي لولاية “غوجارات” كاملاً، وهو ما يفترض أن يجعلنا نكن الاحترام والحب لهذه الشخصية، لكننا لا نفعل، بل على العكس يجعلنا الفيلم حانقين بشدة على هذا الشرطي العنيد الذي يستمر في التسبب في المشاكل وإعاقة عمل “رئيس” حتى وإن كان ذلك يتسبب له في قدر هائل من المتاعب، والذي  سيؤدي إلى تجويع أهالي القرية الذين لا حول لهم ولا قوة، مما يدفعنا لوهلة إلى التفكير لماذا لا يأخذ المال ويغرب عن وجهنا، ما الذي سيستفيده من كل هذا؟، وهو ما يجعل المتفرج يشعر أنه وقع ضحية خداع حبكة الفيلم الذكية.

بل حتى بالنسبة لنهاية الفيلم الغير متوقعة على الإطلاق، والتي لن أذكرها بالتأكيد، فإنّ المشاهد يجد نفسه تائهاً وغير قادر على تحديد الضحية والظالم بين كل من “رئيس” و “ماجمودار”، وهو ما يدفعني إلى التفكير في أن رسالة الفيلم تتمثل في أنّه في أحيان كثيرة لا يمكن التمييز بين الشخص الطيب والشرير، فربما كانت للأخير دوافع طيبة تبرر بشكل أو بآخر أفعاله الشريرة، وربما يتسبب الشخص الذي من المفترض أنّه طيب في نتائج شريرة أثناء محاولته تنفيذ نيته الحسنة، وكما قلت سابقاً: فإنّ الحكم الأخير يبقى لكل متفرج على حدة ووجهة نظره الخاصة التي تمكنه من الحكم على كل من الشخصيتين.

أمّا بالنسبة ل”ماهيرا خان” التي تم اختيارها لأداء دور “آسيا” زوجة “رئيس”، فإنّني أجد أن اختيارها لم يكن صائباً بأي شكل من الأشكال، على الرغم من أنّ أعمال “شاروخان” الأخيرة وأهمها “Fan” الذي تم إصداره السنة الماضية لم يحتوي بدوره على أي من نجمات بوليوود، إلاّ أنّ الدور النسائي كان هامشياً جداً حينها، أمّا هنا فإنّ دور “آسيا” مهم جداً وإن كان محدوداً، لكننا في أغلب المشاهد التي ظهرت فيها هذه الشخصية حضينا بممثلة جميلة ذات ملامح بريئة، لكن طريقة تمثيلها مزعجة جداً بالمقارنة مع “ملك بوليوود” الذي يظهر أمامها، فتعابير وجهها تبدو مصطنعة جداً وكذلك ردات فعلها وطريقة كلامها، مما يخرجنا من حين لأخر من جو الفيلم ويذكرنا أن ما نشاهده هو تمثيل لا أكثر، ويعتبر هذا الاختيار غير مفهوم بالنسبة لي على الأقل؛ نظراً لقوة الفيلم وحواره الذي كانت ستتقنه إحدى نجمات بوليوود التي سبق لها أن أثبتث مدى قوة تمثيلها أمام “شاروخان” ك”ديبيكا بادوكون” أو “بريتي زينتا” أو “أنوشكا شارما” أو حتى “كاترينا كيف” وغيرهن الكثير، لكن الأهم هنا، هو أن مساحة “الرومانسية” بشكل عام في الفيلم شبه معدومة وبالتالي فإنّه لا وجود للمشاهد الرومانسية المبتذلة لدرجة لا تطاق، لذا إن كنت من كارهي أفلام بوليوود التي يجري فيها البطلان على العشب الأخضر بينما يطير “ساري” البطلة، فإنّ هذا الفيلم قد ينال إعجابك.

في النهاية، فإنّني أنصح محبي الأفلام الهندية وعشاق ملك بوليوود بمشاهدة هذا الفيلم، والاستمتاع بقصته المشوقة وانتظار نهايته المفاجئة، محذرة مرة أخرى أنه قد يسبب انزعاجاً للكثيرين، أمّا إذا كنتم قد شاهدتموه فما رأيكم به؟ شاركونا في التعليقات.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.