فيلم In Time ماذا لو استيقظت يومًا وجدت كل تعاملات الحياة أصبحت بالوقت؟
ماذا ستفعل لو استيقظت يومًا فوجدت العالم قد تغير من حولك، اختفى المال كأنه لم يكن وأصبح الوقت هو العملة والمحرك الأساسي لكل شيء؟
ترى من بعيد أقرب الناس إليك في انتظارك ولكن تنظر للساعة في يدك فتجد ثواني معدودة فقط لا تملك غيرها، لا تكفي حتى للوصول إليه، ولا هو يملك الوقت الكافي للوصول إليك، فيكون الموت مصيركما!
استمر معي في التخيل، وتخيل أننا نعمل من أجل الحصول على دقائق أو ساعات، وندفع فواتيرنا وثمن احتياجاتنا الأساسية والكمالية من رصيدنا الزمني، فإذا قررت أن تأكل في أحد المطاعم ستحاسب من وقتك ولكي تشرب أو تؤجر مكان أو تركب وسيلة مواصلات أو تذهب للسوق أيضا ستدفع من وقتك..
كيف ستكون الحياة في مكان كهذا وكيف سينتهي المطاف بسكان هذا العالم الذي يتعامل بالزمن وعملته الوحيدة هي الوقت؟!
هذه هي الأسئلة التي يمكننا العثور على إجاباتها بين طيات فيلم In Time حيث تدور أحداث الفيلم في مكان ما وزمان غير معروف ولكنه ما نعرفه أن التعاملات كلها هناك بالزمن.
وفي واقع الأمر لو فكرنا بشكل أعمق سنجد أن قصة الفيلم وروعتها ليس في ندرة فكرته بحد ذاتها بل تكمن في فلسفتها وما وراء كل كلمة نسمعها وكل مشهد نراه، هذا ما سنتحدث عن بعض منه خلال سردنا لهذا المقال، في حين أن الأكثر والأكثر يمكن أن تستنتجه بنفسك من خلال مشاهدتك للفيلم.
أنتج فيلم In Time في عام 2011 حيث قام بالبطولة كل من جستين تيمبرلك، وأماندا سيفريد، وسيليان مورفي، وأوليفيا وايلد أما التأليف والإخراج فهو لأندرو نيكول.
فيلم In Time نظام الحياة في عالم عملته الوقت
يمكن إيجاز نظام الحياة في عالم فيلم In Time بحدوث خلل جيني في البشرية أدى إلى عدم وصول البشر إلى الشيخوخة وتوقف الهيئة الجسدية عند العام الخامس والعشرين ولكن وقتها تبدأ ساعة النهاية في العمل ويستمر العد التنازلي لعام واحد فقط إضافي، ومع انتهاء الثواني الأخيرة من هذا العام يكون الموت هو مصير هذا الشخص إلا لو حصل على رصيد جديد من الوقت يضيفه إلى زمنه السائر في درب الفناء والانتهاء.
ويمكننا اختصار النظام الاقتصادي هناك في كون العملة الأساسية لهذا المكان هي الوقت، فوقتك هو قوتك وثروتك وكل ما تملك، قيمته هي التي تحيك وتميتك وهو ما يوازيه في عالمنا المال وإن كان الأمر هناك أكثر عمقًا وتعقيدًا من ذلك بكثير.
وبطبيعة الحال ينقسم الناس إلى فئات مجتمعية وطبقات معتمدين في هذا التقسيم على ثروة كل واحد من الوقت ومكان تواجده ومعيشته.
فهناك يوجد مكانين وزمانين يسكنهما الناس، مكان للفقراء يسمى إقليم الفقراء أو “دايتون” حيث الحياة السريعة لتوفير الوقت مع الكدح والتعب والعمل للحصول على قوت من الوقت يكفي يومهم بينما في منطقة “نيو جرينيتش” التي يسكنها الأغنياء -وهم المالكين للكثير من الوقت الذي قد يصل إلى آلاف وملايين السنوات- يوجد الكثير من اللهو ولعب القمار والسهر وتضيع الوقت والبطء في الأكل وفي كل فعل، فهم لا يخافون على ضياع رصيدهم لأنهم يملكون أكثر من ذلك بكثير.
ويُعرض رصيد كل شخص عن طريق ساعة مرسومة على ذراعه فإذا اكتسب وقت جديد بأي طريقة سواء بالعمل أو الإرث أو الاقتراض أو السرقة أو الهبة زادت الأرقام المكتوبة وزاد معها الرصيد الزمني أما إذا طلب أكل أو مواصلات أو استخدم أي شيء من احتياجاته الأساسية أو الكماليات سيدفع المقابل من وقته وبالتبعية يقل الرقم الدال على رصيده.
وبكل تأكيد نظام مجتمعي كهذا سيتواجد معه لصوص الوقت والباحثين عنه في كل مكان في حين أن هناك أيضًا شرطة تدعى “صائني الوقت” من المفترض أنها تتواجد لكي تحمي حقوق الفقراء في دقائقهم المعدودة، ولكن هل هذا ما يحدث فعلًا؟
فلو وجد مكان كهذا، كيف سيصل الأمر بالناس هناك؟! هذا ما يجيب عنه الفيلم في النهاية.
أقرأ أيضًا: 10 طرق مبتكرة أنهت بها الأفلام هذا العالم
أحداث فيلم In Time
يبدأ الفيلم بصوت البطل الذي يدعى “ويل سالاس” وهو يعبّر عن قيمة الوقت بالنسبة له حتى أنه لا يملك رفاهية التفكير في كيف وصل الأمر إلى هذا الخلل الجيني الذي يتوقف عنده عمر البشرية عند الـ 25 من العمر بل أن الوقت الذي سيستغرقه في التفكير، عمله وكسبه للمزيد من الوقت أولى بذلك لأنه فقير ولا يملك حتى ما يؤمن يومه التالي.
ثم يستيقظ البطل فيجد أمه التي تظهر مثله وكأنها في الخامس والعشرين من عمرها إلا أنها استطاعت أن تعيش 25 عامًا إضافية، فاليوم هو عيد ميلادها الخمسين.
وفي محاولة منهم للتعبير عن السعادة والاحتفال بعيد ميلادها سرعان ما يتذكرون سويًا الوقت الذي يملكونه وهو 3 أيام فقط نصفهم سيضيع على ديونهم من إيجار وفواتير كهرباء وغيرها، فيترك حتى رفاهية الاحتفال ويسرع لعمله.
ولكن في المساء تنقلب الأمور رأسًا على عقب عندما يشاهد البطل أحد الأغنياء الذي تبلغ ثروته 105 عام وهو رصيد عالي جدًا في منطقة الفقراء مما جعل هذا الرجل مطمع للصوص فيتعرض لمحاولة اغتيال بهدف السرقة إلا أن البطل يساهم في إنقاذ حياته ويخفيه عن أنظارهم ولكن من قال أن الغني يأبه لحياته أصلًا، فهو لا يرغب فيها ويود الانتحار، وفي الصباح تحدث المفاجأة ويورث الغني سنواته كلها لبطلنا ثم ينتحر..
أما في اليوم التالي وعندما يأتي موعد التقاء البطل بوالدته، تزداد أجرة الحافلة التي توصل أم البطل إلى مكان التقائهما للضعف، فتضطر للركض لأنها لا تملك الوقت الكافي للأجرة ولا حتى تملك الوقت الكافي للوصول إلى ابنها ركضًا، وفي الجانب الأخر، الابن -وهو الوارث للكثير من الوقت للتو- ينتظر الحافلة فلا يجد أمه فيها فيفهم الأمر ويسرع لإنقاذها ولكن بعد فوات الأوان، فاللحظة تحدث فرق كبير، اللحظة تنقذ حياة إنسان!
ومن وقتها وكره البطلُ الفقرَ ومنطقةَ الفقراء فيقرر الانتقال إلى منطقة نيو جرينيتش لينتقم من الأغنياء ومالكي الوقت ويحقق العدالة الاجتماعية، وهناك يتعرف على ابنة أحد بنوك الوقت التي تعاونه في تحقيق هدفه وتوزيع الثروات الزمنية على المجتمع بالعدل حتى تتقارب طبقاته وفئاته وتنعدم الفجوة الزمنية المجتمعية التي تجعل البعض يموتون بسبب دقيقة بينما الآخرون مرفهون ويبذخون شهورًا دون جدوى لكن بكل تأكيد تقابلهم الكثير من المصاعب والمشكلات.
أفكار فلسفية نستنتجها من فيلم In Time
لو تأملنا الفيلم وفكرته نجده يرمز للحياة بالوقت، وفي الحقيقة الوقت فعلًا هو العمر والحياة، والعمر كالشجرة أوراقها الأيام، ومع انتهاء يوم جديد تسقط بالتوازي ورقة أخرى من ورق شجرتك، ومع أخر ورقة نقابل الموت وتنتهي الحياة!
الوقت المستنفذ في مواصلاتك أو أكلك أو ركضك أو أي نشاط تقوم به في حياتك هو من ثروتك بل هو كل ثروتك.. فالمال في مجتمعنا نخسره ونكسبه بينما الوقت في كل المجتمعات وعلى مدار الأزمان نخسره ولا يمكن أن نكتسبه، فهو ذاهب وفاني لا محالة، كلنا ولدنا به ووهبنا إياه الخالق، كلنا نملك24 ساعة فقط في اليوم ولكن تختلف طرق استفادة كل شخص منا من هذا الوقت.
أمنية تحقيق العدالة أمنية جميلة لكن تحقيقها صعب المنال فمن المستحيل أن يسمح لك الأغنياء بأخذ ثرواتهم وإعطاءها للفقراء لأن الإنسان أناني، ففي عالم المال يبحثون عن المتعة وفي عالم الوقت يبحثون عن الخلود.
يرى الأغنياء دائما أن العدالة في توزيع الثروات يهدم النظام المجتمعي ويؤدي بالمجتمع للدمار وهو ما يجعلهم يحاربون بكل قوتهم من يفكر في تحقيق ذلك.
عندما تبرع الغني للبطل بالوقت كتب على النافذة “لا تضيع وقتك” فإشارة منه للحفاظ على الوقت وعدم إهداره وكأنها وصية لأي شخص يُهب الوقت، لأن الوقت كما اتفقنا هو الحياة!
تعليقًا على النهاية، عندما تتحقق العدالة المجتمعية وتقسم الأرصدة بنظام عادل وليس بالضرورة متساوي، ستختلف الحياة كليًا..
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.