فيلم Spotlight .. بقعة نور في عتمة السكوت
5 د
فيلم Spotlight لوحة درامية بدرجة وثائقية، فمخرجه ومؤلفه توم ماكارثي أختار واحدة من أهم التحقيقات الصحفية في التاريخ الأمريكي وقام بتقديمها بصورة دقيقة للغاية، خصيصاً وإنه لم يمض على هذه التحقيق ووقت كتابة الفيلم سوى عشر سنوات.
حيث أنهى ماكارثي وزميله الكاتب سينجر كتابة النص في يونيو 2013 وتم وضعه في القائمة السوداء للنصوص غير المنتجة، قبل أن يبدأ التصوير 24 سبتمبر 2014، ويتم عرضه في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي وبعدها في مهرجان تورنتو 2015 ثم دور العرض في نوفمبر 2015، ليحظى باستحسان النقاد والمشاهدين، ويتم ترشيحه ايضاً لستة جوائز أوسكار هي أفضل تحرير، وأفضل ممثلة في دور مساعد “راتشيل ماك ادمز” وأفضل ممثل في دور مساعد “مارك رافالو” وأفضل نص أصلي، وأفضل مخرج وأفضل فيلم.
القضية..
Elephant in the room أو فيل في الغرفة مَثل إنجليزي ينطبق تماماً على قضية فيلم Spotlight فالكثير من الناس علموا بما يحدث، ومن وقت لأخر تنشر الصحف أخبار صغيرة عن حوادث مشابهة، لكن يصرّ الجميع على غض البصر عن الحقيقة، سواء تجنباً للمشاكل، أو هرباً من المواجهة.
يبدأ الفيلم بالتحاق مدير تحرير جديد بجريدة البوسطن جلوب هو مارتي بارون “ييف شرابير”، رجل جاد يحاول أن يقدّم رؤية جديدة ومختلفة، وبعد أيام قليلة يقع بين يديه خبر عن تحرّش قس كاثوليكي بطفل صغير لم يتم تقديمها سوى في عمود صغير، فيطلب من فريق سبوت لايت أن يبدأ العمل على هذه القضية الشائكة.
لنتوقف قليلاً عند فريق سبوت لايت ونتعرّف عليه عن كثب، وهو مجموعة من المحررين الذين يقومون بالبحث حول القضايا الكبيرة، ليس لتقديم مقال صحفي ولكن للحصول على كل الحقائق، وقد يستغرق بحثهم حول موضوع واحد سنة أو أكثر كما سيحدث في هذه القضية، يتشابه عملهم مع عمل الشرطة، ولكن هدفهم ليس البحث عن المجرم، قدر الإفصاح عن الحقائق وتعريتها، يرأس هذه الفريق روبي روبنسون “مايكل كيتون” ويعمل معه مايكل “مارك رافالو” وساشا “راتشيل ماك ادمز” ومات “برايان أرشي جيمس”.
يبدأ الفريق في العمل ليكتشف أن القضية الصغيرة، التي بدأ بها، ورائها الكثير من الحالات المشابهة، وأن الكنيسة ذاتها تعلم بحجم الكارثة التي تحدث في بوسطن، والتي تتمثل في أن 6% من القساوسة قاموا بالتحرش بأطفال الأبرشيات، وبدلاً من عقابهم تقوم بنقلهم إلى كنيسة أخرى فقط.
القضية تقطع نياط القلوب خصيصاً مع طريقة تعامل الأهل مع ما حدث لأطفالهم، فالكثير من الآباء والأمهات رفضوا التصديق، ومن صدقوا قامت الكنيسة بالضغط عليهم حتى لا يُصعّدوا القضية، مع الكثير من التفاصيل القاسية الأخرى، لنجد أن الكل مذنبين، سواء القساوسة أو الكنيسة أو أولياء الأمور، أو الشرطة، أو الصحافة التي عاملت الأمر كقضايا فردية دون النظر للصورة الكاملة.
وفاز فريق سبوت لايت بجائزة بوليتزر للصحافة عام 2003 على سلسلة التحقيقات حول هذه القضية.
الهدف من فيلم Spotlight لم يكن إعادة تسليط الضوء على هذه الفضيحة المدوية، أو إعادة تذكير الناس بها بل كان لتوضيح قوة الصحافة الحقيقية التي تراجعت مع الوقت، وذلك كما قال مكارثي في إحدى اللقاءات “هذه القصة ليست حول فضح الكنيسة الكاثوليكية، فليس هدفنا هدم إيمان الناس، بل نقل القصة بطريقة دقيقة لنظهر قوة الصحافة التي اختفت الآن، هذه القصة مُهمّة، وأيضاً الصحافة مهمة، وهناك الكثير من الرسائل الضرورية وراء هذه القصة”.
فيلم النجوم..
أراد مكارثي أن يُقدّم قصة الفيلم بمنتهى الدقة، وقد ساعده طاقم تمثيل محترف ليُبهر الفيلم كل من الجمهور والشخصيات الحقيقية التي تم تقديمها، فقد تم بناء غرفة مشابهة تماماً لتلك الخاصة بفريق سبوت لايت وعندما قام المحررون الحقيقيون بزيارتها أكدوا على ذلك ودون وعي رتبوا مكاتبهم بالطريقة التي كانت عليها اثناء التحقيق، وقد قال روبي روبنسون أن مشاهدة مايكل كيتون كانت مثل مشاهدة نفسه في المرآة مع عدم القدر على التحكّم في الصورة.
وطلب مارك رافالو من مايكل ريزيندو الحقيقي أن يسمعه وهو يصرخ بأحد ما، وعقد معه العديد من الاجتماعات في منزله حاملاً مفكرة صغيرة وجهاز iPhone لتسجيل صوته حتى يتعرّف أكثر على طريقته في الكلام ويستطيع تقمصها.
وأحسن مكارثي استخدام الإمكانيات الفنية الفريدة لدى كل واحد من نجومه، فكان أداء مايكل كيتون متوازناً مناسباً للدور للغاية ليظهر بصورة رئيس التحرير العجوز لينسينا أدائه للممثل المصاب بالهوس العام الماضي في فيلم Birdman، وقامت راتشيل ماك ادمز بتقديم أداء متوسط ملائم لحجم الدور الذي قدمته كالمحررة ساشا مع الصراع الداخلي الذي تعانيه بسبب عملها في فضح الكنسية التي تذهب إليها بعض الأوقات مع جدتها الكاثوليكية المتدينة لكن لا تستحق عن هذا الدور جائزة الأوسكار بالتأكيد.
بينما تألق مارك رافالو في دور مايكل الصحفي المهووس بعمله وبالبحث عن الحقيقة واستحق عن ذلك الترشح للأوسكار، ويجب ألا ننسَ في زحمة النجوم الأداء المتميز من ستانلي توشي في دور المحامي الذي يحارب طواحين الهواء ويحاول منذ سنوات فضح هذه القضية والعناية بالمجني عليهم في ذات الوقت، والذي ساعد الفريق في عمله.
رد فعل الكنيسة على فيلم Spotlight
بعد عرض الفيلم صدرت عدد من ردود الأفعال من الكنيسة الكاثوليكية، ولكنها كانت مرحبة بالفيلم ولم تدعو المؤمنين بها إلى عدم مشاهدته، بل أقرت بدور فريق سبوت لايت في كشف هذه الأحداث المخزية بطريقة أمينة، والتي أجبرت الجميع على تحمل عواقب افعالهم.
في النهاية قدم ماكارثي قضية هامة بأسلوب غاية في الأمانة والدقة، ليستحق جوائز الأوسكار الثلاثة التي ترشح لها، والتي قد يَصعُب أن ينالها في خضمّ المنافسة الحامية هذا العام، ولكن ما عاب الفيلم في الحقيقة هو البطء الشديد في أحداثه الذي قد يسبب شعور المشاهد بالملل في بعض المشاهد الطويلة، لكنه بالتأكيد يستحق المشاهدة.
تريلر فيلم Spotlight
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
اكبر فضيحة في تاريخ امريكا
منافس قوي لفيلم
The revenant
واحد فيهم هياخد العدد الاكبر من الجوايز
راشيل ماك ادامز من اسباب جمال الفيلم