كيف أفقَدَ أنمي Re: Zero المتابعين عقولهم؟!

إذا كنت دائم التسكع في منتديات ومواقع الأنمي، فبالتأكيد لفت نظرك الضجة الهائلة التي أثارها انمي Re: Zero في الشهور الأخيرة، حيث أصبح هو الموضوع الساخن المتداول بين أغلب متابعي الأنمي، لدرجة أن البعض طرح أداة لإخفاء جميع المحتوى المكتوب عن Re: Zero خوفاً من حرق أحداثه.

وبينما اجتمعت أغلب الآراء على أن انمي Re: Zero هو أحد الأعمال الاستثنائية التي جاد بها استوديو White Fox هذا العام، حذر البعض من هذا الأنمي بسبب الدموية والعنف المفرطين ونصحوا بعدم مشاهدته أو على الأقل مشاهدة نسخة منقحة منه، لكنني أنصحك بألا تلقي بالاً للرأي الأخير.. فهذا العرض المذهل لا ينبغي أن تفوتك منه ثانية واحدة بأي حال من الأحوال فضلاً على أن يفوتك كله.

في عملٍ قدمته نفس الأيدي التي أبدعت Steins; Gate، مقتبس عن رواية خفيفة تتبع قصة شباب يرتدي بزة رياضية أنيقة (سيتميّز بها طوال العمل) بعد خروجه من أحد المحال التجارية فيجد نفسه فجأة في قلب عالم مواز غريب كل الغرابة، جمع هذا العالم كل عناصر الفانتازيا الشهيرة من سحرة وجن وتنانين وحيوانات تتكلم كالبشر وفرسان أسطوريين..إلخ، لكن هذا لم يكن نفس الابتذال المكرر عن وقوع البطل في أسر عوالم أخرى فحسب، فما جعل العمل مختلفاً اختلافاً جوهرياً هذه المرة هو أن البطل قد وقع في حلقة زمنية مفرغة أيضاً وكلما مات يعود مرة أخرى عند نفس النقطة، وتختلف نقطة البداية كلما تقدم سوبارو تقدماً كبيراً في هذا العالم.

وبعدما خطى سوبارو خطواته الأولى في العالم الجديد يتعرض لهجوم من إحدى العصابات ويُهزم سريعاً لكن تقوم فتاة غامضة ذات شعر فضي بإنقاذه، ولرد الجميل يساعدها سوبارو في استرداد شارة تبدو ذات أهمية كبيرة سُرقت منها، وعندما أوشكا على استرداد شارة الفتاة قُتلا في الحال، وفوجئ سوبارو بعودته لنقطة البداية فيعود فوراً إلى مكان الحادث لينقذ الفتاة من الميتة المروعة، ومن ثم يرتبط مصيره بها.. لكن هذه ليست العقبة الوحيدة فأمام سوبارو الكثير من التحديات الخارقة في هذا العالم.

عندما يجد شخص غريب الأطوار كشخصيتنا الرئيسية نفسه فجأة في عالم آخر لا فكاك منه فإنه في العادة يبدأ بالتمحور حول ذاته ويبذل كل ما يستطيع للنجاة من هذا العالم، لكن بطلنا ناتسوكي سوبارو الذي لم يكن يربطه بعالمنا الكثير من الأشياء أخذ هذه الفكرة لبعد مختلف تماماً فبالتدريج تلاشت جميع جهوده المبذولة للتمحور حول الذات وازداد اهتمامه بالعالم الجديد ومساعدة من فيه وحل مشاكله رغم أنه يبدو نكرة في هذا العالم المكتظ بالقوى الخارقة، ومع تطور القصة أكثر وأكثر تمكن سوبارو من اكتشاف معدنه الحقيقي وإظهار شخصية مختلفة تماماً، شخصية قوية ومثابرة وعنيدة وعذبة وطيبة للغاية لم يكن غرضها لعب دور شديد التأثير في الأنمي فحسب بل وإرسال رسالة واضحة للشباب الذين لا يتقنون سوى طهو الوجبات سريعة التحضير وقراءة المانجا وما شابه.

هناك أيضاً عدد من الشخصيات المساعدة دفعت العمل للأمام رغم اختفائهم في بعض الأركات لكن ظهورهم كان له تأثير كبير جداً مثل ويلهيلم وبياتريس ويوليوس وغيرهم.

لم تعتمد الشخصيات الأنثوية على جمالهن المفرط ومنحنيات أجسادهن الجهنمية وتضاريسها الوعرة فحسب، فقد خدمت العمل بدرجة كبيرة خصوصاً ريم التي بدى التقدم مستحيلاً بدونها، رغم ذلك فقد لاحظنا الكثير من الأعمال المُضافة لجذب أكبر عدد من المتابعين.

كان من الممكن أن تطول حوارات وجمل سوبارو  أكثر قليلاً وقد كان هذا سبباً في عدم إعجاب البعض بالأنمي، لكن ردود فعله وتعبيرات وجهه وإيمائاته كانت من أصدق ما يكون ومؤثرة للغاية، وعلى كلٍ فقد أصبح سوبارو قادراً على إلقاء خطب مؤثرة قرب نهاية العمل.

وعلى نفس المنوال سارت بقية الشخصيات فلم يعتمد الأنمي على الحوارات والجمل الكلامية بقدر ما اعتمد على الانفعالات والعواطف الجارفة.

تصميم الشخصيات محبب للغاية، وممتلئ في الغالب بالتفاصيل الفنية الدقيقة خصوصاً تعبيرات الوجوه وملامحها المفصلة عند تركيز الصورة عليها.

ساهمت أيضًا الألوان المفعمة بالحياة في تصوير ذلك العالم الفانتازي المذهل وبث الروح في العرض بأكمله.

لسوء الحظ كان هناك تراجعاً تدريجياً في جودة الأنيمشن مع تقدم العمل ولوحظ ذلك خصوصاً في المشاهد القتالية، فالقتالات في الحلقات الأولى كانت مفصلة للغاية وتم تنفيذها بدقة متناهية، لكن بعض المعارك في النصف الثاني من العمل جائت بتحريك يرُثى له وبدت منتهى السوء.

كان الـ CGI المستخدم في الخلفيات مروعاً أيضاً وأساء للعمل بشدة، لكن لحسن الحظ فإن استخدام الـ CGI كان محدوداً على مدى العرض.

في الختام نقول أن انمي Re: Zero قد يكون رهيباً ومروعاً، لكنه مع ذلك طريف ومبهج وملهم خصوصاً في ربعه الأخير فقد كان من الضروري مكافئة المشاهدين بعد الفظائع التي عانوها.. وتمكن منذ البداية من جذبنا لموقف سوبارو الحرج وزرع إيماناً لدى المشاهد بأن سوبارو قادر على تجاوز كل ذلك بصلابته ومثابرته مهما بدت الأهوال شنيعة.