الموسم الرابع من مسلسل sherlock … المواجهة النهائية
5 د
“أنا لست سايكوباث، بل معتل اجتماعياً عالي الأداء”
شيرلوك
شيرلوك المتعجرف والمنعزل والخارج عن السيطرة بشكل عام أثناء حل الجريمة جاء هذه المرة بأحداث مؤثرة ومختلفة وأكبر من أي وقت مضى، فجاء هذا الموسم كإضافة غير متوقعة وصادمة جداً في أكثر من موضع.
قدم كاتبا السيناريو “مارك جاتيس” و”ستيفن موفات” موسم مختلف ومميز هذه المرة، وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول مستوى الموسم، إلاّ أنّ الأكيد هو أنه كان مختلفاً ومميزاً عن المواسم السابقة، فالألغاز والقضايا هذه المرة ليست من الخارج ولكن من الداخل، والقضايا مرتبطة بعمق بالشخصيات الرئيسية ومخبأة على مرأى منهم دون أن يدروا بذلك.
الموسم الرابع
“يقولون أنّ العبقرية هي قدرة لا نهائية على تحمل الألم، هذا تعريف سيّئ جداً ولكنه ينطبق بالفعل على عمل المحققين”
نادراً ما تأتى الدراما التي جرى انتظارها لثلاث سنوات مخيبة للآمال بهذا الشكل، خاصة مع كَم التوقعات التي حملها المشاهدون لأحداث هذا الموسم منذ نهاية الموسم السابق، والتي تأججت أكثر مع فترة الانتظار الطويلة.
سُمي هذا الموسم “المواجهة النهائية” تيمناً باسم الحلقة الأخيرة في الموسم الموجعة للقلوب بشدة.
يتميز شيرلوك في العادة بالتنقل السريع بين العبقرية والسخرية وسرعة الملل، ولكنه قُدّم هذه المرة في سياق جعله أكثر ميلاً للصمت والاكتئاب وأقل ميلاً للسخرية.
هذه المرة تم استبدال شيرلوك المميز بطريقة كلامه السريعة المتلاحقة خاصة حينما يشرح شيئاً ما “لواطسون”، بشيرلوك آخر لا يكاد يتكلم.
كان هناك تباعد بين الشخصيات الرئيسية هذا الموسم، وللمرة الأولى تظهر مُفتقدة للقرب الذي كان يميزها منذ أول حلقة في أول موسم، كان هناك مبررات لهذا في سياق الأحداث، ولكن هذا لا ينفي أنه كان شعور غير معتاد في المسلسل الذي تُعَد أحد نقاط تميزه هو علاقة الصداقة القوية بين “شيرلوك” و”واطسون”.
الشخصيات
“لا شيء أفضل من الأدلة المباشرة”
للأسف شيرلوك لم يكن ببطل هذا الموسم على الإطلاق، وإذا كنا سنتحدث عن البطل الحقيقى للموسم الرابع فسيكون “مايكروفت” الشقيق الأكبر لشيرلوك، مايكروفت الساخر المنعزل اجتماعياً عديم الأصدقاء، وذو القدرة العالية على ضبط النفس.
أبدع “مارك جايتس” في هذا الموسم كما لم يبدع في أي من المواسم السابقة، وكان أكثر جمالاً وإنسانية من أي وقت مضى، سواء بقدراته التحليلية التي لا تصدق، ليظهر أنه لا يقل عبقرية عن أخيه، أو باعتناءه بعائلته، ومراقبته لشيرلوك باستمرار وبطرق غير تقليدية مستغلاً مركزه الحكومي، مما يضايق شيرلوك منه، ولكن مايكروفت يهتم كثيراً لأمر أخيه شيرلوك كما رأينا في الحلقة الأولى، عندما أبلغ جون أنه: “يقلق عليه باستمرار”، أو بالجوانب الأخرى التي لم نرها من قبل من شخصيته، والتي ظهرت بجلاء هذا الموسم.
تأتى صاحبة منزل شيرلوك 221 ب شارع بيكر السيدة “هدسون” في المرتبة الثانية بعد “مايكروفت” كنجوم هذا الموسم.
“العائلة هي ما سيبقى لنا في النهاية يا مايكروفت هولمز”
السيدة هدسون لـ مايكروفت.
يعبر شيرلوك عن حبه لها بقوله “إنجلترا ستسقط إذا تركت السيدة هدسون شارع بيكر”، وهي واحدة من قائمة شيرلوك الخاصة التي تحتوي الأشخاص المهمين لديه، وتتكون من ثلاثة أشخاص.
وقد أبدعت السيدة “هدسون” في هذا الموسم، وأظهرت جانباً منها لم يكن ظاهراً من قبل كحبها للسيارات السريعة، أو قيامها بأشياء غير معتادة كحبس شيرلوك في صندوق سيارتها مثلاً!.
“ماري واتسون” يمكن القول أن الحلقة الأولى والثانية هما حلقات “مارى واتسون” الخاصة وليس حلقات شيرلوك، ماري الماكرة طيبة القلب والذكية، ذات المهارات القتالية الواسعة، التي دائماً ما تكشف شيرلوك حين يكذب، والتي تهتم كثيراً بصداقته وجون وتسعى للحفاظ عليها.
رغم أنّ مسار الأحداث كان معروفا منذ 100 سنة فى قصص السيد”آرثر كونان دويل” لكن هذا لم يمنع الممثلة “أماندا أبينجتون” من مفاجأة المشاهدين، وأخذهم لأحداث غير متوقعة سواء بتمثيلها وأقوالها، أو المنحنى الذي أخذته الأحداث الخاصة ب”ماري واتسون” التي ألقت المزيد من الضوء على ماضي ماري، وأظهرت الجانب العنيف الذي كان مختبئ داخلها.
“أنا أستمع لقصتهم، وهم يستمعون إلى تعليقاتي، وبعدها أحصل على أجري”
تعمد “ستيفن موفات” في هذا الموسم إضعاف شيرلوك بطريقة متطرفة حتى أوصله لمستوى متدهور عقلياً وجسدياً، مما جعل الموسم الرابع عرض محبط من الضعف.
كمثال لو أردنا إطلاق أسماء أخرى على الحلقات، فإنّ (الخيانة ونكران الذات) ستكون من نصيب الحلقة الأولى، كما أنها تظهر لنا أن شيرلوك يعجز عن مقاومة مواجهة خصم “جيد”
الثانية ستكون (خارج عن السيطرة)، فشيرلوك وصل فيها لأحلك نقطة مظلمة يمكن أن يصل إليها، بخلاف الحزن العميق الذي يسود الحلقة.
والثالثة ستكون (العودة)، حيث تعيدنا الحلقة لحلقات شيرلوك فى المواسم السابقة، “شيرلوك” و”جون” معاً يحلون القضايا، والثالثة تعتبر أفضل حلقات الموسم على الإطلاق، سواء من حيث “مايكروفت هولمز” الذي يكشف لنا عن طبقات جديدة لشخصيته، أو العزيزة الهشة “مولى هوبر”، أو السيدة “هدسون” الحادة.
الأداء التمثيلي
“السبيل الوحيد للتقدم للأمام هو بتدمير الماضي”
“بنديكت كومبرباتش” يعود بشيرلوك فى”المواجهة النهائية” إلى مستواه المعهود، وبمشاهد عاطفية للغاية في حين “مارتن فريمان” أو الدكتور “جون واتسون” الذي نحبه يظهر بقوة كالفولاذ في المواجهة، بينما كان “مارك جايتس” في دور “مايكروفت” هو الأفضل على الإطلاق وإنسانيته كانت تبعث على السرور حقاً.
شيرلوك يواجه ماضيه ونفسه المظلمة هذه المرة بشكل يجعله يستحق النجاح الفني والتجاري الضخم الذي حازه بالمغامرة، والرومانسية، والتلاعب النفسي على مر المواسم السابقة.
إضافة إلى ظهور الشرير الأكثر ظلاماً ودموية من “مورياتى” بالنسبة لشيرلوك، الشرير الذي يأخذنا في رحلة كاملة مليئة بالتلاعب والضغوط أكثر من أي وقت مضى، لتصبح المواجهة النهائية أكثر إثارة ومتعة وصعوبة.
والتي تتحول في النهاية إلى صورة عكسية تماماً، فهي ليست سوى رحلة تدريجية لإذابة قلب شيرلوك وجعله يتصرف بطريقة إنسانية وبشرية أكثر، لكن يبقى السؤال: هل “المواجهة النهائية” هي المغامرة الأخيرة لشيرلوك وجون معاً، أم إنّ الباب مفتوح على مصراعيه لمغامرات جديدة؟.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.