رامز جلال في برنامج رامز جاب من الاَخر.. مزاح رمضاني مرعب أم تكرار أمريكي مُعرّب؟!
14 د
يقول الأديب الراحل أحمد خالد توفيق على لسان إحدى شخصياته :"إن أدب الرعب في مصر مجرد رضيع يحبو وليس له أي جذور عتيقة في تراثنا اللهم إلا قصص النداهة والغولة والمزييرة.. لهذا أتحرك وحدي في الظلام".
إنه الخوف أقدم وأعمق الغرائز البشرية ولعله أول شعور يعترينا لحظة خروجنا إلى العالم الخارجي البارد القاسي، يستحيل ألا تشعر بالخوف، إن الخوف متنوع متشعب، قد تخاف البحر وقد تخاف اللصوص ولربما تخاف من الكلاب المسعورة القابعة في الظلام لكنك وبكل تأكيد تخاف.. فهذه طبيعتنا وفطرتنا كبشر.
عَبر أعوام الحضارة، حول الإنسان مخاوفه إلى إبداع قصصي خالد، لا يصعب علينا تخيل الإنسان القديم جالساً حول النار مع أقرانه مستمتعاً بإثارة خوفهم ورعبهم بقصص استوحاها من تراثه وأبدعها خياله، فالرعب كالفن تراث يختلف باختلاف الثقافات والبلدان ولا يوجد نوع واحد له بكل تأكيد.
فكما الحب للرعب وجوه متعددة مختلفة تنبع أساساً من قلب الثقافة التي نشأت ضمنها أو الأحداث التي مررت بها في حياتك وفي العقدين الأخيرين أصبح الرعب سلعة رائجة بحق، فأصبحت أفلام الرعب في كل مكان وظهر للوجود برامج الكاميرا الخفية التي تتخصص في إرعاب الأخرين كنوع سمج من المزاح الذي يلقى شعبية غير المفهومة.
أمًا في عالمنا العربي فقد حلت برامج المقالب التي تعتمد على إثارة الخوف والتوتر محل الفوازير الأسطورية كتسلية رمضانية لا فرار منها ولعل رامز جلال هو أكثر اسم يبرز في أذهاننا عند الحديث عن برامج المقالب.
لقد أصبح اسم رامز جلال مقترناً برمضان بشكل دائم حيث أنه ومنذ عام 2011 يدبر المقالب لمشاهير العالم العربي عاماً تلو عام ببرامج تحمل دوماً اسمه، مقرونًا بطبيعة المقلب كعلامة تجارية لمحتواه ويبدو أن رامز لا يرغب في التوقف إطلاقاً ولن نحرم إطلالته هذا العام أيضاً؛ عَبر برنامجه "رامز جاب من الاَخر" الرمضاني الجديد.
تداولت الأنباء والتكهنات حول برنامج "رامز جاب من الاَخر" في رمضان 2024، وفكرته مع استضافة نجوم الفن والرياضة وصناع المحتوى، في مدينة ألعاب كبرى، والتي تتضمن “بيت رعب” حيث تشهد مقلب رامز جلال الجديد، كما تساءل البعض عما إذا كان اسمه مؤشرًا على ابتعاده عن تقديم برامج المقالب على أن يكون مسك الختام.. فما الحقيقة؟
يعد رامز جلال أول من يستخدم الرعب بصورته الأولية في برامج مقالب عربي هذا العام، لكن مقالب الرعب أمر اعتيادي للغاية في أمريكا التي تعج ببرامج من هذا النوع، بعضها أصبح من أساسيات التلفاز رغم الجدل الواسع الذي أثاره.
واليوم في "أراجيك فن" نلقي نظرة خاصة، سنحاول فيها توقع محتوى برنامج رامز جلال الجديد قبل عرضه برمضان 2024، كما أننا سنعقد مقارنة صغيرة بين برنامجه الحديث وبين ثلاثة من أشهر برامج مقالب الرعب الأمريكية، لكن دعنا عزيزي القارئ وفي البداية نلقي نظرة أوسع قليلاً على تراث المقالب المستمر بقوة الخاص برامز جلال!
رامز جلال بلا نهاية
رغم كون رامز جلال ممثلاً من خريجي المعهد العالي بمسيرة مهنية تحتوي مجموعة واسعة من الأعمال الناجحة أهمها أحلام الفتى الطائش، إلا أن أغلب المتابعين يعرفونه كمقدم برامج مقالب لا أكثر.
كان أول برنامج يقدمه رامز جلال هو رامز قلب الأسد عام 2011 والذي كان فاتحة لسلسلة لا نهائية من برامج المقالب التي تحمل كلها اسم رامز مقروناً بنوع المقلب رامز عنخ آمون، رامز بيلعب بالنار، رامز عقله طار؛ سلسلة لا يبدو أنها ستنتهي في أي وقت قريب.
خاصة أن برنامج رامز يستقطب كل عام نسب مشاهدات مذهلة وشعبية كاسحة بين فئة الشباب بالذات، منذ بداياته عام 2011 تقوم مقالب رامز على الأساس نفسه دون تغيير يذكر إلا نوع ومكان المقلب، ففي كل عام يجلس رامز في حجرة بث، فيما يقوم فريقه بإغراء الضيف الغافل للدخول إلى مكان المقلب وسط تعليقات رامز جلال التي تتخطى السخرية أحياناً إلى إهانة تثير غضب البعض.
ممثلون.. مغنون.. مقدموا برامج.. وحتى الرياضيون.. كانوا ضيوفاً وضحايا لرامز جلال الذي أصبح يمتلك إنتاجاً باذخاً بحق في الأعوام الأخيرة كفريق مكياج كامل لتغيير شكله وسيارات من أحدث طراز حتى مقالبه أصبحت أقل عفوية وأكثر بذخاً كمقلب الغسالة العام الماضي الذي يجعل حجرة كاملة تتقلب كأنك في غسالة معطلة المحرك أو المطعم الطائر وغيرها الكثير مما يجعل برنامجه برنامج المقالب الأعلى إنتاجاً في الوطن العربي.
ولربما العالم خاصة بعدما أصبح قرة عين قناة MBC التي تحتضن رامز جلال وبرامجه عاماً تلو عام، لاقت برامج رامز جلال انتقادات واسعة جداً واتهامات متتالية بالتأثير السلبي على جيل الشباب وتقديم أفكار سيئة لهم والتحريض على العنف، كما أن رامز جلال نفسه نال حصته من الانتقادات؛ خاصة طريقة تنمره على ضيوفه والألفاظ المهينة التي لا يتوقف عن التلفظ بها طوال الحلقة.
لكن كل هذه الانتقادات لم تمنع رامز جلال وبرامجه من تحقيق أرقام مشاهدات قياسية ونجاح غير المسبوق جعله أشهر من نار على علم، حتى أن برنامج رامز جلال السنوي أصبح من طقوس الإفطار في الشهر الكريم عند معظم العائلات العربية وأساساً مهماً من أسس رمضان ينتظره الجمهور عاماً تلو عام.
لن يتوقف رامز هذا العام بالطبع؛ فإعلانات برنامجه الجديد تملأ مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار التي تستمتع بتوقع ضحايا رامز الجدد؛ خاصة أن النجم الكروي كريستيانو رونالدو أصبح مقيمًا في السعودية، ومن الممكن أن يتم استضافته هذا العام، فرامز جلال سبق له استقدام ضيوف من مشاهير العالم، ككل برامجه السابقة يحمل برنامج رامز الجديد بذخاً إنتاجياً واضحاً.
كما أثار تساؤلات كثيرة حول مضمونه، ومما رأينا في البرومو يظهر رامز جلال بشعر ملون كعادته، ويبدو أنه ينوي اقتباس كليشيهات أفلام رعب هوليوود، وإثارة ذعر ضيوفه بمجموعة متنوعة من الزومبي القابعين في بيت الرعب داخل إحدى مدن الملاهي.
رغم أن البرنامج لم يطلق بعد إلا أن توقع تفاصيله ليس عسيراً، فرامز جلال يكرر نفسه عاماً بعد عام بلا أي تجديد مهما كان بسيطاً، فالأحداث هي نفسها؛ ضيف غافل تجذبه مذيعة ما لإجراء مقابلة لا معنى لها فيما رامز جلال يسلي نفسه في غرفة البث بالسخرية من الضيف.
وبعد بضعة نكات مبتذلة حول شكل الضيف وكلامه ومهنته، يقوم فريق المكياج الاحترافي بتحويل رامز جلال إلى زومبي خارج من مسلسل The Walking Dead تقريباً وبعد كثير من الصراخ والزعيق يكشف رامز جلال عن وجهه للضيف.
قد تصيب توقعاتنا وقد تخطئ لكننا بنيناها بعد 12 عاماً استمر خلالها رامز جلال بتقديم محتوى متماثل مكرر مرة تلو مرة، حتى أن التفريق بين برامجه أصبح عسيراً بعض الشيء؛ فكل برامجه نسخة من بعضها البعض لا فرق بينها إلا نوع المقلب الذي يستمر ثلاثين حلقة بذات التفاصيل.
بالنسبة للعالم العربي تعد برامج المقالب شيئاً غير المطروق ولربما كان مبتكراً أحياناً ولعل السبب الأساسي هو فقر الخيال والضعف الإنتاجي لذا فقد كانت مقالب رامز جلال الباذخة الغريبة "فلتة" مشوقة وتغييراً محبباً أول عامين على الأقل وبرنامج هذا العام القائم على الرعب سيكون الأول من نوعه في العالم العربي.
أمًا في أمريكا والعالم الغربي فبرامج المقالب أمر معتاد للغاية تتنوع ما بين مقالب عادية ساخرة ومقالب معقدة بإنتاجات ضخمة، في حين أن بعض برامج المقالب التي تستخدم الرعب أصبحت من رموز التلفاز الأمريكي بشعبية كاسحة تكاد تفوق شعبية أغلب مسلسلات وأفلام الرعب التي تقدم بوفرة مثيرة للقلق عاماً تلو عام.
رعب هوليوود في برامج المقالب
يمتلك الرعب شعبية حقيقة لا تضاهى ويقول علماء النفس أن السبب في حب الناس لأفلام الرعب هو رغبتهم في التخلص من مخاوفهم، لن ندخل هنا في دهاليز علم النفس لكن من المؤكد أن الرعب سلعة رائجة تجد كثيراً من المستثمرين خاصة لو دمجت بنوع آخر هو المقالب، في أمريكا يعد برنامج Scare Tactics من أشهر برامج المقالب وأكثرها نجاحاً وشعبية.
وقد استمر لحوالي عشرة أعوام متقطعة بعد إلغاءه عدة مرات من شبكات مختلفة، تناوب عدد كبير من المقدمين على البرنامج أولهم شانون دوهيرتي وستيف بالدوين وغيرهم الكثير لاستضافة البرنامج وعلى عكس برامج المقالب الأخرى صور برنامج Scare Tactics بأسلوب سينمائي احترافي بهدف منح المقلب طابعًا مذهلاً كفيلم رعب أصيل.
عادة ما تكون الضحية شخصاً عادياً يتم اغراؤه للمشاركة في برنامج مقالب على أن يكون هو صاحب المقلب لكن فجأة ينقلب السحر على الساحر ويصبح صاحب المقلب هو ضحيته، تعتمد مقالب البرنامج على ثيمات الرعب المقتبسة من الوجدان الشعبي وسينما الرعب كالدفن حياً، ولادة طفل شيطاني، مواجهة مع آكل لحوم بشر أو حتى التعرض لاعتداء من شخص مختل عقلياً.
مقالب مرعبة بحق يزيدها رعباً أن الضحية وحتى آخر لحظة لا تدرك أنها ضحية، حقق البرنامج شعبية كبيرة خاصة أن حلقاته تبدو كأفلام الرعب الاحترافية إضافة إلى تنوع موضوع المقلب.
مما يبعد الملل والسأم ويمنح المشاهد تجربة جديدة مع رعب مختلف حلقة بعد حلقة، ورغم أن البرنامج يقوم على أساس استضافة جمهور من عامة الشعب، إلا أنه استضاف أيضاً بعض المشاهير كالمصارع مات هاردي والممثلة الكوميدية لورين آش وغيرهم الكثير، رغم أنه يعتبر من أنجح برامج مقالب الرعب على الإطلاق إلا أنه وفي نفس الوقت نال حصة أكبر من الانتقادات التي اتهمت صناعه بالقسوة ومحاولة استغلال مخاوف الأخرين.
أما برنامج Freak Out فيعتمد على الرغبة السادية في إثارة الخوف عند مَن تحبهم حيث يقوم شخص ما بتوريط صديقه أو أحد أفراد عائلته في مقلب يجسد أكبر مخاوفه مما يعني تنوعاً كبيراً في أنواع المقالب والرعب الذي يجسده بعض المخاوف كانت اعتيادية كالخوف من الحشرات.
وبعضها كان خوارقياً كالخوف من الأشباح والاستحواذ وبعضها الأخر كان وببساطة غريباً كالخوف من أكواخ التصوير في الواقع ورغم أن البرنامج حقق نسب مشاهدات عالية وشعبية قوية بفضل ابتكاراته المتعددة لأحداث المقالب إلا أن بعض المتابعين شنوا هجوماً شرساً على البرنامج.
ذلك أنه برأيهم يستغل أكبر مخاوف ضحاياه ويجعل رعبهم الجنوني مادة للمزاح رغم خطورة فعل كهذا، لكن صناع البرنامج أكدوا مراراً على أنهم يجرون فحصاً شاملاً لأمراض القلب أو الضغط قبل الشروع بالمقلب ومع ذلك استمر الغضب الشعبي تجاه البرنامج حتى تم الغاؤه.
أمًا برنامج Pranks Encounters الذي قام بطل Stranger Things جاتن ماتارازو بتقديمه فقد نال أشد الانتقادات قسوة حيث كان بالنسبة لمن شاهده سخيفاً وبعيداً عن الفكاهة والرعب.
ذلك أن المقالب بدت نسخة أسوأ من أفلام الرعب المبتذلة التي انتشرت كالنار في الهشيم في العقد الأخير كما أنها كانت ملفقة بوضوح كامل بإنتاج ضحل للغاية سواء مواقع التصوير أو حتى الممثلين الذين كانوا أحد أدوات المقلب.
أمًا تعليقات جاتن فلم تقدم الكثير للبرنامج، إذ كانت طريقة كلامه مع الممثلين غريبة، وبلا أي تأثير حقيقي سوى إضافة قليل من الشعبية والرغبة في المشاهدة لدى مَن أحب غاتن في مسلسل نتفليكس فائق الشهرة ولعل هذا كان سبب وجوده الحقيقي.
تعد هذه البرامج الثلاث من أشهر برامج المقالب في أمريكا ورغم أنها نالت نسب مشاهدات عالية إلا أن سيل الانتقادات والرفض الشديد لموضوعها وطريقة تقديمها جعلها عرضة للإلغاء بعد مواسم قليلة للغاية فهذه البرامج ليست كاميرا خفية أو مزاحاً ثقيلاً سمجاً.
إنها لعب بالأعصاب وإثارة غير المدروسة لمخاوف غير العقلانية؛ لا يمكن إطلاقاً التنبؤ بنتائجها، لكنها ومع ذلك محببة من قبِل شريحة واسعة من المشاهدين، الذين يرون في إثارة الذعر والخوف واللعب على أوتار الرعب بأنواعه تسلية ضرورية ينبغي توافرها في منازلهم وعلى شاشاتهم.
بين التكرار العربي والتجديد الأمريكي
كما قلنا في بداية مقالنا، الرعب كالحب له وجوه متعددة وأغلب صناع الأعمال الفنية وحتى الأدبية يدركون تماماً أهمية تقديم رعب يلائم المجتمع الذي يخاطبونه.
فمثلاً في عالمنا العربي لا نكترث كثيراً للفضائيين ولا نمتلك خوفاً من أي نوع يخص وجودهم لذا يستحيل على مخرج عربي تقديم عمل فني عنهم، أمًا في أمريكا فهذا الخوف شائع للغاية منذ الخمسينات ويقال إن منشأه يعود إلى القلق والتوتر الناجم عن تزايد قوة الشيوعية ففي كل لحظة كان الأمريكيون يخافون تحول أحبائهم إلى شيوعيين.
الأمر الذي ترجم في اللاوعي إلى خوف من أولئك القادمين من خلف النجوم، لقد أحسنت هوليوود استثمار هذا الرعب ببراعة فمَن منا ينكر روعة أفلام ستيفن سبيلبيرغ الخاصة بالفضائيين كـ E.T ذلك الفضائي اللطيف الودود أو الغموض المقلق القابع خلف لقاءات من النوع الثالث.
لم يكن سبيلبيرغ الوحيد الذي استثمر الخوف في أعماله فهناك مخرج آخر أسطوري أثار الكثير من المخاوف الكامنة في أعماقنا إنه ألفريد هيتشكوك المخرج الأسطوري الذي قدم تحفاً فنية لا تنسى كفيلم Psycho وبالطبع Vertigo الذي حول الخوف من الأماكن المرتفعة إلى تحفة لا تُنسى.
كان هيتشكوك أكثر من استعرض تنوع مواضيع الرعب فناقش الرعب من المجهول في Rear Window بطريقة أصبحت رمزاً لعالم الرعب، لا يقتصر الرعب على أمريكا بالطبع الرعب شيء عالمي، فمصاصو الدماء نشأوا في رومانيا والزومبي قدموا من أعماق أفريقيا إلى جزر الأنتيل لكن هوليوود أحسنت استثمار قصصهم بأعمال رائعة بحق أحياناً.
أمًا في عالمنا العربي فأعمال الرعب قليلة رغم أننا نمتلك تراثاً حضارياً قوياً كألف ليلة وليلة وسيرة سيف بن ذي يزن الذي حارب الغيلان وغيرها الكثير، كما أن السينما المصرية قدمت الرعب في فيلم لا ينسى هو فيلم الأنس والجان الذي يصعب بحق ألا يثير رعبك.
إن سبب هذه المقدمة الطويلة هو ما شهدناه من برنامج رامز جلال الجديد، فلو أنك نظرت بشكل معمق إلى البرامج الأمريكية الثلاث التي تكلمنا عنها منذ قليل ستجد أنها جميعها كانت متنوعة في مضمونها الذي اقتبس بشكل كامل من قلب الثقافة والمخاوف الأمريكية.
دون تكرار ممل في مواضيع الحلقات فبرنامج Scare Tactics اعتمد ثيمات خارجة من أفلام الرعب ونجح في إثارة خوف ضيوفه لأنه واجههم بخوف قابع في أعماقهم كما فعل برنامج Freak out الذي واجه ضحاياه بأعقد مخاوفهم مهما كانت غير المألوفة كالخوف من المختلين عقلياً أو أكلة لحوم البشر.
أمًا برنامج Pranks Encounters فعلى الرغم من إنتاجه الضعيف إلا أنه التزم بمقاييس الرعب المعتادة كالاستحواذ الشيطاني والأسرار الحكومية الهاربة وغيرها الكثير.
لقد قدمت هذه الأعمال أنواعاً متعددة من الرعب الخارج من قلب مجتمعهم والملائم لثقافتهم، أمًا رامز جلال فعبر 12 عاماً لم يقدم جديداً يذكر سوى لون وتسريحة شعره وموقع المقلب الذي لا يتغير طوال ثلاثين حلقة بل ينفذ بحذافيره دون أي تغيير مهما كان بسيطاً حتى أن السبب الوحيد الذي قد يجعلك تشاهد أكثر من حلقة واحدة هو رغبتك في رؤية ردة فعل الضيف لا أكثر.
وفي هذا العام قرر رامز جلال التوجه إلى الرعب لكنه وبدلاً من اختيار شيء يلائم ثقافة البلاد العربية اختار أبعد شيء عنها الزومبي أولئك الأموات العائدون إلى الحياة من جزر الهند الغربية، حيث يظهر في التريلر مجموعة من الممثلين المتنكرين بشكل زومبي في مكان يبدو أنه بيت رعب في مدينة الملاهي.
الأموات لا يعودون إلى الحياة هذه الفكرة من أساسيات ثقافتنا فكيف يمكن للزومبي أن يرعب أي شخص بالضبط الظلام أكثر من كاف اجلس في الظلام وانتظر دخول شخص آخر إلى الغرفة واصرخ في وجهه هذا أكثر من كاف لإثارة جنونه ولا داعي للمكياج الاحترافي.
لو أراد رامز جلال إثارة الرعب فليلجأ لشيء أقل ابتذالاً من كائنات قتلتها السينما الأمريكية تقديماً وإضافة إلى كل هذا فالمقلب لن يتغير على الإطلاق بل سيستمر بالوتيرة نفسها ثلاثين يوماً مع ثلاثين ضيفاً لثلاثين دقيقة يقضي رامز جلال نصفها في وضع مكياج احترافي يليق بفيلم ذي ميزانية عالية فقط ليستمتع بصرخات ضيوفه المذعورة.
12 عاماً وهذا العام هو الثالث عشر ورامز جلال يستمر بلا توقف رغم أنه وبحق لا يقدم جديداً من أي نوع ولا أي قيمة فنية أو إنسانية حقيقة الأمر الذي يجعلك تطرح سؤالاً مهماً حتى لو كنت من أشد المعجبين ببرامج المقالب.. إلى متى يستمر رامز جلال؟
إلى متى؟
قبل أعوام طويلة كانت الفوازير هي التسلية الرمضانية الأهم؛ لوحات فنية متنوعة تضج بالحياة والفن والاستعراض الاحترافي الراقي، كانت الفوازير مقصداً لأساطير الفن المصري كفؤاد المهندس وثلاثي أضواء المسرح وبالطبع الجميلتان الرائعتان نيللي وشريهان اللتان أصبحتا رمزاً قوياً للفن الاستعراضي.
لكن فوازير رمضان الجميلة توقفت بسبب تكلفتها الإنتاجية العالية وعدم توفر ممثلة استعراضية مناسبة وحلت برامج المقالب محلها بسرعة قياسية، كانت أغلب تلك البرامج منخفضة الإنتاج مما جعلها قليلة الشعبية لذا لم تستمر طويلاً لحسن الحظ خاصة أن بعضها كان سفيهاً فارغاً أمًا رامز جلال فقد جذب أنظار العملاق التلفزيوني MBC إليه وامتلك ميزانية مرعبة جعلت مقالبه ثرية تقنياً فقيرة فكرياً.
كنا في "أراجيك فن" قد تكلمنا عن الأسباب التي تجعل رامز جلال بهذه الشعبية، لكننا اليوم نسأل إلى متى؟ لو كنت من محبي برامج رامز جلال فلن يصعب عليك أن ترى التكرار والحلقة المفرغة التي يدور بها عاماً تلو عام، ما الجديد الذي يقدمه في برامجه سوى تغيير الأماكن فالقصة واحدة طريقة جذب الضيف واحدة أمًا أسلوبه فلم يتغير منذ 2011 وحتى اليوم حتى أننا نندهش من قدرته على تقديم الدور نفسه ثلاثين مرة كل عام دون أن يقتله الملل.
في هذا المقال جعلنا الرعب هو الأساس؛ الرعب الذي جعلته برامج المقالب الأمريكية بطلاً لها بشكل يتنوع ويختلف حلقة بعد حلقة محققة أرقام مشاهدات عالية ومع ذلك توقفت بسبب رفض الجمهور لمحتواها.
أمًا رامز جلال الذي يكرر نفسه ويدور في حلقته المفرغة منذ أكثر من عقد، فلا يتوقف إطلاقاً حتى الجديد الذي أراد تقديمه لم يكن حديثًا أو ملائماً لثقافة جمهوره.. هل سينجح هذا العام؟ الموسم الرمضاني 2024 قادم وستشتعل المنافسة، لكن طالما أنه يحقق نسب مشاهدات مذهلة ويحقق متعة من نوع ما لدى متابعيه فلا يبدو أنه سيتوقف في أي وقت قريب!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.