فيلم Revolutionary Road .. الحياة زهرة تحتاج إلى الماء
3 د
نظرة على فيلم Revolutionary Road
الملل هو أشد الأعداء قسوة بالنسبة لأي إنسان، وأكثر مصير يخشى أن يقع في فخه مع مرور الأيام، فالملل بمثابة السكين الناعمة التي تقتل الحيوية مع الوقت، وهو كالرمال المتحركة تسحبك إلى الأسفل بكل هدوء.
إذاً كيف يصل الإنسان إلى هذه المرحلة في حياته؟
في البداية نُخلق وبداخل كل منا يُخلق الشعور بالتميّز والتفرد، فيُولد الشغف لا إرادياً لتحقيق هذا التفرد على أرض الواقع، وعندما نكبر قليلاً تبدأ رحلة البحث عن هذا الشيء الذي يجعلنا مميزين، فنجد أنفسنا أمام خيارين أولهما التصميم والثاني هو الاستسلام، فالخيار الأول يرسم طريقاً حيث التصميم على الحياة ومواجهة الظروف ومصاعب الحياة واختباراتها، أما الخيار الثاني فيضمن لك طريقاً سهلاً.
تأخذنا عائلة “ويلير” في رحلة تدور حول “طريقها الثوري”، أفراد هذه العائلة هم “فرانك ويلير” وأدّى دوره النجم “ليوناردو دي كابريو”، وزوجته “أبريل ويلير”، لعبت دورها النجمة “كيت وينسلت”، وابنتهما وابنهما، يمثّل أرباب هذه الأسرة “أبريل” و”فرانك” اتجاهين متضادين يمكن أن يسلكهما الإنسان فيما يتعلق بشغفه.
يعبّر “فرانك” عن أي إنسان منا يحلم بالحياة المختلفة والبحث عما يميزه، ولكن لديه ذلك التخاذل الذي يدفعه نحو الاستسلام، فيغدو مصيره “عادي” أو غير مميز كما كان يحلم بـأن يكون.
في المقابل زوجته “أبريل” التي تحلم هي الأخرى بالتميز، ولكنها تسعى بكل كيانها لتصل إلى ذلك التفرد.
عندما يصل الإنسان إلى ما يميزه، فتتغير حياته وتتلون وكأنما قد أصابها السحر، وعندما يتعلق الأمر بعائلة “ويلير” فإنهم قد وجدوا ما يميزهم وهو ذلك الحب الذي يجمعها، فالحب شأنه شان الشغف والحياة تمر بمراحل مختلفة:
أولاً
البداية:
في هذه المرحلة تمتلأ روحنا بالحيوية فقد وصلنا إلى السر من وجودنا، ولكن هذه المرحلة لا تدوم طويلاً!
ثانياً
الاختبار:
تأتي هذه المرحلة لتخبرنا إما بقوتنا أو ضعف إرادتنا، حيث نواجه اغراءات الحياة وصعوباتها.
ثالثاً
التصميم “الاختيار الأول”:
في هذه المرحلة تُعيد ري شغفنا وحيويتنا ونستمر بالمقاومة باتخاذ قرارات تضعنا في موقع متقدم من رحلة شغفنا، هذه المرحلة اختيارية فمنا من يصل إليها والبعض الآخر لا يصل فكل ذلك يتوقف على خيارك، حيث يتواجد خيار آخر على قائمة اختيارات الإنسان.
أو الاستسلام “الاختيار الثاني”:
يصل إلى هذه المرحلة فقط من يقرر أن يستسلم لنفوذ الحياة بدلاً من أن يعلن فوق هذه الظروف.
رابعاً
الانتكاسة الثانية “الاختيار الأول”:
تُصيب الإنتكاسة مرة أخرى من قرروا أن يحاربوا، فالحياة لا تتركنا بسلام، تسحبنا باتجاه الملل لتثبت أنها فوق سحر الحيوية فأما أن ترتقي بشغفك إلى مرحلة أعلى أو ترفع الراية البيضاء للحياة وللملل معلناً انتصارهم في معركة امتلاك “اكسير الحيوية”.
أو طريق اللاعودة “الاختيار الثاني”:
بعدما يقرر الإنسان أن يستسلم إلى الظروف وأن يكف عن المحاولة، يسير في طريق لا عودة منه سوى بالتصميم على الحلم الذي تخلّى عنه مٌسبقاً، تسحب هذه المرحلة الروح من الإنسان وتجعله أشبه باللعبة البلاستيكية، يصبح “عادياً” ومستنسخاً، كم هي مخيفة هذه المرحلة!
هكذا تسير حياة من قرروا أن يقاوموا انتصار يعقبه إنتكاسة يليه انتصار مرة أخرى، ينتقلون من مرحلة إلى مرحلة أعلى، فهم في سجال دائم مع الحياة وهم يعرفون عدوهم جيداً، حيث لا يتركون وقتهم يمرّ هكذا دون لا شيء.
أما من قرروا أن يتوقفوا عند الاستسلام فهم يمنعون أنفسهم من الاستمرار والمضي قدماً في الحياة، يحرمون أنفسهم من الخوض والدخول في مغامرات جديدة.
الشغف أو الحب أو الحياة عموماً مثل النبتة تحتاج إلى الري باستمرار، فهي لن تنمو من تلقاء ذاتها، تنمو الحياة بداخلنا فقط عندما نحاول ونثابر، ونتميز عندما نجتهد، فالمثابرة هي سر “اكسير الحيوية”.
فيلم Revolutionary Road مليء بالدراما والمفاجآت، ويتميز بأسلوب حواري مُعبر، يُنصح بمشاهدته.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.